البشير يزور الأسد متناسيًا جرائمه وعدوانه على السوريين

  • 125
أرشيفية


البشير يزور الأسد متناسيًا جرائمه وعدوانه على السوريين

خبراء: روسيا تحاول كسر عزلة النظام.. وبشار لن يكتسب شرعية بلقاء الزعماء 


في حدث مفاجئ ودون أي مقدمات أو إعلان مسبق، وصل الرئيس السوداني عمر البشير إلى دمشق، الأحد الماضي، في زيارة رسمية لرئيس النظام السوري بشار الأسد، وبالرغم من أن السودان كان من الدول التي شاركت في مقاطعة نظام بشار الأسد منذ بداية حربه على الشعب السوري، وأن البشير قد هدد الحكومة السورية بإرسال جيش كبير يمتد من الخرطوم إلى دمشق، وسبقه وتبعه الكثير من المواقف التي تندد بسياسة الحكومة السورية تجاه السوريين.

وبالرغم أيضًا من أن السودان هي الدولة الوحيدة التي تستقبل اللاجئين السوريين دون أي قيد أو شرط، إلا أن الرئيس السوداني تناسى كل مواقفه السابقة وضرب بجرائم بشار الأسد وانتهاكاته في حق شعبه وقتله وتشريده ملايين السوريين عرض الحائط، وذهب في زيارة رسمية للنظام السوري هي الأولى من رئيس عربي منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، وبعدما كان البشير يندد بعدوان بشار الأسد، أكد البشير على الوقوف إلى جانب بشار الأسد وأهمية عودة النظام السوري لممارسة دوره في المنطقة (حسب زعمه).


وسواء أكان البشير قد ذهب إلى سوريا طواعية دون ضغط أو إملاء، أو كان ذهب بأوامر غربية أو روسية لدعم نظام بشار أو لكسر العزلة العربية، أو لفتح الباب أمام دول عربية أخرى للتعامل مع بشار الأسد على أنه رئيس شرعي لسوريا، فإن البشير قد أجرم في حق السوريين ووقف بجانب من قتل شعبه وطرد الملايين منهم خارج ديارهم وهدَّم وطنهم وزج بهم في السجون والمعتقلات، بحثًا عن مساعدات اقتصادية روسية للسودان، أو وقوف موسكو بجانب البشير في الانتخابات السودانية المقبلة، أو حتى استخدام العلاقات مع روسيا كورقة ضغط لإلغاء العقوبات الأمريكية على السودان.


ونقلت وكالة أنباء النظام السوري "سانا"، أن البشير قال للأسد إن الدول العربية تحتاج إلى مقاربات جديدة تستند إلى احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شئونها الداخلية، وأعرب الرئيس السوداني عن أمله في أن تستعيد سوريا عافيتها وأن يتمكن شعبها من تحديد مصير بلاده، مشددًا على وقوف السودان إلى جانب سوريا وأمنها، وزعم بشار خلال اللقاء أنَّ سوريا بقيت متمسكة بعروبتها رغم ما حدث طيلة السنوات الماضية، وشكر البشير على الزيارة، وعاد البشير الأحد الماضي إلى العاصمة السودانية الخرطوم على متن طائرة روسية نقلته ذهابًا وإيابًا.


وفي ذات السياق، قال تيسير النجار، المحلل السياسي السوري، إن زيارة الرئيس السوداني عمر البشير لسوريا كانت صادمة ومفاجئة للسوريين، خاصة أن البشير كان من المنددين بجرائم بشار الأسد، كما أن البشير شارك في الحرب ضد الحوثيين المدعومين من إيران، وأنه قطع علاقاته مع إيران تمامًا، فكان من غير المعقول أن يقوم بتلك الزيارة، لافتًا إلى أن عدة دول عربية تريد عودة سوريا إلى مقعدها في جامعة الدول العربية، ومن الممكن أن يكون هناك اتفاق بين دول عربية مع البشير على تلك الزيارة.


وأوضح النجار في تصريح خاص لـ "الفتح"، أن تلك الزيارة تعد ورقة ضغط على الولايات المتحدة الأمريكية بإمكانية عقد علاقات قوية مع روسيا لإلغاء العقوبات الأمريكية على السودان والبشير، كما أن الزيارة بالمجمل وإن كانت باتفاق روسي هي تكتيك سوداني للحصول على دعم أكبر من موسكو، مستبعدًا وجود زيارات عربية مماثلة للنظام السوري.


وأشار إلى أن الثورة والمعارضة السورية تستعجب من تلك الزيارة، ولم تخرج أي تصريحات بعدم وجود تصريح رسمي بسبب الزيارة، وأنه على حسب ما ستتضح الصورة ستكون هناك مواقف للمعارضة السورية، مؤكدًا أنَّ البشير أضر نفسه كثيرًا بتلك الزيارة بعدما صار أول رئيس عربي يزور قاتل ومجرم كبشار الأسد.


وشدد الخبير السوري على أن بشار الأسد لم ينتصر بزيارة البشير أو غيره، فلا تزال أكثر من 52% من الأراضي السورية لا يسيطر عليها بشار الأسد أو روسيا، وأكثر من ثُلثي الشعب السوري لاجئين خارج بلادهم، وزيارة البشير لن تكسب بشار القاتل شرعية.


من جانبه، قال طلال إسماعيل، الباحث والكاتب السوداني، إن السودان يعاني من مشكلات اقتصادية وسياسية كبيرة في السنوات الأخيرة، ومن الوارد أن يكون البشير رضخ لمطالب روسية بالزيارة مقابل مساعدات اقتصادية ومواقف سياسية تقدمها موسكو للخرطوم، متوقعًا أنَّ البشير سيلقى دعمًا روسيا ومن المحتمل أن يزور بوتين الخرطوم قريبًا.

وأضاف إسماعيل أن روسيا استخدمت رئيسًا عربيًا كانت له آراء معارضة لبشار الأسد منذ بداية الأزمة السورية؛ وذلك لكسر عزلة النظام السوري، وأن البشير رأي في ذلك حلًا لأزمات بلاده؛ وهو ما يعد تغيرًا كبيرًا في السياسة الداخلية والخارجية لإصلاح أزمات السودان، كما وصف السفير السوداني لدى سوريا، خالد أحمد محمد روسيا بالدولة الصديقة، مؤكدًا أنه لا يوجد ما يمنع التعاون معها واستخدام طائرتها في سفر الرئيس عمر البشير إلى سوريا؛ مما يؤكد وجود اتفاق سوداني روسي مسبق على الزيارة.


وقال علي هندي، الباحث في المركز العربي المتقدم للسياسات الإفريقية، إن السودان بعد الانفصال عن الجنوب وبعد المشكلات السياسية والاقتصادية التي تحيط بها، يحاول البشير أن يلعب دورًا برجماتيًا بالمحيط الشرق أوسطي والبعد عن المحيط الإفريقي؛ للخروج من الأزمة الاقتصادية والعقوبات الأمريكية عن طريق روسيا ليس كحليف ولكن ورقة ضغط، وموازنة العلاقات السودانية ما بين موسكو وواشنطن، مشيرًا إلى أن الزيارة تم الترتيب لها سريًا ولم يعلم بها سوى مرافقي الرئيس السوداني فقط.