بالأرقام آلام السوريين لا تنتهي.. ومصر تستضيف أكثر من 300 ألف لاجئ

  • 101
ارشيفية

هل نتذكرهم في رمضان، لم يكد الفارون من جحيم الحرب يغادرون وطنهم السوري الجريح وهم يظنون أنهم وصلوا إلى ساحل النجاة، حتى بدأ فصل جديد من الآلام والمعاناة في حياتهم وإن كانت بطعم آخر وألم أقل.


أوضاع السوريين في مصر أفضل من نظرائهم الذين اضطرتهم الظروف للجوء إلى الأردن أو العراق أو حتى لبنان التي تعج شوارعها بالضيوف الذين لم يجدوا من يؤيهم من برد الشتاء ولا حر الصيف؛ فافترشوا الأرض والتحفوا السماء، إذ إن أكثر من 300 ألف سوري يعيشون في مصر وسط المجتمع كأفراد منه رغم أن الكثير منهم يشكو من تغير نظرة المجتمع المصري لهم نتيجة التحريض الإعلامي ضدهم من بعض القنوات المصرية التي ربطت بينهم وبين جماعة الإخوان؛ على اعتبار أنهم في عهد الرئيس مرسي كانوا يجدون كل التسهيلات في دخولهم إلى مصر أو عند خروجهم منها، وهو ما تغير بعد أحداث 30 يونيو؛ إذ توجب على أي سوري الحصول على تأشيرة دخول باهظة قبل دخول البلاد، وهو الشرط الذي عجز عنه أغلبهم؛ مما ساهم في مفاقمة معاناتهم رغم تأكيدات الحكومة المصرية والأمم المتحدة توفير كل التسهيلات لهم.


جهود الأمم المتحدة
أطلقت وزارة الخارجية والأمم المتحدة نداءً لتوفير 380 مليون دولار أمريكي؛ لتلبية حاجات اللاجئين السوريين في مصر والمجتمعات المحلية المضيفة لهم، ويُعَد هذا النداء جزءًا من خطة أوسع بقيمة 8.4 مليار دولار أمريكي للاستجابة لأزمة اللاجئين السوريين في المنطقة، وهي الخطة التي أطلقتها الأمم المتحدة في ديسمبر الماضي، المعروفة باسم "خطة الاستجابة الإقليمية لسوريا والصمود الإقليمى للاجئين السوريين في الدول المضيفة".


وقال بيان وزارة الخارجية، إن أزمة اللاجئين فاقمت نقاط الضعف الموجودة مسبقًا وشكلت ضغطًا على الاقتصاد المحلي خاصة في مجالات التعليم والخدمات الصحية، وأشار إلى أنه "رغم وضع الاقتصاد المصري والبنية التحتية المنهكة خلال السنوات الثلاث الماضية، فقد اتخذ الشعب المصري وحكومته قرارًا منذ بدء أزمة اللاجئين بمد إخواننا السوريين بالحق في الوصول الكامل والمجاني لنفس الخدمات المقدمة للمصريين"؛ إلا أن قرار مفوضية الأمم المتحدة للاجئين السوريين في مصر الشهر الماضي، باستبعاد الأطفال من الاستفادة من الكوبون الغذائي أثار غضب اللاجئين بشدة؛ إذ أكدوا أنهم ذهبوا إلى مكتب المفوضية وأخذوا بصمة العين مسبقًا، أما أطفالهم الذين تم استبعادهم من الاستفادة من الكوبونات الغذائية، فقد أخبرتهم المفوضية أنه لا داعي لأخذ بصمة عين الأطفال؛ حيث تؤخذ "بصمة العين"، لضمان تجنب تكرار المساعدات ولإثبات هوية الشخص؛ ليفاجئوا بعد ذلك بعدم صرف المساعدات إلا لمن أخذت له بصمة العين.


معاناة اللاجئين


التقت "الفتح" عددًا من اللاجئين للحديث عن أبرز مشاكلهم في أرض الكنانة؛ إذ يشكو عدد منهم من عدم تفعيل قرارات مساواتهم بالمصريين في جميع الأماكن، وتعقيد بعض الإجراءات الحكومية المتعلقة بهم، واستغلال البعض لظروفهم ومحاولة التربح منهم عن طريق الاحتيال والنصب، وعدم وفاء المساعدات المقدمة لهم بتوفير الحد الأدنى من المعيشة الكريمة لهم.


أكد أحد اللاجئين المقيمين في مدينة السادس من أكتوبر, أنه رغم تسجيله اسمه لدى مفوضية الأمم المتحدة لكنه لم يتلقَّ منها أية مساعدات حتى الآن، ويضطر للعمل في منطقة بعيدة من أجل تأمين ثمن الإيجار الشهري والمصاريف اليومية لعائلته المكونة من 7 أفراد.


قال عمر أيمن، صاحب مطعم سوري في الجيزة، إن معظم المطاعم السورية لا يعمل بها سوريون باستثناء أصحاب المطاعم، وسبب عزوف السوريين عن العمل بالمطاعم السورية هو قلة المرتبات في الوقت الذي يأتون فيه إلى مصر بلا سكن ولا أهل يمكن أن يساعدوهم، فيبحثون عن مهن أخرى يستطيعون عن طريقها العيش في مصر أو حتى إرسال أموال لأهلهم في سوريا إن استطاعوا ذلك؛ لأن الحياة أصبحت باهظة جدًّا في سوريا بسبب الحرب، وهناك من لم يستطِع أن يسافر بأهله وأبنائه.


وأشار أيمن، إلى أن العائق أمام توظيف الشباب في الشركات المصرية هو عدم وجود إقامات أو كعب عمل مع الشباب السوري، كما أن نصف الشباب السوري يُعَد هاربًا من التجنيد؛ لذلك لا يستطيع اللجوء للقنصلية.


وأوضح أن والده أجرى عمليتين جراحيتين على نفقة الأمم المتحدة، وأكدا وجود رعاية صحية من الأمم المتحدة للاجئين السوريين بمصر رغم عدم شمولها للجميع.


يتركز العدد الأكبر من اللاجئين في مدينة السادس من أكتوبر ودمياط الجديدة، ويعيش كثير منهم في القرى بجميع أنحاء الجمهورية، وبعض منهم يقيم في مناطق راقية بالقاهرة والجيزة ومدن الدلتا لكنهم يشكلون نسبة ضئيلة من إجمالي العدد.


مبادرات الخير


أضافت الكاشف، أن العديد من اللاجئين يحتاجون إلى أدوية غير متوفرة في مصر, فتحاول الجمعية توفير هذه الأدوية، أو توفير أدوية بديلة، أو الكشف المجاني على المرضى من جديد وعلاجهم, ويتم إجراء عمليات جراحية عاجلة للمحتاجين منهم, كما تتكفل بتكاليف زواج السوريات, وتجهيزهن بالأجهزة الكهربائية والمراتب وحتى فستان الفرح, وفي بعض الحالات يتبرع بعض أصحاب القاعات باستضافة الأفراح, لكن الجمعية لا تدفع ثمن الإيجارات الشهرية لهم.