الحل الوحيد لإنقاذ الوطن: الحوار من أجل عمار الديار

  • 149

من المعروف لدى أي مثقف أن العنف لا يمكن أن يقضي على عقيدة أو فكر خاطئ لكنه قد يصلح مسكنا لبعض الوقت ثم يظل الفكر كما هو بل يزداد تطرفا وعداء لمن استخدم العنف ضده أو ضد أبناء مذهبه، فيظل مكبوتا لفترة، ما يتحين فرصة يأخذ فيها ثأره وثأر أبناء فكرته، ويكون كقنبلة موقوته تنفجر في وقت وتأتي على الأخضر واليابس.

والدليل من الواقع ما فعله عبد الناصر مع الإخوان، أظنه كان أشد بكثير مما يحدث الآن والنتيجة كانت ميراثا عدائيا كبيرا مع الجيش إلى ساعتنا هذه مع إصرار منهم على أفكارهم، بل تفرعت عن جماعة الإخوان جماعات أخرى بعض الخروج من المعتقلات كانت أشد تطرفا نتيجة ما رأت من قمع وتعذيب وقتل في معتقلات عبد الناصر، وترتب على استخدام العنف أيضا فقدان الثقة بين أبناء المجتمع مع عداوة المجتمع بعضه لبعض، فجماعة الإخوان في منشئها جماعة دعوية لا تتبنى العنف؛ فلما استخدمت السلطة العنف ضدها تفرخ عنها جماعات قامت باستخدم العنف وتكفير المجتمع، وأضرت كثيرا بالدعوة وبالوطن وهذا ما لا يخفى على أحد وظل جزء منها محتفظ بسلميته وانخرط في المجتمع وحاول الحصول على حقوقه السياسية من خلال النشاط الاجتماعي والمشاركة السياسية وأفلح نوعا ما لوقت يسير لكن تسرعت جماعة الإخوان فأخطأت ففقدت ما حصلت عليه من مكاسب ووضعت في بوتقة واحدة مع الذين يستخدمون العنف للاستنصارها بهم والوقوف بجوارهم فأخذت بجريرتهم، ولأسباب أخرى كثيرة.

وها نحن الآن نرجع إلى نفس الأسلوب ونسير على نفس النسق فها هو الجيش يستخدم نفس الأسلوب مع جماعة الإخوان ومناصريهم، فيستخدم العنف ضدهم ويتولد عن ذلك أفكار متطرفة وعدائية ضد أبناء الوطن من الجيش والإخوان ومناصريهم، حيث يقوم الطرفان بإقناع ذويهم أن الطرف الآخر إرهابي متطرف كافر منافق خائن عميل مغتصب يتاجر بالدين يبيع الوطن يخدم مصالح أعداء الوطن و..... إلخ؛ مما يوسع الفجوة ويعمق العداوة ويحدث من الآثار ما لا تحمد عقباه ثم ندور في نفس الدائرة ونعود إلى حيث بدأنا ثم نسير في دائرة مفرغة لا نستقر على حال ولا نهنأ بأمل.
وفي خضم هذا التربص يحدث انسداد فكري يتوقف فيه كل طرف عند نقطة معينة ولا يتقدم خطوة إلى الأمام بل يرتد إلى الخلف كلما لاح برق أو أمل.
وينسى الشرطي والجندي (السلطة) أن الذي يقف في الصف المقابل قد يكون جارا أو أخا أو عما أو ابن عم كما ينسى ذلك أيضا من واجه العنف من أخيه أو جاره أو قريبه فتظل العداوة قائمة وتتعمق الهوة جدا.

وينتج عن هذه الظروف أطراف عديدة:
- طرف في الجيش أو الشرطة قتل له قريب أو اعتقل أو جرح تتحكم فيه عاطفته فيظل يفكر كيف ينتقم لأخيه ويأخذ ثأره، ومعلوم ثقافة الثأر عند الشعب المصري.
- طرف في الجيش والشرطة آخر يحاول التخلص من أي شرطي أو جندي له صلة قرابة بمن قتل أو تبنى فكر الإخوان أو ناصرهم.
- استخدام سلاح الشئون المعنوية للقضاء على كل فكرة نتجت بناء على الأحداث المريرة وتقديم مصلحة الوطن.
- طرف يظن أن السبب الوحيد لما يحدث هو التزام الناس بالإسلام وذهابهم للمساجد فينادي بغلق المساجد وتعقب المصلين.
- طرف يكفر كل من خالفه وتلقى أفكاره رواجا خصوصا مع فتح المجال لمتطرفي الاتجاه العلماني الذين يهاجمون تدخل الإسلام في السياسة بطريقة تتصادم مع تدين الشعب المصري.
- طرف يظل مرعوبا خائفا لا يأمن لأحد ويظل يائسا بائسا شاكا فيمن حوله.

وتظل عجلة الوطن واقفة في محلها متجهة إلى صراع داخلي لا ينتهي بسبب وجود هذه الأطراف المتقاتلة المتشاحنة والمعقدة نفسيا بسبب ما رأته من صر اع؛ والنتيجة أن الوطن هو الضحية.

صوت العقل والحل الوحيد الحوار،
فتح المجال لأهل العلم والفكر والشريعة لتنوير المجتمع ولمناقشة الأفكار المتطرفة في الجانب المنتمي للحركة الإسلامية والطرف المعادي لها للوصول إلى تصالح مجتمعي.
وينبغي أن يعلم الجميع أن تصدير الفكرة المتميعة المفرطة من بعض من يتحدث باسم الشريعة أقوى عامل لإخراج فكرة متطرفة ومتشددة في الجانب الآخر.
فافتحوا المجال لمناقشة الفكر بفكر أفضل من التضحية بجزء كبير من أبناء الوطن في ظل صراع يضحي فيه كل طرف بالوطن.

نصيحتي للجيش: ارحم أبناء وطنك ولا تستخدم نفس الأسلوب مرة أخرى من أجل حماية الوطن.

نصيحتي للإخوان وأنصارهم: أنقذوا أنفسكم ولا تقفوا مع من يستخدم العنف ولا تسمحوا لهم بالتسلل في وسطكم ومدوا أيديكم للحوار ولا تستمروا في هذا الطريق فهدم الجيش ليس من مصلحتكم ولا من مصلحة الوطن.