الإخوان المسلمون والدكتور علي جمعة - صفحة من التاريخ

  • 169

أحكي قصة حدثت في التسعينات مع شيخي الشيخ عبد المعبود حسن ـ رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته ـ قبل أن يعرف أحد الدكتور علي جمعة أو يسمع عنه، حيث كانت جماعة الإخوان تحاول القضاء على السلفيين وتشويههم بأي طريقة، كما هي عادتهم إلى الآن وليس هذا بجديد عليهم، والقصص في ذلك أكثر من أن تحصر وليس هذا موضوعنا.

قامت جماعة الإخوان بدعوة الدكتور علي جمعة لإلقاء محاضرة في مدينة بني سويف، وكعادتهم في دعايتهم الإعلامية حيث يصنعون من الحبة قبة كما يقول المثل المشهور، صنعوا منه علامة دهره، وفريد دهره، ووحيد عصره إلى آخر الأوصاف التي يطلقونها على من يريدون رفعه واستخدامه، كعبد الناصر والمذكور وعمرو خالد وحامل القرآن الذي يصلي الفجر في جماعة...، ثم بعد ذلك يصير خائنا لله ورسوله والمسلمين والوطن بل عدو لله ....إلخ. الأوصاف التي يطلقونها على من يريدون إسقاطه.

ودعي إلى المحاضرة شيخنا الشيخ عبد المعبود وجاء الدكتور علي جمعة، ثم بدأ بإلقاء محاضرته ومعلوم أن الدكتور علي جمعة أشعري العقيدة، وأثناء المحاضرة نقل نقلا عن شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ فوقف الشيخ عبد المعبود معترضا: أين قال ابن تيمية هذا الكلام؟، فوقف كبير الإخوان منتهرا شيخي وقال: اجلس ياعبد المعبود اسمع واتعلم، فجلس الشيخ على مضض، واستمر الدكتور في إلقاء محاضرة وبدأ يتكلم عن صفة النزول بالنسبة لله عز وجل ومعلوم أن الأشاعرة مذهبهم تأويل الصفات ثم حكى هذه القصة:

"عن أحمد بن سعيد بن إبراهيم يقول: حضرت مجلس الأمير عبد الله بن طاهر ذات يوم، وحضره إسحاق بن راهَوَيْه (ضبطها الدكتور علي بفتح الهاء والواو) فسئل عن حديث النزول: صحيح هو؟ قال: نعم. فقال له بعض قُواد عبد الله: يا ابا يعقوب أتزعم أن الله ينزل كل ليلة؟ قال: نعم. قال: كيف ينزل؟ فقال إسحاق: أثبتْه فوق حتى أصف لك النزول."

وهنا وقف الدكتور علي جمعة ولم يكمل القصة ليستدل بها على ما يريد، وهنا وقف الشيخ وزمجر، ومن سمع الشيخ عبد المعبود يعلم معنى كلمة زمجر، فقال: هذا ليس سؤال ولا استفسار ولكن سأصحح له الرواية، فأصر كبير الإخوان على إسكاته فقال له الدكتور علي دعه.

فساق الشيخ القصة قائلا: "عن أحمد بن سعيد بن إبراهيم يقول: حضرت مجلس الأمير عبد الله بن طاهر ذات يوم، وحضره إسحاق بن راهُويَه (ضبطها بضم الهاء وهو ضبط المحدثين) فسئل عن حديث النزول: صحيح هو؟ قال: نعم. فقال له بعض قواد عبد الله: يا ابا يعقوب أتزعم أن الله ينزل كل ليلة؟ قال: نعم. قال: كيف ينزل؟ فقال إسحاق: أثبته فوق حتى أصف لك النزول، فقال: الرجل أثبتُّه،
فقال إسحاق: قال الله عز وجل: {وجاء ربك والملك صفا صفا} (سورة الفجر 22 ) فقال له الأمير عبد الله: يا أبا يعقوب هذا يوم القيامة، فقال إسحاق: أعز الله الأمير ومن يجيء يوم القيامة من يمنعه أن ينزل في كل ليلة."


وهنا حوَّل الدكتور موضوع المحاضرة تماما بعد أن أكمل له شيخنا عبد المعبود روايته المنقوصة، وبعد انتهاء المحاضرة طلب الدكتور علي جمعة من الشيخ عبد المعبود أن يأتي إليه في مكتب المحاماة الذي يملكه والده، فذهب الشيخ إليه وكانت مناظرة حول القبور والأولياء وأمور تخص العقيدة انبهر فيها الدكتور علي جمعة بفصاحة وعلم الشيخ عبد المعبود ولم يستطع أن يرد عليه.

والقصة حكاها لي شيخي الشيخ عبد المعبود وكذلك شيخي الشيخ يحيى طمان رحمهما الله تعالى وكان الأخير حاضرا هذه المناظرة.

أمور متعلقة بالقصة:
1- الشيخ عبد المعبود تلميذ الشيخ الدكتور خليل هراس، والذي سماه بعبد المعبود حين ولد الشيخ محمد حامد الفقي، وكان الشيخ أسدا من أسود العقيدة السلفية نافح عنها ودافع عنها حتى مات رحمه الله تعالى يعرفه مشايخ السلفيين في مصر ويثنون عليه.

2- الخلل المنهجي الإخوان الواضح جدا الذي يجعلهم يلعبون بأي ورقة وبأي طريقة لخدمة مصالحهم، وللأسف في غالب الأحيان تضيع منهم هذه الورقة بل تكون سببا لإشعال حريق في بيتهم.

3- الارتباط بين الصوفية والإخوان لقرب الفكر وبتر القصص واختلاقها والكذب في النقل لخدمة غرضهم، والاعتماد على الدروشة بغير تحقيق الأسباب الشرعية.

4- الضعف العلمي الشديد من الناحية الشرعية الذي يجعلهم يتعلقون بكل من يجيد التحدث سلفيا كان أم صوفيا أم شيعيا أم غير مسلم طالما كان يخدم غرضهم، وويل أمه لو خالفهم.

5- المصادرة على الآخرين ومحاولة إسكاتهم إذا كان من لا يرضون عنه سيبرز في الناس أو يكشف خطأهم أو خطأ من أتوا به.

6- الإخوان دائما ما يدندنون بفقه الواقع وفقه الأوليات والمآلات، والأحداث تكشف أنهم من أجهل الناس بالواقع.

7- عدم وجود كوادر كافية في العلوم الشرعية عند الإخوان.

8- تعالي الإخوان على السلفيين.

9- ضعف حجج الأشاعرة.

10- لا بد ولا مناص ولا مخرج إلا بتحقيق كلمة التوحيد قبل السعي إلى توحيد الكلمة.

وختاما: أتوجه إلى إخواني من جماعة الإخوان المسلمين بالنصيحة الخالصة: راجعوا أنفسكم، وأصلحوا منهجكم، وعلموا أولادكم، ولا تبيعوهم بثمن بخس في سوق الدنيا، واقبلوا النصيحة، نحن نريد الخير، فلا تصروا على تخويننا وسبنا وشتمنا ولعننا.
ونسأل الله أن يهدينا وإياكم إلى صراطه المستقيم.