::آيات نبحث بها عن مخرج:: المشروع الإبراهيمي.. ليقيموا الصلاة

  • 216

هي كلمة السر ومفتاح الكنز وبداية المشروع، نعم.. ليقيموا الصلاة ثم قل ما تشاء بعدها، وقعد من القواعد ما تشاء بعده، ليقيمو الصلاة ثم انطلق، ودائما ما يُطرح هذا السؤال: ما هوالمخرج؟، وكيف؟، وأين ومتى وبماذا ولماذا وماذا لو؟، وكل هذه الأسئلة المطروحة المتشابكة الواقعية مهمة ولكن تأتي بعد ليقيموا الصلاة، فهي هدف الأهداف بلا شك أو خلاف.

وبالطبع، لا مجرد أداء للفرائض والأركان ولكن إقامة الصلاة الفعالة المنتجة النبوية التي غير بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العالم، الصلاة التي تجد آثارها في محراب الحياة قبل محراب الصلاة.
 

صلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، لا لمجرد إسقاط الفريضة عن العبد والسلام.

سيدنا إبراهيم عليه السلام بعد أن أسكن ذريته بوادٍ غير ذي زرع وهو مكة، ولم يكن فيها حرث يومئذ ولا ماء، ترك لهم المفتاح الذي سيأتي بعده كل شيء، مفتاح جعل هذا الوادي مشروع حضاري يبدأ من الصفر ثم يتحرك في عمق الصحراء ليغير العالم، وتهوي إليه القلوب والأفئدة، من خلال التوجه بالصلاة ناحية القبلة خمس مرات في اليوم، وكأنها دورة تدريبية يومية لتحويل كل وادٍ غير ذي زرع أو حتى بزرع إلى مشروع إبراهيم، لأن المفتاح هو الصلاة والمشروع والنموذج في مكة، فلتكن القبلة مكة، والتذكرة مع كل صلاة.

قال تعالى: "رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ" إبراهيم 37

قال في زاد المسير : اللام هاهنا تتعلق بقوله أسكنت، فالمعنى أسكنتهم عند بيتك ليقيموا الصلاة. ولكن ما هي محاور هذا المشروع الإبراهيمي ودوائره المحيطة  ؟؟

ماهي أركانه ولبنات تمامه ؟؟

الإجابة واضحة تحتاج فقط أن نضعها في نقاط، فسيدنا إبرهيم قال هذه الكلمة وهو قد أعد هذه المعطيات :
1-   النشئ المؤهل وهو إسماعيل عليه السلام.
2-    امرأة متوكلة مُربية وهى هاجر.
3-   مشروع إبرهيمى بعيد المدى وهو قوله تعالى: "رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ" (129)، إذاً.. التلاوة والتزكية والتعليم أركان ثابتة مع كل مشروع إصلاحي.
4-    كفاية اقتصادية لقوله جل وعلا : "وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ"
5-   القائد الموجه وهو الخليل عليه السلام.
6-    أرض.                                  7- وقت.

وهذه هى الدوائر السبعة المحيطة بالمنطلق الرئيسي وهو إقامة الصلاة ليكون العالم بأسرة محراب ومسجد فهو مشروع نحو مسجدة العالم ومحرابية الحياة .

فمأسسة هذه المنطلقات السبعة في المشروع الإبراهيمي من خلال  تعاون المجتمع بأسره بمؤسساته وهيئاته لتحمل أركان هذا المشروع.

وقبل المجتمع، أن يكون هذا المشروع حاضرا في أذهاننا ووعينا، الصلاة بداية فإن ضاعت ضاع كل المشروع، قال تعالى: (( فخلَفَ مِن بَعْدهِمْ خلْفٌ أَضَاعوا الصَّلَاة وَاتَّبَعوا الشهوات ((، إقامتك كل واحد منا لصلاته الخاشعة الفاعلة خطوة حقيقية نحو المشروع الإبراهيمي  نحو مسجدة العالم ومحرابية الحياة، نحو هذه الحضارة التي بدأت في واد غير زرع لتقام الصلاة.

المشروع الإبراهيمي الذي يبدأ بالصلاة سيحول كل صحراء قاحلة حتى ولو كانت في قلبك إلى جنة  بإذن الله.

صلاة تقام وطفل ينشأ في طاعة الله وأم تُفجر في حياته زمزم النجاح والسعي والأمل.

وقائد مُوجه ومشروع مُحفز وأرض ووقت ونصر من الله قريب.

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا زار مريضا قال له: "اللهمَّ اشفِ عبدَك، ينكأْ لك عدُوًّا، ويمشي لك إلى الصَّلاةِ "، وكأن حياة العبد لا تنفك عن هاذين الأمرين، فاللهم أشفي أمتنا تنكأ لك عدوا وتمشي لك إلى صلاة.

إقامة الصلاة بداية لتعافي الأمة من مرضها وبداية للمشروع الإبراهيمي، فهل تُرانا نساهم في هذا المشروع، آذان مؤذن مسجدكم فرع مُعاصر للآذان الإبراهيمي، فهل تُرانا نلبي ؟!، القرآن هو المخرج والهداية لأهل الإيمان ولكل إنسان.. وحضارتنا إيمان وعمران وأخلاق قرآن.