عُقمُ اِكتِشافِ الطاقاتِ

  • 239

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبى بعده أما بعد ...

إن هذه الأمة ولاّدَة مستمرة فى العطاء لاتموت هذه الأمة بموت العاملين لها الباذلين فى سبيلها ولايزال الله يغرس فى هذه الأمة من يجدد لها دينهافلا تتوقف هذه الأمة على آحاد الناس مهما كانت مواهبهم وإمكانياتهم وعطاؤهم، بل الأجيال تتلو الأجيال الكل يعمل والطاقات تتفجر وينابيع الخير تؤتى ثمارها هاهنا وهاهنا، ولكن تبتلى بعض الدعوات والمؤسسات بعقم اكتشاف الطاقات، فيكون بين أيديها من أبنائها طاقات هائلة فى جميع فروع الحياة فى العلم الشرعى، والعلم الأكاديمي، والعلوم التكنولوجية، وعلوم الإدارة والسياسة والاجتماع والتربية وغيرها.

لكن المؤسسة تعجز أحيانا عن اكتشاف هذه الطاقات مما يؤدى إلى عدم الاستفادة منها بل وإهدارها ونحن فى أمسّ الحاجة إليها، ولذا كانت هذه المشكلة من المشاكل التى أرى أنها تستحق التدقيق والتحقيق والوصول إلى أسبابها وطُرق علاجها، وفيما يلى نحاول أن نستعرض بعض الأسباب التى تؤدى إلى عقم اكتشاف الطاقات أو العجز عن اكتشاف الطاقات وبعض الحلول المقترحة والموضوع قابل للتطوير والتحليل ولكنها محاولة لإثارة الانتباه لعل إخوانى فى العمل والمؤسسات ينتبهون لخطورة هذه المذبحة ويوقفون نزيف إهدار الطاقات، فلعل من الأسباب:

1- غياب روح المغامرة أو المبادرة عند الإدارة: حيث تخاف إدارة المؤسسة من الفشل فى أداء المهمات إذا دفعت بها إلى من تظن أنه طاقة.

2-المركزية: والتى تقوم الإدارة فيها دائما بأداء معظم الأعمال التى تستدعى بعض المواهب والمهارات والخبرات مما يقطع الطريق على اكتشاف الطاقات الكامنة فى أبنائنا.

3- عدم التفويض أو إتاحة فرصة للإبداع: فالإدارة أو القيادة كما ذكرنا تقوم بالمهام التى تحتاج مهارات ولا تفوض بعضا منها للوجوه الجديدة أو الطاقات الشابة اليافعة.

4- تأثير التجارب السابقة الفاشلة: فقد تكون المؤسسة قد خاضت تجربة سابقة لكنها لم تحقق نجاحا مما يؤكد إحجام الموسسة على تكرار التجربة علما بأنه يمكنها إعادة التجربة بعد الوقوف على نقاط الخلل ومعالجتها ولذا كان للتقييم دوره فى المعالجة أو التطوير.

5-قلة الاحتكاك بأعضاء المؤسسة:ففى كثير من الأحيان لا تحتك القيادة بأفراد المؤسسة على جميع المستويات بل تكتفى بمجموعة قريبة منها تثق بها وتستمع لتقاريرها ولذا تضيق وتضعُف احتمالات صعود الطاقات وكفاءات جديدة وخصوصا إذا كانت هذه المجموعة القريبة من الإدارة تتبنى مذهب الإقصاء وتبنى اختيارها على الولاء فقط واستبعاد الكفاءات مهما كانت الحاجة إليهم، ولاشك أن هذا خلل فمن الممكن أن تستفيد من (الورد) وتتجنب (الشوك )، ويجب ألاتعتمد المؤسسة على تقييم فرد أو مدرسه واحدة فى التفكير.

6- عدم وجود دورات ثقل وتدريب للأعضاء: فكلما أنشات المؤسسة دورات ظهرت من خلالها المهارات والكفاءات والطاقات .

7- ضعف الثقة بالنفس: وهذا السبب يرجع إلى الشخص العامل نفسه فهو لايرى فى نفسه كفاءة أو موهبة، ولذا لايظهر منه مايجذب قادة المؤسسة نحو اختياره، وهنا نقول يجب أن يثق العامل بنفسه ولايُحقرمن قدراته ويدرك أنه يُحسن شيئا أى شيء، والدور الأعظم هنا أن يكتشف بنفسه ما يحسن،أو يطلب ذلك من غيره، ومن الممكن أن تقومالمؤسسة بعمل أنشطة لإبراز الطاقات  والمهارات،أو عملاستمارة تساعد على  اكتشاف الآخرين (كيف ترانى)  يذكر فيها الأخ  مايراه من أخيه من جوانب بارزة أو إيجابية أو سلبية ويسلمها لإدارة المؤسسة فتقوم هى بالعلاج وتوجيه النصح المناسب فى الوقت المناسب، وتنتبه للطاقات والكفاءات الموجودة فى أبنائها  فتُنميها حتى تبرز ويتطور أداؤها.

8- عدم وجود حوافز مادية أو معنوية تدفع للمغامرة،فلو أن المؤسسة تُعلن مسابقات فى أشياء مختلفة وترصد لها جوائز قيمة لوجدنا إقدامأعداد كبيرة، ولو تم الإعلان عن دورة مثلا فى علم الصحافة أو المونتاج أو الفوتوشوب أو برامج الكمبيوتر بسعر رمزى ووعدنا بشهادات ومنح لمن يجتاز الاختبارات بنجاح .. لظهرت لنا الطاقات الكامنة والمواهب المدفونة.

9- محدودية أهداف المؤسسة:وهذه لاشك أزمة فكيف تكون المؤسسة ليس لها نظرات واسعة وخطط بعيدة الأمد؟؟ ولذا فهى لاتشعر بحاجتها إلى الطاقات ولا العاملين فلا تجتهد للبحث عنهم او اكتشافهم أو العمل على تطويرهم.

10 - غياب من يحسن اكتشاف الطاقات داخل المؤسسة:إن غياب الشخصية القادرة على جذب الطاقات والتعرف عليها واكتشافها فى المؤسسة يؤخر كثيرا،فان غياب المغناطيس الذى يلتقط حبات الحديد من كومة القش يرهقنا كثيرا، وغياب من يستطيع أن يلتقط حُبيبات الذهب من كومة الرمال يجعلنا نفقد الكثيرمما نحتاج إليه.

11- عدم اتساع الوقت لظهور الطاقات: فالكل مشغول بأداء الواجبات فالمشاكل كثيرة ومتتالية والأعمال كثيرة ومتراكمة وليس هناك وقت للتدقيق واكتشاف الطاقات، ولاشك فى خلل هذا الأسلوب..ويسعُنا أن نخصص فى العمل من ليس له دور إلا اكتشاف المواهب والطاقات المعطلة.

12- عدم رعاية البوادر: فربما يظهر لنا من شخص صغير السن موهبة ولكن لانرعاها فتموت وقد قيل للطبرى وهو غلام فى الكُتاب إن خطك يشبه خط العلماء فأصبح عالما.

13- توزيع الأعمال على الأفراد على حسب حاجة المؤسسة وليس على حسب قدرات الأفراد: وفى كثير من الأحيان نبحث عمن يسد الثغرة لا من يتقن العمل ويبدع فيه. ممايؤدى إلى إهدارالطاقات،نسأل الله أن يوفقنا لما يحب ويرضى ويسسد خطانا لحسن اكتشاف الطاقات، وصل اللهم على محمد وعلى اله وصحبه وسلم.