عقلية المناخ المناسب للنبتة الجيدة

  • 143
صورة أرشيفية

إذا ما أردنا أن ننتج نبتة جيدة مثمرة؛ فعلينا أن نزرعها في تربتها المناسبة ومناخها المناسب؛ فنزرع نبتة الصيف في الصيف، ونبتة الشتاء في الشتاء، كل نبتة في مناخها المناسب لتكون منتجة مثمرة. 

فكذا نحن بنو البشر، فما الإنسان منّا إلا نبتة في حقل هذه الدنيا، فإذا أردت أن تكون نبتتك حسنة فضعْها في مناخها المناسب، مناخ الطاعة والعبادة، مناخ نسيمُه حب الله ورسوله، مناخ يمطر خيرًا على كل من عاش فيه؛ فينبت أخوة صادقة، وحبًا صادقًا، ومرحًا صادقًا، فتعينك نبتة الأخوة هذه على الطاعة والعبادة، فإذا ما تكاسلت يومًا؛ وجدت من يمد يده إليك قائلًا: «إني أنا أخوك، لا أسير بدونك، فطريقنا قد تعاهدنا عليه بصدق أخوتنا».

تلك الأخوة الصادقة تثمر أخًا يناجي ربه لأجلك في الدنيا -وأنت لا تدري- «أي ربّي قد مسّ أخي الضر فعافه، وارفع عنه، أي ربي ارزق أخي من حيث لايحتسب»، تلك الأخوة الصادقة تكون سببًا في إخراجك من جهنم في الآخرة حينما يناجي أخوك ربه: «أي ربي كان لي أخ يجتمع معي على طاعتك في الدنيا في مكان كذا، فاجمعني به في جنتك»، فيقول له الرحيم «اذهب فأخرج أخاك من النار»، فتشفع لك هذه الأخوة الصادقة.

ما نشأت نبتة هذه الأخوة إلا حينما وجدت في مناخ مناسب، هذا المناخ هو الذي أمرَ الراهبُ قاتلَ المائة نفس أن يذهب إليه بقوله: «اذهب إلى قرية كذا فإن فيها قومًا يعبدون الله، فاعبد الله معهم»، ذلك المناخ هو الصحبة الصالحة التي أمرنا ربنا بالحرص عليها والصبر فيها، فقال عزوجل: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}، فهؤلاء هم القوم لا يشقى بهم جليسهم أبدًا، فالزمهم، واعبد الله معهم، وابحث لأولادك عنهم، فذلك أخصرُ لوقتك وجهدك في تربيتهم؛ ليكونوا نبتة صالحة في حقل هذه الدنيا.