"برهامي": الإيمان والتقوى من شروط تحقيق السعادة في الدنيا والآخرة

  • 539
د. ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية

نائب رئيس الدعوة السلفية يكشف:                 

علاقة الإيمان والعبودية لله بتحقيق السعادة والوصول إلى القناعة!

                                      "برهامي": الإيمان والتقوى من شروط تحقيق السعادة في الدنيا والآخرة                                        

أكد د. ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية، أن بحث الإنسان عن السعادة تعد مسألة فطرية؛ فَطَر الله عليها الناس أفرادًا وجماعات، وأكثر الناس يظنون السعادة في الأشياء المادية، مِن: طعام، وشراب، وممارسة جنسية، ولباس، ومسكن، ومركب، وأنواع الرفاهية والترف، ويظنون أن الدول الناجحة هي التي توفِّر لأهلها ذلك، ويضاف في الدول أيضًا: الرغبة في العُلُوِّ وقهر الآخرين واستضعافهم، وتملك أموالهم وثرواتهم بحرمانهم منها، والاستمتاع بها دونهم!


وأضاف "برهامي" في مقال له تحت بعنوان "بناء الأمم وبقاؤها": أن الله سبحانه وتعالى قد الرسل وأنزل الكتب ليبيِّن للناس أن السعادة لا تحصل بذلك؛ بل بتحقيق الدين والإيمان والعبودية لله؛ التي هي حياة القلب، وفي الأثر المذكور عن المسيح -عليه السلام-: "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، ولكن بكل كلمة تخرج من الرب".

وتابع " أن الإسلام جاء ليخرج الناس من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، فهو يجمع للناس خير الدنيا والآخرة، وسعادة الدنيا والآخرة؛ وذلك بتغيير اهتماماتهم وأولوياتهم، مستشهدا بقول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ، فَرَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ، وَمَنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ نِيَّتَهُ، جَمَعَ اللَّهُ لَهُ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ) (رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني)، فالدنيا تأتي راغمة لمَن تقرب إلى الله -عَزَّ وَجَلَّ- وأراد الدار الآخرة كأكبر الهَمِّ، قال الله -تعالى- في الحديث القدسي كما رواه عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يَا ابْنَ آدَمَ، تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي، أَمْلأْ قَلْبَكَ غِنًى، وَأَمْلأْ يَدَيْكَ رِزْقًا، يَا ابْنَ آدَمَ، لا تَبَاعَدْ مِنِّي، فَأَمْلأْ قَلْبَكَ فَقْرًا، وَأَمْلأْ يَدَيْكَ شُغْلا) (رواه أحمد والترمذي والحاكم واللفظ له، وقال: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ"، وصححه الألباني".

وأوضح نائب رئيس الدعوة السلفية، أن الإيمان والتقوى تتحقق بهما سعادة الدنيا والآخرة؛ وتحصل بهما القناعة التي هي أساس السعادة، ويزول السخط الذي هو أساس الشقاء، قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ؛ فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ) (رواه أحمد والترمذي، وحسنه الألباني)، مع أن الدنيا تأتي لمَن ابتعد عنها، وتفر ممَن طلبها؛ فلا يشبع منها طالب، وإنما يسعد بها مَن استغنى عنها.

وأشار إلى أن الإيمان سبب بقاء الأمم على الخير، قال -تعالى-: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (الأعراف:96)؛ فالتكذيب والكسب السيء سبب نزول العقوبة من الله، وحصول الدمار للأمم، كما قص الله -عَزَّ وَجَلَّ- علينا في كتابه، وقال عن اليهود والنصارى: (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) (المائدة:66)؛ فكيف بمَن يقيم القرآن الذي رفع الله -تعالى- فيه الآصار والأغلال التي كانت عليهم بذنوبهم وظلمهم في الشرائع السابقة؟!

وألمح د. ياسر برهامي، أن المسلمون عندما أرادوا فتح البلاد لسعادة أهلها في الدنيا والآخرة بدخولهم في الإسلام، ولم يكن الفتح استعبادًا للناس وقهرًا لهم، بل أزالوا ممالك الظلم والعدوان والقهر، ورَبُّوا الشعوب على الدين، وصار أئمة المسلمين مِن الموالي الذين سُبُوا صغارًا فرَبَّاهم الصحابة -رضي الله عنهم- كأبنائهم، كعكرمة مولى ابن عباس -عَلَّمَه ابنُ عباس وهو عنده صغير-، وسعيد بن جبير كان مولى، وكذلك الحسن البصري مولى، ونافع مولى ابن عمر -رضي الله عنهما- مُقَدَّم في الرواية عن ابنه سالم، وهو شيخ الإمام مالك؛ فدَلَّ على أنه كان يُرَبِّيه كابنه تمامًا، وأمثال هذا كثير جدًّا يصعب إحصاؤه.