مفهوم كلمة (السلفية)

  • 207

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فالدعوة السلفية هي: دعوة للرجوع لكتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- بفهم سلفنا الصالح -رضوان الله تعالى عليهم جميعًا-.
والسلف: هم الصحابة ومن تابعهم بإحسان من سائر القرون الخيرية، وأئمة الدين العدول.
والسلفيون: هم من تابعوهم على هذا الفهم إلى يومنا هذا من أهل السنة والجماعة، وهذا هو المنهج المنضبط لفهم الإسلام والعمل به، (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التوبة:100) فكل من أراد النجاة و الفوز والرضوان، وأن يكون من الطائفة الظاهرة المنصورة فما عليه إلا الرجوع لمثل ما كان عليه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصحابته الكرام، (فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا) (البقرة:137) (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) (آل عمران:110) وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما صح عنه: (خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ) (رواه البخاري)، وقال عنهم ابن مسعود -رضي الله عنه-: "كانوا ـ أي: صحابة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أبر هذه الأمة قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا".
ولن نستحق هذه الخيرية؛ إلا إذا سلكنا طريقهم، ولا يمكن أن تتوحد الأمة؛ إلا باتباع منهجهم وسبيلهم.

"كل خير في اتباع من سلف، وكل شر في ابتداع من خلف".
"ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها".

ولا يقال لمن أطاع الله: فرقت صفوف هذه الأمة، إنما يقال لمن عصى، وابتدع، وخالف كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- كالشيعة، والخوارج، والصوفية، (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) (المائدة: 14).
ولا يمكن أن تجتمع القلوب على البدع والضلالات، وفي حديث العرباض -رضي الله عنه-: (فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدى) (صحيح).
فالمخرج من الخلاف هو: اتباع السنة، والحق واحد، والباطل كثير، لا ينحصر، (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) (الأنعام:1).
ونحن لا نرضى للإسلام بديلاً، ولا عنه تحويلاً .
وقد شاعت الأسماء في السلف -رضي الله عنهم- مثل: "المهاجرين" و"الأنصار" أو "أهل السنة والجماعة".

والتعصب على الحق محمود، والمذموم هو التعصب على الباطل، قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة: 2).
ويقال لكل من دعا بدعوة غير دعوة الإسلام، أو اجتمع مع غيره على باطل: "دَعُوهَا، فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ".

ونحن يسعنا ما وسع سلف الأمة -رضي الله عنهم-، فالأصول التي كانوا عليها معصومة بعصمة الكتاب والسنة، وقد كانوا يتناظرون في المسائل العلمية والعملية مع بقاء الألفة، والأخوة الإيمانية.

ويقول ابن تيمية -رحمه الله تعالى- : "من خالف الكتاب المستبين والسنة المستفيضة خلافًا لا يُعذر فيه؛ فهذا يُعامل بما يُعامل به أهل البدع".
ثم الحق مقبول من كل من جاء به كائنًا من كان، والباطل مردود على صاحبه كائنًا من كان، فهذه الدعوة المباركة هي دعوة المسلمين: كبيرهم وصغيرهم، ذكرهم وأنثاهم، وهي دعوة شاملة شمول الإسلام لكل ناحية من نواحي الحياة سواء كانت سياسية، أو اقتصادية، أو اجتماعية، أو أخلاقية.
وإذا كان لا يجوز اتهام الإسلام بالحزبية والعصبية المذمومة؛ فكذلك الأمر هنا، فلا يصح أن نتهم الدعوة السلفية بمثل تلك النعوت.