الشعب يترقب اكتشاف "شروق" .. هل يكون بداية لاكتشافات جديدة أم تصريحات إعلامية؟!

  • 90
ارشيفية

أعلنت شركة إيني الإيطالية، تحقيق أكبر كشف للغاز الطبيعي "شروق" في المياه العميقة في البحر المتوسط، في منطقة امتياز شروق بالمياه الإقليمية المصرية، وقد صدرت معلومات وبيانات أنه يتضمن احتياطيات تقدر بـ30 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، أي بما يعادل 5.5 مليار برميل مكافئ.


تم الحفر بعمق مياه 1450 مترًا، ووصل إلى عمق 4131 مترًا، ليخترق طبقة حاملة بالهيدركربونات بسمك يصل إلى 2000 قدم بما يعادل 630 مترًا.


قال الدكتور أسامة كمال، وزير البترول الأسبق، إن مصر لديها احتياطي عام من الغاز يقدر بـ70 تريليون قدم مكعب، أي أن اكتشاف شروق، يمثل 40% من الاحتياطي العام الحالي.


وأضاف كمال، أن الاستهلاك المحلي في ظل تنامي الطلب من الكهرباء وغيرها وصل إلى 6.5 مليار قدم مكعب، منهم 5.3 مليار قدم مكعب من الغاز، نمتلك منهم 4.7 مليار قدم مكعب من الإنتاج، و5.0 من الاحتياج نقوم باستيرادها من الخارج، وهناك عجز يقدر بمليار قدم مكعب للاحتياجات الأخرى مثل صناعة الأسمدة والبتروكيماويات وغيرهما.


وتابع: هذا الاكتشاف أمامه فترة للدخول في حيز التنفيذ تتراوح ما بين 3 :4 سنوات، ولكن هذا الاكتشاف جاء في وقت الانخفاض الطبيعي والتدريجي في الآبار المستخدمة الآن، الذي يتراوح ما بين 15: 20%، فهذه الاكتشافات مثل شروق وغيرها ستؤدي إلى تقليل الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك.


وأوضح وزير البترول الأسبق، أنه يعد واحدًا من 8 بلوكات تم توقيع عقودها مع الشركات المنقبة، مضيفًا أنه في غضون 2020 تكون قد حققت مصر الاكتفاء الذاتي من احتياجاتها من الغاز الطبيعي.


من ناحية أخرى، أوضح الدكتور رمضان بيومي، خبير البترول العالمي وأستاذ هندسة البترول بجامعة الإسكندرية، أن اكتشاف "شروق" ليس فقط سيغير وجه مصر الاقتصادي والحضاري، بل سيكون وسيلة لجذب الشركات العالمية للبحث بجوار هذه المنطقة.


وأضاف بيومي، إنه سيسهم في تشغيل مصنعي أسوان وإدفو اللذين كانا متوقفين بسبب نقص الغاز، وقد تم ضخ استثمارات بهما تقدر 12 مليار دولار، وسيسهم بلا شك في تشغيل محطات توليد الكهرباء القديمة والجديدة، بعد أن كانت قد اعتمدت على السولار كبديل للغاز بسبب نقصه، مما أدى إلى تهالكها، لافتًا إلى أن كل هذه النتائج متوقفة على صحة هذا الاكتشاف ودخوله حيز التنفيذ.


في سياق متصل، أشار الدكتور علي الصعيدي، وزير الكهرباء الأسبق، إلى أن هذا الاكتشاف سيكون له عوائد كبيرة في مجال الطاقة؛ لأن مصر في احتياج شديد للغاز الطبيعي لتشغيل محطات توليد الكهرباء، خاصة بعد افتتاح الكثير من المحطات الجديدة التي تحتاج إلى كميات من الغاز الطبيعي لتشغيلها.


وأوضح الصعيدي، أن هذا الاكتشاف سيحقق الاكتفاء الذاتي من الغاز، وبالتالي عدم الاعتماد على الاستيراد من الخارج، وتوفير الكثير من المبالغ والأموال كانت تنفق في الاستيراد من الخارج، وسيقضي على مشكلة الكهرباء التي كان سببها الأساسي عدم توافر الوقود.


وأضاف أن هذا الاكتشاف منحة ربانية لتستكمل مصر طريقها نحو الأمام ونحو التقدم.


أكد الدكتور حسن عبيد، أستاذ الاقتصاد، أنه إذا صح بالفعل ما أعلنته شركة إيني الإيطالية من اكتشاف أكبر حقل للغاز الطبيعي في حوض البحر المتوسط، يقدر احتياطيه بتريليون قدم مكعب أي ما يوازي 5.5 مليار برميل مكافئ، واستطاعت الشركة إثبات بوادر استثمار وبدأ بالفعل الاستخراج؛ فهناك عدة شروط أولها أنه إذا تحقق هذا الاكتشاف فإنه سيتحقق بالتدريج؛ لأن أكبر حقول البترول في العالم تكون كمية الاستخراج منه في البداية 10 آلاف برميل ثم يتطور الأمر إلى أن يصل إلى 100 ألف برميل أي يكون بالتدرج.


وأضاف عبيد، أن الآثار الاقتصادية لهذا الاكتشاف إن تحقق تكمن في خلق فرص عمل في مجال الاستخراج والبحث العلمي، ومزيد من الدخل ورفع قيمة التصنيف الائتماني لمصر، وزيادة الاحتياطي النقدي، ورفع قيمة الجنيه أمام الدولار.


بدوره، قال الدكتور محمود عبد الحي، مدير معهد التخطيط سابقًا وأستاذ الاقتصاد الدولي بالمعهد، إن هذا الاكتشاف سيسهم في تحسين الاقتصاد ودفعه نحو الإمام، لكن لابد من التحسين من لغة التفاوض مع الشركات الأجنبية المنقبة للغاز والبترول، وأن تكون الشروط عادلة؛ لأن أغلب الاتفاقيات في غير صالح مصر، والمستفيد الأكبر هو هذه الشركات، وحث على ضرورة أن تكون هناك شركات مصرية منقبة عن الغاز والبترول لتستفيد الدولة المصرية من هذه الاكتشافات، بدلًا من أن تأتي شركات أجنبية تقاسمنا خيرات الوطن.


وأوضح عبد الحي، أن هذا الاكتشاف سيكون له عائد اقتصادي مهم؛ حيث سيسهم في تقليل الاستيراد من الخارج، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، وزيادة تنمية الصناعات التي تعتمد على الغاز الطبيعي في صناعاتها مثل صناعة الأسمدة والبتروكيماويات.


ولفت إلى أنه لابد ألا يثنينا هذا الاكتشاف عن المضي قدمًا في تنمية مصادر الطاقة البديلة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة النووية التي بدأت مصر في الدخول في عالمها بإنشاء محطة الضبعة النووية والتي ستقوم بعملها شركة روسية.


وحذر أستاذ الاقتصاد الدولي، من أن يكون هذا الاكتشاف سببًا في إثناء مصر عن خوض التجربة النووية في توليد الكهرباء، وكمصدر من مصادر الطاقة، مثل ما حدث في عهد يوسف والي وزير الزراعة الأسبق، حينما أقدمت مصر على تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح، ووضعت الخطط وقدمت الأبحاث التي تهدف لذلك، وكانت الدولة راغبة في ذلك، فقامت إحدى الدول بتقديم القمح لمصر بأبخس الأثمان لتثني مصر عن تحقيق هذا الهدف، وبمجرد أن حبطت همة الدولة في تحقيق ذلك عاد الأمر إلى ما كان عليه، والسبب في ذلك أن هناك دولًا لا تريد لمصر أن تكون دولة ذات قوة اقتصادية؛ لأن ذلك من شأنه ريادة مصر، فعلى مصر الاستفادة من أخطاء الماضي، وأن تسلك كل سبل الطاقة وعدم الاعتماد على مصدر واحد.


وشدَّد على أنه لابد على الدولة من الاعتماد على الذات، وأن يكون لديها القدرة والإرادة على إنتاج الطاقة النووية، وعدم الاعتماد على الغير لحماية هذا البديل من الطاقة من أية مخاطر.


فيما أكد اللواء حسام سويلم، الخبير الاستراتيجي، أن هذا الاكتشاف يفوق حقولًا كبيرة منتجة للغاز الطبيعي مثل قطر وأنه سيحدث طفرة في مجال الطاقة في مصر.


وأضاف أن هذا الاكتشاف مساحته والتي تبلغ 100 كيلو متر مربع تقع داخل المياه الإقليمية المصرية، وبعيدة عن المنطقة المتنازع عليها بين مصر وقبرص واليونان.


وتابع سويلم: إن مصر بدأت تخطو خطوات لاستعادة حقوقها المنهوبة في حوض البحر المتوسط من الغاز الطبيعي وغيرها، وأولى هذه الخطوات أنها بدأت بمخاطبة حكومات هذه الدول لحل هذه الصراعات بشكل توافقي، وأشار أنه إذا لم يأتِ هذا التواصل مع حكومات هذه الدول بنتيجة، فإن مصر ستلجأ للمحاكم الدولية لاستعادة هذه الحقوق التي هي ملك للدولة.