ومن منا بلا وجع؟

  • 203
ارشيفية

ومَنْ منَّا بلا وجع؟

بقلم- صفية محمود

إنها دنيا! فلا تستوعبُك الأوجاع ولا تنغمس فيها حدَّ الغرق، ولا تصرخ بكامل صوتك فيسمع الناس آهاتك، واقفز خارج أسوار الألم واصنع نافذة  فيه تطل منها على مواطن العافية، ترى لو فاتتك منها شُعَيرة فقد حزت منها ضفيرة، وإن تصدع رأسك سويعة فكم عوفيت من شهور! وإن أحزنتك من الناس لفظة فكم أسعدْتَك منهم بحديث، وربما ذمَّك منهم عبيد، ولكن ألم يمدحك زيد؟ ثمَّ ما يُغنيك منهم المدح؟ وهل سيشقيك من أفواههم ذم؟ 

وربما كيلت لك التهم وكم عشت موفورًا سالمَ العِرض، ولو ضيَّق صدرَك يومًا الهمُّ، فهل فارقك فارج الهمِّ؟ فيا من بُليِت ببعض البلايا كن واسع الصدر وانظر خلف السُتُر.

آلام المخاض سويعة، ويخرُجُ الطفلُ من ضيق وتخلُصُ الأم من حِمْل، وهكذا دواليك سيفضي الصبر للسهلِ، وكل ما مر من مُرٍ سَيُسْلِم يومًا لك، ولكن كُن مؤمنَ اللَحظِ وانظر حكمة الرب، وخُذ ما آتاك من شرع، ولا تترك وسيلة تواتيك، وعلق مضغةً فيك بفرجٍ من الله آتيك، وأنر نواحيك بيقين يُسَليك فما كان من صعب في دنياك لا ليُشقيك وإنما ليُخرِجُ خير ما فيك، وينفي عنك ما ساء وذنبًا كاد يُرديك؛ فالبس ثوبًا من الصبر يداوي آهة فيك، وعاليه ثوبًا نُسِج من شكر من الله يُدنيك. 

وكن واسع الصدر فما الدنيا إلا بالخير تارة! وتارةً بالشر فعِش على هامش الوجع فغدًا يأتي ما يعافيك، ففي الدنيا مَن منَّا بلا وجع؟