• الرئيسية
  • الأخبار
  • أكاديمي سعودي لـ"الفتح": "البخاري" أصحّ كتاب بعد القرآن.. ومن يطعن في تراث الأمة يشكك في دين الإسلام

أكاديمي سعودي لـ"الفتح": "البخاري" أصحّ كتاب بعد القرآن.. ومن يطعن في تراث الأمة يشكك في دين الإسلام

  • 201
د. لؤي آل هاشم مع محرر الفتح

  

عضو هيئة التدريس بجامعة الملك فيصل المشارك في مؤتمر الإفتاء العالمي لـ"الفتح":

مؤامرات ضخمة تستهدف مصر والسعودية.. والنيل منهما خطر على أمتنا

البخاري أصحّ كتاب بعد القرآن.. ومن يطعن في تراث الأمة يطعن في دين الإسلام

الفتاوى غير قابلة للتصدير فما يصلح في مكان قد لا يصح مع آخر

تجديد الخطاب الديني يكون في الفروع لا الثوابت والأصول


قال الدكتور لؤي بن عبد الله آل هاشم، عضو هيئة التدريس بجامعة الملك فيصل، المشارك بمؤتمر الإفتاء العالمي المنعقد بالقاهرة، إن للإفتاء والفتوى منزلة عظيمة في الإسلام، فمنزلتها بمنزلة المتحدث عنه.

وأضاف آل هاشم في حواره مع "الفتح"، أن الفتوى  لها أهمية كبرى بالنسبة للأمة؛ إذ عليها يتوقف صلاح الدنيا والآخرة، ومعرفة الحلال من الحرام، لا سيما مع تعدد القضايا التي ليس لها نظير في حياة السلف الصالح رضي الله عنهم، مما يتطلب وجود علماء متمكنين للقيام بأعباء الفتيا في زمننا المعاصر.

وإلى نص الحوار:

 

في البداية.. مؤتمر الأمانة العامة لهيئات الإفتاء كان بعنوان "تجديد الفتوى.. بين النظرية والتطبيق"، برأيك كيف يكون هذا التجديد في الفتوى؟

في الحقيقة نحن لا نحتاج لذكر كلمة "تجديد" في الفتوى، لأن الفتوى متجددة في ذاتها، فالفتوى: "تنزيل الحكم الشرعي على واقعة ونازلة في زمان ومكان معينين"، فطالما أنها مرهونة بالزمان والمكان فهي ملازمة للتجدد في ذاتها، فما أفتى به علماء متقدمون في مسألة ما لا يصلح بالضرورة أن يفتى به في وقتنا المعاصر لتغير الزمان الذي من شأنه أن يغيِر التصور لدى الفقيه المفتي.

وما يفتى به في مِصر من الأمصار لا يصلح بالضرورة أن يفتى به في مصر آخر؛ لأن هذا الأمر قد يتسبب في حرج كبير، وضيق شديد، وهذا مناف لمقاصد الشريعة الإسلامية، فعلى المفتي أن يراعي حال المستفتي، فهو كالطبيب تمامًا، فقد يأتي للطبيب مريضان وعلتهما واحدة ويعطي كل واحد منهما دواء مختلفًا عن الآخر، نظرًا لأن أحدهما يشتكي من ارتفاع في ضغط الدم أو داء السكر، أو لديه ضعف في عضلة القلب مثلا.

تقصد بأن الفتوى قد تَصلح لأهل قُطر من الأقطار ولا تصلح لآخر؟

نعم، فالفتاوى غير قابلة للتصدير؛ لأن تصدير الفتوى من مكان إلى مكان ومن دولة إلى دولة دون علم المفتي بالمصلحة والمفسدة المترتبة عليها من شأنه أن يخلق أزمة بين الجاليات الإسلامية خاصة، ويؤدي إلى انقسامات شتى بينهم مع أنهم في أمس الحاجة إلى اتحاد صفوفهم وكلمتهم، وقد حصل هذا الأمر مع الأسف الشديد في العديد من الدول الأوروبية بسبب تصدير الفتاوى لهم ممن لا يعرف أحوالهم بل يأتيه سؤال عبر التلفاز ويعطي الإجابة دونما علم أو دراية بما قد يترتب عليه من مفاسد وفتن.

وخير مثال ما فعله سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من عدم قطع يد السارق عام الرمادة، مع أن الحكم الفقهي هو قطع يد السارق، لكن نظرًا لظرف الفاقة والفقر الشديد في تلك السنة، راعى سيدنا عمر هذا الأمر في تنزيل الحكم، فلا بد أن يكون المفتي حاذقًا فطنًا مراعيًا لمقاصد الشريعة في التيسير ورفع الحرج عن  هذه الأمة.

 

حذّر ضيوف المؤتمر من أثر الأفكار التكفيرية على المجتمعات والدول.. كيف ترى أثر هذه الأفكار على المجتمع؟

لقد اعتمد أصحاب الأفكار التكفيرية على عنصر الإعلام كثيرًا، وذلك في الترويج لنشر أفكارهم المنحرفة، مستفيدين من وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها، وقدرتهم المتميزة في توظيفها، ومعلوم ما لوسائل التواصل الاجتماعي في وقتنا الراهن من أثر كبير على عقول شباب الأمة، فقد استطاعت التأثير على فئة معينة منهم فقامت بتجنيدهم بعد أن وقعوا في شراكها. 

وبعد أن تصدى علماء الأمة لهذه الأفكار استطاعوا الحد من انتشارها والتقليل من أثرها، وإن كان العلاج لهذه الظاهرة الخطيرة التي مزّقت الأمة يحتاج إلى جهود كبيرة، وتعاون مشترك على مستوى عالٍ بين العلماء والدعاة والإعلاميين وغيرهم من ذوي الاختصاص.

 

وكيف ترى إذًا دور العلماء والدعاة في مواجهة هذه الفتاوى الشاذة عمومًا؟

لقد بذل العلماء قصارى جهدهم في ذلك، ولكنهم لا يملكون أدوات التغيير المؤثرة التي يملكها غيرهم، ومن أهمها الإعلام، فكثير منهم مع الأسف الشديد لا يملكون احترافية في الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي، ولا يُمكّنون من الخروج والبروز على القنوات الفضائية عالية التأثير والشهرة، بخلاف أصحاب الفتاوى الشاذة، حيث احتضنتهم كثير من القنوات الفضائية المؤثرة وروجت لفتاواهم بدعوى التيسير والتجديد، دون مراعاة لرسوخ وتمكن من تستضيفه في العلم، مستغلة وجود فتاوى متطرفة للترويج لهذه الفتاوى الشاذة.

فنحن في حاجة ماسة لتضافر الجهود من مؤسسات عديدة وأهمها المؤسسات الإعلامية للوقوف أمام هذه الظاهرة الخطيرة؛ فالعلماء وحدهم لن يستطيعوا التصدي لهذه الفتاوى الشاذة ما لم نكن عونًا لهم لإخراج حججهم العلمية الداحضة لهذه الفتاوى إلى الفضاء الفسيح لهذه الأمة، وإلا فستكون حبيسة الأدراج والمؤتمرات فحسب.     

 

هناك دعاوى تظهر بين الحين والآخر تدعو إلى النيل والتقليل من شأن تراث الأمة الإسلامية.. كيف ترى ذلك؟

إن مَن يقلل من شأن تراث هذه الأمة أو ينال منه فهو في الحقيقة مشكك في ديننا؛ فالأمة الإسلامية تستقي تعاليم هذا الدين الحنيف من هذا التراث،  فعندما نطعن فيه فنحن مشككون في هذا المعين الذي أخذت منه الأمة تعاليم دينها كالتشكيك في "صحيحي البخاري ومسلم"، وهما أصح كتابين بعد كتاب الله تعالى، و "صحيح البخاري" تلقته الأمة بالقبول.

ومما يؤسف حقًا أن وُظّف للنيل من تراثنا أدعياءٌ تتسابق على استضافتهم كبرى القنوات الفضائية سعيًا منها لسلخ هذا الدين عن تراثه بدعوى الحرب على التطرف والإرهاب فقابلوا التطرف بالتطرف.

لكن لا يعني ذلك أن تبقى الأمة حبيسة هذا التراث دونما تجديد في خطابها الديني المتسق مع متطلبات العصر لتتمكن من المنافسة والغلبة على كثير من التيارات الفكرية المنحرفة التي تبث سمومها يومًا بعد يوم بأساليب عصرية متميزة؛ مما يوقع عامة الناس في الحيرة والشك في هذا التراث العظيم، فالجيل الجديد من شباب أمتنا في حاجة ماسة إلى وسائل حديثة وخطاب جديد وطرق مبتكرة لإيصال مقاصد ديننا الحنيف إليه.

فهذه الدعاوى باطلة، ويجب أن تلاحظ وأن تلاحق بالعلم، والإعلام –كما قلت- له دور كبير في هذا الموضوع، وأعطيك مثالًا بهذه الشجرة، فهي لها أصل واحد والفروع كثيرة، ولا بد للفروع من التجدد، والزهور التي بها ستذبل إن لم تُقطف، إذا لا بد أن يكون هذا التجديد في فروعها لا في أصولها، ومن ادعى التجديد في الأصول وفي الثوابت فهذا كلام باطل، مخالف لسنن الله الربانية، وذلك من يحاول هدم تراث الأمة فهو في الحقيقة يشكك في دين الإسلام بالكلية.

 

القضية الفلسطينية في الحقيقة لم تكن غائبة عن المؤتمر حيث تحدث وزير الأوقاف الفلسطيني حولها باستفاضة.. كيف تقرأ الأحداث الأخيرة؟

لا شك أن للقضية الفلسطينية النصيب الأوفى في هذا المؤتمر؛ فهي جزء لا يتجزّأ من تراث وتاريخ أمتنا الإسلامي والعربي، وقد أبان وزير الأوقاف الفلسطيني هذا البعد التاريخي، وأن القدس ستبقى عاصمة أبدية لدولة فلسطين، وأن وزارة الأوقاف الفلسطينية تعنى كذلك بدراسة القضايا الفقهية المتجددة، والمترتبة على الاحتلال الصهيوني كحكم التلقيح الصناعي لزوجات الأسرى الذين يقبعون في سجون الاحتلال لفترات طويلة وغيرها من مسائل مستجدة.


كيف ترى الدور المصري والسعودي خلال الفترة الأخيرة؟

إن لمصر والسعودية دورًا قياديًا فاعلًا في قضايا أمتنا العربية والإسلامية، والمحافظة على مكانتهما حفاظ على مقدّرات هذه الأمة، كما أن النيل منهما نيل من تمكين أمتنا؛ لذا من البدهي أن نرى أعداء أمتنا العربية والإسلامية يتمنون انحسار هذا الدور الريادي لهاتين الدولتين اللتين بهما ثقل الأمة وهويتها؛ ليتمكنوا من السيطرة على مفاصلها، ومن ثمَّ العبث بها والنيل من مكانتها، ولكن نسأل الله العظيم ألا يبلغهم مرادهم، وأن يجعل العزّة والتمكين لمن في عزه عز للإسلام والمسلمين .