أعظم زوج في العالم

  • 146
صورة أرشيفية

توقفت أمام بعض المواقف التي تخدم بحثنا، ورأيت أن أضعها هاهنا كي نتعلم منها
الموقف الأول:
صبر الحبيب على من يحب

تزوج النبي صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة رضي الله عنها وهي بعد لها ميول صبيانية صغيرة؛ كانت لها عرائس تلعب بها وصديقات يلهون معها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتعامل معها في بداية زواجهما وهو واضع في الاعتبار صغر سنها.

ولقد حدث أن قالت له السيدة عائشة وقد غضبت منه ذات مرة: «أنت الذي تزعم أنك نبي؟!» فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، واحتمل ذلك حلمًا وكرمًا.
وقالت له مرة أخرى: «ما أرى ربك إلا يسارع في هواك».

- إن السيدة عائشة رضي الله عنها تحب زوجها حبًّا غير موصوف، وتغار عليه غيرة قد تدفعها في بعض الأحيان إلى الغضب والشدة مع زوجها الحبيب؛ حالها كحال من يحب ويغار، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يُدرك ذلك الشيء، ويتعامل مع نفسيتها بيسر وهدوء، ويعطينا درسًا نفيثًا في الصبر والحلم والأناة.
وما ضر الزوج إذا أحب زوجته أن يراعي نفسيتها ويتفهم حاجاتها ويغض الطرف عن هفواتها؟

الموقف الثاني:
مشكلة زوجية في بيت النبوة

نعم؛ في بيت النبوة قد تنشأ مشكلات زوجية، وهذا يعد أكبر برهان على أن البيوت لا تخلو من بعض المناوشات بين الزوجين، حتى وإن كانا حبيبين يهيم كل منهما بالآخر.
ولقد حدث أن وقعت مشكلة بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين حبيبته عائشة رضي الله عنها، فطلبت حكمًا، فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما رأيكِ في أبي بكر؟» فقالت: أوافق، فأرسل في طلبه، فلما دخل عليهما أبو بكر رضي الله عنه، قال له رسول الهدى صلى الله عليه وسلم: «أرسلنا لك لتحكم بيننا»، ثم التفت إلى السيدة عائشة وقال: «تتكلمي أو أتكلم؟» فقالت: تكلم أنت ولا تقل إلا الحق، فلطمها أبو بكر رضي الله عنه حتى أدمى فاها، وقال: أويقول إلا الحق يا عدوة نفسها؟!
فاستجارت برسول الله صلى الله عليه وسلم وقعدت خلف ظهره، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «إنا لم ندعك لهذا ولم نرد منك هذا».

ولقد عددت بعض الفوائد التي استخلصتها مِن ذلك الحديث فكانت :

1- يسمح بالاستعانة بطرف آخر عند حدوث المشكلة قريب من الطرفين ويرضي كليهما.

2- قول النبي: أتتحدثين أم أتحدث أنا؟ كان رسالة إيجابية لاحترام الزوج زوجته رغم الخلاف، وليس كما يحدث في كثير مِن المشكلات باندفاع كلا الطرفين في الحديث والمقاطعة.

3- أخطأت السيدة عائشة رضي الله عنها بقولها: لا تقل إلا الحق، ولم يستغل الرسول خطأها لإثبات أنه هو المصيب وهي المخطئة.

4- اختباء السيدة عائشة خلف ظهر النبي صلى الله عليه وسلم يعطينا دلالة أن السيدة عائشة رغم خلافها مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنها تشعر أنه حصنها والمدافع عنها وملاذها الأخير.

5- قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه: «إنا لم ندعك لهذا ولم نرد منك هذا» يؤكد أن اختيار الطرف الثالث لابد وأن يكون بنية حل المشكلة وليس لتغليب شخص على آخر، وكذلك على الشخص القادم أن يكون هدفه حل المشكلة لا إشعالها.

- أيها الزوج لا تواجه الصراخ بالصراخ عند انفعال زوجتك؛ اصبر وتأن عليها حتى إذا هدأت النفوس وسكنت العاصفة اقترب منها وبلطف أعلمها خطأها؛ وفهمها كيف يكون التصرف الصحيح؟

- يقول الأستاذ مصطفى السباعي: إن السعادة الزوجية لا تتم بأن تفهم زوجتك وتفهمك زوجتك، وتتحملها وتتحملك، فإن لم تفهمك فافهمها، وإن لم تتحملك فتحملها.

- ونصيحتي لك .. إذا أردت رائدًا وناصحًا يساعدك في إدارة حياتك فقلب بصرك في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
فلنحب كما رأيناه يحب، ونتحاور كما كان يتحاور، ونعفُ كما عفا صلى الله عليه وسلم.