عملية الترميم الأكبر في تاريخ الجامع الأزهر.. المسجد يستعيد مظهرة الجمالي

  • 119
أرشيفية

يظل الأزهر الشريف منارة علمية وقلعة تاريخية تمتد جذوره إلى مئات السنين، كما يتربع في قلوب جموع المسلمين في مختلف ربوع العالم، وهو ما دللت عليه المملكة العربية السعودية بمنح الأزهر الشريف منحة مالية تصرف على ترميم وصيانة الجامع الأزهر، لتتم عملية التوسعة وفق ما تم من توسعات وتجهيزات في الحرم المكي الشريف.


وانتهت أعمال الترميم بالتزامن مع زيارة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، حيث افتتح الأخير برفقة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، الجامع الأزهر بعد أعمال الترميم التي استمرت لنحو 3 سنوات؛ لتكون هي الأوسع والأكبر في تاريخه.


عملية الترميم التي شهدها الجامع الأزهر وتمت بمنحة قدمها الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، خادم الحرمين الشريفين الراحل، شملت تحديثًا كبيرًا وضخمًا في البنية التحتية بشكل كامل، حيث تمت وفق آليات وخامات جديدة كتلك التي يتم استخدامها في البيت الحرام.

وتم بناء الجامع الأزهر عند فتح الفاطميين لمصر عام 970م، في عهد الخليفة المعز لدين الله، أول خليفة فاطمي بمصر، وقد وضع حجر الأساس للجامع الأزهر على يد جوهر الصقلي عام 359 هـ الموافق 970م، واستمرت عملية البناء لمدة عامين كاملين حيث تم الانتهاء منه عام 972م، وذلك في محاولة ليكون مركزًا لبث ونشر التشيع في بلدان العالم الإسلامي.


وكان المسجد عند بنائه عبارة عن قاعة مخصصة للصلاة بالإضافة إلى فناء و5 ممرات، وكان الهيكل الأصلي للجامع الأزهر خلال العهد الفاطمي عبارة عن 85 مترًا طولًا و69 مترًا عرضًا، وكان للجامع الأزهر 3 قباب مختلفة، والقبة الأصلية بناها الصقلي.


ولم تكن عملية الترميم الحالية هي المرة الأولى التي يشهدها الجامع الأزهر، بل إن أول عملية توسعة وترميم يشهدها الأزهر تمت في العهد الفاطمي نفسه، وتحديدًا في عهد الخليفة العزيز بالله، الذي حكم خلال الفترة من 975- 996م، ثم استكمل الحاكم بأمر الله عملية ترميم الجامع الأزهر عام 1010م، غير أن الحاكم أنشأ مسجده الخاص به وقدمه على الجامع الأزهر مما أفقد الأزهر مكانته في كونه المركز الأول لصلاة الجماعة الأولى وخطبة الجمعة التي يخطبها الخليفة.


ثم في عهد الخليفة المستنصر بالله، عاد الجامع الأزهر لمكانته الأولى بعدما أدخل عليه بعض التجديدات والإضافات، وتوالت التجديدات وعمليات التوسعة على الأزهر طوال عهد الخلفاء الفاطميين، إلى أن أتى صلاح الدين الأيوبي وأغلقه لفترة من الزمن للقضاء على نشر التشيع.


وفي العهد المملوكي أُعيد الاهتمام بالجامع الأزهر مرة أخرى، حيث شهد مجموعة من عمليات الترميم، وإدخال أنواع جديدة من البرامج التعليمية والمآذن، بالإضافة إلى ترميم المحراب وتركيب رخام ملون له، ثم في العهد العثماني استكملت عمليات الترميم في الجامع الأزهر بصورة ضاعفت حجم ومساحة المسجد تقريبًا، مع إضافة 3 بوابات جديدة منها باب المزينين الذي لا يزال حتى هذه اللحظة هو المدخل الرئيسي للجامع الأزهر.


أما في العصر الحديث، شهد الجامع الأزهر عام 1994م عملية ترميم واسعة خاصة وأن بعض جدران وأعمدة المسجد تأثرت بالزلزال الذي ضرب مصر في أكتوبر 1992م، وتم تخصيص ميزانية قدرها 27 مليون جنيه لترميم الأزهر، إلا أن عملية الترميم توقفت إلى أن جاء الشيخ سيد طنطاوي وتولى مشيخة الأزهر الشريف؛ فاستكمل عملية الترميم لتكون هي آخر عملية ترميم يشهدها الجامع الأزهر قبل العملية الحالية.


وفي العام 2014م، خصص خادم الحرمين الشريفين الراحل، الملك عبد الله بن عبد العزيز، منحة تبلغ نحو 30 مليون جنيه مصري بهدف ترميم الجامع الأزهر، وتوفير رخام "التاسوس" المستخدم في الحرمين الشريفين (المسجد الحرام والمسجد النبوي)، وهو رخام يعكس الحرارة والضوء.


وتأتي عملية الترميم الحالية لتكون الأكبر في تاريخ الجامع الأزهر، خاصة وأنها شملت الواجهات الداخلية والخارجية للجامع، وكذلك ترميم الأسقف والنوافذ، بالإضافة إلى صيانة المآذن والفرش وأعمال الإضاءة الداخلية والخارجية، وإعادة تأهيل السور الخارجي للمسجد مع إعادة بناء وإنشاء دورات المياه من جديد.