قانون التظاهر يُثير الجدل

  • 90
ارشيفية

أكد بعض الخبراء والمحللين السياسيين أن قانون التظاهر غير دستوري ومقيد للحريات وفقًا لنصوص الدستور، موضحين أن منع المصريين من حقهم السلمي في الاحتجاج والتظاهر والتعبير عن أنفسهم يبني دولة بوليسية وليست دولة في إطار تحول ديمقراطي عقب ثورة يناير وما تبعها من أحداث.


وفضلوا أن تقوم الحكومة بمبادرة لتعديل بعض مواد هذا القانون غير الدستورية قبل صدور قرار الدستورية العليا، كما أكدوا أن قبول العليا للطعون والالتماسات المقدمة إليها من بعض القوي السياسية بشأن هذا القانون يُعَد نوعًا من حماية السلام المجتمعي، كما أنه يفتح بادرة أمل جديدة لتغيير بعض الأوضاع السياسية المتردية التي تسيطر على المشهد حاليًا.


يأتي ذلك في سياق تحركات حثيثة من بعض القوي السياسية أملًا في أن تقبل المحكمة الدستورية العليا الطعن والالتماس المقدم إليها حول تعديل قانون التظاهر، هذه التحركات شملت حملة لجمع التوقيعات من أعضاء لجنة الخمسين لتعديل الدستور، بجانب بعض الشخصيات العامة والمواطنيين.


في المقابل فضَّل محمد صلاح خليفة، المتحدث الرسمي باسم حزب النور، أن تقوم الحكومة بالمبادرة عن طريق تعديل بعض مواد قانون التظاهر التي قد تبدو غير دستورية قبل حكم المحكمة الدستورية العليا، مشددًا على ضرورة أن تراعى هذه التعديلات الحفاظ على الأمن القومي المصري، مع مراعاة الوضع الراهن، وتمنى المتحدث الرسمي باسم حزب النور، أن تعيد الحكومة النظر في بعض مواد هذا القانون، خاصة بعد الطعون المقدمة عليه من بعض القوى السياسية للدستورية العليا.


فيما يرى طارق نجيدة، المحامي بالنقض والدستورية العليا، أن منع المصريين من حقهم السلمي في الاحتجاج والتظاهر والتعبير عن أنفسهم يبني دولة بوليسية وليست دولة في إطار تحول ديمقراطي، موضحًا أن قانون التظاهر صدر قبل دستور 2014، الذي وضع قاعدة أساسية نصَّت علي أن التظاهر حق مكفول للمواطنين، ومِن ثَمَّ فإن نصوص هذا القانون لم تحرص على الحفاظ على هذا الحق إلا بعد الحصول على إخطار، وهو بمثابة تصريح يصدر من وزارة الداخلية، لذلك القانون أصبح غير دستوري؛ لأنه بهذه الصورة أصبح متناقضًا مع الدستور، مؤكدًا أن مخالفة قانون التظاهر تُعَد من المخالفات الإدارية التي لا تستوجب الأحكام والغرامات الصادرة بحق المخالفين؛ لأنها مبالغ فيها إلى حد كبير، ولا سيما أنها تقضي على سنوات طويلة من عمر المتظاهر خلف القضبان.


وأرجع السبب وراء عدم تدخل السلطة التشريعية في تعديل هذا القانون حتى الآن إلى أنها تطمئن وترتاح لهذا القانون، واصفًا حجة هذه السلطة في ترك الأمر لمجلس النواب للفصل فيه بعد انعقاده بأنها حجة واهية.


وأوضح نجيدة، أن المواد المطروحة للطعن من هذا القانون هما مادتين فقط، المادة الثامنة التي تتعلق بوجوب إخطار قسم أو مركز الشرطة الذي يقع بدائرته مكان الاجتماع أو التظاهرات بثلاثة أيام على الأقل وتسليم الإخطار باليد أو بموجب إخطار على يد محضر الذي يجب أن يتضمن مكان الاجتماع أو التظاهرة وميعاد بدئها وانتهائها وموضوعها والغرض منها والمطالب والشعارات التي يرفعها المشاركون فيها، كذلك أسماء الأفراد وصفاتهم ومحل إقاماتهم ووسائل الاتصال بهم أو الجهة المنظمة لها، بجانب المادة العاشرة التي أجازت لوزير الداخلية أو مدير الأمن بإلغاء فاعليات التظاهر.


وحول سؤال "الفتح" فيما يخص الوضع القانوني لمن هم محبوسين على ذمة مخالفة قانون التظاهر في حال إذا قبلت الدستورية العليا الطعن على هذا القانون، أجاب المحامي بالنقض والدستورية العليا: هو أمر سابق لأوانه، موضحًا، إذا كانت الجرائم المنسوبة للمتظاهرين هي فقط مخالفة تلك المادتين، يتعين إخلاء سبيل المحبوسين على خلفية هذا القانون مع إسقاط الأحكام الصادرة ضدهم، لافتًا أن غالبية المحبوسين كانوا يقدموا للمحاكمة بسبب مخالفة قانون التظاهر، إضافة إلى اتهامات أخرى مثل التعدي على رجال الأمن، والعنف، والتعدي على الممتلكات العامة والخاصة.


من جانبه أضاف الدكتور محمد محي الدين، الخبير السياسي والاستراتيجي أن قانون التظاهر يتعارض مع الدستور والمواثيق الدولية، معتبرًا أن السياسات الحالية تصب في صالح العنف والإجرام، مشددًا على أنه لن يحدث في مصر استثمار دون دولة قانون تبنى على أساس الدستور وتحترم حقوق الإنسان، مشيرًا أن لجوء بعض القوى السياسية أو بعض الشخصيات العامة أو حتى المواطن العادي للطعن على قانون التظاهر يدل على أن الخط الذي يربط بين القيادات والقوى السياسية مقطوع، ومِن ثَمَّ اللجوء إلى الدستورية العليا يفتح نافذة جديدة يحدوها الأمل في تغيير بعض الأوضاع السياسية المتردية التي تسيطر على المشهد الآن، واختتم الخبير السياسي والاستراتيجي كلامه مطالبًا الدستورية العليا بسرعة الفصل في هذا القانون لحماية السلام الاجتماعي.