عباس شومان: تحميل مناهج الأزهر فاتورة "الإرهاب" ظلم بيِّن ومحض افتراء

  • 312
الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف

استنكر الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، الهجوم على مناهج الأزهر الشريف واعتبارها أنها تصدر الإرهاب، قائلًا: إن تحميل مناهج الأزهر فاتورة التطرف والغلو وما ينشأ عنهما من عنف وإرهاب ظلم بيِّن ومحض افتراء.

وأوضح وكيل الأزهر الشريف في مقالة له نشرت اليوم الجمعة: أنه يحلو لبعض هواة الظهور الإعلامى فى حملة هجومهم على الأزهر ومناهجه حمل بعض كتب لا وجود لها بين أيدى طلابنا اليوم، خاصة بعد تطوير المناهج الشرعية والعربية بأسلوب عرض بسيط ولغة سهلة وموضوعات ملائمة للعصر الحالى دون تجريف للعلم أو تسطيح للعقول. وما يقوم به هؤلاء فى اتهامهم لمناهج الأزهر لا يعدو أن يكون تفسيرًا خاطئًا يتكئون عليه لتبرير أفعال هم على قناعة تامة أن مناهج الأزهر بعيدة عنها كل البعد، أو أنهم يبحثون عن شماعة تعلق عليها أخطاء الآخرين، أو أنهم يريدون بذلك تحقيق مآرب خاصة أخرى!

وتابع: وهؤلاء فضلًا عن أنهم غير مختصين، فإنهم ليسوا هم أنفسهم المكتشفين لما يأخذونه على مناهج الأزهر، وإنما وضع لهم بعض الخبثاء بعض أسطر تحت بعض الجمل التى يطلقونها كالقذائف فى وجه من يبين حقيقة مناهج الأزهر وبراءتها مما يحاولون إلصاقه بها من الضيوف المشاركين، مع الإمعان فى عدم ترك فرصة للضيف المشارك حتى لا يفسد عليهم الصيد السمين! ولذا تظهر تلك العبارات وكأنها السبب المباشر فيما يرتكب من جرائم إرهابية على خلاف الحقيقة والواقع؛ فمناهج الأزهر تعصم عقول دارسيها من الشذوذ الفكرى إفراطًا أو تفريطًا متى كان دارسها ينتمى إلى بيئة طبيعية وليست لديه توجهات أو انتماءات تغذَّى من مورد خاص ببيئته التى ينتمى إليها. أما هذا الذى يعيش فى أسرة لا تعترف بفكر الأزهر ولا عقيدته وإنما دفعت ببعض أولادها لدراسة مناهج الأزهر للحصول على شهادة تكون بمثابة الرخصة لترويج أفكارهم الخاصة اعتمادًا على ثقة الناس فى علماء الأزهر؛ فلن يتغير وإن درس فى الأزهر طوال عمره، بل سيبقى منتميًا سياسيًّا وفكريًّا لبيئته التى يعيش فى كنفها وترسخ فى وجدانه أن دراسته فى الأزهر مبتغاها الشهادة، أما تكوينه الثقافى والفكرى فمصدره الزاوية أو الجحر الذى يسلم فيه عقله قبل أذنيه لشيخه الغامض!

واستطرد: إن تحميل مناهج الأزهر فاتورة التطرف والغلو وما ينشأ عنهما من عنف وإرهاب ظلم بيِّن ومحض افتراء، فطبيعة مناهج الأزهر التعددية فى جميع مراحل التعليم تنير العقول وتقر الحوار وتقبل الاختلاف، ونظرة عامة على محتوى المقررات الأزهرية بداية من المعاهد الأزهرية إلى كليات الجامعة تؤكد ذلك؛ حيث ترى مناهج اللغة العربية حافلة بالمعارك الفكرية بين الكوفيين والبصريين فى النحو مثلًا، وفى أصول الدين يدرس الطلاب الملل والنحل والعقائد المختلفة مع أنهم ينتمون لأهل السنة، وفى التفسير والحديث وغيرهما ما لا يحصى من الأقوال الخلافية التى تعد ثراء فكريًّا يجنيه الدارسون ثقافة تتأصل فى عقولهم، وحدِّث ولا حرج عن خلافيات علماء الأصول والفقه التى يدرسها الطلاب مع ترك الحرية لهم فى اختيار الرأى الراجح من بين أقوال المذاهب المعتمدة ما دام الرأى يستند إلى أدلة نقلية أو عقلية مقبولة، ولا شك أن مناهج تلك طبيعتها يستحيل أن تصنع عقلًا متحجرًا، غير قابل للآخر المختلف فكرًا وثقافة وعقيدة، منتهجًا العنف سلوكًا، مهلكًا لنفسه وغيره!.