أنجولا تحظر الإسلام وتقوم بهدم المساجد

  • 147

حاكم "لواندا": المسلمون ليسوا موضع ترحيب و الحكومة غير مستعدة لإضفاء الشرعية على وجود المساجد
الرئيس الأنجولي: هذه الحملة هي نهاية التأثير والنفوذ الإسلامي في أنجولا

سقطت الأندلس، واحتل القدس، وسُلب العراق، واضطهد مسلمو كشمير وبورما والفلبين، و ما زال الأمر لم ينته بعد، والمسلمون في بلدانهم لا يُجيدون سوى لغة الشجب والاستنكار، حتى هذه لم يوفوها حقها، ومنهم من لزم الصمت، فقد خافوا على أنفسهم، واستخفوا من عدوهم، فاستمسكوا بكراسى مناصبهم، وتهاونوا في عقيدتهم، وتركوا إخوانهم يُفتنون في دينهم.

أنجولا، ذلك البلد الأفريقي الصغير، قد نفثت سموم الحقد، ونثرت بذور العداء، وأعلنت حربا شعواء على المسلمين هناك، فحظرت الإسلام على أراضيها، وشرع الأنجوليون في هدم المساجد، زاعمين أنهم بذلك يجتثون جذور الإسلام، لكنهم ما علموا بأن الإسلام راسخ في نفوس أصحابه، وتركوا لأجله المال والآل، بل لا يهابون الموت في الدفاع عن ذلك الدين الحنيف، وافتدوه بأغلى بل بكل ما يملكون، فمن ذاق حلاوة الإيمان، وبصر شعاع النور، لا يطيق الحياة بدونه ولو للحظات، والله متم نوره ولو كره الكافرون.

أما عن كارهي نور الإسلام، فقد يتجبر الظالم بين البرية، يبث فى قلوبهم خوف بطشه، يسلب منهم حروف كلامهم، وأراد لأعينهم أن تغمض مرتعشة الجفون؛ كي يدب الوهن في صفوفهم، ويفتت الخوف عزمهم، لكنه تناسى أن طغاة الأرض وجباريها، قد كسر تراب القبر أنوفهم، وما بقى من ذكراهم إلا ما يستحقون به اللعائن.

وأنجولا هي إحدى دول وسط غرب أفريقيا، تحدها من الشمال الشرقي زائير، وزامبيا من الجنوب الشرقي، وناميبا من الجنوب، والمحيط الأطلنطي من الغرب، واللغة الرسمية هي البرتغالية، وإلى جانبها لهجات محلية عديدة، ويتعبد مواطنوها بالوثنية، والمسيحية، والإسلام.

ويعد الإسلام دينا جديدا على المجتمع الأنجولي الذي عانى حروبا أهلية قرابة 30 عاما ولم يتمكن من التقاط أنفاسه إلا في بداية التسعينيات من القرن العشرين، فأغلب السكان في أنجولا مسيحيون على المذهب الكاثوليكي، ومع أقليات مذهبية مسيحية أخرى و ديانات أفريقية قديمة.
قال المهندس سعيد حماد، مسئول ملف العلاقات الخارجية بالدعوة السلفية، إنه لا يُعرف تاريخ وصول الإسلام إلى أنجولا بدقة؛ ذلك لأن أنجولا ظلت مستعمرة برتغالية طيلة 5 قرون، وعزلتها البرتغال عن العالم الخارجي طيلة هذه المدة، وسيطرت الكنيسة الكاثوليكية على مقاليد الأمور الدينية في هناك، فكانت لا تسمح بدخول أي دين مخالف، كما أن البطاقات الشخصية أو العائلية لا تمنح إلا لمن يعتنقون المسيحية، وكان من الصعب وصول الدعاة إلى أنجولا.
ويرجع البعض تاريخ وصول الإسلام أنجولا إلى 40 سنة، ووصلها عن طريق جارتها الأفريقية جمهورية زائير، وذلك فى أثناء ثورة الأنجوليين ضد البرتغال، حيث لجأ فريق كثير العدد إلى زائير، وهناك اعتنق البعض من هؤلاء الإسلام، وعادوا إلى البلاد بعد استقلالها، وتلقى هؤلاء المسلمون مبادئ الإسلام وبعض التعليم الإسلامي في زائير.
وأضاف سعيد، أن التقديرات تشير إلى أن تعداد المسلمين في أنجولا يتراوح مابين 90 ألف نسمة إلى قرابة نصف مليون نسمة، من إجمالي عدد السكان البالغ 18 مليون نسمة ؛ لذا لم يتم الاعتراف بالإسلام كديانة دستورية، ومع ذلك يتسارع نمو الأقلية المسلمة الناشئة بشكل كبير، بل يوجد بأنجولا شارع يسمي بشارع " الشهيد محمد "، ما يدل على شهرة هذا الشهيد، ودوره مع إخوانه المسلمين في مساندة الأنجوليين في الحصول على استقلالهم.

وتابع حماد، أن هناك في أنجولا، حملة لهدم ما يقرب من 100 مسجد، فالكنيسة الكاثويكية، وعلى رأسها بابا الفاتيكان، تشيع روح الكراهية والعداء ضد المسلمين؛ حتى أصبح الإسلاميون في حالة من الاضطهاد، خاصة في الدول التي يمثل الإسلاميون فيها الأقلية.

وقال مسئول ملف العلاقات الخارجية بالدعوة السلفية، إن مثل هذه الحملات وغيرها، لن تضر الإسلام في شيء، ولن تنقص من قيمته في نفوس المسلمين، فالمساجد - وإن كانت بيوت الله - إلا أنها حجر، ولن يهُدم الإسلام بهدم ذلك الحجر، فالعقيدة الإسلامية مترسخة في قلوب أصحابها.

وذكرت بعض الإحصائيات أنه ينعدم وجود المساجد الجامعة بأنجولا، وكل ما هنالك عبارة عن مساجد متواضعة أقيمت بجهود فردية، وبعضها لا سقف له، وقد تقام الصلاة في بيوت بعض المسلمين، ولقد خصصت لهم السفارة المصرية في أنجولا غرفة لإقامة الصلاة، وكذلك لا وجود للمدارس الإسلامية، وحتى الخلاوي أو كتاتيب تعليم القرآن الكريم منعدمة، وتعليم القرآن الكريم لا يمارس إلا بصورة فردية، ولا يحفظ معظم المسلمين من القرآن الكريم غير الفاتحة، وقد يحفظ البعض القليل من السور القصيرة.

وتوجد جمعية إسلامية وحيدة في عاصمة أنجولا، وغير معترف بها من قبل الحكومة، ولقد تأسست هذه الجمعية في سنة 1398هـ - 1978م، وكانت في منزل عبد الله سلفادور، ثم انتقلت إلى منزل كيويا مالك، وهكذا لا مقر لهذه الجمعية، ولا تريد الحكومة الأنجولية الاعتراف بها، بل إن المسجد الوحيد الموجود فى العاصمة "لواندا" قد تم هدمه وتسويته بالأرض، وقد سبق لسلطات المدينة تفكيك مئذنة هذا المسجد فى شهر أكتوبر الماضى.
وكشفت المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن عمليات تضييق وتمييز يتعرض لها مسلمو أنجولا، وعلى رأسها إغلاق مساجدهم، والربط بينهم وبين الإرهاب في وسائل الإعلام، وبحسب بيان المفوضية فقد تم إغلاق أربعة مساجد في العاصمة لواندا من قبل الشرطة في عام 2006.

لم تقتصر مشكلة المسلمين في أنجولا علي هدم مساجدهم فحسب، بحجة أن الحكومة الأنجولية غير مستعدة في الوقت الحالي للترخيص لبناء المساجد على أراضيها، بل يمتد الأمر إلى نية أنجولا في عزل المسلمين هناك عن العالم الإسلامي، وعدم اعتراف حكومة البلاد بالمسلمين والإسلام كدين في البلاد، وعدم السماح بالمدارس الإسلامية وكذلك الكتب الإسلامية باللغة الفرنسية أو البرتغالية، مع عدم الاعتراف الحكومي بالجمعية الإسلامية في البلاد مما يجعل المسلمين هناك فريسة للتنصير.

و تعد أنجولا، وهى الدولة الصغيرة الواقعة غرب أفريقيا، أول بلد في العالم تحظر الإسلام والمسلمين، وتتخذ تدابير وقوانين تستبيح تدمير المساجد وهدمها.

بل تصريحات عدة من مصادر ومسئولين أنجوليين، قد أعلنت العداء السافر للإسلام والمسلمين في أنجولا، فالرئيس الأنجولى "خوسيه إدواردو دوس سانتوس" وصف حملة بلاده على الإسلام، بان هذه الحملة هي نهاية التأثير والنفوذ الإسلامي في أنجولا.
أما وزيرة الدولة للثقافة "روزا كروز"، فأكدت أنه لم يتم بعد إجازة الاسلام وممارسة المسلمين لشعائرهم قانونيا من قبل وزارة العدل وحقوق الإنسان، لذا سيتم غلق مساجدهم حتى إشعار آخر.
أما حاكم مدينة "لواندا" "بينتو فرانسيسكو "، أن المسلمين ليسوا موضع ترحيب في أنجولا والحكومة غير مستعدة لإضفاء الشرعية على وجود المساجد في البلاد.
وقال زين العابدين كامل، الداعية السلفي، إن ما يحدث في أنجولا يتعارض مع جميع المواثيق والأعراف الدولية، وانتقاص لحق حرية العبادة؛ ما قد يؤدي إلى حالة من الاحتقان والتوتر في شوارع أنجولا، وقد يصل صداها إلى جموع المسلمين في بلدانهم، فمن حق المسلم أن يقيم الشعائر التعبدية بكامل حريته، كما يعامل غير المسلمين من اليهود والنصارى وغيرهم في بلاد المسلمين، ويمارسون حقوقهم بما ينضبط مع الشرع وبكامل حريتهم.

وأضاف زين العابدين، أنه لابد للمجتمع الإسلامي أن يتخذ خطوات حاسمة للدفاع عن المسلمين، وتبني حقوق الأقليات المسلمة في العالم عامة، وأنجولا خاصة، فاستمرار الاضطهاد للإسلاميين في بورما والقضايا المشابهة؛ بسبب عدم وجود رد فعل ملموس من قبل العالم العربي والإسلامي، ما شجع الآخرين وأعطاهم فرصة يسيرة لاضطهاد المسلمين والتضييق عليهم في الدول التي يمثل الإسلاميون فيها أقلية.

وبنبرة يملؤها أمل، قال سعيد حماد، إن هذه الحملة العنصرية ضد الإسلاميين في أنجولا، قد تكون باب خير؛ فدخول الإسلام أنجولا لم يحدث إلا بعد أن لاقى الأنجوليون بعض الاضطهاد، فروا على إثره إلى البلاد المجاورة ومنها دولة الكونغو، وهناك علموا عن تعاليم الإسلام واعتنقوه؛ لذا فقد تكون هذه الأحداث الأخيرة في أنجولا، سبب لمعرفة الإسلام ونشره هناك وفي البلاد المجاورة.

وأضاف حماد، أن هذا لا يمنع من استنكار ما يحدث في أنجولا، بل لابد من اتخاذ خطوات تصعيدية للرد على ذلك، بل ونطالب المسئولين باتخاذ

مواقف قوية وحاسمة، فالأمر قد صار يتكرر كثيرا، كما فى بورما وغيرها؛ لذا فلابد من مواقف حاسمة، وقد بدأت أول ردة فعل في الجزائر، فقد دعت جبهة الصحوة الحرة الإسلامية السلفية بالجزائر، الشعب الجزائرى إلى مطالبة السلطات بطرد السفير الأنجولى وغلق سفارة دولة أنجولا بالجزائر، لما تمارسه من محاربة الإسلام والمسلمين ومنع شعائر الإسلام والشروع بهدم المساجد.

أما زين العابدين، فقد ناشد وزراء الخارجية العرب، ووزراء الخارجية المسلمين، باتخاذ إجراءات حادة عن طريق السفراء والمبعوثين الموجودين في أنجولا، ويجب التصعيد بداية بالمقاطعة السياسية والاقتصادية مع أنجولا، فالمقاطعة تؤدي إلى نتائج جيدة فى بعض الأحيان، وتفعل مالم تفعله السياسة أحيانا كثيرة، والعالم الآن لا يحترم إلا القوة، ولا يهاب إلا المواقف والقرارات الجريئة والحاسمة.

وذكّر زين العابدين، أن القادة والمسئولين العرب والمسلمين، بأنهم سيُسألون عن شعوبهم ورعيتهم أمام الله، وسيسألون عن احتياجاتهم ومعاناتهم، لذا فعليهم إبراء ذمتهم تجاه شعوبهم، بحمايتهم ومناصرة حقوقهم، وعليهم أن يدركوا أن الأبعاد الدينية والعقائدية أعظم من الأمور السياسية، فمصر قد قامت بطرد السفير التركي بمصر، لأبعاد سياسية؛ لذا فالأولى اتخاذ مثل هذا القرار وأكثر مع الممثلين الأنجوليين في مصر خاصة وكافة الدول الإسلامية، لنصرة المسلمين في أنجولا وحماية حقوقهم.