• الرئيسية
  • الأخبار
  • بعد إحصائيات كارثية.. نفتح الملف الشائك.. من المسؤل عن تجفيف منابع التعليم الأزهري؟ "ملف"

بعد إحصائيات كارثية.. نفتح الملف الشائك.. من المسؤل عن تجفيف منابع التعليم الأزهري؟ "ملف"

  • 507
أرشيفية

المسكوت عنه في ملف التعليم الأزهري

إحصاءات كارثية.. غلق عشرات المعاهد وآلاف الطلاب حولوا أوراقهم إلى التعليم العام

البيروقراطية أضاعت على الكثيرين فرصة الالتحاق بالمؤسسة العريقة

الآلة الإعلامية صبت جام غضبها لتشويه المناهج الأزهرية

لجان الإصلاح والتطوير أنهت 90 % في كافة المراحل الدراسية

أستاذ جامعي: محاولة لتجفيف منابع الأزهر


"محاولات لتجفيف منابع الأزهر الشريف" بهذه العبارة بدأ الدكتور محمود عبد المنعم، أستاذ التفسير بجامعة الأزهر الشريف تعليقه على ازدياد أعداد الطلاب المُحولّين من الأزهر إلى التعليم العام، مشيرًا إلى أنها خُطة للقضاء على التعليم الأزهري، على حد قوله.

إحصائيات مُثيرة وأرقام كارثية لأعداد الطلاب المُحولّين من الأزهر إلى التعليم العام بمُختلف أقسامه، تجاوزت عشرات الآلاف سنويًا، فضلا عن تحويل العديد من المعاهد.

اتهامات عديدة من البعض للأزهر الشريف تزعُم أحيانًا اتهامه بالتطرف والعنف، وفي بعض الأحيان اتهام مناهجه بالتضخم وعدم التحديث المستمر، وعدم مراعاة الفروق الفردية لطلابه؛ الأمر الذي استنكره المُنصفون من المتخصصين بجامعة الأزهر والجامعات العامة.

من جهته، باحث ماجستير في رسالته التي نوقشت خلال العام الجاري، بكلية التربية بجامعة الأزهر، بعنوان "الآثار السلبية للتحويل من الأزهر إلى التربية والتعليم"، أن أكثر من  75 ألف طالب تحولوا في عام 2015 من الأزهر إلى التعليم العام، وفي عام 2016 تجاوز العدد  87 ألف طالب.

وفي رسالة ماجستير عام 2015، بجامعة القاهرة، بعنوان "عوامل تحوّل طلاب التعليم الأزهري إلى مدارس التعليم العام"، بكلية الدراسات العليا للتربية، أكد الباحث إغلاق أكثر من 33 معهدًا أزهريًا على مستوى الجمهورية، وتحويلها لمدارس نموذجية، وذلك حتى عام 2015.

وللوقوف على أسباب المشكلة، أجرت جريدة "الفتح" لقاء مع عميد أحد أكبرالمعاهد الأزهرية التي سيتم تحويلها لمعهد نموذجي بمحافظة أسيوط، وأكد عميد المعهد أن عملية التحويل من التعليم الأزهري للعام كثيرة بالفعل، مشيرًا إلى وجود بعض الأخطاء في الأزهر تحتاج إلى تصحيح ومراعاة.


وأضاف العميد الذي فضل عدم ذكر اسمه لـ "الفتح"، أن الأزهر به بعض المشاكل الإدارية، على سبيل المثال ففي كل سنة قرارات إدارية جديدة تعرقل العملية التعليمية.

وتابع: كذلك بالنسبة للكتب الدراسية، هناك قرار بألا تشترى من الخارج، ولابد من الانتظار حتى ترسل بشكل مركزي؛ مما يؤخر الدراسة أحيانًا، مشيرًا إلى وجود بعض البيروقراطية في التعامل بالشكل المركزي في تصحيح الامتحانات مثلًا، وكذا إعلان النتيجة، وغير ذلك.

وأوضح عميد المعهد أنه حاليًا سيصفي معهده الأزهري رغم كبر حجمه ومساحته، وتحويله لمدرسة نموذجية تابعة للتربية والتعليم، مضيفًا: "خلال اتصال هاتفي لي بأحد المسئولين بالمنطقة الأزهرية أكد لي أن معهدنا هو المعهد الخامس خلال هذا العام، الذي يتم تحويله من أزهري إلى نموذجي عام".

من جانبه، قال الدكتور محمود عبد المنعم، أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر: "من المعروف أن الأزهر هو المؤسسة العريقة القوية في هذا العصر، وفي مصر خاصة؛ لذلك فالسهام موجهة تجاه الأزهر للقضاء عليه".

وأضاف عبد المنعم لـ "الفتح" أن ظاهرة العزوف عن الأزهر تعد حلقة ضمن سلسلة حلقات غرضها هدم الأزهر، نسأل الله ألا يحدث ذلك، مضيفًا: أمّا شُبهة كثرة المواد، فأقول: حتى ولو قبل تعديل المناهج، فالمواد معقولة ومناسبة، فرغم أنني كفيف البصر، إلا أنني تجاوزت ذلك، ودرست في الأزهر بتفوق، والآن أنا أستاذ بالجامعة، فما المشكلة في المناهج؟

وأردف: كلية الطب بها مواد كثيرة وعملية وتحتاج لمجهود كبير، وكذلك كلية الصيدلة والهندسة وغيرها، فلماذا لا ينصرف الناس عنها؟ بل هي كليات القمة كما يسمونها، ومع ذلك يتم مواصلة الليل والنهار للمذاكرة بها.

وأكد أستاذ علوم القرآن بجامعة الأزهر أنها حملة إعلامية مسعورة، الغرض منها القضاء على الأزهر، عن طريق تجفيف منابعه، مضيفًا: عندما التحقتُ بالتدريس في الجامعة، كنتُ أدرّس في المدرج الواحد لـ 2000 طالب وأكثر من ذلك بكثير، والآن أجد في المدرج 50 طالبًا أو 60 طالبًا على الأكثر، ولو في سنوات مجموعة أو الشعبة العامة قد يصل 200 طالب أو 300 طالب فقط على الأكثر.

وأردف: هذه طريقة للقضاء على الأزهر وتقليل أعداد الملتحقين به؛ وبالتالي إغلاق المعاهد، والحرب والتضييق على معاهد القراءات واضحة جدًا، فضلا عن العراقيل التي يضعها الموظفون أحيانًا، فبعض أولياء الأمور يريدون أن يحول أبناؤهم من التعليم العام إلى الأزهر، فيعرقلونهم في إجراءاتهم؛ وبالتالي ينصرف أولياء الأمور عن ذلك لا سيما مع الحملات الإعلامية المسعورة ضد الأزهر.

وعن مزايا الأزهر، أكد الدكتور محمود عبد المنعم أنها كثيرة: منها تعلّم الدين، وكذا عدم الاختلاط الذي يُسفر عن كثير من الفتن، والأضرار المجتمعية التي أبرزها ما يحدث في الجامعات العامة، مثل ظاهرة الزواج العرفي، والتحرش التي تزداد بنسب كبيرة فيها، في حين تنعدم في جامعة الأزهر.

وشدد على أن الحرب على الأزهر حرب على الإسلام في الحقيقة؛ لأنها مؤسسة عريقة تمثل الإسلام، فإذا تم القضاء على الأزهر، أو إضعافه، فإن ذلك من وجهة نظر أعداء الدين مكسبًا كبيرًا، والناظر إلى تاريخ الأزهر يرى كيف كان يقف أمام الحملات المسعورة ضد الإسلام، وكيف كان يتصدى للحملات الصليبية وغيرها، وخلال الأيام الفائتة وقف الأزهر للرد على رئيس تونس، والعديد من المواقف المشرفة للدفاع عن الإسلام.

وعن المناهج الأزهرية، قال أستاذ التفسير: إن مناهج الأزهر تم تخفيفها، فبدلا من أن مادة الحديث كانت وحدها، وكذا السيرة، والتوحيد، والحديث، جمعت كل هذه المواد في كتاب صغير جدًا اسمه "أصول الدين".

واختتم: أناشد الموظفين ألا يعطلوا أبناءنا في الالتحاق بالأزهر، يَسروا ولا تعسروا، لا تتعسفوا في الإجراءات، دعوا الناس تتعلم دين الله، وأقول لكل موظف: اعلم أنك إذا عطلت طالبًا عن الالتحاق بالأزهر قد تكون سببًا في الصد عن دين الله وأنت لا تدري.


بدوره استنكر الدكتور سيد مرعي، أستاذ المناهج وطرق التدريس بكلية التربية بجامعة الأزهر بالقاهرة، دعوات التحريض على مناهج الأزهر الشريف وجامعته.

وأضاف مرعي لـ "الفتح" أن المناهج الأزهرية ليس بها أي ثقل، لكن قد تحتاج إعادة عرض في بعض الأحيان، وهذا يحدث حاليًا في الأزهر الشريف بمختلف مراحله.

وعن الدعوات المهاجمة للأزهر ومناهجة، قال أستاذ المناهج: إن هذه الدعوات خلفها أسباب مُغرضة، فالأزهر مؤسسة إسلامية وسطية يعمل البعض على إفسادها، وآخرون يريدون تحويل المناهج الأزهرية إلى مناهج علمانية، مضيفًا: مزايا المناهج الأزهرية كثيرة وواضحة لكل منصف.

في السياق ذاته، قال الدكتور أحمد محمد عبيد، عضو معاون هيئة التدريس بجامعة الأزهر: إن الواقع الذي نحياه يشهد حربًا ضروسًا ضد الأزهر ومؤسساته، والمتأمل في هذا الشأن يجد أنها حرب ممنهجة لدحر الأزهر في ديار المسلمين، وسلبًا لدوره المنوط به في تبصير الناس بالحق وتحذيرهم من الباطل.

وأضاف عبيد لـ "الفتح"، أن هذه الآونة تشهد أمورًا يندى لها الجبين، ويشيب لهولها الولدان، ألا وهي تحذير الناس من الأزهر والالتحاق بمؤسساته، فتارة يروجون أنه راعٍ للإرهاب، وأخرى يزعمون صعوبة مناهجه سواء في معاهده أو جامعته بفروعها المختلفة، وتارة يتهمونه بالفساد وغيره، وكأن جميع المؤسسات والجامعات في الدولة خلت من الفساد إلا الأزهر!

وأكد أن هذه الحرب على الأزهر تسببت في إحجام كثير من أولياء الأمور عن إلحاق أبنائهم بالمعاهد الأزهرية، بل وذهب البعض لتحويل أولادهم من التعليم الأزهري إلى التعليم العام؛ مما أدى إلى ظاهرة خطيرة سيدفع ثمنها المجتمع، ألا وهي غلق المعاهد الأزهرية.

وتابع: أرى من وجهة نظري أن ما يحدث للأزهر من انخفاض لعدد أبنائه وغلق الكثير من معاهده سيتسبب في تجفيف منابع جامعته ومؤسساته، وهذا يكمن في الحرب الإعلامية التي صبت جام غضبها على الأزهر ومناهجه، وفي الجانب الآخر يتجاهل صور السقوط والانحلال  في المجتمع.

وأشار إلى أنه يرى أن الدولة مُقصرة في حق الأزهر؛ لأنها لا تقوم بدورها في وضع الأزهر بمكانته التي تليق به، وعدم وقفها للأبواق التي تُشوه الأزهر.

من جانبه، أكد مصدر مسئول بالأزهر الشريف، فضل عدم ذكر اسمه، أن تطوير التعليم بالأزهر الشريف يستلزم تضافر جهود جميع أبناء الأزهر المخلصين، كلٌّ في موقعه لتبني مفهوم الإصلاح المتمركز حول المعهد، وتطوير مُخرجات العملية التعليمية، وتحسين مؤشرات الأداء لجميع العاملين في منظومة التعليم قبل الجامعي، وإكساب التعليم الأزهري ثقة المجتمع محليًا وعالميًا؛ مسايرةً للتطور الذي يعيشه العالم في هذه الآونة مع الحفاظ على هويته الأزهرية بمنهجه الوسطي المعتدل.

وأضاف المصدر لـ "الفتح" أن الأزهر الشريف عقد في الآونة الأخيرة العديد من المراجعات للمناهج الدراسية، حيث تم دمج بعض المواد الشرعية مثل التوحيد والسيرة والحديث والتفسير وغيرها في كتاب واحد تحت مسمى (أصول الدين)، وكذلك المواد العربية مثل النحو والصرف والمطالعة في كتاب واحد تحت مسمى (اللغة العربية).

ولفت إلى أن الأزهر أعد خطة مستقبلية تخدم كل أطراف العملية التعليمية كما يلي: أولًا: مشروعات لرفع كفاءة المتعلم وتتضمن تحسين مهارات القراءة والكتابة، والذكاءات المتعددة، والمسابقات الدولية، ثانيًا: مشروعات لرفع كفاءة المعلم وتتضمن المنافسة بين أعضاء هيئة التعليم، وتحسين جودة التدريب وتأهيل المدربين، ونشر ثقافة الجودة وتأهيل المراجعين، ونشر ثقافة التدريب.

قال نصر أحمد مهدي، عضو الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد: "‏نحن في مجتمع واحد وكثير من الزملاء الذين يعملون بالأزهر الشريف من خريجي كليات التربية والتعليم، فالانتقاص من المعلمين بالأزهر مرفوض عمومًا".

وأضاف مهدي لـ "الفتح" أنه منذ مطلع هذا القرن وبعد إلغاء التكليف عن كليات التربية، كان الأزهر الشريف يعلن عن مسابقات لسد العجز قبل وزارة التربية والتعليم في كل عام، وبالتالي كان يتقدم الأوائل على دفعتهم للعمل بالأزهر، ثم تعلن "التربية والتعليم" عن مسابقاتها بعد ذلك، وهذا واقع يعرفه كل من يعمل في المعاهد الأزهرية والمدارس الأخرى.

وتابع: أعرف الكثيرين من زملائي المعلمين من الحاصلين على الماجستير والدكتوراه، وحتى من تخرج منهم من الكليات الأكاديمية، هناك من يلزمهم بالحصول على تأهيل تربوي يتبرعون للدراسة الأربعاء والخميس والجمعة والسبت من كل أسبوع للارتقاء بهم وتنميتهم مهنيا وتربويا.

وأشار إلى أن دور التدريب التربوي مهم، فقد أصبح على مدار العام وبشكل مكثف في شهريّ يوليو وأغسطس، وقد قامت إدارة التدريب التربوي بالتعاون مع الأكاديمية المهنية للمعلمين بإعداد وتدريب معلمين معتمدين من الأكاديمية، ثم تم صقل مهاراتهم من قبل إدارة التدريب التربوي بالأزهر، ويدربون جميع المعلمين والإداريين على استخدام التقنيات الحديثة واستراتيجيات التعليم والتعلم.

وأوضح عضو جودة التعليم، أن إدارة الجودة والتدريب بالأزهر تعمل حالياً على استهداف 10% من المعاهد للتقدم للاعتماد من الهيئة القومية لضمان الجودة والاعتماد، ونسبة المعاهد التي تُعتمد تفوق بكثير نسبة مدارس التربية والتعليم.

وأردف: في الحقيقة لا يخفى النجاح الباهر الذي قام به الأزهر في القضاء على محاولات الغش أو التأثير على اللجان أثناء الامتحانات.

واستطرد: أما المناهج الأزهرية، فقد أعلن الأزهر مرارًا عن عمليات التطوير التى بدأت بعد أن أصدر فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، القرار رقم 8 لسنة 2013 بتشكيل مجموعة من اللجان لإصلاح وتطوير التعليم الأزهري في كل مراحله، وعلى مدار تلك السنوات استطاع الأزهر الانتهاء من أكثر من 90% من التطوير؛ بفضل الله تعالى ثم جهود لجان تطوير المناهج التي شكلها فضيلة الإمام الأكبر، وأسندت رئاستها لوكيل الأزهر الدكتور عباس شومان.