صحيفة إسبانية: لماذا لم تقضِ أمريكا على "داعش" حتى الآن؟

  • 88
صورة أرشيفية

ترجمة - إبراهيم حبيب

ذكرت صحيفة "Abc" الإسبانية، أنه في السابع من يوليو الماضي قد تمَّ عامٌ على سيطرة مليشيات تنظيم "داعش" على (قراقوش) أكبر مدينة نصرانية في العراق، وفرَّ الآلاف من سكانها إلى شمال البلاد بحثًا عن ملاذ آمن.

وأضافت الصحيفة، في مقال لها، أنه في اليوم التالي ضربت الولايات المتحدة العديد من مواقع تنظيم"داعش" في العراق، إلا أنه حتى الآن، وبعد مرور عام من إعلان أوباما بدء الهجوم على تنظيم "داعش" لم تقضِ أمريكا علىهم.
وأوضحت، أن هناك عدة عوامل في هذه اللعبة، إضافةً إلى تفسيرات أو إجابات عن هذا التساؤل: لماذا تستمر "داعش" في احتلال مناطق واسعة في سوريا والعراق؟.

وقالت "abc" الأسبانية، أن أحد هذه التفسيرات يرتبط بمصطلح (البلقنة)، (بلقنة الشرق الأوسط)، وهذا المصطلح يعني التقسيم وعدم الاستقرار الذي يُمزق الدول العربية، في هذه المنطقة من العالم، وهو ما يتوافق مباشرةً مع سياسة أمريكا الخارجية.

نشر (سيمور هيرش Seymour M. Hersh) الصحفي بمجلة (نيويوركرThe New Yorker) مقالًا في مارس 2007 بعنوان (إعادة التوجيه The redirection) يقصد به تغيير الاستراتيجية في الشرق الاوسط تحت إشراف إدارة بوش، وهو ما أنتج فكرة (البلقنة).

الاستراتيجية الجديدة تفترض تحولًا في الجغرافيا السياسية الأمريكية الموجهة لإضعاف إيران، التي أصبحت قويةً بعد الإطاحة بالحكومة السنية "المتطرفة" لصدام حسين في 2003، على حد زعمه، وما تبع ذلك من تعيين للشيعي نوري المالكي رئيسًا لوزراء العراق، الذي عزز العلاقات منذ 2006 إلى 2014 مع إيران، إضافةً إلى إقصاء السُنة.

وبالتوازي مع ذلك، وصلت الولايات المتحدة إلى تعاون مع الحكومة السُنية في السعودية لإضعاف حزب الله، المنظمة الإرهابية اللبنانية الشيعية المدعومة من طهران.

يرتبط بذلك التحول الجديد للسياسة الأمريكية مباشرةً ما يُسمى بالربيع العربي، وتمويل الثوار السوريين وتدريبهم ضد حكومة بشار الأسد؛ لأن أتباع الأسد علويون(إحدى طوائف الشيعة)؛ وبالتالي فهم حلفاء لإيران، في دولة ذات غالبية سنية كسوريا.

وهنا يدخل في المشهد مصطلح (بلقنة الشرق الاوسط ) أو تفتيت وزعزعة استقرار الدول العربية لتتنازع فيما بينها، كي لا تُمثل تهديدًا أكبر لأمريكا ولا إسرائيل.
فأمريكا تمول الثوار وتدربهم في مواجهة حكومة الأسد، وفي نفس الوقت تواجه "داعش" في العراق، ومع ذلك، فسقوط الرئيس السوري قد يفيد مجاهدي داعش في سوريا، على حد قوله.

وأكثر من ذلك، في مارس 2014 اتهم رئيسُ الوزراء العراقي السابق نوري المالكي السعودية وقطر(حليفتا أمريكا) بتمويل داعش.
في نفس مقال (سيمور هرش) يؤكد على أن أحد المنتجات الثانوية لنشاطات التحول الاستراتيجي الجديد هو تعزيز الجماعات المتطرفة، المعادية لأمريكا، وتتبنى وجهات نظر متطرفة، ومتحدون ومتعاطفون مع القاعدة، كيف يمكن تفسير هذا التناقض؟.

العراق مقسم إلى ثلاث مناطق

وأشار إلى أن حسن نصر الله قائد حزب الله استخدم المصطلح العربي "الفتنة" في لقاء مع سيمور هرش، الذي يعني التمرد والانقسام داخل الإسلام.
لقد تجرأ نصر الله على القول بما أصبح اليوم واقعًا في العراق، وقال الزعيم الإرهابي: إن الرئيس بوش كان يريد "رسم خريطة جديدة للمنطقة، ويريد تقسيم العراق، فالمذابح اليومية والتشريد الذي يقع في ثلاث مناطق عراقية، التي ستكون فيما بعد طائفية عِرقية خالصة، تمهيدًا لتقسيم العراق، وخلال عام أو عامين، ستوجد مناطق سُنية كاملة، ومناطق شيعية كاملة، ومناطق كردية كاملة، ثم بغداد حيث الخوف من تقسيمها إلى منطقتين سنية وأخرى شيعية".

في الحقيقة، فكرة تقسيم دول الشرق الأوسط ليست جديدة، وسوابقها موجودة في "خطة ينون" التي روجت لها إسرائيل لتقسيم الدول العربية حسب العِرق والدين، وبالأساس العراق.

أيضًا في عام 2006 نشر العقيد الأمريكي مقالًا في (مجلة القوات المسلحة Armed Forces Journal) بعنوان (حدود الدم Blood borders) وفيه يظهر العراق مقسمًا إلى ثلاث دول: في الشمال الشرقي السنة، التي تتشابه من قريب أو بعيد مع الدولة الإسلامية الحالية، ودولة الشيعة في الجنوب الغربي، ودولة ثالثة في الشمال للأكراد.حتى جنوب السودان الذي انفصل في 2011 تَبرز مقسمةً على خريطة 2006".

وفي نفس الاتجاه، أكد عالم الاجتماع، والباحث في مركز أبحاث العولمة (CRG) ومؤسسة الثقافة الاسترتيجية في موسكو(Mahdi Darius Nazemroaya) أكد في لقاء العام الماضي أن الظرف العراقي الحالي الذي ترتضيه أمريكا وإسرائيل سيساعد على إضعاف وتقسيم دول الشرق الأوسط.