عاشوراء والمواطنة

  • 238

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ...
يأتي يوم عاشوراء فى بداية كل عام جديد ليصحح لنا المفاهيم و يضبط لنا الموازين .. فلا تختلط الأوراق حول معاني الولاء والبراء.
فعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود صياما يوم عاشوراء فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما هذا اليوم الذي تصومونه؟!) .
فقالوا : هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وغرق فرعون وقومه فصامه موسى شكرا فنحن نصومه !، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (فنحن أحق وأولى بموسى منكم) فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه. ( رواه الشيخان ).
و عنه أيضا أنه قال: حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا : ثم يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى!! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (فإذا كان العام المقبل ـ إن شاء الله ـ صمنا اليوم التاسع) .
فالمؤمنون أولى بولاية بعضهم بعضا وإن تباعدت بينهم الأمكنة وحالت دون لقياهم الأزمنة ..
قال تعالى : (( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ )) الحشر10

فشعار الولاء = ( نحن أولى بموسى منكم ). 
فقد جاء الإسلام برابطة هي أقوى من رابطة الدم والنسب، والتراب والوطن  ، والجنس و العرق ، واللسان واللغة ...
فتآخى في دين الإسلام الحبشي بلال ، والروماني صهيب ، والفارسي سلمان ، مع العربي القرشي فقد قال تعالى : (( إنما المؤمنون إخوة )) 
و المسلمون تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ يَسْعَى بِذِمّتِهِمْ أدْنَاهُمْ ْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ فالمسلمون فى مصر وفلسطين وسوريا وبورما وغيرهم...  دمائهم وحقوقهم واحدة كما أن دينهم واحد .
قال صلى الله عليه وسلم : ( المُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ يَسْعَى بِذِمّتِهِمْ أدْنَاهُمْ وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أقْصَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ يَرُدّ مُشِدّهُمْ عَلَى مُضْعِفِهِمْ، وَمُتَسَرّيهمْ عَلَى قَاعِدِهِمْ لاَ يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلاَ ذُو عَهْدٍ في عَهْدِهِ ) . 
و شعار البراء =( فإن كان العام المقبل– إن شاء الله- صمنا اليوم التاسع ) ... 
فقد حرص النبى عليه الصلاة والسلام على مُخالفة أهل الكتاب – وهم الذين كانوا يساكنونه فى الأرض - بل قد أكثر النبي صلى الله عليه وسلم من مُخالفة أهل الكتاب حتى قالت اليهود : "ما يريد هذا الرجل أن يدعَ من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه " رواه مسلم .

إذاً القضية تمايز وتباين بين أمة الإسلام وأمم الأرض... فهل تنضبط مفاهيمنا يا جيل النصر؟ 

من لي بجيل مستجدٍّ لم يرث                   إلا عن الجد القديم الأبْعَدِ
يرث ابن حفص في أصالةِ رأيه                أو خالدًا في عزمه المتوقِّد
جيل إذا سِيمَ الهوان أَبَى                      وإن يطلب إليه البذل لم يتردد
يهوى الحياة عقيدة، ويعافها                 فوضى ويُدْعى للفداء فيفتدي