استراتيجية جديدة تتعامل بها مصر مع الدول الأوروبية لاسترداد الأموال

  • 129
دولارات

وعلي منصور

أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى، قرارًا بإنشاء وتنظيم اللجنة القومية لاسترداد الأموال والأصول الموجودة في الخارج والـمُشَكَّلة من جهات قضائية وسيادية مصرية؛ لوضع إستراتيجية جديدة تتعامل بها مصر مع الدول الأوروبية في مجال العمل على استردادها الأموال المملوكة لمصر والمهربة للخارج عقب ثورة 25 يناير وما تبعها من أحداث.


سيكون أمام اللجنة الجديدة لاسترداد الأموال المهربة، العديد من التحديات للتنسيق مع بعض الدول في هذا المجال، والتي تم تهريب أغلب الأموال المصرية إليها عقب ثورة 25 يناير أهمها سويسرا، التي أعلنت الدولة من قبل أن حجم الأموال المهربة إليها بلغت 750 مليون فرنك سويسري، لكن التطورات الأخيرة تطلبت من مصر توفير أحكام قضائية نهائية لاسترداد الأموال المهربة إليها.


وفي سبيل استرداد الأموال المهربة للخارج، شُكلت 5 لجان في مصر، ما بين رسمية وشعبية، أطلقت كل منها الوعود باستعادة الأموال، وذهبت الوفود إلى أوروبا وأمريكا وعادت بـ"خفي حنين".


تشكلت أولى اللجان في 4 إبريل عام 2011 إبان المجلس العسكري، بتكليف من المستشار عاصم الجوهري، الرئيس الأسبق لجهاز الكسب غير المشروع، لتشكيل لجنة قضائية لحصر الأموال المهربة واستعادتها.


وفي 23 فبراير 2012، شكل مجلس الشعب السابق، لجنة تقصِّي الحقائق لاستعادة الأموال المهربة، وثالثة تشكلت في 2 سبتمبر، بتكليف من الرئيس الأسبق الدكتور محمد مرسي، تحت اسم "اللجنة الوطنية لاسترداد الأموال المهربة"، وأمر الرئيس عبد الفتاح السيسي، بتشكيل "اللجنة الوطنية التنسيقية لاسترداد الأموال المهربة بالخارج"، في 2 نوفمبر 2014.


وكثيرًا ما خاطبت الحكومة السويسرية مصر، لإثبات فساد مبارك، حتى ترد إليها الأموال، إلا أن الحكومة المصرية لم تحرك ساكنًا سوى تشكيل لجان كبدت الدولة نصف مليار جنيه مصري، لم تفلح في استرداد أي شيء، وتعدد اللجان جعل الدول الأخرى تحجم عن التعامل مع مصر.


ناقشت "الفتح" هذا الأمر مع المتخصصين والقانونيين، حيث أكد الدكتور أنور رسلان، عميد كلية الحقوق جامعة القاهرة الأسبق، أن الأمل موجود لعودة الأموال المهربة إلى الخارج حتى لو خرج مبارك ورجالة وأبناؤه "براءة" من كل قضايا الفساد المتهمين فيها، متسائلًا: كل هذه الأموال الطائلة مِن أين أتوا بها؟ فمبارك كان موظفًا حكوميًا لدى الدولة، ولا يملك إلا راتبه، ولم يرث هذه الأموال عن أبيه أو أمه، فمهما طال الزمان ستعود أموال المصريين، ولكن نحتاج إلى متخصصين في هذا الشأن.


وأضاف رسلان، أن لجان استرداد الأموال المهربة للخارج تعتمد على المهارة في التعامل مع الجهات القضائية خاصة في سويسرا، والتعامل مع الجهات القضائية في سويسرا يحتاج إلى الاستعانة بكبار المحامين السويسريين المتخصصين في استرداد الأموال المهربة، مبينًا أن هناك "بيوت محاماة" في سويسرا تختص بهذا النوع من القضايا ولها وسائلها في الوصول لأسرار هذه الحسابات الموضوع فيها الأموال المهربة وكيفية استردادها من خلال الجهات القضائية هناك، كما حدث ذلك في بعض الدول الإفريقية.


وأشار إلى أن اللجنة الجديدة التي تكونت لها وسائلها في استعادة هذه الأموال، لكن يشترط أن تصدر حكمًا قضائيًّا نهائيًّا ضد الأشخاص يبلغ بالطرق القضائية من خلال وزارة العدل، ويستخدم كسند اتهام وإدانة لعودة تلك الأموال، مضيفًا أن قضية استرداد الأموال المهربة على رأس اهتمام حكومة محلب، وتعكف لجنة جديدة شكَّلها رئيس الوزراء برئاسة وزير العدل، وعضوية 9 من المسئولين بالحكومة، إلا أنها لم تعلن حتى الآن عن أية إجراءات جديدة.


وقال الدكتور أحمد رفعت، عميد كلية الحقوق، إن عودة الأموال المهربة ليست مهمة مستحيلة، لكنها تحتاج إلى صبر ونفس طويل، حتى يتسنى لنا عودة هذه الأموال؛ فالعديد من الدول الإفريقية نجحت في استعادة بعض أموالها خلال 10 سنوات، وهو ما يوضح أن كل الاحتمالات يمكن أن تحدث.


وأضاف رفعت، أن عودة تلك الأموال سوف تساعد الحكومة على تحقيق العدالة الاجتماعية والعمل على تحسين الوضع الاقتصادي باستثمارها في المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تعتمد عليها اقتصاديات الدول الكبرى في تحقيق طفرة اقتصادية؛ وبخلاف المساهمة في القضاء على عجز الموازنة الحالي, فإننا مطالبون بوضع خطة لكيفية التعامل معها لدى استردادها.


وأوضح أن سرعة استعادة الأموال المهربة تحتاج إلى قوة من الجهة القانونية المكلفة بالقضية, مؤكدًا إمكانية عودة الأموال المهربة من خلال بعض الضغوط التي يمكن ممارستها على الدول عن طريق العلاقات الخارجية وقوة المحامين الموكلين من جانب الحكومة المصرية. موضحًا أن استرداد 60% أو 70% من إجمالي الأموال المهربة خلال الفترة المقبلة يتأتي بإصرار الدولة على المطالبة بحقها الشرعي في أموالها التي تمت سرقتها على مدى حكم المخلوع مبارك.


وأكد عميد كلية الحقوق، أن عودة الأموال لن تكون بين عشية وضحاها، وإنما تحتاج إلى وقت طويل قد يصل لسنوات لمعرفة هذه الأموال لارتباطها ببيانات غير متوافرة وغير معروفه حول البنوك المودعة بها وأرقام الحسابات، وهل تنتمي إلى القيادات السياسية بالنظام الحاكم السابق ومسجلة بأسمائهم أم بأسماء أشخاص آخرين غير معروفين.


قال الدكتور إبراهيم ناجي الشهابي، أمين شباب حزب الجيل ورئيس مركز الجيل للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن عملية استرداد الأموال المنهوبة تتعلق بطرفين، الأول: الجانب المصري ومدى استعداده، والثاني: الدولة المستحوذة على هذه الأموال التي يُقال أن لنا حقًّا فيها، مؤكدًا أنه لا توجد نوايا عند الدول الغربية التي تمتلك في بنوكها أرصده لبعض رموز النظام الأسبق، في إعادتها إلى مصر، خاصة أن هناك أزمة في السيولة في البنوك الأوروبية.


وأوضح الشهابي، أن عودة الأموال إذا ثبت صحة تهريبها أو جمعها بطرق غير مشروعة، لا يتم إلا في وجود حكم قضائي يتوافر فيه عدم تبييت النية من قِبَل جهات التقاضي تجاه رجل الأعمال أو المسئول في النظام الأسبق؛ وبالتالي المشكلة حاليًا تتعلق بأن الدول التي توجد فيها الأرصدة غير جادة وتضع شروط وعراقيل في طريق عملية استرداد الأموال، كما لا توجد أحكام قضائية واضحة تجاه متهمين تعطي الحق أو الفرصة للسلطات المختصة في أن تطالب دول مثل: سويسرا أو بريطانيا باسترداد تلك الأموال، لافتًا إلى أن مهمة اللجنة الجديدة صعبة، خاصة في ظل عدم وجود آليات وبيانات واضحة حول حجم هذه الأموال وأماكن وجودها في البنوك الأوروبية.