• الرئيسية
  • الأخبار
  • شريف الهواري في حوراه مع "الفتح": تحجيم دور العلماء عن الساحة أدى لتفاقم الشقاق بين الأشقاء

شريف الهواري في حوراه مع "الفتح": تحجيم دور العلماء عن الساحة أدى لتفاقم الشقاق بين الأشقاء

  • 168
محرر الفتح مع الشيخ شريف الهواري

 

الشيخ شريف الهواري عضو مجلس إدراة الدعوة السلفية لـ"الفتح":

الأمة لن تعود إلى مجدها حتى تسلم القيادة إلى القرآن والسنة

"الصوم" مدرسة إيمانية تربوية إصلاحية عظيمة

منتجو "دراما رمضان" أخذوا توكيلًا عن الشيطان لإفساد العباد

تحجيم دور العلماء عن الساحة أدى لتفاقم الشقاق بين الأشقاء

الأدب مع الله ورسوله والعمل الجاد المتميز.. أعظم ثمار الشهر الكريم

تنمية شعور المراقبة للوصول إلى الإحسان من أجمل الغايات

 

 

قال الشيخ شريف الهواري، عضو مجلس إدراة الدعوة السلفية، إن دروس شهر رمضان المبارك كثيرة جدًا، وأهمها تعلم كيفية التأدب مع الله -سبحانه وتعالى- ورسوله الكريم، والإحساس بالمراقبة والعمل بجد وإتقان.

وأكد الهواري، أن رمضان فرصة كبيرة لتصحيح جميع أوضاع الأمة الإسلامية إذا أحسنَّا استغلاله، كما أن العشر الأواخر دورة تدريبية مكثفة للمتميزين.. وإلى نص الحوار:


- ما أكبر الدروس والفوائد المستفادة من صيام شهر رمضان المبارك؟

لا شك أن الصوم مدرسة إيمانية تربوية إصلاحية عظيمة جدًا، كمُّ الدروس والفوائد التي فيه لا تكاد تحصى، لكن من أعظمها أن الصيام يوصل لتقوى الله تبارك وتعالى، وهي الغاية التي من أجلها فرض الله -سبحانه وتعالى- علينا الصيام، كما في قوله تعالى: "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"، لعلكم تتقون: أي لعلكم تحصلّون التقوى من خلال الأداء المتميز، كما بين لكم الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك لو أننا نجحنا في اغتنام رمضان في الوصول لتقوى الله -تبارك وتعالى- لكان هذا طوق نجاة لنا جميعًا، ومخرج آمن لنا كأفراد وأسر ومجتمعات ودولة وأمة، وكانت الحلول العظيمة لكل ما نعاني منه جميعًا.

- هل ترى أن رمضان فرصة، وماذا عن العشر الأواخر من الشهر الفضيل واستغلالها؟

الفرصة لها معنى عندنا في شريعتنا، الفرصة المحفوفة بالمنح والعطايا التي فيها من الله فضل، وإن الله إذا أعطى الفرصة للأفراد وللأسر وللشعوب ولم يغتنموها ولم يوظفوها ولم يرتقوا بها ومن خلالها؛ عوقبوا بالحرمان والخسران، بالمذلة والهوان، وهذا أصل في شريعتنا، فينبغي علينا أن نرتقي لمستوى الفرص، فنحن لا نخلق الفرص، فيجب علينا ألا نضيعها أبدًا؛ لأن فرصة شهر رمضان والعشر الأواخر من أعظم الفرص، في أوقات حرجة وعصيبة تمر بأمتنا في مشارق الأرض ومغاربها، فالكل يعاني من حجم التحديات وحجم المخاطر، والأزمات، وغلاء الأسعار، وحالة الاستقطاب الموجودة، والأفكار المنحرفة الهدامة المنتشرة كفكر التكفير والخوارج والرافضة والملاحدة وغلاة العلمانية والليبرالية وما شابه ذلك؛ فنحتاج في هذه الأيام المباركات أن نغتنم رمضان لنتميز، لنرتقي، وقد بقي لنا القليل منه، وهي فرصة للخروج من كبوتنا مما نعاني مما أثر فينا جميعًا، فرصة لأنها أعظم مدرسة إيمانية تربوية.


إن تنمية شعور المراقبة للوصول إلى الإحسان من أجمل الغايات، وقد اهتمت الشريعة بهذا المعنى، وربى النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه على هذا المعنى، يأتيه رجل ويقول: أي الإيمان أعظم؟ فيقول باختصار شديد جدًا: "أن تعلم أن الله معك حيثما كنت"، الشعور الحقيقي بالأسماء والصفات والتعبد إليه بمقتضاها يُلزم الإنسان أن يستحضر هذه الرقابة الشديدة، ويستصحب هذه الرقابة معه سواء أكان في البيت أو الطريق أو السوق، في السر والعلن، في حالة الرضا والغضب، في السفر والحضر، في كل الأحوال لابد أن يستحضر الإنسان أنه مراقب، هذا الشعور موجود في رمضان، وأعتقد أن عموم المسلمين يجدون شيئًا منه بفطرتهم السوية، حتى العصاة الذين يصومون في رمضان تجدهم يستحضرون هذا المعنى، فلا يقبلون على الطعام والشراب؛ لأن عندهم شعورًا بالمراقبة، فلابد من استثمار هذه الفرصة والارتقاء بهذا الشعور؛ لأن المسلم لا يخرج عن اثنين: إما أن يؤدي الواجبات والحقوق التي كُلف بها كأنه بين يدي المولى عز وجل، وإما أن يؤدي كما في مرتبة الإحسان، ويعلم أن الله يراه، فإن لم تكن الأولى، فكن الثانية، وليس هناك ثالث، إذا وظفنا واستثمرنا هذه الفرصة سنصل إلى معنى تعظيم الله -سبحانه وتعالى- وإجلاله، والأدب مع الحدود والمحارم ومع الشعائر.


- بعد الصيام والقيام طوال هذا الشهر المبارك، ما هي أهم الأمور التي نرجو أن تكون قد ترسخت في النفوس؟

من أهم الأمور التي يجب أن تترسخ، الأدب مع الله عز وجل، واستحضار معاني المراقبة التي كنا نستشعرها في رمضان، والأداء المميز، وكأننا في مقام الإحسان كما كنا في رمضان، هذه المعاني تعطي الأدب مع الله -عز وجل- مع حدوده ومحارمه، مع شعائره، مع أوامره ونواهيه، هذه كلها من المعاني الراقية جدًا مع الله، فلو خرجنا من رمضان بهذه الثمرة لكانت المثالية، ولكان التميز وأداء الواجبات، وأداء الحقوق من هذا المنطلق.


والأدب مع الله -عز وجل- ورسوله -صلى الله عليه وسلم- من أهم الثمرات التي لابد وأن يخرج بها العبد من هذا الشهر المبارك.


- كيف ترى دراما رمضان وما فيها من سموم؟

الحمد لله قد منَّ الله عليّ بعدم رؤيتها تمامًا، ولا يجوز لي ولا لغيري أن يراها أصلًا، ولكن عهد على هؤلاء الذين يأبون إلا أن يقوموا بدور الشيطان على أكمل وجه، ومع ذلك فإن الشيطان سُلسلَ كما بشرنا الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو لا يصل إلينا في رمضان كما كان يصل إلينا من ذي قبل أو بعد الشهر المبارك، فهؤلاء قد أخذوا توكيلًا رسميًا عامًا عنه، ويقومون بدوره على أكمل وجه في إفساد الصيام على الناس، وتضييع فرص الاستفادة منه.


هؤلاء في الحقيقة -هداهم الله- من أسباب الفساد والأزمات والغلاء، وما تعانيه الدولة على جميع مستوياتها إنما هو من أهل هذا القطاع وهذا المجال من الذين لهم ما لهم من إشغال الناس على حساب صيامهم وأوقاتهم، وفي الحقيقة هذا فساد عظيم، ندعو الله -عز وجل- أن يتوب عليهم.


هم ينفقون المليارات على هذه البرامج وأخواتها المحلية والدولية، والكل يهدف إلى المشاهد المسكين بأن يتخطف ويدخل في نطاق هؤلاء وهؤلاء، وندعو الله لهم أن يتوبوا، ونقول للناس مذكرين لهم بأمر الله –تعالى- حينما أورد سبحانه قائلًا: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا}، إن الله -عز وجل- يريد أن يتوب علينا بمثل هذه الطاعات والقربات في مواسم الخير هذه، وهم يريدونا أن نتبع الشهوات والمسلسلات والوقفات الدرامية، ونقول لهؤلاء هداكم الله عز وجل، أنتم بذلك تقومون بدور الشيطان، ورضيتم لأنفسكم أن تكونوا أعوانًا له في غايات المسلمين وإفساد صيامهم.


- أصبحنا في العشر الأواخر؛ بما تنصح لاستغلال الأيام المتبقية من رمضان؟

قد انفرط عقد رمضان، وصدق الله حيث قال: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ}، ولكن الأمل فيمن فرط فيما مضى أن ما بقي -إن شاء الله- هو الأحسن والأجمع والأنفع بعون الله تعالى، بمعنى أن العشر الأواخر زبدة رمضان، فإن كان رمضان مدرسة إيمانية تربوية إصلاحية، فالعشر الأواخر دورة تدريبية مكثفة داخل المدرسة للمميزين، لمن أحسنوا في العشرين الأولى، هؤلاء يدخلون دورة تدريبية مكثفة، انقطاع تام وكامل، إذا كانت الظروف تسمح لهم بذلك، يعني ظروف العمل والأعباء والمسئوليات، فلا يضيع أحد على نفسه فرصة ثمينة كهذه، وأن يعتكف لكي يتحرى ليلة القدر التي هي خير من 1000 شهر، أي باختصار شديد جدًا لمن وفق لليلة القدر يعدل عبادة أكثر من 83 سنة كاملة بصيامها وقيامها، فنقول للناس: فرصة، والفرصة ما زالت سانحة ولا نريد أن نبكي على الوقت الضائع فهذا تضييع للوقت الحاضر.


ما مضى انتهى وقدر الله وما شاء فعل، لكن نعقد العزم ونقبل على الله ونقول للناس: "إن تصدقوا الله يصدقكم"، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: "ومن يتحرى الخير يُعطه"، فتحروا ليلة القدر واجتهدوا في الليالي الوترية على أقل تقدير، إن لم توفقوا للعشر كاملة، عسى الله -تبارك وتعالى- أن يمن عليكم بإدراك هذه الليلة المباركة فتنعمون في الدنيا والآخرة.


- أيام قليلة ونصبح في العيد، فهل من كلمة توجهها لقرائنا؟

العيد فرحة، وإن كنا نتألم لما يجري للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها من معاناة، خصوصا أهل السنة في سوريا والعراق واليمن وبورما وكشمير وفلسطين وغيرها، وما يخططه الباطل في تفتيت بلاد المسلمين وإحداث انشقاقات وخلافات فيما بينها.


 نتمنى أن يكون العيد فرحة تجمعنا وتقوينا على أداء دورنا بالعودة إلى الله تبارك وتعالى، ونذكر الناس أن العيد ليس رخصة للفساد والمعصية أو التفريط، لكن بأن نفرح بالمباح وعدم الخروج عن ضوابط الشريعة وتوجيهاتها الغراء، وقد بقيت معانٍ مهمة جدًا لابد أن أذكر نفسي وإخواني بها، وهي تتمثل في السؤال: ماذا بعد العيد؟ إن العيد سيمر في يوم أو اثنين أو ثلاثة، ولكن وماذا بعد العيد، هل سنستمر؟، هل سنواصل العمل بنفس العمل؟، وبنحو شخصية رمضان التي تلذذنا معها وعشنا معها، هل سنصطحب الصيام والقيام ونُقبل على القرآن وسائر الطاعات والقربات التي كنا نؤدي أم ماذا؟!

نتمنى أن يرتقي الناس إلى مثل هذا المستوى من العبادة التي كانت في رمضان، وندعو الله أن يكون لنا نافع جميعًا.


- كيف تعود الأمة إلى مكانتها؟

تعود الأمة إلى مكانتها حينما تعود إلى ربها، حينما تسلم القيادة إلى منهجها لكتاب ربها ولسنة نبيها صلى الله عليه وسلم، إن هي فعلت ذلك عادت، وإن استمرت تجرب مناهج البشر وتشرِّق وتغرِّب فلن تعود على حالتها هذه، بل الذي نخشى منه أن يؤتى بغيرنا ويعود بالأمة إلى سابق عهدها ومكانتها؛ لأن الله –تعالى- أخبرنا أن هذا الدين سيسود ويقود، وأن الأمة ستعود، لكن بأمثالنا المنهزمين نفسيًا والمحبطين الذين تركوا المنهج وقلدوا الشرق والغرب، وابتدعوا واستحسنوا وصنعوا ما لايرضي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؟!، لا والله أبدًا، الأمة ستعود حينما تسلم القيادة للقرآن ولسنة النبي صلى الله عليه وسلم، حينما يكون التوجيه الحقيقي في أيدي العلماء الربانيين الذين يرسمون السير بالأمة في طريق ربها سبحانه وتعالى.

 

- كثر الشقاق بين الأشقاء والإخوة في الدين بين البلدان فما تعقيبك؟

إنما هذا لغياب تفعيل الدور الحقيقي للعلماء الذين يقودون الناس ليحجموا الخلاف، وليؤصل كل منا ما له وما عليه، ولما غاب من يقوم بهذا الدور تصدر رءوس جهال، وازداد الخلاف شرًا، وزاد الناس بعدًا ونفورًا بعضهم من بعض، وصدق الله إذ يقول: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ}، فقدرة العلماء في مثل هذه الأجواء عظيمة جدًا في قَوْد الأمة وتوجيهها حتى لا يتضخم الخلاف ويؤدي إلى قطيعة وفرقة وتشرذم.


ما هو أهم شيء تحتاجه الأمة الإسلامية في هذا التوقيت؟

تحتاج إلى ربط الأرض بالسماء، ربط القلوب بخالقها، تحتاج إلى العود الحميد إلى ربها تبارك وتعالى، تحتاج إلى أن تسلم نفسها إلى منهج خالقها سبحانه وتعالى؛ هذا أعظم ما نحتاجه الآن؛ فالأمة لا ينقصها أموال أو ثروات طبيعية، ولا ينقصها مواقع متميزة أو كثرة عدد، إنما ينقصها أن تجتمع على المنهج الذي سيوحد الصفوف والتوجيهات والإمكانيات، وتوظيفها التوظيف الصحيح.



- كيف يحافظ المسلم على صيامه وقيامه بعد رمضان؟

بأن يستحضر أن رمضان ما فُرض عليه إلا ليزكي، ويروض ويربط بالطاعات والقربات ليستمر ويواصل؛ فرب رمضان هو رب شوال وسائر الأشهر والأيام والليالي، فقضية التعبد في رمضان فقط ثم الانسلاخ من أداء العبودية والتفريط الشديد الذي يظهر عليه الكثير من الناس بعد رمضان، تدل على عدم فهم حقيقة الشهر الكريم، إنما رمضان كمحطة للتزود بالوقود والطاقة حتى نستمر طوال الحول حتى نلقى الله تبارك وتعالى.



نرى في كل مكان من الدنيا إما مسلم مهان أو مقتول، أو مسلمة ينتهك عرضها أو طفل مشرد، لمَ وصلنا إلى هذا الحال، وما الحل؟

وصلت الأمة إلى هذا الحال لما وقعت فيه من بُعدها عن منهجها وكتابها ونبيها صلى الله عليه وسلم، وبسبب بعدها عن أهل العلم العاملين الثقات، من اعتمادها على مناهج الغرب والشرق التي لا تفرق ولا تجمع؛ لذلك الحل الأمثل هو في العود الحميد للمنهج، وتسليم القيادة لأهل العلم الثقات.


هل من كلمة توجهها إلى شباب الأمة؟

يا شباب: أنتم في معترك خطير، والشيطان يستهدفكم ويعمل على غوايتكم وإضلالكم وإفسادكم؛ لأنه فقيه في الشر ويعلم أن مستقبل الأمة إنما هو في يد شبابها؛ لذلك فإبليس وأعوانه من الإنس يحرصون على غواية الشباب وهدمهم وربطهم بالفن والموضة واللعب والسمر، وإشغالهم بحوارات تافهة ومعارك وهمية لا طائل من ورائها؛ فأنصح الشباب أن يفيقوا من غفلتهم ويعودوا إلى رشدهم، وأن يهتموا بأنفسهم لأنهم في حرب شرسة، والشيطان يحاول جاهدًا أن يوقعهم فيما لا يحمد عقباه؛ ولذلك نقول: الأمل في الله عزوجل، ثم في الشباب إذا أفاق لنفسه وعمل بمرضاة ربه سيتمكن -إن شاء الله- من مجاوزة هذا المعترك.