يال سعادة الأدراج

  • 228
ارشيفية

يا لَسعادة الأدراج؟

بقلم- صفية محمود

آهٍ.. وآهات.. منذ زمن ونسمع رِكْزًا، ثم تمتمة تصف الواقع، ويحلله تحليل خبير، ويصوره تصوير حصيف، وتتعالى التمتمة لتصير دندنة، فتصير  همسًا ثم ضجيجًا، كلنا نصف الواقع، ونسمع آخرين يجوِّدون في الوصف، وربما تلك مرحلة مهمة لتأطير المشكلة، والتفكير في الحل، فمعرفة الإشكال ومواقع الأقدام؛ أول الخيط، ومبدأ الأمر.. ولكن ماذا بعد؟

ماهي الخطوة التالية؟ فلو مكثنا نحلل الواقع؛ سنموت من مرارة مذاقه، أو نُصَاب بالإحباط، وتَنْحَل فينا ربطة الجأش الباقية، ويُفَلَّ رصيدنا من صبابة باقية بإناء عزم، وكله موت فوق موت، لا نكاد نرى فيه أثرًا لروح ولا رجْعَ نفسٍ يشعرنا بأمل في الحياة، إنما ظلمات من يأس بعضها فوق بعض.

هل صرنا كائنًا جديدًا (وحيد الخطوة)!! تحدث كارثة فنجلس ونتحاور  ونبدع في الكلام، ثم نفترق ولا شيء، نعم ربما طرح البعض حلولًا، والبقية  فنَّدوها واظهروا منها موضع الخلل،  ثم عرض الآخرون حلولًا، وفندها الأولون.

 ثم خرجنا من حلبة النقاش كلنا يحمل رأيًا جريحًا يُدمى على يديه،   ويبكي عليه، فلا نحن خرجنا بنصف رأي نجمع على إعماله، وإن لم نجمع على كماله، ولا نحن لقحنا الآراء وخرجنا برأي هجين يأخذ من محاسن كل ماطرح، ويطرح منه الخلل، ثم تشتبك الأيدي للعمل، كلنا يأتي بعود لنطبخ الخطط، فما تفلح خطة، تدفن في ورق، ولا رأي لم يلاقَح بالعمل، تحركوا وإن بان خلل؛ نصلحه في الطريق، ونُزيل معًا ما يُعيق، ولا يهم من منّا قال، ومَن يصيب!! 

 أمّا أن نسعى للكلام، ونكتب في ورق، وتتراكم الأوراق، وكل درج يزدحم بخطط؛ توصلت لسر التحنيط، وفازت به دون البشر!!  أتسعد الأدراج بما حوت؟ وتتباهى بما فيها من عصير فِكرٍ خاصم العمل، ونابذه العداء على ساق وقدم! 

ربما لامستنا رقة وشفافية وعاطفة؛ فسعينا كلنا لسعادة الأدراج لتمتلئ، ونسعد نحن بالفراغ بعد أن حملت عنّا الأدرج كل هم، ويمضي كل منّا إلى زاوية، وننعم بالشتات مُحلى بعسل اللامبالاة، والخروج بسلامة الدماغ، وفراغ البال، وننسى أنه في وقت القلة دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- الناسَ ليأتي كل بما لديه، ويصب في إناء واحد، ثم نجتمع عليه فنشعر كلنا بالشبع!! ونخرج من جوعنا إلى العمل، والقفز من واقع مميت لوادي الأمل، فعلامَ نئد الأفكارَ ونُسْعد الأدراجَ!