مميش يحسم مفاوضات المنطقة الصناعية الروسية

  • 108
أرشيفية

من مطار القاهرة الدولى فى تمام الساعة العاشرة صباحاً الأحد الماضي، أقلعت طائرة مصر للطيران المتجهة لدولة روسيا الاتحادية، لتبدأ الجولة قبل الأخيرة للمفاوضات بين الهيئة الاقتصادية لقناة السويس والجانب الروسي الممثل فى مركز التصدير الروسي، بشأن إنشاء المنطقة الصناعية الروسية فى شرق بورسعيد التابعة للهيئة.


الفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس ورئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والوفد المرافق في مهمة عاجلة لإذابة الثلوج الكثيفة حول مفاوضات مشروع المنطقة الصناعية الروسية، كل منهم يحمل ملفاته الخاصة متضمنة المحاور التى سيركز عليها خلال المفاوضات.


إقرار رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى للاتفاقية الموقعة بين الحكومتين المصرية والروسية بشأن إنشاء المنطقة الصناعية الروسية، أضفى المزيد من الأهمية للمهمة ولأن الوقت لم يعد فى مصلحة أى من الطرفين، فكان لزاماً على وفد الهيئة الاقتصادية برئاسة الفريق مميش أن يجنى ثمار الجلسات والمفاوضات السابقة على مدار العامين، خلال 24 ساعة والوصول لاتفاق نهائى مع «مركز التصدير الروسي» للبدء فى التنفيذ الفعلى على أرض شرق بورسعيد.


بعد 4 ساعات ونصف هبطت طائرة مصر للطيران فى مطار دوميدوفو بالعاصمة الروسية وسط أجواء شديدة البرودة ودرجات حرارة تصل إلى 2 درجة مئوية، ليصل بعد ساعتين وفد الهيئة الاقتصادية إلى مقر الإقامة فى موسكو لمدة ثلاثة أيام، وفور وصول الوفد للفندق لم يلبث وأن بدأ فريق العمل فى مقابلة مسئولى مركز التصدير الروسى للتجهيز لجلسات المفاوضات ثم العرض على مسئولى الجانبين.


اجتماعات منتصف الليل


فى تمام الساعة العاشرة بتوقيت القاهرة الحادية عشرة بتوقيت العاصمة الروسية موسكو، بدأ اجتماع مصرى مغلق يترأسه الفريق مهاب مميش مع أعضاء الوفد المرافق، ليبدأ فى سماع ما يشبه بتقرير مبسط لجلستهم مع وفد مركز التصدير الروسي، وما انتهوا إليه فى المفاوضات الخاصة بشأن بعض البنود القانونية وإجراءات تأسيس الشركة التى ستدير المشروع فضلاً عن الجدول الزمنى والمخطط الخاص لاستثمارات الشركات الروسية «السباق مع الزمن» هو هدفنا الرئيسي.


اليوم الثانى صباح الاثنين من وصول الوفد لموسكو، بدأت مهمة طرق الأبواب للشركات الروسية مع زيارة المنطقة الاقتصادية الخاصة فى مدينة دوبنا الروسية التى تبعد عن العاصمة بنحو ثلاث ساعات بالسيارة. طقس شديد البرودة وصلنا إلى أول محطة لهذه المنطقة كانت زيارة مصنع خاص لتصنيع المستلزمات الطبية والذى يعمل بمعايير ومواصفات عالمية خاصة، وبتقنيات عالية لأنها تمس صحة المواطن مباشرة، ومنه إلى مصنع آخر لتصنيع الكابلات الكهربائية الدقيقة للغاية ذات المواصفات الخاصة جداً والتى تدخل فى صناعة الطائرات والأقمار الصناعية..عقب الجولة اصطحبنا رجل الأعمال الروسى للحديث حول قناة السويس والمنطقة الاقتصادية التى يسمع عنها وماتقدمه من حوافز للمستثمرين، ليبدى رغبته بالتواجد فى مصر وإقامة هذا المشروع داخل المنطقة الاقتصادية، وعلى حد وصفه، «أعلم أن استثماراتى ستجوب العالم كله، من خلال هذا الموقع المميز» ويقصد به المنطقة الصناعية الروسية فى شرق بورسعيد داخل المنطقة الاقتصادية.


ومن هذا المصنع الضخم إلى لقاء رئيس المنطقة الاقتصادية الخاصة فى مدينة دوبنا، والذى استغرق نحو 30 دقيقة تم عرض الفرص الاستثمارية للمنطقتين المصرية والروسية، بحضور حاكم موسكو، ليتبعها توقيع أحد أهم مذكرات التعاون بين الجانبين لتبادل الخبرات فى مجالات عديدة وأهمها توسع استثمارات الشركات الروسية فى منطقة دوبنا الاقتصادية وإقامة مشروعات داخل المنطقة الاقتصادية.


فى طريق العودة من مدينة دوبنا للعاصمة موسكو وفور وصولنا الفندق مقر الاقامة طلب الفريق مهاب مميش من مدير مكتبه الربان محمد إبراهيم الاجتماع مع أعضاء الوفد المرافق لبحث مستجدات المناقشات مع الجانب الروسى وماتم تحضيره لجلسة صباح الثلاثاء الماضي، والاستقرار على أهم نقاط التفاوض، والتى أخذت الكثير من الجلسات الحوارية الفترة الماضية.


الثلاثاء الموافق 19 من فبراير اجتمع أعضاء وفد الهيئة الاقتصادية بممثلى مركز التصدير الروسي، لما يقرب من 4 ساعات لمناقشة مطالب الجانبين بما يحقق الصالح العام لهما.


محاور العمل


وجاءت اللحظة الحاسمة حيث نجح الفريق مهاب مميش فى اقناع الجانب الروسى بتنفيذ متطلباته فور تحقيق 4 نقاط على أرض الواقع، متضمنة:


تأسيس شركة لإدارة المنطقة الصناعية الروسية قبل إبريل المقبل، الشركة بإدارة ورأس مال روسى لكن تؤسس طبقاً للقوانين المصرية خاضعة لمتابعة دائمة من قبل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.


وإنشاء لجنة مشتركة بين الجانبين لمتابعة الأعمال كل شهرين حتى تنفيذ وتشغيل المنطقة الصناعية الروسية.


وتحديد جدول زمنى وخطة واضحة للتسويق للمنطقة الصناعية يقوم بها مركز التصدير الروسي.


وتقديم كافة الضمانات المطلوبة من الجانب المصرى يقدمها المركز الروسى لضمان تنفيذ المشروع.


وهذه المحاور مقابل طلب الجانب الروسى فى تعديل إحداثيات المنطقة الصناعية الروسية بشرق بورسعيد، لتنتهى بذلك أهم المفاوضات بين الجانبين وتبدأ مرحلة التنفيذ الفعلى والتسويق والترويج للمنطقة من قبل الجانب الروسي.


فى عشية يوم النجاح لوفد الهيئة الاقتصادية بإنهاء هذه المحطة من المفاوضات، استقبلنا السفير إيهاب نصر سفير جمهورية مصر العربية بدولة روسيا فى حفل عشاء حضره الجانبان وكبار الشخصيات المصرية والروسية، للاحتفاء بهذه الخطوة التى تحقق التقدم للبلدين.


استثمارات روسية


لم تنته المهمة عند هذا الحد، بل كان الترويج للمنطقة أحد أولويات الوفد المصري، حيث نظم المركز ورشة عمل مع 200 من ممثلى أهم الشركات الروسية ورجال الأعمال الذين أبدوا رغبتهم فى التواجد بالمنطقة الصناعية الروسية فى شرق بورسعيد، ومن هنا كانت المحطة الثانية من نجاح المهمة، حيث قامت 8 شركات من كبرى الشركات الروسية بتوقيع اتفاقيات مع مركز التصدير الروسى بحضور الفريق مهاب مميش ونائب وزير التجارة والصناعة الروسي، للعمل وإقامة مشروعات داخل المنطقة الصناعية الروسية.


وبالرغم من برودة الطقس والجليد الذى يغطى شوارع موسكو، إلا أن نجاح المهمة ودفء العلاقات الثنائية بين الجانبين كان له بصمات قوية مضادة لهذا الصقيع.


سان بطرسبرج المحطة الثانية


من موسكو العاصمة الروسية فى رابع أيام زيارة الفريق مميش ووفد الهيئة الاقتصادية، إلى مدينة سان بطرسبرج المحطة التالية لطرق أبواب كبرى الشركات الروسية والتعاون مع المنطقة الاقتصادية الحرة فى المدينة، فور وصول الوفد لمطار مدينة سان بطرسبرج، توجهنا إلى أحد أهم المصانع الروسية العاملة فى مجال تصنيع الأوناش الثقيلة ومعدات الرفع الخاصة بالموانئ وخدمات السفن، للتعرف على أحدث التقنيات فى صناعة هذه المعدات والرافعات، ليعقبها توقيع آخر مع سيرجى بوكروفسكى نائب المدير لشركة CMM الروسية ومع مركز الصادرات الروسى للعمل فى المنطقة الصناعية الروسية.


وأعلن نائب مدير الشركة الروسية أنه سيزور مصر الشهر المقبل لوضع اللمسات النهائية لتنفيذ مشروع الشركة داخل المنطقة الصناعية وهو عبارة عن إقامة مشروع لتصنيع الأوناش ومعدات الرفع الخاصة بالموانئ.


لتنتهى المهمة الناجحة فى محطتها الأخيرة بمدينة سان بطرسبرج يوم الخميس الماضى باستقبال القائم بأعمال محافظ سان بطرسبرج «ألكسندر بيجلوف» الفريق مهاب مميش لبحث أوجه التعاون بين روسيا ومصر وبصفة خاصة فى مجال الطاقة وبناء السفن وصناعة الجرارات والأدوية وغيرها من المجالات التى تتميز سان بطرسبورج فيها، ليتم التوقيع على إتفاقية ثنائية بين كل من المنطقة الاقتصادية لقناة السويس ونظيرتها فى سان بطرسبورج، لإقامة استثمارات روسية فى المجالات السابقة فى المنطقة.


من جانبه أعلن الفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس ورئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، أنه سيتم تشييد المنطقة الصناعية الروسية فى شرق بورسعيد نهاية العام 2020، ومن المتوقع أن تبدأ المشروعات فى منتصف 2021، مشيراً إلى أن هذه المنطقة سوف تضم شركات متخصصة فى المعدات الزراعية التى يحتاجها السوق المصرية، وسيمتد الإنتاج الروسى من هذه المعدات إلى أسواق أفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا.


وقال الفريق مميش أن مشروع المنطقة الصناعية الروسية لا يتضمن فى الوقت الراهن مشاركة المستثمر المصرى بل أن الإهتمام حالياً ينصب على المستثمر الروسي، حيث ستتمتع الشركات الروسية المشاركة فيها ببعض التسهيلات والمميزات التى تشجعهم على توسعة استثماراتهم بدون أفضلية مستثمر على آخر.


وأضاف أنه من المتوقع أن يصل حجم إستثمارات روسيا فى البنية الأساسية الأولية للمنطقة 190 مليون دولار بينما سوف يصل حجم الإستثمارات الخاصة فى المشروع 7 مليارات دولار.


وأكد أن إنشاء منطقة صناعية روسية لأول مرة خارج روسيا الاتحادية، تكون بالمنطقة الاقتصادية فى شرق بورسعيد، يؤكد على نجاح وقوة العلاقات الثنائية بين البلدين والدعم الكبير الذى يلقاه المشروع من الرئيسين عبد الفتاح السيسى وفلاديمير بوتين.