مفاجأة عند المسجد

  • 160

كثيرا ما كنا نمر بهذا المسجد في الطريق .
أحيانا كان يؤذن العصر فندخل نصلى ثم نكمل المسير ...
وفى يوم وبينما ننزل لنصلي توقفت أمي قائلة انظروا جميعا ..
ترى ما الذي لفت انتباهها وأرادت أن ترينا إياه؟!! أهو طائر غير معروف؟!! أم زرع أخضر ملفوف؟!! أم كهف من الكهوف ؟!!
نظرنا وجدنا ما هو أعجب من الطائر الأريب، وأروع من الزرع المنثور على جنبات القصور، وأغرب من أي كهف من الكهوف .
وجدنا صبيا لا يتجاوز التسع سنوات، لا يستطيع المشي، ولا الحبو، ولا الوقوف، كان " يتكعور. "
جلسنا نتبعه بصرنا إلى أن دخل المسجد وغاب بين الصفوف، ونحن نردد سبحان من بيده القلوب.
ومن يومها وكلما مررنا بهذا المسجد ننتظر الغلام؛ ليكون درسا لنا في التقوى والتعلق بالملك العلام .
ومرت الأيام، ونسينا الغلام لنأتي بعد أعوام تقدر بعشر سنوات، ونمر بهذا المسجد وتكون المفاجأه ..
نرى ذلك الغلام وقد أصبح شابا، لم نعرفه بشكله، فقد مرت الأيام ولا بمشيته، فهو لا يستطيع كباقي الانام ..
وإنما عرفناه عندما أذن الأذان، فكان أول السابقين إلى يمين الإمام، كعادته مذ كان غلام ..
عرفناه عندما وجدنا شابا تملؤ اللحية وجهه، والعباءة لا تجاوز كعبه، " يتكعور " ليصل لبيت الله..
فآآآآه منا ونحن عن صلاة في وقت مأجور ..
صدقا عندما رأيته وهو غلام كنت لا زلت صغيره لا أفهم مخزى الكلام ولكنى كنت أدمع رفقا به ..
اما الان فأدمع على نفسى فهو بإذن الله سيكون من السابقين الى حوض النبي المختار صلى الله عليه وسلم
وسينسى الألم والنصب والاخبار...
أما أنا فماذا قدمت لألقى وماذا تذكرت الآن لأنسى يوم القرار ..