مناهج الإصلاح (6) : إصلاح الدولة في ظل النظم الحديثة

  • 212

(المشاركة السياسية في ظل النظم الدستورية الحديثة)
 
ذكرنا فى الحلقة السابقة بعض معالم صلاح الدولة فى النظام الإسلامى، وفى الواقع فإن هذا المجال من مجالات الإصلاح يتميز دون غيره بهوة المسافة بين المطلوب والمأمول بل يتعدى ذلك إلى أن الإطار العام نفسه قد اختلف كثيرا عن الإطار العام للدولة فى النظام الإسلامى الذى يبنى على ما ذكرنا من أسس فى المرة السابقة.

وهذا بخلاف جانب إصلاح الفرد حيث يظل تعاملنا فى الأعم الأغلب مع أشخاص لديهم الإطار العام للشخص المسلم المحب لدينه الذى لديه أصل الانقياد للشرع وأصل حب الخير وكراهية الشر، كما أن المجتمع ما زال قائما على أن لبنته الأساسية هى الأسرة ويحافظ كثير من أفراده على التكافل فيما بينهم وإن اهتزت فيه معانى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وتشوشت مصادر ثقافته.

في حين نجد أن الإطار العام للدولة الحديثة قد اختلف اختلافا بينا عن الإطار العام فى السياسة الشرعية، ومع التسليم بأن نظام الحكم الذى قرره الفقهاء فى كتب السياسية الشرعية بعضه مستفاد من نصوص شرعية وبعضه مبنى على اجتهاد فإن الاجتهاد جاء مكملا للأصل بحيث صار لدينا نظام متكامل قائم على أسس منها أن الانتماء للدولة انتماء عقدى وأن دور الدولة هو حفظ الدين وسياسة الدنيا بالدين وعلى الشورى كأساس عام بآليات قامت الأمة بتنقيحها جيلا بعد جيل.

في حين أن نظم الحكم المطبقة فعليا فى البلاد الإسلامية قائمة على مبدأ الدولة القطرية القائمة على المواطنة وعلى أن دور الدولة هو إدارة الموارد وحفظ النظام (الذى يدخل فيه البعض حراسة القيم) إلى آخر ذلك ومن بين كثير من أنماط الحكم ساد النمط الديمقراطى وصارت غاية آمال الشعوب أن يطبق فيهم نظام ديمقراطي حقيقي.

والديمقراطية تختلف عن الشورى فى فسلفتها وفى آلياتها ناهيك عن أن الديمقراطية التى تطبق فى بلاد المسلمين عادة ما تأخذ مساوئ الديمقراطية الغربية وتترك محاسنها فلا تطبق إلا من الناحية الشكلية التى لا تتيح الاستفادة حتى بما ما فى الديمقراطية من محاسن وهذا الوصف الأخير (ما فى الديمقراطية من محاسن) لعله يلقى اعتراضا من كثير من الإسلاميين الذين ينظرون إلى الديمقراطية على أنها لا تقبل التجزئة ولا التفصيل.

فهل يعنى ذلك أن نترك باب إصلاح الدولة تماما إلى ما شاء الله أم أنه لا بد من الإقدام دونما قيد أو شرط أم أن المسألة فيها تفصيل؟ ورغم أننى عالجت هذا الأمر فى عدة مواطن أخرى منها "الإسلام "والديمقراطية" مواطن الاتفاق ومواطن الاختلاف" وهذا مختصر لما ذكرته فيه حول مدى شرعية الإصلاح الجزئى للدولة من خلال الأنظمة الدستورية الحديثة.

مقدمة حول الديمقراطية
 
النظام الديمقراطي نظام يوناني قديم أعرضت عنه أوربا إلى مناهج حكم امتزجت فيها الثيوقراطية "المسماة بالدينية"، بالأوتوقراطية "الديكتاتورية"، وهذه الديكتاتورية من رجال الكنيسة مِن جهة ومن رجال الحكم من جهة ولدت انفجارًا في اتجاهين:

الأول- رفض الدين.
الثاني- رفض الديكتاتورية.

حتى ظن كثير من الباحثين -فضلا عن العامة- التلازم التام بينهما.
وهنا عادت أوربا إلى الديمقراطية اليونانية؛  لأنه تحقق لها الأمران معًا حيث نقلت السيادة المطلقة التي كانت الكنيسة تتنازعها مع الملوك إلى الشعب.
ثم تطورت النظرية لتشمل عددًا من الأسس، منها:
1- مبدأ السيادة التامة للشعب فهو مَن يملك حق التشريع والإباحة والمنع.
2- مبدأ الفصل بين السلطات.
3- مبدأ تداول السلطة.

كما شملتْ عددًا من الآليات، مثل: التمثيل النيابي، والانتخابات، والبرلمانات، وأسلوب الرقابة، وغيرها من الآليات... وبعض هذه الآليات نقلها الغرب عن كتب السياسة الشرعية الإسلامية.

ولكن هل يدعونا هذا إلى ترديد عبارة: "الديمقراطية بضاعتنا رُدت إلينا"؟

في الواقع: إن موضوع "بضاعتنا ردت إلينا" لا مجال له في عالم الأفكار، وإنما مجاله "الماديات"؛ فمن سُرق منه "شيء" ثم استرده يقول: "بضاعتنا ردت إلينا"، أما أن يستعير آخر منه فكرة ثم يلقحها بأفكار من عنده ليخرج شيئًا جديدًا ليس هو بضاعتك؛ فلمَ تقبله  "لا سيما أن بضاعتك الصافية النقية ما زالت عندك"؟!

وهل إذا استنسخ أحد كتابًا من كتبك ثم زاد ونقص في نسخته التي نسخها، فهل يمكنك الاعتماد عليها رغم وجود نسختك الأصلية؟!

وعلى الرغم من أن النظام الديمقراطي لم يخلُ من مشكلات، منها: صعوبة تطبيق الديمقراطية المباشرة، وعدم دقة غير المباشرة، ومنها: ظهور ظاهرة المال السياسي، وغيرها من الصعوبات؛ فإنها مثَّلت بالنسبة للغرب تطورًا هائلا لنظم الحكم مما جعلهم يجزمون بأنها رغم مشاكلها هي "أفضل البدائل المتاحة".

وبعد أن تمكنت النظم الديمقراطية "نظريًّا" في بلاد المسلمين اختلفت نظرة العلماء إليها، فانقسموا إلى قسمين رئيسيين:

1- قسم اعتبر الديمقراطية هي بعينها الشورى الإسلامية وأنها بضاعتنا ردت إلينا! وعلى رأس هؤلاء: الدكتور "يوسف القرضاوي"، و"الغنوشى"، و"الترابي"، وعامة أصحاب هذه المدرسة.

2- قسم اعتبر الديمقراطية مناقضة للإسلام إذ جعلت السيادة للشعب، والسيادة في دين المسلمين لله - عز وجل-: (إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ) (يوسف:40)، وقال -تعالى-: (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ) (الأعراف:54)، وكما يقول الدكتور "محمد عمارة": "فالإسلام يقول: (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ) بينما الديمقراطية تقول: (أَلا  لَهُ الْخَلْقُ فَقَطْ!)". وهذه عبارة جامعة مانعة تغنيك عن الكثير من الكلام.

إلا أن أصحاب المذهب الأخير قد انقسموا إلى مذهبين فرعيين:

الأول- مَن يصر على نقد الديمقراطية على اعتبار أنها لا معنى لها إلا منازعة سيادة الله على البشر ولزوم اتباع شرعه، ومِن ثَمَّ فهي عنده أشبه بالفكرة البسيطة التي لا تحتمل البسط ولا التفصيل، ثم إنه يتنزل أنه وإن كان فيها من حق فهو غير مفيد لنا على الإطلاق، وممن يذهب إلى ذلك الاتجاه الشيخ "محمد شاكر الشريف"، والشيخ "سعيد عبد العظيم".

الثاني- من يرى أن الديمقراطية فكرة مركبة من عدة أفكار جزئية يمكنك أن تفككها فتقبل منها وترفض، ويأتي وبالطبع كل مَن يقبل الديمقراطية بإطلاق هو في الواقع من هذا النوع غير أنه يخالف الواقع حينما يُخرِج نظرية السيادة من تعريف الديمقراطية معتمدًا على تعريفات مختزلة للديمقراطية في بعض الإجراءات، ومِن ثَمَّ يبني على ذلك القبول المطلق بها.

نظرية السيادة بين الإسلام و الديمقراطية:

يقول الدكتور محمد ضياء الريس فى كتاب النظريات السياسية فى الإسلام:
"وهنا نستطيع أن نجيب عن السؤال الذي طال انتظاره لنا، والذي طلبنا الإجابة عنه في بداية البحث -وما كان يمكن الإجابة عنه قبل الآن، وهو: وأين إذن مقر السيادة؟ أو مَن هو صاحب السيادة - بالمعنى الدستوري الحديث - في الدولة الإسلامية؟
فما دمنا قد أثبتنا أن الإسلام لا يتطابق مع أي من النظم السابقة التي عددناها فليس الحاكم إذن هو صاحب السيادة؛ لأن الإسلام ليس "أوتوقراطية"، ولا رجال الدين أو الآلهة؛ لأنه ليس "ثيوقراطية"،  ولا القانون وحده؛ لأنه ليس "نوموقراطية"، ولا الأمة وحدها؛ لأنه ليس "ديمقراطية" بهذا المعنى الضيق.
وإنما الجواب الصحيح: أن "السيادة" فيه مزدوجة، فالسيد أمران مجتمعان ينبغي أن يظلا متلازمين، ولا يتصور قيام الدولة وبقاؤها إلا بوجود هذا التلازم.
هذان الأمران، هما:
1- الأمة.
2- القانون أو شريعة الإسلام.
فالأمة والشريعة - معًا - هما صاحبا السيادة في الدولة الإسلامية.
فالدولة الإسلامية إذن - على هذه الصورة - نظام فريد، خاص بالإسلام لا يصح القول بأنه يتطابق مع أي من النظم المعروفة؛ ولذا فإنه  ينبغي أن يوضع لها اصطلاح خاص، وتُسمى باسم يمثل حقيقتها، وما دام مثل هذا الاسم لم يُوضع أو لم يُهتدَ إليه بعد، فيُكتفى - الآن - بأن يشار إليها بصفة مجملة على أنها النظام الإسلامي"أ.هـ
 
هل مصطلح الديمقراطية قابل للتفكيك؟

يرفض البعض تفكيك مصطلح الديمقراطية أو غيره من المصطلحات من باب أن هذا فيه فتنة وتلبيس، وأنك متى رفضتَ من الديمقراطية جزءًا  وقبلتَ الجزء الآخر فإن الذي سوف يروَّج إعلاميًّا هو القبول المطلق بها؛ مما يلزم منه الإقرار بالباطل.

وفي الواقع إن الأمر هاهنا يحتاج إلى مناقشة من جهتين:

الأولى:هل الديمقراطية بالفعل فكرة مركبة أم لا؟ وهل بعض جزئياتها موافق للشرع أم لا؟
الثانية: إذا كانت الديمقراطية فكرة مركبة وبعض جزئياتها موافق والبعض مخالف،  فهل المناسب هو تغليب المخالفة لا سيما إذا كانت تبلغ درجة الكفر أم أن الأنسب هو التفصيل؟

فبالنسبة للسؤال الأول: فالصحيح أن الديمقراطية فكرة مركبة من أمور مخالفة للشرع وأخرى موافقة، بل منقولة من الشرع.
وأما السؤال الثاني: فالصحيح أن هذا الأمر راجع إلى المصالح والمفاسد، وهو قريب الشبه من قضية النقل عن أهل الكتاب الذي قال النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها: (مَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلا تُصَدِّقُوهُمْ، وَلا تُكَذِّبُوهُمْ) (رواه أحمد وأبو داود وابن حبان، وصححه الألباني)، بينما أنكر على عمر -رضي الله عنه- لما وجد بيده صحيفة من التوراة، فقال: (أَمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً) (رواه أحمد والبيهقي، وحسنه الألباني)، والأمر هاهنا يختلف باختلاف الأحوال.

كذلك وجدنا بعض الأئمة ينكرون بدع الصوفية شكلاً وموضوعًا في حين اضطر ابن تيمية -رحمه الله- إلى تفكيك كثير من مصطلحات الصوفية ليفصِّل في شأن ألفاظ غريبة عن منهج السلف: كالحال، والمقام، بل الحلول والاتحاد التي أوجد لها معانى موافقة للشرع، وقال: إن أريد بها ذلك قبلتْ وإلا فهي من الكفر والضلال.
وهذا الذي فعله ابن تيمية -رحمه الله-؛ لأنه رأى أن أصحاب هذه الأقوال الكفرية يروجونها متسترين بالأقوال الأخرى، فكان لابد من هذا التفصيل ليزول الإشكال؛ لا سيما أن هذه الألفاظ شأنها شأن الديمقراطية لسنا متعبدين بقبولها أو رفضها، وإنما نحن متعبدون بقبول الحق ورفض الباطل.

تفكيك مصطلح الديمقراطية وعلاقته بمشروعية العمل السياسي: 

في معرض بيان مشروعية العمل السياسي نقل الشيخ "عبد الرحمن عبد الخالق" فتاوى عن الشيخ "ابن باز" والشيخ "ابن عثيمين" -رحمهما الله- بجواز العمل السياسي بشرط إنكار المنكر، وعلَّق على هذا بأنهم أفتوا بهذه الفتاوى وهم يعرفون دساتير تلك الدول، وما فيها من ذكر الديمقراطية.
وإذا كان الأمر كذلك فيجب على المشارك لكي يحقق شرطها الذي ذكره أهل العلم أن يعرف المصطلحات السياسية المعاصرة، وما تتضمنه من حق أو باطل.

موقف "الدعوة السلفية" من العمل السياسي قبل وبعد الثورة: 

كانت "الدعوة السلفية" تتبنى أن العمل السياسي في ظل الأنظمة الديمقراطية الحديثة على ضربين:

الأول: ما لا يتحقق فيها الشرط الذي ذكره عامة العلماء، وهو البراءة من الباطل الذي تتضمنه كلمة الديمقراطية أو غيرها من الأفكار اللصيقة بها؛ لا سيما الأفكار الليبرالية.
الثاني- ما يتحقق فيها ذلك.

وفي الحالة الأولى: كانت الدعوة تجزم بعدم الجواز.

وأما في الثانية: فكانت الدعوة تعلقها على المصلحة والمفسدة؛ هذا من حيث الحكم، وأما الفتوى في الواقع المصري فكانت الامتناع؛  لكون عامة المشاركين آنذاك يقدمون تنازلاتٍ، مثل: القبول بالديمقراطية بدون تفصيل، بل والقبول بمعظم معطيات الليبرالية! كما أن المصالح المترتبة على المشاركة تكاد تكون منعدمة في ظل نظام حكم متكلس غير قابل للإصلاح.

وأما بعد الثورة فقد حاول البعض النزول بمرجعية الشريعة في الدستور عما كانت عليه قبل الثورة؛ مما حفز الجميع تقريبًا إلى تبني المشاركة في المناقشات حول الدستور، وطرحت الدعوة رؤيتها ودافعت عن عدم قبولها بالديمقراطية بمعناها الغربي، وأنها لا تقبل منها إلا ما يوافق الإسلام، ووفق الله "الدعوة" إلى تدشين تلك التجربة، والتي نجحت -بحمد الله- في الحفاظ على "المادة الثانية"، ثم تعمقت بإضافة مواد: (4) و(81) و(219) بالإضافة إلى تثبيت المادة (2) والمادة (11) في دستور 2012م.

موقف "الدعوة السلفية" من مصطلح "الديمقراطية" قبل وبعد الثورة: 

بناءً على ما تقدم فقد كان الأنسب قبل الثورة وفي ظل عدم جدوى المشاركة، وفي ظل محاولات تمرير الديمقراطية وقبول عدد كبير من الرموز الإسلامية لفكرة أن "الديمقراطية بضاعتنا ردت إلينا" - أن يكون الرفض المختصر الذي يركز على أسباب الرفض، وإن كانت الحيثيات لم تكن تخلو من ذكر بعض التفاصيل.

وأما بعد الثورة وفي ظل ترجح مصالح المشاركة،  والتي ينبغي معها أن يترجم قيد "بشرط عدم الإقرار بمنكر" إلى حدود واضحة لهذا الذي تنكر، ولغيره الذي تقبل - كان لابد من التفصيل والتوضيح، بل إن "الدعوة" ما زالت تحرص في خطابها ألا تمدح الديمقراطية مجردة؛ ولو باستصحاب قيد يذكر مرة وتنتهي المشكلة.

ومن هنا: حرصتْ "الدعوة" على التبرؤ من فلسفة الديمقراطية "نظرية السيادة للشعب"، والتي يعبر عنها د."محمد عمارة" بأنها تقرر أن الله له الخلق دون الأمر، وحتى الآليات فلم ندّعِ أنها موافقة للشرع تمامًا، ولكن القبول بهذه الآليات حينئذٍ يكون من باب أدنى المفسدتين كما أفتى الشيخ "الألباني" جبهةَ الإنقاذ في الجزائر بالدخول في الانتخابات من باب ارتكاب أدنى المفسدتين كما صرَّح بذلك في رده على الشيخ "مقبل" الذي هاتفه مستفهمًا كما في "تحفة المجيب" (نقلاً عن حكم مشاركة الإسلاميين في العمل السياسي لسامح الغنيمي).

مثال توضيحي:
إذا أعد أحدهم طعامًا مكونًا من لحم وخضروات، ثم وضع فيه ملحًا زائدًا، ثم أضاف ملعقة سم ثم قدمه للناس، فالواجب عليك حينئذٍ أن تسارع بالتحذير منه، وربما اكتفيتَ بقولك: "إنه مميت" دون أن تشير إلى أن بعض مكوناته طيب.
ثم إن فاوضك هذا الشخص على إعادة صنع الطعام واشترطتَ عليه حذف السم فوافق، واشترطتَ عليه حذف الملح الزائد فرفض، وإذا تركته والحالة هذه فسوف يصنعه كما كان، بل أفسد، وإن قبلت الملح الزائد منعتَ السم القاتل الذي يصيبك منه شئت أم أبيت.
فمع استبعاد السم الذي مفسدته قطعية ولا تقوم أمامها مصلحة يمكننا الكلام على الموازنة بين المصالح والمفاسد.

وفي حالتنا تلك مثّلنا باللحم والخضروات لما يُقبل من الديمقراطية، والملح الزائد لبعض آلياتها التي في نظامنا الإسلامي ما هو أفضل منها كـ"انتخاب النواب في مقابلة أهل الحل والعقد"، والسم هو: فلسفة الديمقراطية المنبثقة من فلسفة "الأنسنة" أو فلسفة "أن الله له الخلق والإنسان له الأمر"، كما يعبِّر عن ذلك الدكتور "محمد عمارة".

و بهذه الحلقة ينتهى ما أردنا عرضه من منهج الإصلاح الذى نتبناه ويتبقى لنا مناقشة المناهج الأخرى التى يتبناها كثير من الإسلاميين، وهذا ما نشرع فيه فى العدد القادم إن شاء الله.