نائب رئيس الجامعة الإسلامية في
هولندا لـ "الفتح":
الإسلام ينتشر بقوة في الغرب
رغم حملات التشويه
"داعش" تسببت في ارتفاع معدلات الإسلاموفوبيا
في البداية.. هل يمكنك إعطاؤنا فكرة عامة عن
هولندا؟
هولندا
تقع في شمال غرب أوروبا، وحدودها في الجزء الأوروبي "بحر الشمال" من
ناحيتي الشمال والغرب، وبلجيكا من الجنوب، وألمانيا من الشرق، وتعداد السكان نحو
17 مليون نسمة، وعدد المسلمين منهم أكثر من مليون مسلم.
في نهاية الحرب العالمية الثانية بدأ الإسلام بشكل حقيقي
في الوصول إلى هولندا، فانتشر في سائر أرجائها، وكان أول المسلمين وصولًا إلى
هولندا هم المسلمون من المغرب العربي، وكان عملهم قاصرًا على تعديل وإصلاح البنية
التحتيَّة التي تسبب الحرب في القضاء عليها.
وفي الحقيقة لم تكن المغرب فقط ولكنها كانت الأبرز،
فشارك مسلمون من عدة دول أخرى كالجزائر
وتونس ومصر؛ ولذلك تنحدر أصول نحو 80% من
الهولنديين إلى تركيا والمغرب، وقد وصلت لهولندا العديد من الهجرات من بلدان جنوب
شرق آسيا من إندونيسيا وباكستان وبنجلاديش؛ وفي السبعينيات من القرن الماضي جاءت
هجرات جديدة أبرزها من مصر وبلدان الشام العربية سوريا وفلسطين، وكذلك من الصومال.
ورسالة الإسلام رسالة تسامح، وترسيخ لقيم التعاون بين
جميع الأطياف، ونشر معاني الرحمة والتكاتف من أجل دعم الاستقرار، فإن لم يكن
بالمجتمع استقرار لن نستطيع تحصيل أي شيء.
هل تؤدون شعائركم في المساجد بلا أي مضايقات؟
نعم، في الغالب بدون أي مضايقات، لكن لا يوجد عندنا رفع للآذان
كما هو في مصر والدول العربية، ونكتفي بالآذان الداخلي فقط.
هل تأثرت الأقلية المسلمية في هولندا
بالتشويه الإعلامي؟
أي عمليات إرهابية ومتطرفة يعود الضرر منها على المسلمين
وبالذات الأقليات المسلمة في الغرب.
نحن نتضرر من جميع العمليات الإرهابية في الوطن العربي أو
في أوروبا، وهذه العمليات التي تنتسب للإسلام من خلال المجرمين الذين يرتكبونها
تشوّه صورة الإسلام، والبعض هنا يعتبر الإسلام عدوًا حقيقيًا؛ بسبب ما يراه ويسمعه
من "الدواعش" وغيرهم، ممن لا تمت أعمالهم للإسلام بصلة، الذين يريدون أن
يفرضوا سيطرتهم على المجتمعات الإسلامية.
تنظيم "داعش" خوارج يُكفرون أهل الإسلام ويبدِّعون
كل من هو على غير شاكلتهم وغير منضم لجماعتهم، وهم أحد أكبر أسباب تعطيل الصحوة
الإسلامية العالمية، وإيذاء الأقليات المسلمة، و "الدواعش" لا يفرقون
بين مسلم وغيره، وهم خطر مدلهم على الدول والجماعات والمجتمعات المسلمة والغربية؛
وبالتالي خطر أكبر على الأقليات المسلمة.
والتكفيريون ما دخلوا إلى بلد إلا وهدموها، ولك أن تنظر
للعراق وسوريا وغيرها من بلاد عربية عظيمة دمرها التطرف والإرهاب.
ولا شك أن الظلم موجود والفساد كذلك موجود، ولكن التحدي الأكبر هو كيف ننشر إسلامنا وثقافتنا الشرعية في ضوء الحفاظ
على مجتمعاتنا العربية والإسلامية.
من الذي يقوم بالأعمال الإرهابية في هولندا
وبلجيكا وفرنسا؟
هناك من يقوم بهذه الأعمال وينسبها للإسلام، وهي في
الحقيقة لا علاقة لها بالإسلام نهائيًا، وأما من وقع فيها من المسلمين فهم ليسوا
من أبنائنا، وليسوا من أبناء المساجد الذين تربوا على القرآن الكريم والسنّة،
وإنما هم دخلاء لإفساد حياة المسلمين في هذه البلاد.
في رأيك.. كيف تتم مواجهة هذا الإرهاب؟
مجابهة الإرهاب لا بد أن تتم عبر الحكومات والدول
العربية والإسلامية، وفي نفس الوقت لا يتم إغفال دور المجالس العلمية الإسلامية
والعلماء في مصر والسعودية والمغرب العربي ودول الخليج العربي؛ فالحل الأمني بجوار
الحل العلمي والفكري والثقافي؛ إذ لا بد من رسم استراتيجيات لتأصيل الفكر الإسلامي
الوسطي المعتدل، وتحديد معالم التطرف ومعرفة صفات الشخص المتطرف وما هي علامات
التطرف التي تظهر عليه لبدء التعامل معه، وينبغي التضامن من الجميع فالمصلحة واحدة،
وهي درء الخطر الذي لن يستثني أحدًا لو تمكن من دولة من الدول العربية أو غيرها، كما
ينبغي على العلماء تحصين المسلمين من هذه الأفكار المنحرفة التي ليست من الإسلام،
بتفنيد الشبهات المثارة والرد عليها.
هل ترى أن ذلك يؤثر على انتشار الإسلام في
هولندا؟
له أثر لا شك، لكن الإسلام –بفضل الله- ينتشر بقوة، كبيرة،
والمجتمعات الغربية تستجيب بسرعة، ولولا الضربات الإرهابية والإسلاموفوبيا لدخل ما
هو أكثر وأكثر في الإسلام.
وستتعجب عندما أخبرك أنه في بعض الأحيان تكون الهجمات الإرهابية سببًا للبحث عن الإسلام، والتساؤل عن سبب ذلك ولماذا الإسلام -كما يُشاع- يأمر بذلك؟ مما يكون سببًا في تعرف البعض على الإسلام.