واقع مؤلم

  • 326
واقع مؤلم .. كتبته نهى عزت

واقع مؤلم

مَن منّا لا يحلم بحياة هادئة حياة خالية من المشاكل ومن مسببات الضغط النفسي والعصبي، والكثير منّا قد يكون عنده القدرة في أن يتحكم في شخصه، وشخصيته، لكن القليل منّا لا يستطيع التحكم في حياته، أو من يُشكلون حياته بوجه عام.

قد تحاول أن تصنع لنفسك عالمك الخاص الهادئ المُريح، لكن سرعان ما تتخبط وتنقلب الموازين، عندما تبدأ بمطالعة بعض صفحات التواصل الاجتماعي  (فيس بوك، تويتر) وغيرهما من أدوات التواصل الاجتماعي، وإن شئت فقل التقاطع الاجتماعي، منشورات مليئة بالكآبة والحزن، وبالشماتة، تصيبك بالغم والهم، وأحيانًا التقيؤ. 

نعم!! نحن صنعناها بأنفسنا، أجبرتنا الظروف على مسايرتها والتعلق بها، بل والانغماس في ما لم نكن نُطيقه من قبل..

ثمة علاقة بين هذا الواقع الذي صنعناه، والذي نحاول أن نُفرغ فيه طاقتنا من كثرة الضغوط التي لا نجد لها مُنقذًا، ولا مُنصتًا ذا عقلٍ راجحٍ أمين،  يستطيع أن يكفينا التشتت وأن نتحول إلى عالم افتراضي لنصنع منه عالمًا حقيقيًا.

كثيرون يشعرون بالتعاسة، يشعرون بخيبات الأمل ، يقنعون أنفسهم أن هذا قدرهم ولا مفر منه، فلا بديل عنه،! ولكن هل وقفنا مع أنفسنا وقفة صدق وسألنا لماذا سلّمنا أنفسنا لهذا الخيال الواقع؟

أصدقكم القول، إننا قد وقعنا في فخ هذا الفراغ، عندما فقدنا لذة التواصل مع الله، فقدنا صدق اللجوء إلى الله، فقدنا حلاوة الإيمان، فقدنا لذة الدعاء.

أتذكر أننا في سابق عهدنا قبل أن نُبتلى بهذه المواقع، كانت عندنا أداة للدفاع عن أنفسنا أداة حقيقية، قد تكون بسماع درس إيماني يفرغ الشحنة السلبية، ويضفي نوعًا من الراحة قد تكون بمثابة الناصح الأمين، أو ركعتين في جوف الليل نتضرع إلى الله، نشكو إليه، نطلب منه ما شئنا، التفوق والنجاح والعلو والرفعة، وكنا وقتها نشعر بطمأنينة.

رغم قلة الأصحاب والمعارف، أما الآن وقد أصبح لدينا معارف في كل مكان، أُناس نتعرف عليهم كل يوم، صداقات اكتسبناها، أشخاص جمعتنا بهم بعض الارتباطات العملية والحياتية، ولكننا مع كل هذا نفتقد للمنصت الحقيقي، لأننا ابتغينا عندهم الراحة وضيعنا الأساس، ضيعنا الصاحب الحق الذي يرشدنا للخير.

ولا شك أن مجتمع النساء بشكل أخص يعج بكل هذه النفسيات المحبطة، إلا ما رحم ربي، لأنهن الأكثر حساسية، شديدات التعلق بالأشخاص، والاجتماعيات، إلا من ظلت محافظة متمسكة بهويتها، متمسكة براحتها الحقيقية ولم تجعل أمرًا داخلًا عليها يُفسد لها كينونتها..

  • فهل نستطيع أن نعود ونجعل علاقتنا بصفحات التواصل مجرد تسلية فقط، لا تؤثر علينا سلبًا أو إيجابًا، أو نتخذها مثلًا سبيلًا لنشر علم نافع، أو جعلها منفذًا لتوصيل فائدة مرجوة، ومن لم يجد له مكانًا فيها يتراجع ويلحق نفسه قبل أن يُحقق ما ارتضاه له الغرب من شعور باليأس والإحباط، محققين غرضهم أن الحروب النفسية أشد وأعظم من الحروب والمعارك القتالية.