• الرئيسية
  • الأخبار
  • "برهامي" في حوراه مع "الفتح": الدعوة السلفية التزمت بـ"السلمية والعلنية" منذ بدايتها.. واستبعدت كل من اختار الصدام والعنف

"برهامي" في حوراه مع "الفتح": الدعوة السلفية التزمت بـ"السلمية والعلنية" منذ بدايتها.. واستبعدت كل من اختار الصدام والعنف

  • 70
الدكتور ياسر برهامي - نائب رئيس الدعوة السلفية

لسنا كالإخوان.. وهدفنا الحفاظ على تماسك الدولة وإن جاروا علينا
كل من أخطأ يتحمل مسئولة خطئه .. ولا يصح أن يعمم الحكم على جميع الناس
من آن لآخر تتصاعد وتيرة الهجمات الإعلامية على الدعوة السلفية وقياداتها، خاصة عندما يقترب ميعاد استحقاق انتخابي جديد من أجل ذلك كان لنا هذا الحوار مع الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية.
  • ما موقف الدعوة السلفية بعد التغييرات الأخيرة التي طرأت على "جمعية الدعاة" من الدعاة الذين اتخذوا موقفًا مخالفًا في هذه الأحداث؟
- الأحداث الأخيرة كانت من قبل 30/ 6، و3/ 7 وما بعدها كانت أحداثًا فيها تمييز وتمحيص، ظهر فيها مَن هو المتماسك حقيقة كالدعوة السلفية التي كان من أبرز شعاراتها عبر سنين وعبر عقود من الزمان السلمية والعلانية، وأننا لا نصطدم مع المجتمع ولا الدولة التي نحرص عليها ديانة لله، إذ إن البديل عن السلمية يكون الفوضى التي تُعرِّض الدين والأرواح والأعراض لخطر دائم؛ كحال البلاد التي وقعت في نفق الفوضى المظلم، الأمر الذي أدى إلى انعدام الدعوة إلى الله عز وجل، وحرموا فرص تنقية الناس ودعوتهم إلى الالتزام بالدين على حقيقته، وانتهى الأمر إلى رفع السلاح من بعض الجماعات على بعض، فضلًا عن انتشار القتل والتدمير والتخريب وانتهاك سائر الحرمات، وقد تفهمنا الفرق بين الحالتين عبر تاريخ طويل، عندما بدأت اتجاهات العنف في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، واستمرت في التسعينيات، فقد كان موقفنا غاية في الوضوح، بل كان من بين بعض الرموز التي تخالف موقف الدعوة حاليًّا هم أبرز من تكلم في رفض هذا الأسلوب كالشيخ سعيد عبد العظيم الذي ألف كتاب تحصيل الذاد في الرد على هذا الفكر، والحقيقة أن التغيير الذي طرأ على الأحداث أوضح أن كثيرًا ممن كان يتكلم بذلك ليس على قدم راسخة في فهم المنهج، ولذلك حدث هذا الانحراف، وكان لا بد لنا من موقف.


وقد تم في هذه الجمعية العمومية التي شهدتها جمعية الدعاة مؤخرًا، التصديق على فصل كل مَن اختار منهج الصدام وحاول دفع أبناء الدعوة في اتجاه العنف، والحمد لله أن عامة أبناء الدعوة السلفية لم يستجيبوا لهذا، ووصل الأمر إلى فصل مَن كان حتى من الرموز كالنائب الثاني للدعوة الشيخ سعيد عبد العظيم، فقد تم فصله من الجمعية بإقرار من الجمعية العمومية؛ وبالتالي فالموقف واضح جدًّا أننا دعوة سلمية ودعوة علنية ودعوة مؤسسية تعمل في النور وبطريقة رسمية، والدعوة السلفية ترفض محاولة هدم الدولة المصرية، وإن كنا نقر بوجود مظالم وأمور ذات تجاوزات، لكن لا بد أن نُقدِّر المصالح والمفاسد، وأن ندفع الظلم بما لا يزيده، وأن نقلل الشر قدر ما نستطيع، حتى وإن وقع جرم علينا وهاجمنا البعض في ذلك، فكثيرًا ما هوجمنا من هنا وهناك، بل وجهوا سهامهم كلها للدعوة، لكنا لا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل، وأن أجرنا في ذلك على الله؛ فنصبر، ونحتسب، ونحلم، ونتأسى بالأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، كيوسف عليه السلام عندما قال عنه إخوته: (إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ).


  • ما تعليقكم على الحملة التي يقودها الإخوان ومن يواليهم ضد الدعوة السلفية ورموزها واتهامهم بالعمالة للأمن والخيانة، فضلًا عن الخوض في عِرْض رئيس الدعوة السلفية الشيخ "أبو إدريس"؟


- الدعوة تُواجه حملات متعددة منها الاتجاه الليبرالي، والإعلام التابع لشخصيات معروفة بالاتجاه الليبرالي، وهي -للأسف- حملة غير منصفة بالمرة تبنى على الأكاذيب والباطل.


- ومن هذه الحملات أيضًا ما يقوم به الإخوان، وأيضا بعض المشهورين إعلاميًّا ممن ينتسبون للتيار المدخلي؛ فهم يشنُّون حملة فيها أنواع من التُّهم، وكل هذا في الحقيقة لا يزيدنا إلا صلابة وثباتًا على موقفنا ومنهجنا.


واتهامات الإخوان لنا بالعمالة والخيانة ليست جديدة عليهم، ولكن الجديد في الأمر ربما يكون ظهور شخصيات جديدة ممن كانت تمدح الدعوة ورموزها مدحًا بليغًا، وتصفهم بأنهم دعاة إلى الله عز وجل - عندما كانوا هم على المقاهي- وتبرئهم من تهمة الإرجاء وتهمة العمالة للأمن، ثم هم الآن يتهموننا بالعمالة والخيانة التي نفوها عنَّا من قبل، ولا ندري من أين أتوا بهذه التهم؟! ويدَّعون أن تهم العمالة والخيانة قديمة لدينا، وليس ذلك إلا لمجرد حملات كاذبة من خصوم حاقدين على الدعوة؛ لما حققته بفضل الله عز وجل ببركة المنهج الذى تتبناه، و"كفى بالمرء كذبًا أن يُحدِّث بكل ما سمع"، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام.


إن عملنا لدين الله سبحانه وتعالى، ونسأل الله عز وجل أن يجعلنا من الصادقين المخلصين في ذلك، ونأمل إعلاء كلمة الله تعالى بكل ما نقدر عليه من قوة، وتعاملنا كان ولم يزَل هو الحرص على عدم الصدام وعدم الفوضى، وهذا موقفنا قبل الثورة وأثناء الثورة وبعدها، بل بعد أحداث 30 /6، بل كان ذلك موقفنا أثناء فترة وجود الإخوان في الحكم، وأثناء فترة حكم المجلس العسكري، وقبل ذلك وحتى فترة الرئيس السيسي وما تزال، ورغم ما شهدته كل هذه المراحل من بعض التجاوزات، إلا أننا كنا دائمًا نبني عملنا على المصالح والمفاسد، وهذه ليست خيانة لأحد، فتهمة الخيانة من الإخوان تهمة باطلة؛ فقد كنا معهم على اتفاق للإصلاح التدريجي وعدم الصدام مع مؤسسات الدولة تحديدًا، وكان هذا من شروط دعم الدكتور مرسي، فنحن لم نختَر الدكتور مرسي في الجولة الأولى خوفًا من تغوُّل جماعة الإخوان، ولكن لم يكن عندنا خيار آخر بعد هزيمة الدكتور أبو الفتوح وانحصار المنافسة ما بين الدكتور مرسى والفريق أحمد شفيق، ففي هذا الوقت كان الأمر مؤسسيًّا، ولم يكن يحتمل أبناء الدعوة غير القرار الذي تم اتخاذه، ولكن كان بشروط، أهمها: أن لا يقصوا الدعوة ولا غيرها، واستيعاب المخالفين لنا حتى لا ندخل في صدام فضلًا عن الصدام مع المؤسسات، وهذا الأمر لم نجده، بل تم إقصاؤنا كأول من تم إقصاؤه، بل قابلوا المبادرات التي طرحناها للخروج من الأزمة بهجوم شرس مع الاتهام في النوايا، مع أنهم رجعوا إلى المطالبة بهذه المبادرات، لكن بعد فوات الأوان، وذلك بعد أن فقدوا الأرضية في الشارع واكتسبوا عداوات هائلة في الداخل والخارج، حتى أصبحت دول بكاملها تدعم سقوط نظام الإخوان، ونحن لا نستطيع أن نقف في هذه اللحظة بعد أن بذلنا كل جهد في أن ندعم الدكتور مرسي إذ إننا وقفنا بجواره لمصلحة البلاد، لكن بعد أن تبدَّلت الأمور ووجدنا إصرارًا على الصدام انسحبنا، وهذا أمر طبيعي، بل أرى أن موقفنا هذا كان نفس موقف الرئيس عبد الفتاح السيسي حينها؛ إذ كان وزيرًا في نظامٍ الكل يعلم أن الإخوان هم الذين أتوا به ويقفون وراءه، بل الكل يعلم أن الإخوان هم الذين يتحكمون في القرارات الرئيسية واستمر عدة أشهر داعمًا ومؤيدًا لحكم الإخوان، وكان من ضمن الموافقين على دستور 2012 من خلال مندوبي القوات المسلحة في جمعية المائة، فعلى من ينقم علينا شيئًا في ذلك فلينتبه لهذه المسألة.


والحقيقة أن موقفنا من 3/7 لم يكن خيانة أبدًا؛ فقد كانت هناك موافقة على الإجراءات التي اتخذتها القوات المسلحة في عزل الدكتور مرسي بعدما كادت البلاد أن تصل إلى مرحلة الفوضى التامة وسط سخط شعبي هائل مصحوبًا بعجز عن قيادة البلاد وتوفير الاحتياجات الأساسية، وكنا ندرك أن البلاد إذا دخلت مرحلة الانهيار فلن تعود أبدًا؛ فالسودان بعد أن انقسمت ما أمكنهم العودة إلى الوحدة، وكذا هو حال ليبيا واليمن والعراق وسوريا، وبات الأمل في بقاء الدولة محدودًا جدًّا إن لم يكن منعدمًا في بعض البلاد، وكان لا بد من التقسيم الذي يريده الأعداء، فهل كان يجب علينا أن نقبل هذا بزعم أن هذا الأمر هو الحفاظ على الشريعة والشرعية منوطة بإقامة الواجبات الشرعية والدستورية والقانونية مِن الحاكم؟ أم إنه طالما تم انتخاب الرئيس فسيظل هكذا مهما كانت النتائج حتى ولو كانت تدمير الوطن، فهذا لا يمكن أن يكون صحيحًا؛ لذلك نقول: إن اتهامات الخيانة والعمالة باطلة وكاذبة، ويفصل الله بيننا يوم القيامة.


أما ما يتعلق باتهام فضيلة الشيخ "أبو إدريس" وما يتعلق بالأعراض؛ فإن هذا كلام نستحيي من ذكره، والأمر شديد الوضوح بأنه لا يتعدى كونه من الزور والبهتان، فكيف يقبل محمد عبد المقصود أن ينقل عن شخص لا يعرف عنه شيئًا فيحكي قصة وينقلها هو وغيره عمن لم يولدوا آنذاك أو كانوا أطفالًا عندما كان الشيخ أبو إدريس مسئول كلية الهندسة في الجماعة الإسلامية في أوائل السبعينيات، عندما لم يكن هناك نقاب إلا طالبتين متزوجتين وكل الطالبات البنات كاشفات الوجوه وأكثر من الوجوه؟ كيف يقبل أن يحكي مثل هذه الخزعبلات والأكاذيب؟! وهذا من البهتان والزور الذي صدروه عن مغمور، كان أمرًا ميتًا يحاول محمد عبد المقصود أن يحيه -هداه الله، وجنَّبنا الله جميعًا الفتن ما ظهر منها وما بطن- اتقوا الله عز وجل؛ فأعراض المسلمين لا يمكن أبدًا أن يخاض فيها بهذه الطريقة الكاذبة، وهذا الكلام وصفه الشرعي بأنه غيبة ونميمة؛ لأن المقصود منه الإفساد بين الناس وبين الدعوة كلها وبهتان وكذب وزور، و"سباب المسلم فسوق وقتاله كفر" كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.


  • ما ردكم على من يقول: إن الدعوة السلفية والإخوان شيء واحد؟
واللهِ هذا يُعد من أعجب ما نسمعه؛ فبعد كل هذا الذي حدث وموقفنا مختلف عن موقف الإخوان من البداية، عند نزولنا الانتخابات البرلمانية عام 2011 كان الإخوان يقولون: لا تنزلوا ودعونا نكفيكم هذا الشأن، فنزلنا الانتخابات، وقد كنا منفصلين عنهم، ووجد لنا موقع في البرلمان، وكانت لنا من البداية مواقفنا المختلفة، وأُذَكِّر فقط بعدة مواقف؛ فعند تكوين اللجان النوعية في مجلس الشعب: مَن الذي أصرَّ على وجود تمثيل لكل القوى الثورية؛ لأن المرحلة لا تحتمل انفرادًا لأحد؟ هو حزب النور؛ هذا الحزب الذي أسسه أبناء الدعوة السلفية في حقهم القانوني والدستوري في العمل السياسي، وإن كان هناك -بلا شك- انفصال إداري؛ فالنور مؤسسة تقوم باتخاذ قراراتها بطريقة منفصلة تمامًا.


وكذلك عند محاولة إسقاط حكومة الدكتور كمال الجنزوري، مَن الذي وقف في وجه الإخوان في البرلمان لمنع ذلك؟ ونقول:

بعد ذلك مَن الذي قدم مبادرة حزب النور في حل الأزمة بين جبهة الإنقاذ والإخوان؟ كان حزب النور أيضًا .. مَن الذي رفض النزول في فعاليات الإخوان والمشاركة فيها وهم في سدة الحكم مع الثقل الهائل الذي كانت تشكله الدعوة السلفية كما ظهر في الفعاليات التي قبلنا المشاركة فيها من أجل الحفاظ على الدولة والحفاظ على إكمال الدستور وليس على إسقاططها كما كانت المحاولات في 3/ 7؟ مَن الذي وقف في 3/ 7 مع رغبة جماهير الشعب المصري في الوقوف مع القوات المسلحة؟ مَن الذي يتحمل ما يتم من الهجوم والسب والطعن في الدين والمقاصد والسلوكيات وفي الأعراض مِن الإخوان؟ فبعد كل ذلك وبعد مواقفنا السابقة السلمية والعلنية -وهو شعار الدعوة السلفية أننا نسعى للتصفية والتربية من خلال السلمية والعلنية- يقولون: أنتم والإخوان شيء واحد؟! الإخوان عندهم انحراف شديد جدًّا كان بدايته تحت السطح في 2005 بعد سيطرة الفريق القطبي على مقاليد الجماعة وإقصائها كل من خالفهم، والأمر تضاعف بعد صدامهم مع المجتمع، وظهرت نبرات خطيرة جدًّا في إعلامهم وخطاباتهم مثل: قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار، وأنا أتذكر على سبيل المثال عندما وصلت إلى منصة مليونية "الشريعة والشرعية" وجدت مَن يقول: قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار، استنكرت ذلك جدًّا وأعلنت وأنكرت من على المنصة وقلت: لا يجوز؛ فهذا يتضمن تكفير المسلمين، ولو كان عندهم معاصٍ وذنوب وكبائر، لكن لا يجوز أن يُكَفَّرُوا، وقد أنكرت هذا الكلام علنًا رغم أنهم كانوا هم الذين يسيطرون على المنصة في هذا الوقت ولكن قلت كلمة الحق، ويوم تسليم الدستور وأنا أتذكر أن الفريق السيسي كان حاضرًا بصفته وزيرًا للدفاع وسائر أفراد القوات المسلحة والمجلس العسكري المشاركين في هذا وكان عدد كبير منهم موجود.

  • أيضًا ما رد فضيلتكم على من يقول: إن السلفيين أسوأ من الإخوان؟
هذا أظلم مِن الذي قبله؛ فالسلفيون دائمًا عندهم من المرونة بخلاف مَن يقول: إن الإخوان عندهم من المرونة، والواقع أثبت أن الإخوان ليس عندهم من المرونة إلا في التنازل عن ثوابت الشريعة، أما في العمل السياسي فهناك محاولة السيطرة وإقصاء الآخر، وأقول لمن يقول: إن السلفيين أسوأ من الإخوان: هل رأيتم الدعوة السلفية دعت إلى حمل السلاح أو دعت إلى تدمير الدولة أو محاولة إسقاطها وإسقاط كل مؤسسات الدولة، ولو كانت بخراب البلاد ثم بنائها من جديد؟ أقول: لا تظلموا واتقوا الظلم؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة.
  • هناك من يتهم السلفيين أنهم وراء عنف الإخوان .. ما تعليقكم على ذلك؟
هذا أيضًا من الأعاجيب؛ فالذين يعللون بأن السلفيين -وذلك لإثارة معارك الهوية- هم الذين تسببوا في عنف الإخوان: أولًا تعالوا لنقول: لا تخلطوا بين الدعوة السلفية التي أسست جمعية الدعاة والتي أسس فريق من أبنائها حزب النور كمؤسسة سلفية تعمل وفق القانون والدستور، وبين سلفيين ضمن التيار السلفي العام الذي صار يشتمل على أطياف مختلفة ومتناقضة في الحقيقة، وأنها لم تكن تسمى بالسلفية في القديم، لكن الجماعة الإسلامية كانت تتهم الدعوة السلفية بالجبن والخور، والجهاديين الذين سموا بعد ذلك بالجهادية السلفية كانوا لا يقبلون أبدًا بالدعوة السلفية، وهذه التصنيفات صنعتها مراكز بحثية غربية، وهي التي أنشأت هذه المصطلحات وقد وجدت كل بغيتها فيها؛ كالسلفية التكفيرية والسلفية الجهادية والسلفية العلمية والسلفية المدخلية وسلفية ولاة الأمور، وهذه مصطلحات أصَّلت لها مراكز بحثية أجنبية، فرضت في أوقات التبعية التامة للغرب في كثير من الدول العربية والإسلامية، وقد تلقفتها الأجهزة الأمنية ووجدت فيها بغيتها لتشوه صورة السلفية بضم هؤلاء، كما وجدت هذ التنظيمات بغيتها بأنها سوف تجذب قطاعًا كبير من السلفيين الذين يحبون شيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ محمد بن عبد الوهاب وتلامذتهم في أن يجذبوهم إلى هذا الفكر المنحرف.


ولا يوجد شيء يُسمَّى "سلفية تكفيرية"، ولا "سلفية جهادية"، وهذه كلها فيها انحرافات عن السلفية في الحقيقة وهؤلاء هم الذين تقاربوا مع القطبيين من الإخوان، وكذلك السرورية تقاربوا مع الإخوان، بل صارت في المواقف السياسية واحدة تمامًا، والاتهامات الباطلة واحدة تمامًا، واستغلال جهل الناس بضوابط مسائل التكفير في الحكم بغير ما أنزل الله ومسائل الولاء والبراء هو الذي أدى إلى الخلل الهائل الواقع في العالم الإسلامى اليوم، كتنظيم داعش وتنظيم أنصار بيت المقدس وأنواع الانحرافات الأخرى التي شوهت صورة الإسلام بأعظم تشوية، وهذا الكلام أبعد ما يكون عن السلفية الحقيقية الوسطية التي تتبنى منهج السلف رضوان الله عنهم والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ومرورًا بالأئمة الأربعة وأئمة الحديث كالبخاري ومسلم وباقي أصحاب الحديث وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله، وكل هؤلاء أبرياء من التكفير وأبرياء من الغلو وأبرياء من سفك الدماء الذي يقع بغير حق باسم السلفية في وقتنا هذا، فكيف يُقال بأن السلفيين هم من وراء الإخوان؟! من انتسبوا إلى السلفية باطلًا وبمجرد أنهم ملتحين والناس تسمى كل ملتحٍ سنيًّا أو سلفيًّا، فكيف تتهم السلفية بذلك؟ وهذا كلام باطل قطعًا.

  • ما ردكم على من يقول: إن ما كان يحدث بينكم وبين المخالفين هو تقسيم أدوار؟
هذا أيضًا مِن البهتان والزور الذي يُروَّج لتشويه صورة الدعوة وتشويه صورة السلفية، ونحن لا نعرف ذلك، ولم نقسم أدوارًا أبدًا، بل نحن نقوم بدعوتنا نصرةً للدين، وحفاظًا على البلاد والعباد والحرمات.


  • ما قولكم فيمن يقول: إن الإخوان اخترقوا صفوف حزب النور في الانتخابات وإن عددًا منهم نزل على قوائم حزب النور؟
أقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "البينة على مَن ادَّعى" وهذا كلام باطل؛ فلم يتم اختراق مرشحي الحزب، ولم ينزل الإخوان على قوائم الحزب ولا في الانتخابات الفردية، ومن يمتلك دليلًا فليأت به، وليأتِ بالأسماء ويقول: إن هؤلاء من الإخوان ونراجع مراجعة حقيقية صادقة غير كاذبة، وليس بالاتهام بالباطل لمجرد أنه يريد تشويه صورة الحزب والدعوة عند العامة.
  • كيف تردون على الحملة المستعرة التي يقودها بعض الإعلاميين؟ وما ردكم على ما عرضه أحمد موسى للدكتور أحمد خليل؟
الحقيقة أن أمن الدولة كانت تعمل تحت إدارة الدولة التي كانت تابعة للدكتور مرسي، والإخوان كانوا ضد النزول، وهناك فتوى من محمد عبد المقصود بالمنع من النزول؛ لأن هذا يؤدي إلى مفاسد، والدكتور أحمد خليل كان موجودًا في مدينة نصر ووجد أن الشباب مندفع اندفاعًا شديدًا جدًّا نحو هذه الوقفة، وخاف في هذا التوقيت من الصدام، وأن البعض يستغل الوقفة للتصعيد، خاصة في خروج تصريحات عدائية لشباب كثير جدًّا من التيار السلفي العام والمؤيد لحازم صلاح أبو إسماعيل، حتى قال بعضهم: "منذ متى ونحن نراعي الدماء؟ .. واحنا عايزين نخليها زي سوريا وليبيا!"، فتم استدعاء الدكتور أحمد خليل وتمت مطالبته بالحضور؛ كي يؤكد السلمية ويمنع التصعيد، وكان لابد له أن ينكر ما حدث من ظلم من عقود وسنوات أو الممارسات الخاطئة التي قد تحدث في وقت من الأوقات، ولكنه كان موجودًا حتى يمنع أي أحد كان يمكن أن يستغل هذا الامر كالموقف الذى كان أمام الكاتدرائية؛ حيث إننا وجدنا أن هناك أمرًا قد وقع وكان لابد أن يتواجد البعض ليمنع اقتحام الكاتدرائية، وأنا أتذكر أني قلت كلمة للمتظاهرين ثم أمرتهم بالانصراف فورًا؛ لأنه كان هناك من يحاول فرض الصدام وإسقاط الضحايا، وقد كان دورنا عمومًا في هذه الفترة الوساطة أثناء فترة المجلس العسكري، وبعد ذلك في فترة الدكتور مرسي، وقد كانت الوساطة بين بعض الاتجاهات الثورية العنيفة أو التي كانت تُقيم اعتصامات أو غير ذلك وبين الدولة لمنع حدوث الصدام، ودورنا في "محمد محمود" سيظل محفورًا في التاريخ؛ حيث بذلنا كل جهد ووصل إلى أن قمنا بعمل حوائط بشرية للمنع من الصدام؛ فكان وجودنا من أجل مصلحة البلاد.
  • كشفت إحدى الفضائيات أيضًا أن المهندس صلاح عبد المعبود كان يردد أن "النور" و"الإخوان" كيان واحد ولا فرق بينهما .. ما تعليقكم على ذلك؟
في هذا التوقيت كان الإخوان كما ذكرت أنهم المسيطرين، وكنا جزءًا من الدولة ونتعامل مع النظام الموجود الذي تم انتخابه بطريقة صحيحة.
وكانت مؤسسات الدولة كلها تقوم بنفس المهمة حتى المخابرات العامة تقوم بنفس المهمة، لذلك فإن هذه القضية لا بد أن ينتبه الجميع إليها، لماذا نحن فقط دون غيرنا نُلام على ذلك، مع أن الكل يعلم أن كياننا مختلف تمامًا عن كيان الإخوان؟! لكن عندما كانوا هم في حكم الدولة كنا نحن نريد الحفاظ على الدولة أيًّا كان من يحكمها، تمامًا كما نؤيد الآن الفريق السيسي لرئاسة الجمهورية، وعندما تم انتخابه فنحن نؤيد استمراره لبقاء الدولة، وإن اختلفنا في ممارسات بعض الأجهزة داخل الدولة، لكن لا نقبل هدمها، وهذا ما كان يقوله ويعنيه المهندس صلاح عبد المعبود، وليس أنه يقول: إن هناك اندماجًا في الكيان، وعلى الجميع ألا ينسى ما فعلوه مع الدكتور خالد علم الدين، وهذا موقف واحد يبين أننا لسنا كيانًا واحدًا بالمعنى الذي حاولوا أن يبرزوه، ولكن الإخوان كانوا يديرون الدولة، وكان لابد لنا أن نحافظ على الدولة كما نحافظ عليها الآن مع الفريق السيسي.


  • لوحظ على "فيس بوك" أن هناك حملة للتأثير على مرشحي حزب النور حتى تم تشبيه مرشحيه بالبلكيمي وعلي ونيس .. فما تعليقكم على ذلك؟
لا يوجد كيان في العالم نقي بنسبة 100%، وليس هناك معصوم بعد النبي عليه الصلاة والسلام، فكلٌّ يخطئ ويصيب، ولا يوجد أحد يكون من حقه أن يحمل كيانًا كاملًا وأكثره بحمد الله نظيف اليد ونظيف البطن والفرج ونظيف اللسان ثم يحمله خطأً فرديًّا، خاصة أن بعض هؤلاء مثل "ونيس" لم يكن أصلًا من الدعوة السلفية ولا من حزب النور، ولكن كان من ضمن تحالف الأحزاب التي دخلت من ضمن حزب النور، وعموما نحن نقول: إن كل انسان أخطأ يتحمل مسئولية خطئه، ولا يصح أن يعمم الحكم على الناس، وإلا لقيل: إن المصريين كلهم زناة أو المسلمين كلهم كذابون؛ لأن بعضهم اقترف خطأً، فهذا ظلم لا يجوز.


  • بعض وسائل الإعلام تصف أعضاء حزب النور بأنهم نسخة من داعش، وتصفهم بالردة .. كيف تردون على ذلك؟
هذه الفئة مختلفة عن بعضهم البعض؛ فمن الناس من يقول عن أعضاء حزب النور: مرتدين كالدواعش، أما التكفيريون فيتهمون أعضاء حزب النور بالكفر؛ لأنهم وافقوا على الدستور ووافقوا على الديمقراطية، وهذا الكلام كله جهل وضلال؛ لأننا لم نوافق على الديمقراطية التي فيها حق التشريع لغير الله، بل وافقنا على نظام فيه من الديمقراطية ضمن دستور ينص على مرجعية الشريعة الإسلامية، وفيه عبارات واضحة تمام الوضوح وليست فضفاضة كما يقول البعض، وفي دستور 2012 ودستور 2013 / 2014 والاثنين كانت فيهم تلك المواد؛ فمثلًا الدستور الأول: كانت فيه المادة 219 وهذه التي تمت صياغتها مع القوى الأخرى وحزب النور وتحت رعاية الأزهر، وكان أيضًا في دستور 2013 فيه من أحكام المحكمة الدستورية العليا ما نصه لزوم الالتجاء إلى أحكام الشريعة الإسلامية وعدم جواز الالتجاء إلى غيرها، وإن لم توجد النصوص ففي موارد الاجتهاد في الشريعة الإسلامية ما يكفي لزوم تعديل جميع القوانين المخالفة للشريعة الإسلامية، وهذه مهمة مجلس الشعب القادم بنص حكم المحكمة الدستورية الذي أصبح جزءًا من الدستور الذي نصت ديباجته على الرجوع إلى أحكام المحكمة الدستورية فيما يفسر المادة الثانية من الدستور، وهذا شيء أساسي لا بد أن نتذكره، فكيف يتهموننا بالردة ونحن طالبنا بمرجعية الشريعة وطبقنا فعليًّا ذلك في الدستور وأن الحكم لله وحده لا شريك له كما نص القرآن ويتم بآلية الانتخاب ونحو ذلك، وكذلك التدرُّج الذي يراعي المصالح؟


أما الفريق الذي يتهمنا بالدواعش؛ فلينظروا ماذا يقول علينا الدواعش أنفسهم؛ حيث إن داعش يقولون علينا: إننا كفرة ومرتدين ويستبيحون كل من يخالفهم بما فيها جميع الأحزاب، بل آخر بيانات داعش تؤكد أن جميع الأحزاب التي تشارك في الانتخابات أحزاب مرتدة وكافرة، والعجيب أن يُقال عنا: دواعش؛ حيث إننا نقول: لا إله إلا الله، وهم يقولون: لا إله إلا الله إن الحكم إلا لله، وهذا كلام الله في القرآن؛ إذن فكل المسلمين سيُقال عنهم أنهم دواعش إذا كانت تؤخذ كلمة فيها توافق بحكم الالتزام بالإسلام يكون كل الناس كذلك، وهذا من التعميم الظالم مثلما تكلمنا عنه في النقطة السابقة.


  • هل ترى أن الغرض من هذه الحملات المستعرة التأثير على أعضاء الحزب في الانتخابات البرلمانية القادمة؟
قطعًا ويقينًا هذه افتراءات على الناس؛ كي تشوِّه صورة أبناء حزب النور عندهم وتقصيهم بالكلية، فهم إذا قدروا على إقصائنا من الحياة لفعلوا، وهناك من يطالب بذلك، لكن نحن نثق في فضل الله سبحانه وتعالى، وندعوا الله أن يوفق أبناء حزب النور في هذه الانتخابات لمصلحة دين الله ولمصلحة الشريعة والدستور الذي ينص عليها ومصلحة العباد والبلاد.
  • بماذا توجه أبناء الحزب والدعوة في هذه المرحلة الفارقة؟
أقول لهم: صبرًا وحلمًا على ما تلقون، واستمروا في العمل، واثبتوا بكل ما في وسعكم، وتوكلوا على الله عز وجل.
  • ما الرسائل التي تودون توجيهها إلى الشعب؟
الشعب المصري شعب واعٍ ويُدرك دائمًا الفرق بين الحقيقة والكذب، وأطلب منه أن يختار بتجرد في الانتخابات القادمة بعيدًا عن العصبية العائلية، وبعيدًا عن شراء الأصوات الانتخابية بمنافع مادية، وبإذن الله تبارك وتعالى سيكون هناك خير كثير إذا أحسنَّا الانتقاء والاختيار.