هل تعلم ان الذكاء قد يسبب مشاكل فى بيئة العمل؟

  • 65
أرشيفية

عندما تقوم بالبحث عن فريق للعمل معك، ينبغي عليك البحث عن الأذكياء أولا، أليس ذلك صحيحاً؟ من الأفضل ألا تتعجل.


يعد الذكاء من أحد الخصائص التي يجب أن يتوفر منها حد أدنى من أجل الدخول إلى مجال العمل. لكن إذا أصبح الذكاء زائدا عن الحد، فإنه قد يصبح عيبا أو أسوأ من ذلك.


فهده شركة إرنون (Ernon) على سبيل المثال، والتي كانت إحدى أشهر شركات التجارة الأمريكية في مجال الطاقة، والتي كان يعرف فريق الإدارة فيها بأنهم "أذكى الأشخاص". لكن انظر كيف انتهى بهم الأمر. لقد وظفت الشركة أفضل الموهوبين لديها لإدارة بعض الأقسام الأكثر ربحية، لكن بدون رقابة تقريبا.


كان المديرون رغم ذكائهم يشكلون مجموعة من المتغطرسين الذين جازفوا وخسروا مليارات الدولارات. كانت النتيجة هي حل الشركة في عام 2001.


من المؤكد أن الوظيفة التي تريد أن يشغلها أحد ستحدث فرقا. نريد بالفعل ذكاء كبيرا لدى الباحثين والمحللين، والمبرمجين الذين نريد توظيفهم، لكن يمكنك أن تجمع هؤلاء في غرفة واحدة، وتتركهم يقومون بأعمالهم.

وإذا كان هؤلاء يفتقدون إلى الذكاء العاطفي، أو مهارات التعامل مع الآخرين، فإن أي ضرر يتسببون فيه سيكون محدوداً، لأن أعمالهم مستقلة.


لكن هل أنا حقا في حاجة إلى العثور على أذكى المديرين.


المشكلة مع الأذكياء
تكمن المشكلة مع الأذكياء في أنهم غالباً ما يتصورون بأنهم يعرفون أكثر من الآخرين. ربما يكون ذلك صحيحا، لكن هذا لا يساعدهم عندما يحاولون إقناع الآخرين بأي من وجهات نظرهم.


فعلى سبيل المثال، كنت أدرب مديرة تنفيذية، وكانت تبدو متقدمة دوماً على أقرانها في فريق العمل. هذا ما كان يتبادر إلى ذهنها، على الأقل. كانت إحدى أكبر التحديات التي تواجهها هي أن تدرك أن المديرين الآخرين لا يرون الأمور بالضرورة كما تراها هي. وهذا يعني أنها كانت تحتاج إلى أن تستثمر بعض الوقت لكي يقفون في صفها إذا ما أرادت أن تقنعهم بشأن أحد مشاريعها المفضلة.


عندما تعرف أنت الجواب الصحيح، فأنت غالبا ما تعتقد أن الآخرين يرون نفس الأمر. لكن لسوء الحظ لا تدار المؤسسات بهذه الطريقة. وعندما تعمل مع زملاء لك ولا تملك سلطة مباشرة عليهم، فإن الطريقة الوحيدة لجذب اهتمامهم نحو آرائك المفضلة هي أن تقنعهم بفكرتك. ولن يكون مفيدا أن تفرض حلولك "الفوقية" عليهم.


ومن المفارقة أن الشخص الأكثر موهبة قد يكون أحياناً أحد المديرين الأقل فعالية.
ويمكنك أن ترى ذلك في مجال الرياضة، على سبيل المثال، إذ غالبا ما يجد كبار النجوم من المتقاعدين مشقة في مجال تدريب أو إدارة الفرق الرياضية بنجاح. ذلك لأنهم يشرفون على أشخاص أدنى منهم مهارة من الذين لم ينعموا بنفس الدرجة من الموهبة الفطرية.
وين غريتسكي، أسطورة الهوكي الكندي الذي تقاعد بعد أن سجل أعلى عدد من الأهداف في تاريخ لعبة الهوكي للمحترفين، لم يكن ذا كفاءة بشكل واضح عندما كان مدربا لإحدى الفرق.
وينطبق الأمر نفسه على مايكل جوردن، الذي كان يعد أعظم لاعب كرة سلة على الإطلاق، والذي لم يستطع مطلقا أن يقود مؤسسة ناجحة لكرة السلة سواء عندما كان مديرا عاما، أو رئيسا أو مالكاً لها.


كما أنني أتذكر الحديث مع مديري شركة "كرييتف تكنولوجي" في سنغافورة بعد أن طرحت شركة آبل جهازها الشهير "آي بود". كان الجهاز المشابه الذي طرحته شركة (كرييتف) ذا تقنيات أكثر تفوقا، لكن الزبائن كانوا يفضلون جهاز آي بود، مما جعل مديري شركة "كرييتف" في حيرة مطلقة.


وقد تبين من ذلك الموقف أن التقنية الأفضل لا تفوز دائما، تماما كما لا ينجح دوما الأناس الأكثر ذكاء.ً


الأكثر لا يعني دائما الأفضل، وهذا لا ينطبق فقط على القدرات العقلية. فعلى سبيل المثال، هل الاستمرار في تخفيض الوقت اللازم لموظفي الخدمات الفنية لمساعدة الزبائن من خلال مراكز الاتصال أمر جيد؟ وماذا عن نوعية النصيحة المقدمة؟ وكيف يلمس العملاء قيمة المشورة المقدمة إليهم؟ وهل فكرة تعظيم الاستفادة من خلال السرعة في الأداء تمثل فكرة رائعة في المقام الأول؟


تقدم شركة "زابوس"- وهي شركة أمريكية لبيع الأحذية عبر الإنترنت- مكافأة للعاملين لديها عند قضائهم أوقات أكثر مع العملاء الذين يتصلون للاستفسار عن المنتجات قبل شراءها من الشركة. وتعد خبرة العميل الذي يُجري الاتصال أكثر أهمية بالنسبة للشركة من أي وسائل أخرى للقياس، والتي قد تتسبب في تراجع الأرباح.


عندما تشجع الشركة العاملين على سرعة التعامل مع العملاء لتلقي أكبر قدر ممكن من الاتصالات، فإن مقولات مثل "العميل أولا" لا تصبح إلا شعارات ساخرة لا تعني شيئاً بالنسبة لموظفي المبيعات.


ربما يكون السعي إلى تحقيق المزيد هو الروح السائدة التي يُعرف بها زماننا اليوم، لكن الجانب السلبي لهذا المنطق أحادي النظرة يدعو إلى مزيد من الانتباه. إن الاعتماد على الأشخاص الأكثر ذكاء والأكثر موهبة لقيادة أو إدارة فرق العمل قد يبدو أفضل من الناحية النظرية مقارنة بالناحية العملية.