استباحة القتل أمر خطير يستوجب وقفة من الجميع .. والإسلام حرَّم سفك الدماء

  • 191
ارشيفية

في الوقت الذي تُعاني فيه الأمة الإسلامية والعربية من كثرة القتل والدماء والاستهانة بها، والفرح من كل فريق بمقتل الآخر، كان لزامًا علينا أن نحذر من خطورة الدماء في الإسلام، داعين جميع الأطراف إلى التمسك بدين الله وسنة رسول الله؛ للحفاظ على ديننا ووطننا.


قال الدكتور مسموع أبو طالب، أستاذ التفسير بجامعة الأزهر، إنه مما لاشك فيه أن حرمة الدماء عند الله عظيمة ولا يقدم عليها إلا من استهان بدين الله وحرماته، والإنسان المؤمن الكَيِّس الفطن يُعظِّم ما عظمه الله تعالى وينتهي عما نهى عنه.


وتعجب أبو طالب، من أحداث القتل والتفجير التي حدثت خلال شهر رمضان الكريم، موضحًا أن الذنب على وجه العموم إنما يعظم خطره وإثمه بالزمان والمكان الذي يقع فيه، تحقيقًا لمعنى قول الله عز وجل: ?إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَ?لِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ?.


وأضاف أستاذ التفسير، أنه يتضح لنا أن شهر رمضان الذي كتب الله فيه الصيام على المؤمنين من سائر الأمم لا يقل فيه خطر التعدي والعدوان على الحرمات عن الأشهر الحرم بصفة عامة، وألمح إلى أنه ينبغي على كل ذي بصر وبصيرة أن يقف ويُوقف هواه على ما يحب ربنا ويرضى.
وتابع: أنصح الشباب بأن يكونوا على المستوى الإيماني والعلمي الذي ينبغي أن يكونوا عليه تحقيقًا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله" منهم "شاب نشأ في طاعة الله"، وأدعوهم إلى تجنُّب حرمة الدماء والاستهانة بها؛ لعظم قدرها في الإسلام، وأن ينشغلوا بما ينفعهم في الدنيا والآخرة، وأن يتجنبوا الفتن.


قال الدكتور محمد عبد العاطي عباس، عميد كلية الدراسات الإسلامية للبنات بالمنصورة جامعة الأزهر، إن ظاهرة الدماء والقتل الأشلاء التي نراها بكثرة تدل على أن الناس أصبح عندهم رقة في الدين وضعف في الإيمان، وقد وردت الآيات والأحاديث النبوية بتحريم القتل والتحذير منه موضحة أنه لا يجتمع الإيمان والرغبة في إراقة الدماء في قلب إنسان.


وأضاف عباس، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقتل القاتل حين يقتل وهو مؤمن"؛ وبالتالي لا ينبغي أن نقول عن الذي يقتل إنه يقتل من أجل الدين أو من أجل الله أو من أجل إعلاء راية التوحيد، بل إنه يقتل لأنه يميل إلى العنف وسفك الدماء أو إنه إرهابي، أي صفة ذميمة، و لكن لا ينتسب هذا الفعل للدين حتى لو قال بلسانه: "الله أكبر" مثلما يفعل الدواعش.


وأوضح أن القرآن ربط بين الشرك والكفر وبين القتل في آيات كثيرة قال تعالى: ?وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا?، فالله عز وجل جمع بين المشرك وقاتل النفس والزاني في العذاب وهو أن يلقوا جميعًا أثامًا.


وأشار عميد الدراسات الإسلامية، إلى أن قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا تَرْجِعُوا بَعْدي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقابَ بَعْضٍ" عبَّـر بكلمة "كفارًا" عن القتل؛ لأن المؤمن لا يقتل، ولأن القتل من صفة الكافرين؛ والرسول في حجة الوداع قال: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا"، ومرة أخرى يقول:"كل المسلم على المسلم حرام".


وتابع: إن الذين يبيحون القتل يبررون لأنفسهم تكفير من يقتلون أولًا، مؤكدًا أن التكفير قتل معنوي قبل بغيهم بالقتل الحسي، ولسنا حكامًا على الناس أو مفتشين على قلوبهم، بل نحكم على الظاهر وليس لنا البواطن، فعلمها عند الله.


وحذر الدكتور محمد عبد العاطي عباس، من أن يحكم مسلم على مسلم بالكفر؛ لأن هذا دور العلماء الثقات، وله شروطه وضوابطه، وليس بالجملة كما يفعل المنحرفون عقائديًّا؛ ولفت إلى أن التعدي على المال العام محرم أيضًا كالطرق والمستشفيات والمدارس وغير ذلك، ومن يخرب فيهم يُعَدُّ من المفسدين في الأرض، واستشهد بقول عمر بن الخطاب: "إني لأنزل نفسي من أموال المسلمين منزلة القائم على مال اليتيم، إن استغنيت استعففت، وإن افتقرت أكلت بالمعروف".


ونوَّه إلى أنه يجب على الشباب أن يتعلموا ويقرءوا في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا ينخدعوا بهذه الأفكار المضلة، والدولة مسئولة عن توعيتهم من خلال المدارس والمساجد والإعلام، كما أن الأزهر الشريف وعلماءه يتحملون النصيب الأكبر من هذه المسئولية تجاه شباب وأبناء الوطن.
وجَّه الدكتور عبد المهدي عبد القادر، الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف، نداءً إلى الشباب المتهور المندفع وراء الأفكار المنحرفة، بأن يتوقف الجميع عن سفك الدماء، مؤكدًا أن الجميع مسئول أمام الله عنها
وأضاف عبد القادر، أن الذي يفجر ويقتل في الجنود سيسأله الله عن فعله ويحاسبه، فيجب على الجميع أن يعقل ويفهم أن الشعب لابد أن يتصالح مع نفسه، مشيرًا إلى أن مصر تقتل في نفسها وهذا عيب وشين في حقنا أجمعين.


وأوضح أن الله سبحانه وتعالى قال: ?وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ? لذلك لا يجوز قتل أحد إلا بحق الله، والذي يقوم به هو الحاكم المسئول ليس كل أحد، وأردف بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لزوال الدنيا أهون على الله من قتل نفس بغير حق"، ودعا الجميع إلى وحدة الصف وصفاء ذات البين وترك العنف والانجراف وراء القتل والتخريب، والعمل على بناء مصر والحفاظ عليها من كيد الأعداء والمخربين.


قال شريف الهواري، القيادي بالدعوة السلفية، إن حرمة الدماء لا تخفى على مسلم قارئ لدينه مرتبط بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فإن الله عز وجل جعل للدماء حرمة وحذر من التعدي عليها للمسلمين وغير المسلمين إلا بحقها، وأضاف الهواري، أن الآيات في هذا كثيرة جدًّا، قال الله عز وجل: ?وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا?، وقال سبحانه وتعالى عن بني إسرائيل: ?مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِيْ إِسْرَائِيْلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيْعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيْعًا?.


وتابع: النبي صلى الله عليه وسلم حظر الاعتداء على الأنفس وبيَّن الخطورة في ذلك بقوله: "لو أن من في السموات الأرض اشتركوا في دم امرئ مؤمن لأكبهم الله في النار"، و"لزوال الدنيا أهون على الله من قتل امرئ مسلم"، و"كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا رجل مات مشركًا أو قتل نفسًا بغير حق"، و:"لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث؛ الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة"؛ وهؤلاء لا يجوز قتلهم إلا من الحاكم، ولا يجوز لأفراد الناس أن يقتلوهم.


وأوضح عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية، أن الاعتداء على المال العام لا يجوز، وأنه جناية وتخريب؛ لأنه ملك لجموع المسلمين وسبب من أسباب انتشار الفتنة ومال محفوظ لعموم المسلمين، ويدخل ذلك تحت باب الإفساد في الأرض.


وحذر الشباب من خطورة الجهل بالدين والانجرار وراء الأفكار المنحرفة، ودعاهم إلى تعلم العلم الشرعي، مُشيرًا إلى أن ما يحدث نتيجة للجهل المركب الذي وقع فيه بعض الجماعات من الذين حكموا على الناس بالكفر بدون مُكفر، ثم انجرفوا في القتل والتخريب.