شكري يدعو لتطوير آليات الجامعة والارتقاء بالعمل العربي المشترك

  • 51
وزير الخارجية المصري

قال سامح شكرى وزير الخارجية في كلمته اليوم أمام الاجتماع الوزارى لجامعة الدول العربية على مستوى القمة المنعقدة حاليا في نواكشوط ان مصر تشرفت برئاسة الدورة السادسة والعشرين لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة منذ شهر مارس 2015.


وأضاف إنها فترة شهد خلالها المنطقة العربية والعالم كله، تطورات هامة وعميقة سعت مصر معها للدفع بالشواغل العربية فى العديد من القضايا على رأسها القضية الفلسطينية، القضية المحورية الأولى لدى العرب، بالإضافة إلى الأزمات فى سوريا والعراق وليبيا والتى تهدد تطوراتها الاستقرار الإقليمي على المدى المتوسط وربما البعيد، فضلا عن ظواهر اشتدت حدتها ووطأتها على مدى السنوات الخمس الماضية مثل الإرهاب وقضية اللاجئين غير الشرعيين.

ودعا سامح شكري الحضور للوقوف دقيقة صمت على من ذهبوا ضحية لكل هذه الأزمات فى السنوات الماضية، وأوضح أن مصر تحركت مع أشقائها العرب على مدى رئاستها فنجحت فى الحفاظ على صدارة القضية الفلسطينية على الساحة الدولية .كما تفاعلت الجامعة العربية بشكل إيجابي مع كافة المبادرات والتحركات التى قدمت على هذا الصعيد وآخرها المبادرة الفرنسية التى ساهمت لجنة إنهاء الاحتلال التابعة للجامعة فى إثرائها وتوفير الدعم اللازم لها.

وقال أن تحركاتنا للبحث عن حل عادل ينصف إخواننا الفلسطينيين ويعيد الأمل للشعب الفلسطيني عبر تخفيف القيود التى تعرقل سير حياته اليومية بشكل نرفضه جميعا، واتسقت تحركاتنا هذه مع رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي التى عبر عنها فى أسيوط فى شهر مايو الماضي والهادفة إلى إيجاد حل حقيقي لقضية فلسطين.

ولفت سامح شكري إلي أن الأزمة فى سوريا وفى ليبيا واليمن، فضلا عما يعترى العراق من مشكلات عميقة، تعكس ظواهر متشابهة باتت حقبتنا تتسم بها وكلها يرتبط بتراجع دور الدولة لحساب ميليشيات وتنظيمات طائفية أو متطرفة ولاعبين من خارج الأطر الرسمية يتحكم بقرارهم فى غالب الأحيان قوى خارجية تسعى لتوسيع نفوذها على حساب مبادئ السيادة ووحدة أراضي الدول العربية.

وقال سامح شكري إنه دون الدخول فى تفاصيل الحلول المطروحة والتى ساهمت مصر فى الدفع نحوها على مدى رئاستها للقمة العربية، سواء عبر دعم الحل الأممي فى كل من سوريا وليبيا واليمن، أو من خلال الزيارة التى قمت بها مطلع الشهر الجاري إلي العراق، فإن هدفنا بشكل دائم هو دعم منطق الدولة العادلة الجامعة لأبنائها والساعية لتحقيق تطلعاتهم دون تفرقة بينهم على أساس طائفي أو عرقي، فضلا عن مواجهة الإرهاب برص الصفوف وطرح الحلول السياسية إلى جانب الأساليب الأمنية والعسكرية الضرورية لدحر التنظيمات المتطرفة.

ونحن بذلك نسعى لمعالجة ما اقترفته بحقنا قوى خارجية نفذت خططها بدءا بالعراق كما كشفت تقارير لنا فى الأيام الأخيرة، فأضعفت الدولة وقوضتها فى بعض الحالات وفتحت الباب واسعا لمجموعات متطرفة ولقوى تسعى لفرض مفاهيم خطيرة لإدارة المجتمعات.وشدد سامح شكري علي أهمية أن نتكاتف جميعا فى منع انتشار حمى التأزم الإقليمي إلى دول لا تزال تنعم بالاستقرار فى منطقتنا العربية، ومنها لبنان على سبيل المثال، وهو بلد طالما مثل بوتقة للتنوع والتعايش ومر بتجارب قاسية نريد له ألا تتكرر بأي حال من الأحوال.

ودعا شكري الي مساعدة لبنان ودعمه بكافة الوسائل ومنها تشجيع اللبنانيين على حل خلافاتهم بالحوار المعمق واستكمال منظومة المؤسسات الدستورية بانتخاب رئيس للجمهورية منعا لوقوع هذا البلد فى آتون الصراع الإقليمي الذى نريد له التراجع والانحسار.

ونوه سامح شكري إلي أن مصر عملت على استثمار تزامن رئاستها للقمة العربية مع عضويتها فى مجلس الأمن خلال الأشهر السبعة الماضية لطرح القضايا العربية على الأجندة الدولية على النحو الذي يحترم مصالح الشعوب العربية ولا يمضي فى التأثير على مقدرات شعوبنا وفقا لأجندات أخرى لا تحق`ق طموحات وتطلعات تلك الشعوب.

وأضاف إنه تم خلال الرئاسة المصرية للقمة استحداث آلية تعاون وحوار بين مؤسستي جامعة الدول العربية ومجلس الأمن اللذين عقدا اجتماعا مشتركا فى شهر مايو الماضي بهدف توعية مجلس الأمن بأولويات الشعوب العربية وبدقة المرحلة التى تمر بها منطقتنا وحاجتها لحلول حقيقية دون مزيد من التأخير والانتظار.

وقال سامح شكري إنه بات علينا أن نتعامل بفعالية مع تعدد الأزمات المتزامنة والمتشابكة حولنا، فالإرهاب استشرى فى المنطقة والعالم بشكل منقطع النظير وقد شهدنا كيف اتخذ أشكالا واعتمد أساليب لا حدود لوحشيتها كدهس مجموعة من الأبرياء أو إغراق شخص فى الماء أو حتى حرق جسده، وكل ذلك باستخدام اسم الدين الإسلامي الحنيف الذى حث البشر على التعارف والتراحم.

ولا شك أنكم تابعتم خلال رئاسة مصر للقمة العربية مدى الجهد الذى بذلته لاقتراح اعتماد سياسات ومواقف حازمة ومؤثرة تحول دون تفاقم هذه الظاهرة بتدخل ودعم قوى وأطراف إقليمية تصورت أن التطرف ورقة يمكن توظيفها لتحقيق مكاسب سياسية والهيمنة على المنطقة، فارتدت عليهم حتى أصبحت تلك القوى فى عين عاصفة التطرف والإرهاب.

وحذر سامح شكري من أن العمل العربي المشترك، بجوانبه السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، لا يزال دون المستوى الذى نتطلع للوصول إليه، لتحقيق التكامل العربي المطلوب والذى أصبح مسألة حتمية إذا كنا نريد الحفاظ على مصالحنا فى عالم يموج بتطورات سريعة يتعين التعامل معها.

وقال إنه فى هذا السياق، تستمر اجتماعات تطوير جامعة الدول العربية، وأجهزتها، منذ ما يقرب من خمس سنوات، دون التوصل إلى نتائج فعلية وملموسة، تعكس رؤية جديدة لعمل الجامعة فى ظل التحولات والتحديات الداخلية والخارجية التى تشهدها المنطقة العربية فى الفترة الأخيرة; وهو ما يثير القلق حول مستقبل جامعة الدول العربية باعتبارها مظلة العمل العربي المشترك.

وعليه، فلابد من تحقيق التوافق، وتوحيد الرؤى، مع توافر الإرادة السياسية، لتطوير آليات الجامعة، والارتقاء بالعمل العربي المشترك، بما يحقق تطلعات أمتنا العربية.

وأعرب سامح شكري في ختام كلمته عن خالص التهنئة للسيد أحمد أبو الغيط، لتوليه منصب أمين عام جامعة الدول العربية، داعيا الله أن يوفقه ويسدد خطاه فى تحمل المسئوليات الكبيرة الملقاة على عاتقه.كما توجه بخالص الشكر والتقدير للأخوة العرب، وللأمانة العامة لجامعة الدول العربية، على الدعم والتعاون الذى لقيته مصر خلال فترة رئاستها للقمة العربية السادسة والعشرين.

وتوجه بالشكر أيضا إلى الجمهورية الإسلامية الموريتانية الشقيقة على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، وهنأها باستضافة القمة العربية السابعة والعشرين وبتولى رئاستها خلال العام القادم، داعيا الله أن يوفقها، ويعينها على أداء مهمتها بما يحقق صالح أمتنا العربية.