الدعوة السلفية: نبذل جهدًا كبيرًا في محاربة الفكر التكفيري للحفاظ على هوية المجتمع

  • 103
د.ياسر برهامي

الدعوة السلفية تبذل جهدًا كبيرًا في محاربة الفكر التكفيري.. ندوات ومؤتمرات ومعسكرات علمية مكثفة للرد على شبهات التكفيريين وتوضيح ضلالهم
برهامي: حذرنا الإخوان من خطاب العنف على منصة رابعة.. والخطر الحقيقي في تكفير المجتمع
نصر: التجارب التاريخية للتيار الإسلامي تشهد بفشل الصدام المسلح مع الدولة كوسيلة لتغيير المجتمع
الهواري: الدعوة السلفية لديها خبرة كبيرة في مواجهة الفكر التكفيري .. واستطاعت رد الكثير ممن تبنى هذا الفكر إلى المنهج الإسلامي الصحيح

بعد ما عانه المجتمع المصري من ويلات في الثمانينات بسبب موجة التكفير والصدام المسلح مع الشرطة، هدأت الأوضاع لسنوات بعد مراجعات الجماعة الإسلامية التي نبذت فيها العنف وتبنت العمل السياسي بعد ثورة 25 يناير بتأسيس حزب "البناء والتنمية"، إلا أن هذه الموجة بدأت في الظهور من جديد في المجتمع المصري خاصة بعد 30 يونيو الماضي من خلال التصريحات العنيفة التي صرحت بها قيادات جماعة الإخوان المسلمين وحلفائها على منصة رابعة، ثم تطور الوضع إلى عمليات اغتيال أفراد من قوات الجيش والشرطة والتفجيرات التي تبنتها جماعة "أنصار بيت المقدس" في الكثير من المحافظات، خاصة شبه جزيرة سيناء التي تنتشر فيها جماعات التكفير والجهاد؛ مما أثر بالسلب على اقتصاد البلاد، فقد ضعفت السياحة وقلت فرص الاستثمار.

وشعورا منها بهذا الخطر الداهم الذي يهدد الوطن أطلقت الدعوة السلفية حملة واسعة لمحاربة الفكر التكفيري على مرحلتين، الأولى من خلال تعريف أبنائها بهذا الخطر حتى يستطيعوا مواجهته والرد عليه، وتحجيمه من خلال عقد ندوات ومؤتمرات ومعسكرات تثقيفية في جميع مراكز ومحافظات الجمهورية، وبدأت هذه المرحلة بالفعل الأسبوع الماضي، حيث نظمت الدعوة نحو 30 ندوة ومعسكرا ثقافيا مكثفا بمختلف المحافظات.
فيما تشمل المرحلة الثانية من الحملة انتشار أبناء الدعوة في المساجد والمحافل الخاصة والعامة بين المواطنين؛ لتحصينهم من هذا الفكر المنحرف الخطير، وتعليمهم الفكر الوسطي الصحيح من القرآن الكريم والسنة النبوية.

ومن جانبه، قال الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، إننا حذرنا الإخوان المسلمين من خطاب العنف الذي تبنته منصة رابعة بعد عزل الدكتور محمد مرسي، مشيرا إلى أن الإخوان وإن لم يكفروا المخالف صراحة، إلا أن ما تضمنه خطابهم بوصف المخالف لهم بالخيانة والعمالة والنفاق والكفر دفع الكثير إلى القول بأن هؤلاء طواغيت يستحقون القتل ولم يعبئوا بدمائهم، وأكد برهامي أن الخطر الحقيقي يكمن في تكفير مؤسسات الدولة ومن ينتمون لها، بل وتكفير المجتمع بأسره مما يجعل أصحاب هذا الفكر لا يعبئون بالدماء حيث إنها صارت عندهم غير معصومة ومباحة بتكفيرهم لأصحابها.

وأضاف برهامي، أن الأعمال الإجرامية التي تستهدف اغتيال أفراد الجيش والشرطة أو تفجير بعض مؤسساتها لا ترعى حرمة دم ولا مال ولا أمن مواطنين، واصفا إياها بالأعمال الإجرامية التي لا تنبع من دين ولا خلق ولا وطنية، وأوضح أنه لا بد من محاصرة الفكر التكفيري المهدد للاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي في البلاد، وطالب برهامي جميع العلماء بإدانة هذه الأعمال الإجرامية وأمثالها مما يؤدي إلي القتل وسفك الدماء وحرق سيارات الشرطة واستباحة دماء الجنود والضباط وتدمير الممتلكات العامة والخاصة.
وأكد الشيخ عادل نصر، مسئول الدعوة السلفية بقطاع شمال الصعيد، أن التجارب التاريخية للتيار الإسلامي تؤكد فشل استخدام العنف والصدام المسلح في التغيير، وعدم الانجرار وراء العنف والتغيير السلمي هو السبيل الوحيد لحفظ المجتمعات، مستدلا بأحداث 56 والأحداث التي وقعت في الثمانينات في مصر، وتجربة الجزائر، مؤكدا أن كل هذه المواقف التي تخللتها إراقة الدماء وانتهاج العنف أدت إلى مزيد من الخسارة للتيار الإسلامي وأبنائه.

وأشار نصر إلى أن الدعوة السلفية بذلت جهدا كبيرا في مواجهة الفكر التكفيري المنحرف من خلال إدراكها لخطورة انتشاره في المجتمع المصري، مشددا على أن الدعوة السلفية لم تنسَق وراء دعوات تقسيم المجتمع المصري إلى مؤمن وكافر، ولم توظف كغيرها الشعارات الدينية في تحقيق مكاسب سياسية.
وقال الشيخ محمد القاضي، عضو مجلس شورى الدعوة السلفية، إنه لا بد من توضيح خطر وانحراف الفكر التكفيري من خلال نصوص الكتاب والسنة وبيان الآيات والأحاديث التي وردت في التحذير من هذه البدعة المنكرة، وبيان مذهب أهل السنة والجماعة الذي يعد وسطا بين الغلو والجفاء في هذا الباب.

وتابع القاضي، أن كلام العلماء كثر عن الفرق بين النوع والعين، وعدم التكفير بالعموم، وعدم التكفير قبل إقامة الحجة الرسالية التي يكفر مخالفها، مشيرا إلى أنه يجب توافر شروط وانتفاء موانع قبل تكفير المعيَّن إذا كان المناط مكفِرا من قول أو عمل أو اعتقاد، وأوضح القاضي أنه يجب على أهل العلم الاجتهاد في إبراز تلك النصوص والأقوال في مقالاتهم ودروسهم وخطبهم؛ حتى يتضح المقام ويظهر منهج أهل السنة والجماعة بتفاصيله، مطالبا الدعاة المسلمين بالوقوف في وجه مروجي الفكر التكفيري لما له من خطورة وضرر على المجتمع المصري.

وقال الشيخ محمود عبد الحميد، رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية بالإسكندرية، إن الدعوة تواجه الفكر التكفيري من خلال خطب الجمعة والمؤتمرات التي تتناول نشأة هذا الفكر الخطير، والعناصر التي ينبني عليها وتوضيح مخالفتها لصحيح الدين والشريعة والتنبيه على الغلو عند من يتبنون هذا الفكر المنحرف، وأشار عبد الحميد إلى أن الدعوة السلفية تتحدث عن هذه القضية بشمول؛ حيث يشمل الحديث خطر وخطأ التكفير بالمعصية، أو تكفير مؤسسات الدولة من جيش وشرطة وقضاء ومن ينتمون لها، أو تكفير المجتمع بأسره.

وقال الشيخ شريف الهواري، عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية ومسئول المحافظات، إن الدعوة السلفية لديها خبرة كبيرة في مواجهة الفكر التكفيري من خلال ما قامت به من مواجهة له منذ الثمانينات وفي عهد المخلوع، واستطاعت رد الكثير من أتباعه إلى الفكر الإسلامي الصحيح في مسألة الإيمان والكفر.

وعن أسباب تصاعد موجة التكفير في الفترة الراهنة، أوضح الهواري أن بعض المعاملات الأمنية غير المنضبطة والاعتقالات العشوائية للشباب كانت من أبرز أسباب تصاعدها من جديد، وناشد الهواري المؤسسات الدينية كالأزهر الشريف لدوره العظيم، ووزارة الأوقاف لما بين يديها من المنابر، بالتكاتف والتعاون مع الدعوة السلفية للتصدي لهذا الفكر التكفيري العنيف الذي انتشر في البلاد.