• الرئيسية
  • الأخبار
  • أدخنة المصانع كابوس يهدد صحة المواطنين.. غبار السيراميك والأسمنت والبتروكيماويات .. أخطرها

أدخنة المصانع كابوس يهدد صحة المواطنين.. غبار السيراميك والأسمنت والبتروكيماويات .. أخطرها

  • 1105
غاز المصانع

أدخنة المصانع كابوس يهدد صحة المواطنين
غبار السيراميك والأسمنت والبتروكيماويات .. أخطرها
خبراء بيئة: الدول المتقدمة نقلت مصانع الأسمنت والمحروقات خارج أراضيها لحماية مواطنيها
دراسات علمية تؤكد: انبعاثات الأمونيا تصل إلى 24% مقابل 2% في الدول الأخرى


في ظل اتجاه الدولة لتوفير فرص استثمار داخلي وخارجي، وسعيها الدءوب لتذليل العقبات أمام المنتجين والمصنِّعين لتسهيل إنشاء المصانع للمساهمة في النهوض بالاقتصاد المصري، تبرز مشكلة خطيرة جدًّا تهدد حياة الإنسان؛ حيث تعد أدخنة المصانع والانبعاثات الناتجة عنها من أكثر ما يهدد صحة المواطنين ويؤرق مضاجعهم، ويجعلهم فريسة سهلة بين أنياب الأمراض الفتاكة.

قال الدكتور مصطفى عزو، أستاذ تلوث الهواء بقسم الكيمياء بكلية العلوم جامعة عين شمس، إن المخاطر التي تشكلها الأدخنة والانبعاثات الناتجة من مصانع الأسمنت ومشتقاته، سواء كانت مصانع السيراميك أوغيرها، تفوق الحد الآمن مما يتسبب في انتشار نسبة الأمراض الصدرية خاصة في المناطق المجاورة لتك المصانع.

وأوضح عزو لـ"الفتح"، أن أخطرها الانبعاثات الناتجة عن مصانع السيراميك؛ لأنها تكون غير مرئية، بالإضافة إلى الانبعاثات والأتربة الناتجة من مصانع الأسمنت، لكنها تكون في أغلبها مرئية، كما تشكل الأدخنة والغازات السامة المتصاعدة من مصانع الأسمدة والبتروكيماويات خطورة أخرى على صحة الإنسان.

وأكد أستاذ تلوث الهواء، أن جميع الدول المتقدمة اتجهت منذ عقود إلى التخلص من تلك المصانع، واتجهت باستراتيجية مدروسة لإنشائها عن طريق الاستثمار في الدول الأكثر فقرًا، وأرجع ذلك إلى الوعي البيئي الذي تتميز به هذه الدول، وسعيها لحماية صحة مواطنيها، لكن على حساب صحة مواطني الدول النامية.

وتابع، أن الجو في مصر يجعل لهذه الأدخنة والانبعاثات خطورة بالغة؛ بسبب طبيعة الجو في مصر؛ لأنه جو جاف، وتقل سقوط الأمطار؛ فتظل هذه الأدخنة متراكمة في الجو وتنتقل عبر الهواء إلى أماكن مختلفة.

ولفت إلى أن خطر هذه الأدخنة لا يتوقف فقط على التأثير على صحة الإنسان، بل يتعدى أيضًا للتأثير على صحة الحيوان من الماشية وغيرها؛ مما يشكل خطورة على الإنتاج الحيواني، بالإضافة إلى التأثير البالغ على النباتات الزراعية المختلفة.

وعن كيفية مواجهة هذه الظاهرة، أكد الدكتور عزو، أن السبيل الوحيد لمواجهة هذه الظاهرة تفعيل قوانين البيئة التي أصبحت حبرًا على ورق، وتشديد الرقابة على المصانع، وتفعيل دور جهاز شئون البيئة، والاتجاه إلى حل المشكلة من المنبع وهو المصنع نفسه.

وبخصوص دور المصانع في الحد من هذه الظاهرة، أوضح أنه يتعين على المصانع الاتجاه لاستعمال المعدات الحديثة وتركيب الفلاتر على مداخن المصانع، وأشار إلى أن أصحاب المصانع يتحججون بارتفاع أسعار الفلاتر، وأن تكلفة تركيب الفلاتر وصيانتها أكثر من تكلفة الإنتاج نفسها، فلو أن مصنع أسمنت يبيع الطن بـ500 جنيه، سيرتفع هذا السعر إلى حوالي 1500 جنيه للطن باستخدام الفلاتر، وهو أيضًا من أسباب اتجاه الدول المتقدمة إلى نقل هذه المصانع خارج أراضيها لتقليل تكلفة الإنتاج.

وأكد أستاذ تلوث الهواء، أن أصحاب مصانع الأسمنت والسيراميك يربحون مليارات الجنيهات من هذه الصناعات، وذلك على حساب صحة المواطنين، في غياب تام لدور الدولة في مراقبتهم ومحاسبتهم للحد من هذه الانبعاثات، وأشار إلى أن الرشاوى التي يتم دفعها لموظفي جهاز شئون البيئة من قِبَل المصانع ليرفعوا تقارير مزورة تفيد بمطابقة المصانع للمعايير البيئية وعدم تلويثها للجو.

وتعجب عزو، من الدائرة المفرغة التي تدور فيها ميزانية الحكومة بين الاستثمار ودعم الجانب الصحي، وأشار إلى أن أغلب ما تجنيه الدولة من أرباح بسبب الاستثمارات والمصانع الجديدة، يذهب إلى دعم الجانب الصحي لمعالجة المواطنين من الأمراض التي تصيبهم بسبب مخلفات هذه المصانع سواء المخلفات الصلبة أو المتطايرة.

وعن الأمراض التي تتسبب فيها أدخنة المصانع، قالت الدكتور سلوى كمال، أستاذة التلوث بالمركز القومي للبحوث، إن تعدد الأمراض التي تصيب الإنسان بسبب أدخنة المصانع، وأغلبها يتعلق بأمراض الصدر والرئتين.

وأوضحت كمال لـ"الفتح"، أن من أبرز هذه الأمراض التي تصيب الإنسان جراء هذه الأدخنة هي أمراض التهابات الكبد والفشل الكلوي، والصدر والحساسية، والربو المزمن، والأمراض الجلدية، والأورام السرطانية.

كشفت الدكتورة إيمان دياب، رئيس وحدة تلوث البيئة بمركز بحوث الصحراء، عن الخطورة الخاصة التي تشكلها أدخنة مصانع الأسمنت، وأوضحت أعدت دراسة ميدانية لأحد مصانع الأسمنت واكتشفت خلالها تورط واستغلال أصحاب المصنع لجهل السكان؛ لجمع توقيعات من سكان أحد المناطق لإقناعهم بإنشاء المصنع في المنطقة التي يسكنون فيها مقابل وعدهم بإنشاء وحدات صحية وإعطاءهم مساعدات مالية، لكنهم فوجئوا بأن المصنع تم إنشاؤه وتحول إلى مصدر تلوث كبير أصابهم بالكثير من الأمراض، في حين تنصل المصنع من وعوده؛ والمصنع أغلقه لاحقًا بناءً على ما اتضح من أضرار بيئية كبيرة لهذا المصنع.

وأكدت دياب، أنه لتجنب هذه المشاكل الناتجة عن هذه المصانع فإنه يتعين على الحكومة العمل على نقل المصانع القديمة وإنشاء المصانع الجديدة في مناطق بعيدة عن التجمعات السكنية، والتوسع في استخدام الفلاتر لحماية البيئة الداخلية للمصانع للحفاظ على صحةالعمال، كذلك البيئة الخارجية للمصانع لحماية صحة المواطنين والسكان خارج هذه المصانع.

وطالبت رئيس وحدة تلوث البيئة، من جهاز شئون البيئة بعمل متابعة دورية وقياس نسب تلوث الهواء والانبعاثات الصادرة من المصانع أولًا بأول؛ لاتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه أي مصنع ينتج عن انبعاثاته تأثير بيئي، وتهديد لصحة المواطنين.

وتابعت، أن الدراسات الطبية توصي الحوامل بالابتعاد عن التعرض للأمونيا خاصة في عمليات صبغ الشعر؛ لأن الجنين يتأثر بنسبة 1 إلى 2% من الأمونيا، بينما ينتج عن بعض مصانع الأسمنت نسبة 24% أمونيا؛ مما يشكل خطورة كبيرة على الأجيال القادمة، وعلى صحتها.
فهل نرى للحكومة في الفترة المقبلة تطلع واهتمام بحل ومواجهة هذه المشاكل التي لم تترك شيء إلا وفتكت به؟ وهل تستطيع الدولة فرض القيود اللازمة على المصانع لتجنب هذه الأضرار؟