القمامة صداع مزمن في رأس الحكومة

  • 163
أرشيفية

 نواب: الشركات الأجنبية فاقمت الأزمة.. والحل في إنشاء شركة مساهمة مصرية

مطالبات لوزير البيئة بالإفصاح الحقيقي عن العقود المعلنة

"الإدارة المحلية": اجتماعات مكثفة للقضاء على الظاهرة.. ونتعهد بإعادة القاهرة إلى جمالها

 

 

أسابيع قليلة وتتضح وجهة شركات النظافة الأجنبية التي غزت مصر في سنة 2002 بعقود بدأت بـ15مليون جنيه في العام الواحد، سرعان ما تخطت تلك المبالغ شيئًا فشيئًا حتى وصلت إلى 2 مليار جنيه خلال العام المالي الحالي.

ووصف مراقبون تلك الشركات بالعابرة للحدود التي لم تقدم أي جديد، بل قضت على الثروة القومية من المخلفات المنزلية، فضلًا عن مساعدتها على نشر نواتج الحرق من انبعاث للغازات والكيماويات.

 وأرجع الخبراء توفير تلك الأموال التي تكبدها المواطنون على إيصالات الكهرباء بدون حق إلى طريقة الجمع والتلاعب من قبل بعض المسئولين، في حين وعد جامعو القمامة بأنهم قادرون على إعادة رونق العاصمة إلى مظهرها الحضاري والجمالي، وتعهد بعض نواب مجلس الشعب بإنشاء شركة مساهمة مصرية على غرار القابضة للمياه بعد اتجاه الحكومة لعدم التجديد بانتهاء العقود بنهاية ديسمبر المقبل. 

في هذا الصدد، اعتبر شحاتة المقدس، نقيب الزبالين، مشروع إنشاء شركة قابضة للقمامة أنه رائع، واصفًا مشروع الفصل من المنبع بالسيناريو المكرر، بل والفاشل؛ نظرًا لانشغال الأسرة المصرية بأعباء ومتطلبات الحياة اليومية؛ مشيرًا إلى أن الفصل من المنبع تم تجربته من قبل أثناء تولي الدكتورة ليلى إسكندر مهام وزارة التطوير الحضاري والعشوائيات، في حقبة المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء السابق؛ وهذه التجربة لم يثبت نجاحها.

 وأضاف المقدس لـ "الفتح"، أن الشركة المساهمة المصرية التي اعتمدها البرلمان تحتاج إلى التمويل المادي حتى لا تكون حبرًا على ورق كما حدث من قبل في قرارات مماثلة؛ منوهًا بأن هناك تنسيقًا واندماجًا تامًا بين جامعي القمامة ومجلس النواب، وكذلك وزير البيئة الدكتور خالد فهمي، الذي كثيرًا ما يستمع إليهم ويأخذ بمقترحاتهم بشأن طريقة التخلص من تلال القمامة في بعض المناطق المزدحمة بالسكان.

ولفت إلى أن القاهرة الكبرى تفرز كل يوم نحو 16 ألف طن قمامة من مخلفات الوحدات السكنية فقط، يخرج منهم 2000 طن من الكادليز والبامبرز والأولويز والجوانتيات، وهي مخلفات قابلة للتدوير، و8 آلاف طن يعاد فرزهم مرة ثانية لانتقاء من يعاد تدويره، و6 ملايين طن تتغذى عليها "الخنازير" لإعادة تنميتها بعد فترة انقطاع دامت لسنوات، ملمحًا إلى أن وزارة الزراعة هي التي تدعمهم في ذلك.

وحول قرب انتهاء موعد عقود شركات النظافة الأجنبية التي تنتهي بنهاية العام الجاري، أوضح نقيب الزبالين بقوله: أبلغنا الحكومة بأن يعطونا التراخيص، فنحن نملك الخبرات الكافية التي ورثناها من الآباء والأجداد، مؤكدًا أن 3 ملايين "زبال" قادورن على نظافة القاهرة الكبرى وإعادتها إلى رونقها الجميل؛ نظرًا لامتلاكنا 3 آلاف سيارة ونحو 7300 شركة تعمل في مجال جمع القمامة وإعادة فرزها وتدويرها، إضافة إلى 7 ملايين عامل موزعون في القاهرة الكبرى وباقي محافظات الجمهورية.

وكشف "المقدس" أن تراكم تلال القمامة وعدم نظافة الشوارع هو الشغل الشاغل أمام حكومة المهندس شريف إسماعيل التي لا تملك "كناسيّن" أو عاملي نظافة بالمستوى الفني أو المهني المطلوب، لافتًا إلى أن الشركات الأجنبية التي استلمت مشروع النظافة في القاهرة الكبرى والإسكندرية قضت على مئات الآلاف من فرص العمل في هذا القطاع، فضلًا عن أنهم يستعينون بجامعي القمامة من الباطن خاصة من يعملون في المدافن أو المحارق الخاصة.

وتواصلنا مع أحد جامعي القمامة المنزلية حيث يقول إبراهيم سيد "زبال"، أعمل في جمع القمامة منذ 25 عامًا، يبدأ التجميع من منطقة وسط البلد ثم تنقل بعربات "كارو" إلى المقلب العمومي في منشأة ناصر، وهناك يقوم فريق آخر بالفرز حيث تجمع كل خامة على حدة.

وأضيف سيد لـ "الفتح"، أنه بعد تجميع الخامات يأتي أصحاب الورش لشرائها، ويتراوح سعر طن البلاستيك ما بين 2500:1800 جنيه، أما الزجاج فيباع بـ150جنيه للطن الواحد، في حين يبلغ طن الصفيح بـ 1000 جنيه، أما الألومنيوم الناتج من  فوارغ "الكانز" فيباع بـ7 آلاف، ويزيد بفارق 500 جنيه في حال السبائك للطن الواحد، وخردة الحديد تأخذه المسابك وأفران الصهر بـ5 آلاف جنيه للطن الواحد، وأخيرًا يباع طن الورق بـ700جنيه.

من جانبها، أكدت الدكتورة شيرين فراج، عضو مجلس النواب، أنها لم تتقدم بطلب لإنشاء شركة قابضة لجمع القمامة، ولم توقع على أي بيان بشأن تلك الشركة؛ مطالبة بمحاسبة المسئولين والمتسببين في توقيع عقود الشركات الأجنبية التي دامت لأكثر من 15عامًا منذ توقيعها في 2002.

وشددت فراج خلال تصريحها لـ "الفتح"، على أن شركات القمامة قامت بأعمال بيئية مخالفة تمامًا؛ فقد أسهمت في نشر التلوث داخل مكبات النفاية، إضافة إلى رفع نسب التلوث في المناطق الملاصقة لأماكن الفرز والتجميع؛ حيث تشير الإحصائيات إلى انتشار الغازات والعناصر الثقيلة مثل الكادميوم والزئبق والزرنيخ ومركبات الحديد، والكبريت والمنجنيز، فضلا عن انبعاث الغازات السامة وهي إحدى أهم أسباب الإصابة بالسرطان.

وأضافت أن فكرة الفصل من المنبع تختلف في الطرح الذي يروج له بعض أعضاء المجلس، فالأولى تشجيع صاحب الوحدة السكنية أو العقار على عمليات الفصل، وإعطاؤه مقابلًا ماديًا، مشيرة إلى أن المشروع يعتمد في المقام الأول على دمج عاملي القمامة وإيجاد فرص عمل لتشغيل الخريجين، حيث يتم تقسيم العاصمة إلى 4 كردونات متخصصة لاستقبال النفايات المنزلية بعد عمليات الفصل التام من المنبع.

 ولفتت البرلمانية إلى أن التدوير الذي يحدث للقمامة في مصر لا يتجاوز 5% فقط، بخلاف عمليات الفصل التي تفرق بين المخلفات الصلبة والسائلة، فضلا عن المواد البلاستيكية والزجاجية وكذلك المعادن، مشددة على أن هذا الطرح تركته الحكومة ولم تأخذ به رغم النجاحات الأولية عقب تنفيذه باعتراف محافظ القاهرة مهندس عاطف عبد الحميد.

ودعت الدكتورة شيرين، وزير البيئة خالد فهمي للحضور أمام مجلس النواب ومساءلته عن الأموال التي تدفع لشركات انتهت عقودها منذ مارس الماضي، مطالبة بعمل لجنة تقصي حقائق بشأن توقيع العقود التي وصلت إلى 2 مليار جنيه خلال موازنة العام المالي الماضي.

من جهته، يرى أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية، أن فكرة إنشاء شركة قابضة للقمامة جاءت بعد دراسات واجتماعات مستفيضة داخل وخارج المجلس، وبالتنسيق التام مع وزارة البيئة ونقابة الزبالين، مؤكدًا أن الشركة ستعمل بالتعاون مع جامعي القمامة على مستوى الجمهورية ولن تسعى لتحقيق الربح أو تسهيل الرشوة أو المحسوبية كما يظن البعض.

وأضاف السجيني في تصريح خاص لـ "الفتح"، أن الحكومة تدرس عدم التجديد لشركات النظافة الأجنبية كونها لم تحقق النتائج المرجوة على أرض الواقع؛ وهو الأمر الذي أدى إلى مخاطبة البرلمان الحكومةَ لإنشاء شركة مساهمة مصرية مهمتها نظافة وتجميل العاصمة الكبرى وباقي محافظات الجمهورية، وستكون على غرار الشركة القابضة للمياه، وجارٍ التنسيق مع الحكومة على ذلك.

يذكر أن الشركات العاملة في مجال النظافة هي (fcc) الأسبانية لنظافة المنطقة الشرقية، و(أما العرب) وهي شركة مصرية إيطالية مسئولة عن المنطقتين الشمالية والغربية، بالإضافة إلى الشركات الوطنية الأخرى وهي المسئولة عن نظافة المنطقة الجنوبية، وتم توقيع العقود مع تلك الشركات عام 2002.