:: مفاهيم للبناء :: الحق يُقبل من كل من جاء به

  • 226

غرس الإسلام في نفوس أتباعه ضرورة أن تنصرف هممهم إلى البحث عن الحق مجردا عن طبيعة القائل به أو فاعله.. وفي الحديث أنه لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر؛ وقد فسره رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (بطر الحق) أي: رفضه ورده. 

بلقيس كانت كافرة تنتمي إلى قوم يسجدون للشمس من دون الله؛ ومع ذلك لم يخلُ عقلها من حكمة أرشدتها إلى الصواب في نهاية المطاف.. المهم أن السياق القرآني قبل منها (الحق) على الرغم من (كفرها) وصدها عن الصراط السوي لما قالت: (إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة).. فعقب على حكمتها مؤيدا: (وكذلك يفعلون) .

ورسول الله يقول عن حلف الفضول: (لو دُعيت إليه في الإسلام لأجبت)؛ وما فهم وقتها أحد من الصحابة أن في ذلك إقرار بصحة ما كان عليه أهل حلف الفضول من عقيدة مناقضة لعقيدة الإسلام؛ بل انصرفت الأفهام مباشرة إلى معنى قبول (الحق) الذي تضمنه حلف الفضول.

وفي ضوء نفس المفهوم ؛ قبلت الأمة كلها (الحق) الذي نطق به (الشيطان) نفسه؛ إذ يدل أبا هريرة على فضل لآية الكرسي في الحديث الشهير.. ورسول الله صلى الله عليه وسلم يُلخص وقتها القاعدة بقوله: (صدقك -يعني: اقبل منه ما قال- وهو كذوب -يعني أن قبولك منه لا يعني تغير حاله فهو دائم الكذب ورأس للشرور-).