النظرة الجزئية لأحداث بوركينا فاسو ...

  • 117

عجيب أن تجد أكثر الإسلاميين في مصر بعد كل هذه الفترة التي يُفتَرض أن يكونوا حصلوا فيها على عصير التجارب وبناء التصورات الثابتة , ومع ذلك ليس لديهم إلا نفس النظرة الجزئية التي تتغير بتغير الحدث!!

يمكنك ببساطة في الأيام السابقة أن تلاحظ هذا الكم الهائل من السخرية من انقلاب بوركينا فاسو، لا أقول هنا أن السلطة الحالية في بوركينا فاسو التي أتت بانقلاب جيدة أو ليست جيدة إذ لم تظهر معالمها بعد وهي لم تأتي إلا منذ أيام، لكن ما الداعي لدفاع المصريين عن نظام بوركينا فاسو السابق "نظام بليز كومباوري" وهو أتى كذلك للحكم بانقلاب سُفِكت فيه دماء كثيرة عام 1987 وقتل الرئيس الأسبق "توماس سانكارا" المعادي لفرنسا , وأجرى عدة انتخابات لاحقة شكلية أبقته في الحكم 27 عاماً، حَكَمَ خلالها البلاد بالحديد والنار حكماً ديكتاتورياً رهيباً، وعدَّل الدستور عدة مرات ليزيد صلاحياته، فضلاً عن ولاءه التام لفرنسا ثم الولايات المتحدة على حساب شعبه!! بشكل عام.

ينبغي عدم التسرُّع في الحكم على الأحداث السياسية في دول وسط وغرب أفريقيا؛ فالقليل من المعلومات التي تتوفر للعرب عن هذه المنطقة من العالم وطبيعتها للأسف، لكنها بشكل عام تحدث فيها الكثير من التجاذبات إما بسبب الانتماءات الطائفية "المسلمون في بوركينا فاسو أغلبية" أو انتماءات عرقية قبلية، والأهم من كل ذلك أن هذه المنطقة من أفريقيا تشهد منذ استقلالها عن فرنسا صراعاً لا ينتهي بين تيار تؤيده فرنسا ويسعى لتأمين مصالح فرنسا من المناجم والبترول ويُقدّم بلاده لفرنسا لقمة سائغة في مقابل بقاءه، وبين تيار مُعادي أو حتى أقل ولاءً لفرنسا ويرفض هيمنتها، ونتيجة لذلك يحدث انقلاب تلو انقلاب في هذه الدول، ولا يظهر للعرب إلا ما على السطح منه.

لو حدث الانقلاب على "بليز كومباوري" عام 2011 أو 2012 لقال الإسلاميون المصريون أنه امتداد للربيع العربي الذي أسقط الطواغيت فسقط كومباوري المُستبد بعد 27 عاماً ولأثنوا على الانقلاب في بوركينا فاسو كثيراً لأنهم سينظرون الى سقوطه نفس نظرتهم لسقوط مبارك، لكن ما دام الانقلاب في بوركينا فاسو حدث في 2014 فهو مذموم لدى كثير من الإسلاميين المصريين لأنهم تشكّلت لديهم عقدة نفسية من الانقلابات نتيجة ما حدث مع الدكتور مرسي في منتصف 2013 .

هذه النظرة الجزئية التي تُسقِط حالتها الخاصة خلال مدة زمنية قصيرة على كل الواقع من حولها وتصبغه بحالتها النفسية ليست أهلاً على الإطلاق لا للقيادة أو التوجية فقد تورِد من يتّبعها المهالك.