بعد تحديد الأماكن والمساحات المزروعة: الذهب الأبيض في خطر.. والوزير : إجراءات جديدة لحماية القطن المصري

  • 114
ارشيفية

قال عدد من الخبراء والمتخصصين، إن اتجاه الحكومة لرفع الحظر عن استيراد الأقطان سيؤثر سلبًا على قطاعات متعددة بالدولة، كما أنه سيلحق ضررًا بالغًا على المزارعين، وسيدمر منظومة زراعة وتسويق القطن المصري، محملين الحكومة المسئولية الكاملة عن ذلك لغياب التخطيط في ظل سيطرة الإهمال على تلك المنظومة، كما حملوا مصانع الغزل والنسيج المسئولية عن تدمير زراعة القطن المصري في ظل اهتمامها بالربح على حساب مستقبل الوطن، وشددوا على ضرورة وجود تخطيط استراتيجي متكامل تعمل على تنمية زراعة الأقطان المصرية.


كما شددوا على ضرورة دعم المحاصيل الاستراتيجية والصناعية التي تستوعب الكثير من العمال، خاصة القطن كمادة خام للمنسوجات والمفروشات، كما أكدوا استحالة التنافس السعري بين القطن المصري والأقطان الأخرى، نظرًا لانخفاض جودة الأقطان قصيرة التيلة، وكذلك دعم المزارع الأجنبي من حكومته، مقابل رفع دعم زراعة القطن من الحكومة المصرية، وأوضحوا أن القرار يأتي في مصلحة المنافس والمستثمر الأجنبي على حساب المستثمر والمزارع المصري؛ حيث يحصل المستثمر الأجنبي على أقطان بلاده بدعم من الدولة مقابل استيراد المصانع المصرية لهذه الأقطان بالسعر العالمي، ما يؤدي إلى زيادة تكاليف المصانع المصرية مقارنة بالمنتج الأجنبي، وأضافوا أن قرار رفع الحظر يخدم أولًا المصانع النسيجية دون النظر إلى الأضرار التي ستلحق بالمزارع المصري، إضافة إلى استنزاف العملات الصعبة من الاحتياطي النقدي بالدولة.


يقول محمد عبد القادر نقيب الفلاحين، إن مصر بها مساحات كبيرة لزراعة القطن والمحصول فى نهاية الدورة يتم تجميعه في المخازن ولا يجد من يشتريه، وطالب الدولة بضرورة وقف الاستيراد وتسعير المحصول الاستراتيجي قبل زراعته كتسعيرة استرشادية لاستعادة المزارعين لمحصولهم الرئيسي.


وطالب عبد القادر: الحكومة بوضع مطالب الفلاحين على أجندة الحكومة لاستعادة الريادة للقطن المصري.


وأضاف أنه من غير المعقول أن المسئولين الجالسين فى مكاتبهم المغلقة والمكيفة هم من يرسمون السياسة الزراعية بدون أخذ رأي الفلاح الكادح في "الغيط".


وطالب الدكتور أحمد ذكر الله، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، الحكومة أن تضع في عين الاعتبار ضرورة المحاصيل الاستراتيجية وخاصة القطن المصري، مطالبًا الدولة أن تتوقف على وجه السرعة عن إستيراد الأقطان من الخارج وفرض رسوم حمائية للمنتج المحلي لحمايته من الغزو الخارجي للمنتجات المستوردة.


وناشد ذكر الله: بأهمية وضع سياسة زراعية جديدة لحماية الفلاحين والوقوف بجانبهم ودعمهم أولاً بأول ودور التخطيط الاستراتيجي المتكامل ليعمل على تنمية زراعة الأقطان المصرية، كما شدد على ضرورة دعم المحاصيل الاستراتيجية مثل الحبوب الغذائية، والمحاصيل الصناعية والتي تستوعب الكثير من العمال وخاصة القطن كمادة خام للمنسوجات والمفروشات.


وطالب بتوفير الدعم اللازم لزراعة القطن المصري الذي يتنوع ما بين توفير البذور المحسنة بأسعار تنافسية، وتقديم الإرشاد الزراعي بصورة أكثر كثافة، محذرًا من القصور في دعم المزارع، ما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وانخفاض أرباح زراعته للقطن، والذي سيؤدي إلى هجران المزارعين زراعة القطن نهائيًّا، كما شدد على ضرورة دعم العامل المصري خاصة العاملين في صناعة المنسوجات عبر رفع كفائتهم الإنتاجية بالتدريب المستمر وتأهيله حتى يتثنى فتح باب المنافسة مع المصانع الأجنبية.


وأشار إلى أن الصناعات المصرية مكبلة بالقيود بدءًا من مصروفات التأسيس والقوانين المعوقة، ما يؤدي إلى إحجام الاستثمار في هذا القطاع خاصة مع صغار المستثمرين الذين تتضرروا جراء غلق العديد من المصانع والورش النسيجية.


وشدد الدكتور أحمد ذكر الله، على ضرورة التخطيط الاستراتيجي المتكامل؛ حيث يتم تعديل شروط الترخيص، وتقييد المستثمر باستخدام الخامات المصرية التي توفر العملة الصعبة المستخدمة في الاستيراد، وكذلك رواج المنتجات الزراعية والصناعات الأولية المصرية.


بدوره، قال محمد صبح الدبش، نقيب عام الفلاحين المصريين، إن القطن المصري يحتضر بسبب سياسة الدولة تجاهه، حيث يتعرض منذ عدة عقود للكثير من المشكلات حتى كاد يختفي بعدما تربع على عرش الأقطان العالمية وتميز بجودته بالأسواق العالمية، خاصة بعد تراجع الفلاح عن زراعته بسبب عدم تطوير المحالج والمغازل الموجودة في مصر لتناسب تركيبة القطن المصري، محذرًا من فتح باب استيراد الأقطان أمام الشركات خاصة زهيدة السعر؛ لأن ذلك سيؤدي إلى تدهور الإنتاج المصري من القطن؛ ما يترتب عليه إهمال زراعته من قِبَل الفلاحين ومِن ثَمَّ يخرج تدريجيًّا من المنظومة الزراعية العامة للدولة، الأمر الذي سيؤدي في نهاية المطاف إلى انهيار محصول القطن المصري.


وحمَّل الدبش، الحكومة المسئولية كاملة عن هذا الانهيار الذي بات يهدد منظومة زراعة وصناعة وتسويق القطن المصري؛ لأنها أهملت المنظومة خاصة في مجال التسويق، كما حمَّل شركات الغزل المصرية مسئولية هذا الانهيار كذلك؛ لأنها تسعى لتحقيق مكاسبها الشخصية عن طريق زيادة الإنتاج دون النظر إلى أهمية تسويق وصناعة القطن المصري، خصوصًا طويل التيلة.


وأشار نقيب عام الفلاحين، إلى أن مصر كانت تزرع 2 مليون فدان من القطن، ونتيجة لمشاكل تسويق القطن وغزله انخفضت المساحة إلى 292 ألف فدان فقط، وناشد المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، أن يولي اهتمامه الشخصي بمنظومة زراعة القطن ومساندة المزارعين ودعم العمل على تسويق هذا المحصول دعمًا للفلاح المصرى؛ للحفاظ على صناعة الغزل والنسيج، وفتح المزيد من فرص العمل أمام العمالة المصرية؛ لإحداث طفرة في صناعته تمكننا من اقتحام الأسواق العالمية كما كان يحدث سابقًا.


أضاف مجدي طلبة، وكيل مجلس تصدير الغزل والنسيج، أن المشكلة تكمن في الإهمال متكامل الأركان لزراعة الأقطان خلال الـ50 عامًا الماضية؛ حيث لم يتم تنويع البذور، إضافة إلى إهمال أبحاث مركز البحوث الزراعية، مشيرًا إلى ضرورة تحسين بذور القطن المصرية، مضيفًا أن القطن المصري المشهور بطويل التيلة، غير مطلوب في مصانع النسيج المصرية؛ نظرًا لارتفاع أسعاره، وانخفاض طلب المنتج النهائي في السوق المحلي؛ نظرا لارتفاع أسعاره، حيث يتم طلب منتجات القطن المصري في أماكن محدودة، مشيرًا إلى أن نسبة 98% من المصانع المصرية تستخدم القطن المستورد.


وأشار طلبة، إلى ضرورة الارتقاء بنسبة المساحة المنزرعة من القطن في مصر، والعمل على تنوع بذور القطن لتناسب مصانع المنسوجات المصرية، موضحًا أن المساحة المنزرعة ببذور القطن لا تزيد عن 200 فدان.


ولفت وكيل مجلس تصدير الغزل والنسيج، إلى أن القطن المصري يحتاج إلى منظومة جديدة بداية من اختيار بذوره مرورًا بحلجه ونسجة وكذلك دباغه، وأنها منظومة متكاملة تحتاج إلى تعديلها.


وأوضح أن حلج الأقطان المصرية يحتاج إلى ميكنة جديدة، فميكنة الحلج متهالكة؛ حيث لم يتم تغييرها منذ الستينيات من القرن الماضي؛ ما يؤثر سلبًا على جودة المنتج، وكذلك المغاسل المسيطر عليها قطاع الأعمال التي أهملتها الدولة منذ أكثر من 50 عامًا.


وشدد مجدي طلبة، على ضرورة اتخاذ خطوات فعلية في التخطيط الاستراتيجي لهذا القطاع المهم والمنتج في البلاد، واجتماع كل الوزارت المختصة كوزارة الزراعة والصناعة وكذلك هيئة الاستثمار والبنوك الممولة، لبناء رؤية واضحة معبرة عن واقع القطاع النسجي، تحت إشراف رئيس مجلس الوزراء والقيادة السياسية.


ولفت إلى ضرورة استحداث بذور جديدة لأقطان رخيصة الثمن، والارتقاء بالمغازل وتحديث ميكنة حلج الأقطان، واستحداث مساحات جديدة تعويضًا عن المساحات التي تم تبويرها والإبقاء عليها زراعيًّا.


وأشار طلبة، إلى ضرورة الاهتمام بالقطن المصري طويل التيلة في مراحل التحويل ممادة خام إلى منسوجات، وتحويله لمنتجات نهائية، حتى لا يتم تصديره كمادة خام، وإنشاء مصانع جديدة، مشيرًا إلى أن تحويل القطن طويل التيلة إلى منتج نهائي سيعمل على زيادة القيمة المضافة 9 أضعاف.


يأتي هذا في الوقت الذي حذر فيه المهندس أحمد عياد رئيس شعبة القطن بالغرفة التجارية: من ما أسماه «مافيا مستوردي الأقطان» الذين ينفذون بالتعاون مع مسؤولين في وزارة الزراعة مخططات واضحة للقضاء على المحصول المصري.


وتابع أن أصحاب المصالح من مستوردي الأقطان يستخدمون الشائعات لحجج غير صحيحة وهي أن الغزول المصرية غير مناسبة لاستخدام المغازل التي تعتمد علي القطن قصير التيلة، فنحن نزرع 90% من القطن طويل التيلة و 10% قصير التيلة، وبالتالي يستوردون القطن من الخارج بما يضرب زراعة القطن المحلي في مقتل، فالعام الماضي فقط تم استيراد أكثر من مليوني قنطار، وقد رفعت أكثر من قضية اختصم فيها وزير التجارة ووزير الزراعة لوقف استيراد القطن في مصر

.

وفي هذا الإطار، كلف وزير الزراعة واستصلاح الأراضي صلاح هلال مركز البحوث الزراعية، ممثلاً فى معهد بحوث القطن، بالبدء الفوري بإعداد خريطة صنفية جديدة لمحصول القطن في الموسم الجديد تستهدف تحديد مناطق زراعته والأصناف المناسبة لكل منطقة بمختلف المحافظات من أجل تحقيق المصلحة للفلاح وحل مشاكل التسويق، وعدم الإضرار بمصالح المزارع، وتطبيقها بطريقة تشجع على تطوير صناعات الغزل والنسيج المحلية، واستنباط أصناف جديدة تزيد من إنتاجية الفدان الواحد.



في سياق متصل أكدت مصادر مسئولة أن معهد بحوث القطن بمركز البحوث الزراعية بوزارة الزراعةتجري تجاربها لإنتاج أصناف ذات قيمة عالية تستهدف الحفاظ على القطن طويل التيلة.