العاطفة .. والقرارات

  • 148

حينما تكون العاطفة موجهة للسلوك الانساني فربما تصدر عنه أشياء لم يكن يتمناها و عنما يرجع إلي نفسه يشعر بالندم علي ما قدم و القرآن حكي لنا موقفا مشابها عندما رأي نبي الله موسى رجلا من شيعته يقتتل مع آخر أسرع موسي عليه السلام إلي الرجل فوكزه فقضي عليه ثم شعر بذنبه و استغفر ربه و لكنه عاش في جو من الخوف و الترقب و هذه النفسية الخائفة المترقبة اقرب إلي اتخاذ القرارات الغير مناسبة و لما رأي سيدنا موسى نفس الرجل في اليوم التالي أسرع اليه ايضا لانقاذه و لكن شاء الله ما شاء و جاء الناصح ينصحه إن الملأ يأتمرون بك فاخرج إني لك من الناصحين.

فلابد أن يخرج لتغيير هذا الجو النفسي و تغيير البيئة التي تدفعه في اتجاه بعينه وخرج سيدنا موسي من المدينة خائفا يترقب و لما و صل الي مدين و التقي بالرجل الصالح فما كان من الرجل الصالح إلا ان أرسل رسالة تطمينية إلي سيدنا موسي قائلا: "لا تخف نجوت من القوم الظالمين"، فعليك أن تغير نفسك وتعيش الواقع الجديد بعيدا عن الضغط النفسي و العصبي الذي تتسبب فيه حالة الخوف و الرعب التي كنت تعيشها. وقضي سيدنا موسي فترة من حياته بعيدا عن التوترات و الصراعات راجع فيها نفسه و أعاد تقييم قراراته و ترعرت نفسيته في ظروف مختلفة وهذا كفيل بأن تغير طريقة التفكير و كيفية اتخاذ القرارات.

و رجع سيدنا موسي الي قومه مرة أخري و لكن بنفسية مختلفة مؤهلة للواقع الجديد فرأي أشياءا لم يكن ليسكت عليها في الماضي فسيدنا موسي الذي هب لنصرة رجل من شيعته إذا به يرى السحرة بعد اسلامهم يقتلون ويصلبون و فرعون يتسلط علي قومه فيعود مرة أخري يذبح أبناءهم و يستحيي نسائهم و سيدنا موسي يقول لهم: "استعينوا بالله و اصبروا" فللبعد عن البيئة المشحونة بالخوف و التوتر أثر كبير في التغيير انعكس علي القرارات التي أصبحت تؤخذ بتمعن شديد بعيد كل البعد عن الاندفاع وراء العواطف.

نحن في حاجة ماسة للبعد عن الأجواء المشحونة و البعد عن الصراعات.

نحن في حاجة الي هدنة وتهدئة للأجواء حتي نلملم أنفسنا ونستعيد القدرة علي التركيز مرة أخري لتخرج قراراتنا بشكل أفضل غير متأثرة أو مدفوعة بالعواطف و الانفعالات الوقتية التي سرعان ما تزول و تبقي آثارها الوخيمة ندفع ثمنها باهظا من راحتنا و من أموالنا بل من حياتنا.