• الرئيسية
  • الأخبار
  • مبعوث الأزهر في نيوزيلاندا لـ"الفتح": المحنة تحمل في طياتها منحة.. والشعب النيوزيلاندي أقبل على الإسلام بكثافة

مبعوث الأزهر في نيوزيلاندا لـ"الفتح": المحنة تحمل في طياتها منحة.. والشعب النيوزيلاندي أقبل على الإسلام بكثافة

  • 255
الشيخ علاء عبد المجيد المبارك

مبعوث الأزهر الشريف في نيوزيلندا لـ "الفتح"

الحادث الأخير مؤلم.. والمحنة تحمل في طياتها منحة

الشعب النيوزيلندي أقبل بكثافة على الإسلام.. وطلب نسخًا مترجمة من القرآن الكريم

تكبيرات الآذان ارتفعت في الإذاعات والقنوات الرسمية

 

 

استنكر الدكتور علاء عبد المجيد مبارك، مبعوث الأزهر الشريف في نيوزيلندا، الحادث الإرهابي الذي راح ضحيته أكثر من 50 مسلمًا تقريبًا.

وقال مبعوث الأزهر في حواره مع "الفتح": إن الحادث رغم صعوبته، إلا أنه دفع المجتمع النيوزيلندي على التعرف على الإسلام، وطلب النسخ المترجمة من القرآن الكريم والكتب الإسلامية.

 

وإلى نص الحوار:

 

- في البداية.. نريد أن نتعرف على طبيعة عمل فضيلتك في نيوزيلندا؟

 

اسمي "علاء عبد المجيد المبارك"، أعمل واعظًا أول بالأزهر الشريف، وعضوًا بلجنة الفتوى، ومبعوث الأزهر الشريف إلى المركز الإسلامي بالساحل الشمالي بأوكلاند بدولة نيوزيلندا.

وأعمل إمامًا للمركز الإسلامي منذ يونيو 2016 م، وطبيعة عملي بالمركز: إلقاء الخطب وخاصة الجمعة، وإمامة الصلوات الخمس، وصلاة التراويح في رمضان، وإلقاء المحاضرات والدروس الدينية للجالية المسلمة بالمركز، والإشراف على الأنشطة الدينية والعلمية به.

 

 - تألمنّا جميعًا للحادث الإرهابي الذي استهدف إخواننا في نيوزيلندا داخل مساجدهم وأثناء إقامة شعائر دينهم.. كيف تقرأ هذا الحادث الإجرامي؟

أنا قدمت إلى نيوزيلندا منذ ثلاث سنوات تقريبًا كمبعوث للأزهر الشريف، وأستطيع أن أقول بعد هذه السنوات الثلاث التي قضيتها هنا، إن هذا الحادث الأليم الذي وقع لإخواننا في مسجدين بمدينة كرايست تشيرش؛ هو حادث فردي لا يعكس تمامًا تعامل المجتمع النيوزيلندي حكومة وشعبًا مع الجالية المسلمة، فالجالية هنا إجمالًا تستطيع أن تمارس معتقداتها وعباداتها وأنشطتها الدينية بحرية دون تقييد بما لا يخالف النظام العام للدولة، وهذا ليس خاصًا بالجالية المسلمة فقط دون غيرها، بل هذا لجميع الجاليات أو الأديان والمعتقدات الأخرى، فالدولة هنا تكفل حرية ممارسة العقائد للجميع، وفي الحقيقة نيوزيلندا من أقل دول العالم عنصرية في التعامل مع المسلمين، وإن كان هذا لا ينفي تمامًا وجود بعض أفراد المجتمع الذين يحملون أفكارًا عنصرية متطرفة تجاه المسلمين، إلا أن هذا ليس سمة عامة للمجتمع النيوزيلندي.

 

-        رأينا تطبيقًا حقيقيًا لقول الله سبحانه وتعالى "لا تحسبوه شرًا لكم بل هو خير"، فهل استشعرتَ هذا المعنى بعد حادث نيوزيلندا الأخير رغم صعوبته؟

مما لا شك فيه أن هذا الحادث المروع الذي وقع لإخواننا في كرايست تشيرش، حادث مؤلم بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فهو جرح جديد في جسد أمتنا، وما أكثر جراحاتها، إلا أننا نستطيع أن نقول إن هذا الحادث ينطبق عليه قول الله تعالى: {لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}.    

فقد تحملُ المحنةُ بين طياتها الكثير من المنح، فبعد وقوع هذا الحادث كانت هناك الكثير من المنح، ومن أهمها لفت انتباه الكثيرين إلى الدين الإسلامي والجالية المسلمة، فهناك الكثيرون في مثل هذه البلاد لا يعرفون شيئًا عن الإسلام سوى ما يسمعونه في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وبعد وقوع هذا الحادث رأينا هنا إقبالًا كثيفًا من هؤلاء على المساجد والمراكز الإسلامية في محاولة للتعرف على الجالية المسلمة، وما تمارسه من أنشطة دينية وثقافية في مساجدها، ورؤية هذه المساجد والمراكز الإسلامية والتعرف عليها، وهذا تبعه محاولة التعرف على الدين الإسلامي ومعتقداته وعباداته وأخلاقه التي ينادي بها، وطلبُ النسخِ المترجمة من القرآن الكريم والكتب الدينية والدعوية.

ولا شك أن هذه فرصة عظيمة للمسلمين في هذه البلاد لعرض دينهم وقضيتهم بصورة عادلة، وإظهار الصورة الحقيقية الطيبة عن الإسلام، ونفي الشبهات والإشاعات التي تثار حول الإسلام والمسلمين. 

-        كيف كان رد فعل الشعب النيوزيلندي والحكومة النيوزيلندية تجاه الجالية المسلمة؟

بعد وقوع الحادث كان رد الفعل من المجتمع النيوزيلندي على مستوى الحدث، سواء كان ذلك على الجانب الحكومي أو الجانب الشعبي.

والدليل على هذا ما رأيناه من مظاهر الدعم والتعاطف مع الجالية المسلمة سواء كان على المستوى الحكومي من خلال تصريحات ومواقف المسئولين التي تعبر عن رفضهم التام لهذه الحادثة، بدءًا من رئيسة الوزراء، وأعضاء الحكومة، والبرلمان، والأحزاب السياسية، وغيرهم.

أو كانت على المستوى الشعبي من خلال ما رأيناه من باقات الورود وكروت الاعتذار وعبارات الأسف المصاحبة للدموع التي حضر بها أصحابها إلى المساجد؛ لتعبر عن رفض المجتمع النيوزيلندي لهذه الحادثة واستنكاره لهذه المأساة.

ومن مظاهر الدعم والتعاطف التي رأيناها من الحكومة والشعب مع الجالية المسلمة أنه لأول مرة في تاريخ نيوزيلندا تفتتح جلسة البرلمان بقراءة القرآن الكريم، كما تم لأول مرة أيضاً إذاعة الآذان لصلاة الجمعة في الراديو والتليفزيون، وارتداء بعض النساء غير المسلمات للحجاب، ومنهن رئيسة الوزراء، تضامنًا مع المسلمين وحضور صلاة الجمعة معهم.

كما يجب هنا أيضًا أن نشيد بالدور الذي قام ويقوم به الأمن النيوزيلندي منذ وقوع هذه الحادثة في الحفاظ على أمن الجالية الإسلامية، وتأمين المساجد ليل نهار من خلال التواجد أمام المساجد في أوقات الصلوات، والأنشطة الدينية، والدوريات التي تمر بين الحين والآخر.

 

-        نريدك أن تحدثنا أيضا عن انتشار الإسلام في أوروبا.. كيف ترى انتشار الإسلام خلال الفترة الأخيرة رغم الحرب التي تُمارس عليه؟

من خلال ما رأيته وعايشته هنا في نيوزيلندا أستطيع أن أؤكد أن انتشار الإسلام في أوروبا بصفة عامة وفي دولة كنيوزيلندا بصفة خاصة يسير بصورة طيبة وبخطى ثابتة، قد يتأثر هذا أحيانًا بالأحداث التي تثار عن المسلمين على الساحة العالمية، وكيفية تناول الإعلام الغربي لهذه الأحداث عن البلاد الإسلامية، وما يحدث فيها، لكن هذا لا يمنع من رؤية انتشار الإسلام في أوساط هذه المجتمعات الغربية، ومما يؤكد على انتشار الإسلام مثل هذه الحوادث التي يقوم بها أمثال هذا الإرهابي المتطرف؛ الذي قام بحادثة نيوزيلندا، والتي تبين قلق أمثال هؤلاء من انتشار الإسلام في أوروبا، إما من خلال المهاجرين القادمين إليها، أو من خلال دخول السكان الأصليين لهذه البلاد في الإسلام.

 

- هل يمككنا أن نقول إن الإعلام الغربي نجح في تشويه صورة الإسلام وصناعة إسلاموفوبيا تصد الناس عن الإسلام؟

طبعًا لا نغفل ما يقوم به الإعلام الغربي بصفة خاصة، ومنصات الـ "سوشيال ميديا" بصفة عامة من محاولات تشويه الإسلام وصناعة الإسلاموفوبيا في محاولات مستميتة لمنع انتشار الإسلام في أوروبا، ونجح الإعلام في أوقات كثيرة في رسم صورة غير حقيقية عن الإسلام والمسلمين عند الكثيرين في هذه المجتمعات، ممن لا يعرفون شيئًا عن الإسلام، إلا من خلال ما يبثه هذا الإعلام، ومما يؤكد هذا أنك تجد هناك مؤيدين لمثل هذه الحادثة في أوساط هذه المجتمعات.

فعلى سبيل المثال المجتمع النيوزيلندي هنا، وهو من أقل المجتمعات عنصرية كما ذكرنا، ورأينا الكثير من مظاهر الدعم والتعاطف في هذه الحادثة من أغلب فئات المجتمع، وهذه حقيقة، إلا أنه ينبغي أن نشير أيضًا أننا لا نعيش في مجتمع ملائكي، فهناك من يؤيد ويرتضي مثل هذه الحوادث، وهناك من يعتبرها حادثة كغيرها من الحوادث، وهناك من يرفض مثل هذه الحوادث، لكنه يرى أن الحكومة النيوزيلندية، والمجتمع، بالغَ في مظاهر الدعم والتعاطف مع المسلمين.

وفي الختام ينبغي أن أنبه إلى أنه يجب أن يتعامل المسلمون في هذه البلاد مع هذه الأحداث تعاملًا ينطلق من مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية التي من أهمها قول الله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}.

 فيجب علينا في ردود أفعالنا تجاه ما حدث أن نكون ملتزمين بأحكام شريعتنا الإسلامية، وأن يعرض كل منّا موقفه ورد فعله على شريعتنا، فلا ينبغي أن يؤاخذ المجتمع بخطأ أحد منه، أو حتى بعض أفراده، وليس هناك مبرر شرعى لإيذاء أحد، لا ذنب له، ولا جريرة له فيما حدث، فليس هذا من أحكام شريعتنا ولا من ديننا.