• الرئيسية
  • الأخبار
  • علماء تونس ردًا على "السبسي": كلامك مخالف لشرع الله.. وندعوك للتراجع وحماية الدين

علماء تونس ردًا على "السبسي": كلامك مخالف لشرع الله.. وندعوك للتراجع وحماية الدين

  • 242
الباجي قائد السبسي، رئيس دولة تونس

على خلاف موقف مفتى الجمهورية التونسى الحالى الشيخ عثمان بطيخ، طالب 24 عالم دين وشيوخ وأساتذة جامعيين بالزيتونة وأكاديميون مختصون بالشريعة فى تونس فى بيان مشترك أطلقوه أمس، الرئيس التونسى الباجى قايد السبسى بالتراجع عن دعوته للمساواة فى الميراث بين الرجل والمرأة، وطلبه من الحكومة إلغاء مرسوم وزارى يعود الى السبعينيات يحظر تسجيل الدولة للزواج بين المسلمة وغير المسلم.

 وجاء البيان كالتالي:

أمّا بعد، فنحن الممضين أسفله: علماء ومشايخ الزيتونة ودكاترة في الشريعة بتونس، نتوجّه بهذا الردّ العلمي لإنارة الرأي العام وبيان الحق في شأن ما جاء في خطاب السيد رئيس الجمهوريّة التونسية الأخير.

حيث دعا السيد رئيس الدولة إلى إلغاء المنشور (73) الذي يمنع زواج التونسية بغير المسلم، بدعوى "تسوية الوضعية القانونية للكثير من التونسيّات اللاتي تتجه إرادتهن للزواج بأجانب".

كما دعا الرئيس إلى المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة  على "قاعدة التناصف"، مضيفا أن "ذلك لا يُعدّ مخالفا للدين، بدعوى أن الإرث ليس مسألة دينية في الإسلام وإنما يتعلّق بالبشر”، وأن الله ورسوله تركا المسألة للبشر للتصرّف فيها".

وتابع البيان: وأمام هذه الدعوات الخطيرة المخالفة لديننا الحنيف، وما ينتج عنها من تفريق المجتمع، فإننا نُعلنُ التالي:

1- إنّ ما جاء في كلام السيد رئيس الجمهورية يعد طعنا صريحا في ثوابت الدين الذي نتشرّف بالانتماء إليه، وقد أكّد الدستور التونسي على أصالة هذا الانتماء، سواءً في توطئته القائلة : "وتعبيرا عن تمسّك شعبنا بتعاليم الإسلام"، أو في فصله الأول الذي نصّٓ صراحة على أن "دين الدولة : الإسلام"، وبيّن في فصله السادس أن "الدولة راعية للدين، وتلتزم بحماية المقدّسات".

2- يحتوي دين الإسلام في شريعته على ( ثوابت ) بينة وقطعية ومجمع عليها لا مجال لتبديلها، و(متغيّرات ) يمكن للمتخصصين من العلماء الاجتهاد فيها. ومن هذه ( الثوابت): ( أحكام المواريث ) التي تكفّل الله سبحانه بتفصيلها وبيانها في كتابه العزيز، ولم يدع أمرها لأحد من البشر، بخلاف بعض مسائل الدين، فقد قال جلّ شأنه – في آية مُحكمة قطعية الدلالة : (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ) [النساء : 11] وفي بيان عظمة هذه الآية يقول الإمام أبو بكر ابن العربي المالكي في أحكامه 1-429 : "اعلموا أن هذه الآية : رُكنٌ من أركان الدين، وعمدة من عُمد الأحكام، وأمٌّ من أمّهات الآيات ". ونُذكّر بأنّ توريث المرأة على النصف من الرجل ليس على إطلاقه، وليست قاعدة مطّردة في كل الحالات. لأن شريعة الإسلام عادلة في تقسيم التركات، ولا تُحابي جنسًا على جنس. حيث يوجد أكثر من ثلاثين حالة ترث فيها المرأة مثل الرجل، وأكثر منه، أو ترث هي ولا يرث معها الرجل شيئا. في مقابل أربع حالات فقط ترث فيها المرأة نصف الرجل، وذلك لاعتبارات معروفة تقوم أساسا على درجة القرابة، وموقع الجيل الوارث، وأعباء تكليف الرجل بجملة من النفقات، التي تمّ إعفاء المرأة منها حتى وإن كانت ثريّة. فهذا تقسيم ربّاني للتركات وكله حكمة وعدل ورحمة لكلا الجنسين. وقد أمرنا النبي صلّى الله عليه وسلم بالتزام أحكام القرآن في هذه المواريث بقوله، كما في صحيح مسلم : "اقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله". وحذّرنا ربّنا سبحانه في ختام آياتها من مخالفة شرعه قائلا : ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ – وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ  ) [النساء: 13-14].

3- أمّا زواج المسلمة بغير المسلم فهو مُحرّمٌ بالكتاب والسنة والإجماع، وارتباطها به يُعتبرُ زواجا باطلا، ويجبُ التفريق بينهما لقول الله عزّ وجلّ : (وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوا) [البقرة. 221] ، وقال الحق تعالى في بيان عدم حلّ نساء المسلمين للكفّار : لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) [الممتحنة: 10] . قال الإمام القرطبي المالكي في كتابه الجامع 17-4 :" وأجمعت الأمة على أن المشرك لا يطأ المؤمنة بوجه، لما في ذلك من الغضاضة على الإسلام". وقد نص الفقه الإسلامي على أن المرأة المسلمة إذا ارتبطت برجل كافر فعليها أن تعقد عقدا جديدا إذا أسلم؛ لأن العقد الأول باطل.

وفي الفتاوى التونسية 2-926، أجاب مشايخ الزيتونة سنة 1950 عن حادثة زواج فتاة تونسية برجل غير مسلم، بالقول :"هذا الزواج باطل بطلانا أصليا في الشريعة الإسلامية، ولا ينبغي أن يُطلق عليه اسم الزواج، بل هو سفاحٌ مٓحْض، لأن أئمة المسلمين قد أجمعوا مِن عهد الصحابة إلى اليوم على أن من شروط صحة عقد النكاح أن يكون الزوج مسلما.

 

5- نستنكر بشدّة التهميش المتعمّد للمؤسسات الدينية، حتى أصابها الشّلل، ونرفض بقوة موقف مفتي الجمهورية التونسية السيد عثمان بطيخ الذي تراجع فيه عن فتواه الصادرة في شهر جوان من السنة الماضية 2016، التي حرّم فيها المساواة في الميراث قائلا : "لا يجوز الاجتهاد في هذه المسألة ، لأن النص القرآني صريح في ذلك وحسم فيها "، وأوصى بعدم الخوض في هذا الموضوع لأنه "سيفتح المجال للمتطرفين لاستغلاله ضد تونس بدعوى أنها خارجة عن شرع الله، والبلاد في حاجة إلى التهدئة" ! فلا ندري هل تغيّر النص القرآني في عقل المفتي هذا العام، ولم يٓعُدْ بلدنا العزيز في حاجة إلى التهدئة والاستقرار، أم ماذا ؟ !

6- ندعو كافة الشعب التونسي والمرأة بالخصوص إلى الحفاظ على أحكام الإسلام والاعتزاز بها، ومنها أحكام المواريث والأسرة والزواج، وأن يكونوا على ثقة في رسوخ الدين في وجدان الشعب التونسي واعتقاده وسلوكه، وعليهم أن يضاعفوا أثر الانتساب إلى الإسلام في تعزيز الوحدة المجتمعية والسيادة الوطنية والأمن القومي وازدهار البلاد واستقرارها.

واختتم:  ندعو السيد رئيس الجمهورية المسؤول الأول عن رعاية الدين وحماية المقدسات إلى التراجع عن هذه الدعوة الخطيرة لتغيير أحكام الميراث القرآنية وإباحة زواج المرأة التونسية بغير المسلم؛ لمخالفة ذلك لشرع الله تعالى مخالفة صريحة، ومصادمته للدستور التونسي في فصله الأول بالخصوص، الذي ينص على أن دين الدولة هو الإسلام.