كِلمتين ونُص :: كن كالمطر!!

  • 222

من يرصد حال المسلمين عبر التاريخ بين الاستضعاف والتمكين سيجد أنهم يتأرجحون بين الحالين، فتارة يعيشون فترة استضعاف وتارة يمن الله عليهم بالتمكين، وبين هذه وتلك درجات متفاوتة متباينة تميل إلى التمكين بعض الوقت وتجنح إلى الاستضعاف بعض الوقت، ولم يكن حال المسلمين وواقعهم أبدًا على وتيرة واحدة.

ولقد خط لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطة رسم لنا فيها السبيل الذي نسلكه في حال الرخاء إذا منّ الله علينا بالتمكين، وفي حال الشدة إذا ابتلانا الله بالاستضعاف، وظلت سنته يتوارثها ورثة الأنبياء وأتباعهم جيلاً بعد جيل، يستخدمون كل خطة في الواقع الذي يلائمه مقتدين بسيد الأنبياء وكبير الحكماء -صلى الله عليه وسلم-.

مضى ثلاثة أعوام على رحيل نظام غاشم مستبد كان يترصد لكل مظاهر الصحوة الإسلامية، ويبطش بكل من يحاول استنهاض الإيمان في قلوب الناس، وذاق المصريون كلهم طعم الحرية، ولكن للأسف ظن بعض أبناء الصحوة أن هذه الحالة من التأرجح ناحية التمكين لن تعقبها أي ابتلاءات أخرى، ووطنوا أنفسهم على أن الاستضعاف قد فارق حياة المسلمين إلى غير رجعة، وصرت ترى من يشك في صحة الطريق الذي يمشي عليه إذا رأى بعض علامات الاستضعاف تعود من جديد، وإذا بالبعض يصرخ بهلع: ماذا سنفعل إذا رجعنا إلى المعتقلات والسجون مرة أخرى؟!

وإلى هؤلاء أقول: هدفنا واحد وقت الرخاء ووقت الشدة، فالله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، هدفنا هو إيجاد الفرد المسلم والمجتمع المسلم والإعذار إلى الله بأداء الأمانة، فإن من الله علينا ببعض الحرية والتمكين وبعض الوسائل التي لم تكن معنا وقت الاستضعاف التام فله الحمد والفضل، ولنستعمل هذه الوسائل من أحزاب وإعلام وقدر من الحرية في تحقيق هدفنا، وإن -لا قدر الله- منعنا الله هذه الوسائل فله الحمد والفضل، ولنستكمل طريقنا نحو هدفنا بما معنا من وسائل كنا لا نجد غيرها وقت الاستضعاف من الدعوة الفردية والخطبة والدرس ونحو ذلك، لا يثنينا عن هدفنا مانع ولا تحول بيننا وبين خدمة ديننا شدائد.

الكِلمتين: لو أنك تعتقد أن الطريق ليس محفوفًا بالأشواك والمكاره والعقبات أو تعتقد أن الله طالما أنعم عليك ببعض الرخاء فلن يبتليك بشدة بعدها؛ فأنت مخطئ، ليس هذا طريق الجنة!

النُّص: وطن نفسك على أن تمضي نحو هدفك في شتى الظروف، وكن كالمطر أينما وقع نفع، وحتى إن وقع على أقسى الصخور فإنه ينبت أقوى الأزهار!