- ما موقف الدعوة السلفية بعد التغييرات الأخيرة التي طرأت على "جمعية الدعاة" من الدعاة الذين اتخذوا موقفًا مخالفًا في هذه الأحداث؟
وقد تم في هذه الجمعية العمومية التي شهدتها جمعية
الدعاة مؤخرًا، التصديق على فصل كل مَن اختار منهج الصدام وحاول دفع أبناء الدعوة
في اتجاه العنف، والحمد لله أن عامة أبناء الدعوة السلفية لم يستجيبوا لهذا، ووصل الأمر
إلى فصل مَن كان حتى من الرموز كالنائب الثاني للدعوة الشيخ سعيد عبد العظيم، فقد تم فصله من الجمعية
بإقرار من الجمعية العمومية؛ وبالتالي فالموقف واضح جدًّا أننا دعوة سلمية ودعوة
علنية ودعوة مؤسسية تعمل في النور وبطريقة رسمية، والدعوة السلفية ترفض محاولة هدم
الدولة المصرية، وإن كنا نقر بوجود مظالم وأمور ذات تجاوزات، لكن لا بد أن نُقدِّر
المصالح والمفاسد، وأن ندفع الظلم بما لا يزيده، وأن نقلل الشر قدر ما نستطيع، حتى
وإن وقع جرم علينا وهاجمنا البعض في ذلك، فكثيرًا ما هوجمنا من هنا وهناك، بل وجهوا
سهامهم كلها للدعوة، لكنا لا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل، وأن أجرنا في ذلك
على الله؛ فنصبر، ونحتسب، ونحلم، ونتأسى بالأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين،
كيوسف عليه السلام عندما قال عنه إخوته: (إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ
قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ
شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ).
- ما تعليقكم على الحملة التي يقودها الإخوان ومن يواليهم ضد الدعوة السلفية ورموزها واتهامهم بالعمالة للأمن والخيانة، فضلًا عن الخوض في عِرْض رئيس الدعوة السلفية الشيخ "أبو إدريس"؟
- الدعوة تُواجه
حملات متعددة منها الاتجاه الليبرالي، والإعلام التابع لشخصيات معروفة بالاتجاه
الليبرالي، وهي -للأسف- حملة غير منصفة بالمرة تبنى على الأكاذيب والباطل.
- ومن هذه
الحملات أيضًا ما يقوم به الإخوان، وأيضا بعض المشهورين إعلاميًّا ممن ينتسبون
للتيار المدخلي؛ فهم يشنُّون حملة فيها أنواع من التُّهم، وكل هذا في الحقيقة لا
يزيدنا إلا صلابة وثباتًا على موقفنا ومنهجنا.
واتهامات الإخوان
لنا بالعمالة والخيانة ليست جديدة عليهم، ولكن الجديد في الأمر ربما يكون ظهور
شخصيات جديدة ممن كانت تمدح الدعوة ورموزها مدحًا بليغًا، وتصفهم بأنهم دعاة إلى
الله عز وجل - عندما كانوا هم على المقاهي- وتبرئهم من تهمة الإرجاء وتهمة العمالة
للأمن، ثم هم الآن يتهموننا بالعمالة والخيانة التي نفوها عنَّا من قبل، ولا ندري
من أين أتوا بهذه التهم؟! ويدَّعون أن تهم العمالة والخيانة قديمة لدينا، وليس ذلك
إلا لمجرد حملات كاذبة من خصوم حاقدين على الدعوة؛ لما حققته بفضل الله عز وجل
ببركة المنهج الذى تتبناه، و"كفى بالمرء كذبًا أن يُحدِّث بكل ما سمع"،
كما قال النبي عليه الصلاة والسلام.
إن عملنا لدين
الله سبحانه وتعالى، ونسأل الله عز وجل أن يجعلنا من الصادقين المخلصين في ذلك، ونأمل
إعلاء كلمة الله تعالى بكل ما نقدر عليه من قوة، وتعاملنا كان ولم يزَل هو الحرص
على عدم الصدام وعدم الفوضى، وهذا موقفنا قبل الثورة وأثناء الثورة وبعدها، بل بعد
أحداث 30 /6، بل كان ذلك موقفنا أثناء فترة وجود الإخوان في الحكم، وأثناء فترة
حكم المجلس العسكري، وقبل ذلك وحتى فترة الرئيس السيسي وما تزال، ورغم ما شهدته كل
هذه المراحل من بعض التجاوزات، إلا أننا كنا دائمًا نبني عملنا على المصالح
والمفاسد، وهذه ليست خيانة لأحد، فتهمة الخيانة من الإخوان تهمة باطلة؛ فقد كنا
معهم على اتفاق للإصلاح التدريجي وعدم الصدام مع مؤسسات الدولة تحديدًا، وكان هذا
من شروط دعم الدكتور مرسي، فنحن لم نختَر الدكتور مرسي في الجولة الأولى خوفًا من
تغوُّل جماعة الإخوان، ولكن لم يكن عندنا خيار آخر بعد هزيمة الدكتور أبو الفتوح
وانحصار المنافسة ما بين الدكتور مرسى والفريق أحمد شفيق، ففي هذا الوقت كان الأمر
مؤسسيًّا، ولم يكن يحتمل أبناء الدعوة غير القرار الذي تم اتخاذه، ولكن كان بشروط،
أهمها: أن لا يقصوا الدعوة ولا غيرها، واستيعاب المخالفين لنا حتى لا ندخل في صدام
فضلًا عن الصدام مع المؤسسات، وهذا الأمر لم نجده، بل تم إقصاؤنا كأول من تم إقصاؤه،
بل قابلوا المبادرات التي طرحناها للخروج من الأزمة بهجوم شرس مع الاتهام في
النوايا، مع أنهم رجعوا إلى المطالبة بهذه المبادرات، لكن بعد فوات الأوان، وذلك بعد
أن فقدوا الأرضية في الشارع واكتسبوا عداوات هائلة في الداخل والخارج، حتى أصبحت
دول بكاملها تدعم سقوط نظام الإخوان، ونحن لا نستطيع أن نقف في هذه اللحظة بعد أن
بذلنا كل جهد في أن ندعم الدكتور مرسي إذ إننا وقفنا بجواره لمصلحة البلاد، لكن
بعد أن تبدَّلت الأمور ووجدنا إصرارًا على الصدام انسحبنا، وهذا أمر طبيعي، بل أرى
أن موقفنا هذا كان نفس موقف الرئيس عبد الفتاح السيسي حينها؛ إذ كان وزيرًا في
نظامٍ الكل يعلم أن الإخوان هم الذين أتوا به ويقفون وراءه، بل الكل يعلم أن
الإخوان هم الذين يتحكمون في القرارات الرئيسية واستمر عدة أشهر داعمًا ومؤيدًا لحكم
الإخوان، وكان من ضمن الموافقين على دستور 2012 من خلال مندوبي القوات المسلحة في
جمعية المائة، فعلى من ينقم علينا شيئًا في ذلك فلينتبه لهذه المسألة.
والحقيقة أن
موقفنا من 3/7 لم يكن خيانة أبدًا؛ فقد كانت هناك موافقة على الإجراءات التي
اتخذتها القوات المسلحة في عزل الدكتور مرسي بعدما كادت البلاد أن تصل إلى مرحلة
الفوضى التامة وسط سخط شعبي هائل مصحوبًا بعجز عن قيادة البلاد وتوفير الاحتياجات
الأساسية، وكنا ندرك أن البلاد إذا دخلت مرحلة الانهيار فلن تعود أبدًا؛ فالسودان
بعد أن انقسمت ما أمكنهم العودة إلى الوحدة، وكذا هو حال ليبيا واليمن والعراق
وسوريا، وبات الأمل في بقاء الدولة محدودًا جدًّا إن لم يكن منعدمًا في بعض البلاد،
وكان لا بد من التقسيم الذي يريده الأعداء، فهل كان يجب علينا أن نقبل هذا بزعم أن
هذا الأمر هو الحفاظ على الشريعة والشرعية منوطة بإقامة الواجبات الشرعية
والدستورية والقانونية مِن الحاكم؟ أم إنه طالما تم انتخاب الرئيس فسيظل هكذا مهما
كانت النتائج حتى ولو كانت تدمير الوطن، فهذا لا يمكن أن يكون صحيحًا؛ لذلك نقول: إن
اتهامات الخيانة والعمالة باطلة وكاذبة، ويفصل الله بيننا يوم القيامة.
أما ما يتعلق
باتهام فضيلة الشيخ "أبو إدريس" وما يتعلق بالأعراض؛ فإن هذا كلام نستحيي
من ذكره، والأمر شديد الوضوح بأنه لا يتعدى كونه من الزور والبهتان، فكيف يقبل
محمد عبد المقصود أن ينقل عن شخص لا يعرف عنه شيئًا فيحكي قصة وينقلها هو وغيره
عمن لم يولدوا آنذاك أو كانوا أطفالًا عندما كان الشيخ أبو إدريس مسئول كلية
الهندسة في الجماعة الإسلامية في أوائل السبعينيات، عندما لم يكن هناك نقاب إلا
طالبتين متزوجتين وكل الطالبات البنات كاشفات الوجوه وأكثر من الوجوه؟ كيف يقبل أن
يحكي مثل هذه الخزعبلات والأكاذيب؟! وهذا من البهتان والزور الذي صدروه عن مغمور،
كان أمرًا ميتًا يحاول محمد عبد المقصود أن يحيه -هداه الله، وجنَّبنا الله جميعًا
الفتن ما ظهر منها وما بطن- اتقوا الله عز وجل؛ فأعراض المسلمين لا يمكن أبدًا أن يخاض
فيها بهذه الطريقة الكاذبة، وهذا الكلام وصفه الشرعي بأنه غيبة ونميمة؛ لأن
المقصود منه الإفساد بين الناس وبين الدعوة كلها وبهتان وكذب وزور، و"سباب
المسلم فسوق وقتاله كفر" كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
- ما ردكم على من يقول: إن الدعوة السلفية والإخوان شيء واحد؟
وكذلك عند
محاولة إسقاط حكومة الدكتور كمال الجنزوري، مَن الذي وقف في وجه الإخوان في البرلمان
لمنع ذلك؟ ونقول:
بعد ذلك مَن الذي قدم مبادرة حزب النور في حل الأزمة بين جبهة
الإنقاذ والإخوان؟ كان حزب النور أيضًا .. مَن الذي رفض النزول في فعاليات الإخوان
والمشاركة فيها وهم في سدة الحكم مع الثقل الهائل الذي كانت تشكله الدعوة السلفية كما
ظهر في الفعاليات التي قبلنا المشاركة فيها من أجل الحفاظ على الدولة والحفاظ على
إكمال الدستور وليس على إسقاططها كما كانت المحاولات في 3/ 7؟ مَن الذي وقف في 3/
7 مع رغبة جماهير الشعب المصري في الوقوف مع القوات المسلحة؟ مَن الذي يتحمل ما
يتم من الهجوم والسب والطعن في الدين والمقاصد والسلوكيات وفي الأعراض مِن الإخوان؟
فبعد كل ذلك وبعد مواقفنا السابقة السلمية والعلنية -وهو شعار الدعوة السلفية أننا
نسعى للتصفية والتربية من خلال السلمية والعلنية- يقولون: أنتم والإخوان شيء واحد؟!
الإخوان عندهم انحراف شديد جدًّا كان بدايته تحت السطح في 2005 بعد سيطرة الفريق
القطبي على مقاليد الجماعة وإقصائها كل من خالفهم، والأمر تضاعف بعد صدامهم مع
المجتمع، وظهرت نبرات خطيرة جدًّا في إعلامهم وخطاباتهم مثل: قتلانا في الجنة
وقتلاهم في النار، وأنا أتذكر على سبيل المثال عندما وصلت إلى منصة مليونية "الشريعة
والشرعية" وجدت مَن يقول: قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار، استنكرت ذلك جدًّا
وأعلنت وأنكرت من على المنصة وقلت: لا يجوز؛ فهذا يتضمن تكفير المسلمين، ولو كان
عندهم معاصٍ وذنوب وكبائر، لكن لا يجوز أن يُكَفَّرُوا، وقد أنكرت هذا الكلام علنًا
رغم أنهم كانوا هم الذين يسيطرون على المنصة في هذا الوقت ولكن قلت كلمة الحق،
ويوم تسليم الدستور وأنا أتذكر أن الفريق السيسي كان حاضرًا بصفته وزيرًا للدفاع وسائر أفراد القوات المسلحة
والمجلس العسكري المشاركين في هذا وكان عدد كبير منهم موجود.
- أيضًا ما رد فضيلتكم على من يقول: إن السلفيين أسوأ من الإخوان؟
- هناك من يتهم السلفيين أنهم وراء عنف الإخوان .. ما تعليقكم على ذلك؟
ولا يوجد شيء يُسمَّى "سلفية تكفيرية"، ولا "سلفية
جهادية"، وهذه كلها فيها انحرافات عن السلفية في الحقيقة وهؤلاء هم الذين
تقاربوا مع القطبيين من الإخوان، وكذلك السرورية تقاربوا مع الإخوان، بل صارت في
المواقف السياسية واحدة تمامًا، والاتهامات الباطلة واحدة تمامًا، واستغلال جهل
الناس بضوابط مسائل التكفير في الحكم بغير ما أنزل الله ومسائل الولاء والبراء هو
الذي أدى إلى الخلل الهائل الواقع في العالم الإسلامى اليوم، كتنظيم داعش وتنظيم
أنصار بيت المقدس وأنواع الانحرافات الأخرى التي شوهت صورة الإسلام بأعظم تشوية، وهذا
الكلام أبعد ما يكون عن السلفية الحقيقية الوسطية التي تتبنى منهج السلف رضوان
الله عنهم والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ومرورًا بالأئمة الأربعة
وأئمة الحديث كالبخاري ومسلم وباقي أصحاب الحديث وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن
القيم والشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله، وكل هؤلاء أبرياء من التكفير وأبرياء
من الغلو وأبرياء من سفك الدماء الذي يقع بغير حق باسم السلفية في وقتنا هذا، فكيف
يُقال بأن السلفيين هم من وراء الإخوان؟! من انتسبوا إلى السلفية باطلًا وبمجرد أنهم
ملتحين والناس تسمى كل ملتحٍ سنيًّا أو سلفيًّا، فكيف تتهم السلفية بذلك؟ وهذا
كلام باطل قطعًا.
- ما ردكم على من يقول: إن ما كان يحدث بينكم وبين المخالفين هو تقسيم أدوار؟
- ما قولكم فيمن يقول: إن الإخوان اخترقوا صفوف حزب النور في الانتخابات وإن عددًا منهم نزل على قوائم حزب النور؟
- كيف تردون على الحملة المستعرة التي يقودها بعض الإعلاميين؟ وما ردكم على ما عرضه أحمد موسى للدكتور أحمد خليل؟
- كشفت إحدى الفضائيات أيضًا أن المهندس صلاح عبد المعبود كان يردد أن "النور" و"الإخوان" كيان واحد ولا فرق بينهما .. ما تعليقكم على ذلك؟
وكانت مؤسسات الدولة كلها تقوم بنفس المهمة حتى المخابرات العامة تقوم بنفس المهمة، لذلك فإن هذه القضية لا بد أن ينتبه الجميع إليها، لماذا نحن فقط دون غيرنا نُلام على ذلك، مع أن الكل يعلم أن كياننا مختلف تمامًا عن كيان الإخوان؟! لكن عندما كانوا هم في حكم الدولة كنا نحن نريد الحفاظ على الدولة أيًّا كان من يحكمها، تمامًا كما نؤيد الآن الفريق السيسي لرئاسة الجمهورية، وعندما تم انتخابه فنحن نؤيد استمراره لبقاء الدولة، وإن اختلفنا في ممارسات بعض الأجهزة داخل الدولة، لكن لا نقبل هدمها، وهذا ما كان يقوله ويعنيه المهندس صلاح عبد المعبود، وليس أنه يقول: إن هناك اندماجًا في الكيان، وعلى الجميع ألا ينسى ما فعلوه مع الدكتور خالد علم الدين، وهذا موقف واحد يبين أننا لسنا كيانًا واحدًا بالمعنى الذي حاولوا أن يبرزوه، ولكن الإخوان كانوا يديرون الدولة، وكان لابد لنا أن نحافظ على الدولة كما نحافظ عليها الآن مع الفريق السيسي.
- لوحظ على "فيس بوك" أن هناك حملة للتأثير على مرشحي حزب النور حتى تم تشبيه مرشحيه بالبلكيمي وعلي ونيس .. فما تعليقكم على ذلك؟
- بعض وسائل الإعلام تصف أعضاء حزب النور بأنهم نسخة من داعش، وتصفهم بالردة .. كيف تردون على ذلك؟
أما
الفريق الذي يتهمنا بالدواعش؛ فلينظروا ماذا يقول علينا الدواعش أنفسهم؛ حيث إن
داعش يقولون علينا: إننا كفرة ومرتدين ويستبيحون كل من يخالفهم بما فيها جميع
الأحزاب، بل آخر بيانات داعش تؤكد أن جميع الأحزاب التي تشارك في الانتخابات أحزاب
مرتدة وكافرة، والعجيب أن يُقال عنا: دواعش؛ حيث إننا نقول: لا إله إلا الله، وهم
يقولون: لا إله إلا الله إن الحكم إلا لله، وهذا كلام الله في القرآن؛ إذن فكل
المسلمين سيُقال عنهم أنهم دواعش إذا كانت تؤخذ كلمة فيها توافق بحكم الالتزام
بالإسلام يكون كل الناس كذلك، وهذا من التعميم الظالم مثلما تكلمنا عنه في النقطة
السابقة.
- هل ترى أن الغرض من هذه الحملات المستعرة التأثير على أعضاء الحزب في الانتخابات البرلمانية القادمة؟
- بماذا توجه أبناء الحزب والدعوة في هذه المرحلة الفارقة؟
- ما الرسائل التي تودون توجيهها إلى الشعب؟