إلى شباب الأمة.. من يتحمل المسئولية؟

  • 161

حذرنا "الإرشاد" من ترشيح مرشح رئاسي ينتمي لكيانات إسلامية

طرحنا مبادرة لحل الأزمة فاتهمونا بالعمالة لجبهة "الإنقاذ"

وفوجئنا بالمعزول يعرض نفس بنودها قبل عزله بـ "يوم"

كربلائية المشهد غطت على الحسابات الواقعية.. وأدت إلى نتائج كارثية

"الجماعة" استعدت كل الأطراف دفعة واحدة

"عملاء أمن الدولة، الانقلابيون، حزب الزور، حزب الظلام"، اتهامات وتخوين وتحميل للمسئولية، وجهتها جماعة الإخوان المسلمين وأتباعها إلى الدعوة السلفية وقياداتها، عقب أحداث يونيو، وما تبعها من عزل الدكتور محمد مرسي.

وبعيدًا عن التصريحات الإعلامية، نعرض خلال السطور المقبلة بالتواريخ، مواقف جماعة الإخوان المسلمين والدعوة السلفية تجاه أحداث عديدة، منها الموقف من ترشيح مرشح إسلامي للرئاسة، وغيره من الأحداث، لتضح الصورة كاملة.

بداية الموقف من الرئاسة

رأت الدعوة السلفية عدم ترشيح رئيس ينتمي لكيان إسلامي منظم، حتى لا يَحدث احتقان ضده من دوائر أوسع يمكن أن نكسبها، ولا يقال إنه رئيس لطائفة من دون الناس.

في حوار لخيرت الشاطر مع "الشروق" يوم 29 إبريل 2011، عرض عدة أسباب دفعت الجماعة لرفض تقديم مرشح للرئاسة، وقال: "نتخوف من أن يؤدي وجودنا على رأس السلطة إلى أن يغير الجيش موقفه ونكون السبب المباشر في قتل الحياة الديمقراطية في مصر، والمؤسسة العسكرية قالت إنهم سعداء بعدم ترشيح أحد منا للرئاسة، والبلاد واقعة ولا يمكن لفصيل واحد أن يتحمل المسئولية بمفرده، والإخوان تعلموا من درس الجزائر وغزة بسبب الوصول السريع للسلطة، ولن نعيد الكرة في مصر، وهناك تخوف كبير منا ولا يمكن أن ننظر تحت أقدامنا ونبحث عن مصلحة الجماعة فقط حتى نصل للحكم".

وهنا نتساءل: لماذا غيرت الجماعة موقفها تجاه الرئاسة، فأين الخطط التي وضعتها لعدم الوقوع في تلك المحذورات؟ وأين الرؤية الواقعية للأرض؟ وحينما عقد مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين لحسم الموقف من الرئاسة، كان أول اقتراع له ألا يرشح أحدا من الجماعة ثم عقد اقتراع ثانٍ خرج بنفس النتيجة، وقبل الاقتراع الثالث تم تطعيم مجلس الشورى بعشرة أعضاء إضافيين من خارجه، وكانت النتيجة: 56 عضوا صوتوا بنعم، و52 عضوا صوتوا بلا، فكيف لقرار مصيري كهذا دخلته جماعة الإخوان بنسبة 51 % ؟ وبعد الوصول إلى جولة الإعادة تم عقد اتفاق بين مكتب الإرشاد ومجلس إدارة الدعوة السلفية، أن تكون إدارة الدولة بالتوافق، وإشراك أكبر عدد ممكن من القوى الوطنية في الإدارة (الحقيقية وليست الرمزية)، وأن يكون هناك اجتماع لمناقشة الأوضاع كل ثلاثاء من أول شهر عربي بين مكتب الإرشاد ومجلس إدارة الدعوة.

مع أول اجتماع، قال المهندس خيرت الشاطر: "لقد قطعنا (جماعة الإخوان) الاتصالات بالرئيس"، وتم التنصل من كل الوعود السابقة ومع ذلك لم نتوقف عن النصح لهم.

وحينما رصدنا أن مكونات المعارضة متعددة وغير متجانسة:

1- مكون عالماني كاره للشريعة.

2- من لهم مصالح وارتباطات بالنظام القديم.

3- الكارهون للإخوان كإخوان، وغيرهم من المكونات.

وهناك مكون رابع أكثر خطورة، حاولنا ألا ينضم إلى المعارضة لأنه سيقلب المعادلة، وهم أصحاب المصالح الحياتية (الرغيف - البنزين - السولار).

المكونات السابقة -عدا الأخير - ومعهم الإعلام، كانت ضد التيار الإسلامي في كل الجولات (استفتاء 19 مارس، والبرلمان، والشورى، والرئاسة، والدستور) ومع ذلك لم ينجحوا، ونزلوا جميعهم في 24/8/2012 للميادين ولم ينجحوا، ما عدا مرحلة 30 / 6 التي دخل فيها المكون الرابع وغير المعادلة تماما.

ففي جولة الإعادة الرئاسية، اتفق معنا الإخوان أن يهتموا بمراقبة اللجان، وأن ننزل نحن للشوارع ونخاطب الجمهور لأنه كان يقبل كلامنا في تلك المرحلة، ونحن نتساءل: هل كان السلفيون يستطيعون الترويج لمرسي قبل 30-6؟ أكان الناس يقبلون الحديث عنه؟، وخاصة بعد حجم الأخطاء التي اقترفتها الجماعة؟ مبادرة حزب النور في 28 من يناير طرح حزب النور مبادرة (رؤية سابقة للأحداث بخمسة أشهر)، لحل الأزمة السياسية في ذلك الوقت، كان الرد صادمًا، حيث شنت جماعة الإخوان هجومًا ضاريًا على الحزب والدعوة السلفية، وقالوا آنذاك، إنها قبلة حياة لجبهة الإنقاذ، مع أن الدكتور محمد مرسي قبل عزله بيوم (2 / 7) طرح نفس بنودها، ولكن بعد ارتفاع سقف المطالب.

لابد أن تعلم الجماعة أنها تعاملت بسياسة الاستعداء لكل الأطراف دفعة واحدة، وهي سياسة في غاية الخطورة، فقد عادوا مؤسسة الأزهر، وقالوا لشيخه: "قبضت كام يا شيخ الأزهر"، مع أنه من عائلة يمكن أن تصرف على محافظة كاملة.

كما أنه عادى مؤسسة القضاء حين وصف كامل أعضائها بالفلول، في حين أن مبادرة حزب النور طرحت أن يتولى المجلس الأعلى للقضاء اختيار نائب عام جديد، فقالوا: لا.. هؤلاء فلول!، ونسي أعضاء الجماعة أنه قبل الاستفتاء على الدستور، كان المستشار أحمد الزند قد سحب أغلب القضاة خلفه لرفض الإشراف على الاستفتاء، ثم ليلة الاستفتاء يخرج مجلس القضاء ببيان تاريخي يقول فيه إن الإشراف على الدستور شرف وواجب وطني، فيتحول موقف القضاة تبعا للمجلس الأعلى، ومع ذلك استعدت الجماعة المؤسسة القضائية بالكامل.

في الإرشاد قبل العزل بأسبوعين

وفي يوم 16/ 6 قبل الأحداث بأسبوعين، جاءت زيارة وفد مكتب الإرشاد لمجلس إدارة الدعوة السلفية، وقضينا الساعات لإعداد ورقة حلول للخروج من الأزمة - رغم أزمة خالد علم الدين، حتى لا يظن أحد أن الدعوة السلفية أخذت موقفًا لعقاب جماعة الإخوان، وإلا فلماذا نتعب أنفسنا بالساعات في إعداد مخرج لهم؟، وكان جواب وفد مكتب الإرشاد: لا تقلقوا! هذه المليونية رقم 25 من 24 مليونية من قبل، وقد أتينا للتزاور في الله.

وفي يوم 21/ 6 صدرت تصريحات تصادمية من مؤيدي الإخوان "اللي يرش مرسي بالمية نرشه بالدم، سنسحق المعارضة، المعركة بين الإسلام والكفر"، وهذه البيئة لا يمكن للدعوة السلفية أن تشارك فيها، حتى لا تتحمل فاتورتها، وحتى لا تتلوث يدها بدماء أحد، ويصبغ عليها الخطاب التكفيري التصادمي، وهذا أخطر من خسارة المنصب.

وفي يوم 24/ 6 أذيع خطاب الفريق عبد الفتاح السيسي على التلفاز وفيه: "لقد تركت القوات المسلحة التدخل في إدارة البلاد طوال الفترة الماضية حتى وصلنا إلى الأوضاع الحالية"، فماذا فهم الإخوان من ذلك؟، وخرجت لجانهم: "الله عليك ياسيسي"، "المهلة دي للمعارضة يا جماعة مش لينا"، "ما تقلقوش السيسي معانا!"، و"هو اللي دخّل صلاة الفجر للجيش!". وفي يوم 29/ 6 دعا الدكتور محمد مرسي رؤساء الأحزاب الإسلامية للتشاور، ليعرض عليهم ورقة مقدمة من الجيش لحل الأزمة، ليس منها انتخابات مبكرة أو استفتاء، وإنما مطالب سهلة (تغيير حكومة - نائب عام...)، فيكون مضمون ردود الأفعال: الكتاتني: لا تلتفت، فأعداد من وقعوا على تمرد: 150 ألفا، وحساباتنا الدقيقة لمن سيخرج منهم: 10 % يعني 15 ألفا فقط من سينزلون يوم 30 - 6 !! أبو العلا ماضي: نرفض تدخل الجيش في الحياة السياسية، سيبك منهم يا ريس!. وحذرهم مندوب حزب النور من أن الوضع يحتاج لتنازلات قد تكون مؤلمة الآن، ولكن لابد من علاج الاحتقان، فرفضوا.

وفي يوم 30/ 6، خرج الآلاف في كل الميادين، وكان بمحافظة مثل كفر الشيخ وحدها ثمانية ميادين، امتلأت عن آخرها، فكفى تزييفا للواقع أن هؤلاء نصارى وفلول فقط، فقد نزلوا جميعا قبل ذلك في 24/8/2012 ولم ينجحوا في ملء ميدان التحرير.

أما يوم 1/ 7 فقد أصدر الجيش بيان مهلة الـ 48 ساعة، ورأت الدعوة السلفية حينها أننا مقدمون على ثلاثة سيناريوهات:

الأول- سيناريو الصدام (الجماعة الإسلامية في الثمانينيات - الجزائر في التسعينيات).

الثاني- سيناريو إسقاط الدستور وعزل الرئيس.

الثالث- سيناريو الانتخابات المبكرة، الذي تقدمت به الدعوة السلفية في بيانها يوم 1-7 ولو قبلوا لكان الرئيس هو الذي يقود خريطة الطريق، واستعاد شيئا من الخسائر في الشعبية.

ليخرج بعدها الدكتور محمد مرسي ببيان (الشرعية ثمنها دمي) بعدها بخمس دقائق تم القبض عليه ووضع تحت الإقامة الجبرية، ولم ينتظر الجيش تأييدا من أحد قبل أن ينفذ. والذي لا يدرك هذا التسلسل يظن أننا شاركنا في عزل الرئيس، والحقيقة أن الجيش نفذ العزل ثم خرج ببيانه الأخير، فلم نشارك في حصار مبنى الإذاعة والتلفزيون ولا القبض على مرسي، فالعزل تم قبل أن نظهر في المشهد تماما. أما من يدعي أننا مهدنا الطريق للعزل، فعليه أن يثبت أن مرسي كان ممكّنًا قبل 3-7، فإن لم يكن مُمَكّنًا؛ فوجودنا وعدمه سواء، وإلا لقام هو بعزل من أنذره.

العزل تم كقطار انطلق رغما عن الجميع، فإذا أتيحت لك الفرصة أن تقف بجوار السائق لتنصحه ليستجيب مرة، ولا يستجيب في الأخرى، أفضل؟ أم أن تقف أمام القطار ليقطع قدميك؟. ماذا تسمي ما حدث: هل انقلاب أم ثورة؟ (معذرة هذا تشاغل عن الأزمة الحقيقية) - فسواء سميته: تغييرا للسلطة، أو انقلابا، أو ثورة شعبية، فلا يفيد ذلك شيئا، إذا انسكب كوب من اللبن على الأرض؛ فلن يجدي نفعا أن نضيع الوقت في التباحث؛ هل كان اللبن المسكوب لبنا بقريا أم جاموسيا؟ المشكلة في التعامل مع الواقع بما يناسبه.

ولابد أن يعلم الجميع أن الدعوة السلفية حاولت الانفصال إعلاميا عن الإخوان بعد الإعلان الدستوري الذي خرج بدون علم نائب الرئيس ولا المستشار القانوني للرئيس ولا وزير العدل، مما يؤكد الإملاءات التي تأتي من خارج الرئاسة، وهذه سياسة كارثية، ومع ذلك ضاعت جهودنا في الانفصال إعلاميا بسبب استغلال الإخوان لبعض الدعاة الملتحين في فعالياتهم، حتى ظهر الشيخ جلال مرة يوم 3-7 مما رسخ الفصل إعلاميا واستعدنا الجهود الضائعة في الانفصال حتى لا نتحمل أخطاءهم.

الجيش لا يهمه علمانية أو إسلامية، وإنما الأمن القومي والسلطة، ولكنهم قد يحافظون على النظام الإسلامي في الجملة بسبب الجو العام الضاغط، ولو أن الذي ظهر في الصورة يوم 3 - 7 هو البرادعي فقط، فسيقول الناس: لقد هزم التيار الإسلامي كله، أما بظهور فصيل إسلامي بشكل قوي، فهذا مثّل عامل ضغط أثر في اختيارات من بالسلطة، فتم منع البرادعي من تولي الرئاسة (تولى فقط منصب وزير خارجية بمسمى أعلى - نائب الرئيس للشئون الخارجية، ولا علاقة له بالأمور الداخلية) وكذلك منعنا إسقاط الدستور بالكلية.

والإعلان الدستوري الحالي لم تكن لتوجد فيه المادة الثانية والمفسرة إلا بضغوط حزب النور. وبعض من لا يحسن النظر السياسي لا يدرك فائدة وجود تيار ضاغط يوازن ضغوط التيارات العلمانية أمام من بالسلطة. ما الفائدة من مواد نظرية لا تطبق؟، إنها نفس الفائدة التي كانت موجودة أيام الإخوان ولم تطبق، ألسنا ندرك أهمية الإقرار النظري ولو تخلف التطبيق؟، أليس الفرق بين آدم وإبليس هو الإقرار؟، فإصلاح الجانب النظري في الدولة أمر أساسي، والتطبيق خطوة تالية.

وحاليا هناك ضغوط شديدة ومتنوعة من الجانب العالماني لتغيير مواد الهوية الإسلامية في الدستور، ومن يمثل الجانب الضاغط المعاكس لهذه الضغوط هو حزب النور فقط، وللأسف فإن بعض الإسلاميين يدركون هذا ومع ذلك يسعون لإضعاف حزب النور الذي يخوض معركة الهوية الآن بمفرده. ما الضامن للحفاظ على هذه المكاسب بنسبة 100%؟ لا ضامن! أمن الدولة يمكن أن يرجع، ومواد الهوية يمكن العبث بها.. لا المفاوضات مضمونة ولا الحشود كذلك، إذن أختار الطريق الذي ليس فيه تهاون بأمر الدماء.. أما أكبر سبب للحفاظ قدر الإمكان على المكاسب: وجودك القوي على الأرض، أن تظهر بصورة الكيان المتماسك، الذي تلتف قواعده خلف قيادته.. لا يصلح أبدا أن تظهر انشقاقاتك وخلافاتك الداخلية أمام أعين المفاوض وأطراف التفاوض.

الانسحاب من خريطة الطريق

وبعد مجزرة الحرس الجمهوري انسحب حزب النور من المشاركة في خريطة الطريق، وذلك لأن الطرفين لم يلتزما بها، واستمرا في العناد والتهييج (عمليات سيناء ستتوقف بعودة مرسي - الجيش الثاني انشق)، وهكذا اشتدت رغبة السلطات في إنهاء الأمر بكل سرعة وقسوة.

وحاولنا أن ندفع بشيخ الأزهر ليتوسط للمصالحة ولكن تم تخوينه ورفض أية مصالحة قبل عودة مرسي وهو طلب عقيم! وفي يوم الجمعة 26/7، قال البلتاجي: لقد عرض الجيش خروج القيادات وعدم مصادرة الأموال، ورفضنا التفاوض إلا إن عاد مرسي. موقف الحزب من فض اعتصامي رابعة والنهضة ولو افترضنا أن الدعوة السلفية وذراعها السياسية شاركوا في أحداث 30 يونيو، فكيف كان موقف حزب النور من قبل الفض؟ بيانات الحزب الرسمية حملت وزارة الداخلية مسئولية الدماء، وقال المهندس جلال مرة، الأمين العام للحزب: "الظلم لن يطول، والشعب لن يصبر على ذلك طويلا ولابد لكل القيادات أن ينظروا لمن سبقوهم فإن الجزاء والعقاب لن يتأخرا طويلا".

أما الحزب فقد أصدر بيانًا جاء فيه: "نعلن رفضنا التام للمطالبة بتفويض خاص وعبر حشود شعبية في هذا الشأن، ونؤكد أن خرق أجهزة الدولة للقانون يهدد بزوال الدولة". كما أعلنت الدعوة السلفية براءتها إلى الله من كل من باشر أو تسبب أو أمر أو حرض أو رضي أو أقر سفك الدماء المعصومة.

وقال أحمد خليل خير الله، عضو الهيئة العليا: "أُحمل السيسي وعدلي منصور والببلاوي ومن عاونهم أو ساندهم بالقول أو الفعل مسئولية كل قطرة دم تُراق في مصر". أما الدكتور يونس مخيون، رئيس حزب النور، فقال: أحمل القائمين على إدارة البلاد مسئولية كل قطرة دم". وأما بعد فض ميداني رابعة والنهضة، فقد صدر بيان رسمي من حزب النور يطالب الحكومة بتقديم استقالتها، ويستنكر القتل بغير حق.

وقال د.ياسر برهامي – نائب رئيس الدعوة السلفية - على قناة العربية: يتحمل مسئولية الدماء: المباشر، والمتسبب، ومن أمر بطريقة غير منضبطة وعشوائية في فض الاعتصامات أو إعطاء الأمر للقادة الميدانيين ليتصرفوا كما يشاءون، ومن رضي بذلك.

قرار عدم النزول لماذا لا ننزل؟ وما الفائدة التي تتوقعها؟ لو أن العبرة بأن لك حقا، وفقط، فلماذا لا تذهب لتحرير بيت المقدس، واحتلاله ظلم قطعي؟ لماذا لا تذهب لهدم الأضرحة ومشاهد الشرك؟ أليس هذا من الحق؟ لماذا تتركه؟ لأجل المصلحة والمفسدة؟ فلماذا لم تعتبر المصلحة والمفسدة في دخولك في مواجهة غير متكافئة؟ أمازلت تتوهم أن الشعب معك؟، أكبر اعتصام لك تم فضه في زمن بسيط، وغيره أبسط منه وسيتم القضاء عليه بمباركة شعبية كذلك إن لم تنتبه!. ألم تكن هذه الكلمات مما غرر به الشباب ليدخلوا في معركة خاسرة غير متكافئة، ولم نتعلم الدرس: "أمريكا معانا، والجيش الثاني انشق، والسيسي مجهز أسرته عند المطار عشان يهرب، ويوم السبت هايحصل حاجة، والأحد مرسي هايكون معانا، والناس كلها بقت معانا، وإيه اللي يمنع إننا نكرر اللي حصل في 25 يناير؟".

أثبتت كل المواقف صحة رؤيتنا، ووقع ما حذرنا منه للأسف.. ومع ذلك يصر البعض على أن يستمر خلف من لا يحسن القيادة! ((سؤال مأساوي إلى كل من نزل)): لو لم ينزل الإخوان إلى الشوارع، هل كنت ستنزل؟ إذن أنت تسير خلف من تعلم فشله في فقه الواقع والتعامل معه. ومن التغرير أن يظن البعض أن الأمر سيحسم من بعض المحافظات المتعاطفة.. سينتهون من العاصمة - بل فعلوا -، ويستديرون بعدها إلى الأطراف.. متى سنفهم؟ علماء أجلاء حذرونا وبينوا لنا، فتم اتهامهم وإساءة الأدب معهم، فلعل ذلك من أسباب زيادة البلاء علينا.. حذرنا من سيناريو (الصدام)، فلما وقع؛ قالوا: هلم إلينا!! أندخل فيما حذرنا منه؟! لا نملك إلا الإنكار باللسان، والنزول لن يقلل الدماء، بل سيزيدها.

لماذا حزب النور؟

لماذا ينشغل الإخوان ومؤيدوهم بحزب النور؟ هل هو الذي فض الاعتصام؟ أم هو الذي سعى للصلح فرفضوا وخوّنوا؟ اتقوا الله، واعلموا أن هذا من أسباب البلاء لأنه من الذنوب: "من خاصم في باطل وهو يعلمه، لم يزل في سخط الله حتى ينزع، ومن قال في مؤمنٍ ما ليس فيه، أسكنه الله ردغة الخبال، حتى يخرج مما قال، وليس بخارج" صححه الألباني. نكرر.. وهذا كلام من صحت رؤيته - بتوفيق الله - خلال الأحداث الماضية: "الطريق الوحيد لحقن دماء المسلمين هو الحل السلمي".

لو كان الرئيس منكم وتم عزله، فهل تتصرفون بنفس الطريقة؟ سبب هذا السؤال هو عدم الانتباه إلى الفرق بين الدعوة السلفية والإخوان المسلمين في قضية منهج التغيير.

فالهدف الاستراتيجي للتغيير عند الدعوة السلفية هو: "المجتمع"، بينما "الدولة" لا تمثل له شيئا في بلادنا إلا كغطاء الرأس أو القلنسوة فوق الجسم الهائل. وانظر إلى ثورة 25 يناير كيف ظللنا بلا شرطة لمدة 18 يوما ومع ذلك بسبب ما منَّ الله علينا من مواد لاصقة بين لبنات المجتمع استطاعت البلاد أن تصمد، بينا في الغرب مثلا، حدث ولا حرج عن النهب والسرقات خلال انقطاع الكهرباء لمدة نصف ساعة. فالسبيل للوصول إلى التغيير المنشود هو تغيير العقل الجمعي.. وذلك عن طريق: بناء الشخصية المسلمة المتكاملة ثم إيجاد صورة مصغرة للمجتمع المنشود (طائفة من الأفراد الصالحين يتعاونون على إقامة الفروض الكفائية قدر الإمكان) ثم أن يأخذ المجتمع كله الصبغة الإسلامية بعد ذلك عن قناعة، وحينها تكون مسألة الدولة تحصيل حاصل كما يقولون لأن مكوناتها ستكون من ذلك المجتمع.

ولا مانع خلال طريقي إن كانت هناك مصلحة راجحة: أن أشارك في الحياة السياسية، ولكن بقدر يقلل الخسائر ويعظم المكاسب ويحمي الدعوة من التضييق عليها بالقانون ويفتح لها آفاق العمل. أما الإخوان فيرون العكس؛ أي الوصول للدولة أولا ثم من خلالها يغيرون المجتمع، وهو ما أثبتت التجارب العديدة بطلانه، وأن حصولهم على الدولة أولا لم يغن عنهم شيئا من غضب المجتمع وتقلباته.- آيات الثقة والتوكل واليقين يجب أن نعمل بها في كل الأحوال، قوة وضعفا، ولكن المشكلة هي في تحديد أي حال نحن أقرب إليه؟ فالذي قال: "صبرا آل ياسر، فإن موعدكم الجنة" صلى الله عليه وسلم هو الذي علمنا الصبر والثبات، وهو هو –صلى الله عليه وسلم- الذي رد أبا جندل إلى المشركين في الحديبية، دفعا لمفسدة أكبر.

فمن يتحمل مسئولية الأحداث