سؤال وجواب حول الدستور

  • 281

 السؤال:
1- ما حكم مَن يري التصويت بـ"لا" على الدستور أو يرى الامتناع وعدم المشاركة من وجهة نظركم؟ هل يأثم إن قال: "لا" على الدستور؟ وهل يأثم إن قاطع ولم يذهب؛ لما في هذا الدستور من تجاوزات ومخالفات؟ بمعنى أن البعض ربما يقول الآن: إن البلد في انهيار والاقتصاد في أسوأ حال، فيجب أن نذهب لنقول: "نعم" لمصلحة مصر والإسلام.
2- هل يختلف الحال إذا كانت مقاطعة الاستفتاء أو قول: "لا" جاءت بعد أخذ رأي شيوخ أو علماء نثق في علمهم وفي فتاواهم في الأمور السياسية، مع تضارب ذلك مع فتاوى شيوخ حزب النور القائلين بالموافقة على الاستفتاء؟

الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
1- فأنا لا أرى في مسائل السياسة المحتمِلة للاجتهاد أن تستخدم عبارات: "يجب شرعًا"، و"يأثم شرعًا"، وأشد منها: "يكفر مَن قال: نعم!" أو "يدخل الجنة من قال: نعم أو لا"؛ لأن كل مَن رأى رأيًا في ذلك إما باجتهاد -إن كان من أهله- أو بتقليد لغيره -إن لم يكن مجتهدًا-، هو بيْن مصيب أو مخطئ، ولا أظن أن مسلمًا يريد الإضرار ببلده وشعبه "إلا أهل البدع الذين يكفـِّرون المجتمع والناس جميعًا أو غالبهم!".
- وأما مسألة النصح للأمة ومراعاة المصلحة: فأنا بالفعل أرى أن المصلحة للبلاد تقتضي الموافقة على الدستور؛ لتمر البلاد من هذه المحنة؛ ولأن ما تحقق في التعديلات مِن الحفاظ على مرجعية الشريعة الإسلامية وحدها كمصدر رئيسي للتشريع لا يجوز مخالفته فما يبقى من مصادر فرعية يلزم أن تكون في أمور إدارية ونحوها مما لا يخالف الشرع، وما تحقق من الحفاظ على الهوية الإسلامية العربية لمصر - قد حقق ما كنا نطلبه في ذلك.
وأظن أنه لو فشل هذا المشروع لما تمكن الإسلاميون في ظل هذه الظروف العصيبة أن يصلوا إليه في أي تعديلات جديدة خصوصًا أنه أصبح من العسير جدًّا، بل يكاد يكون مستحيلاً العودة إلى دستور "2012م" كما هو.
- وأما ما في التعديلات من تجاوزات: فعامتها كان موجودًا في دستور "2012م" كما هو، وفي استفتاء "19-3-2011م" الذي وافق عليه جميع الإسلاميين مع عامة الشعب المصري أو قريب منه، وهناك بعض السلبيات الجديدة كتحديد سن الطفل بثمانية عشر عامًا، وهو كان في القانون فصار في الدستور، لكن هذا لا يصل إلى المصادمة للشريعة التي يجعلها البعض كفرًا.
2- أما ما ذكرتَ من المقاطعة بناءً على مراجعة شيوخ تثق في علمهم وفتاواهم في الأمور السياسية - فأنا أقول: إنه لا يجوز لهم الإفتاء دون الاطلاع على ما حدث، وما كان يمكن أن يحدث، بل وما هو الغالب على الظن أن يحدث في الدستور لو رفض هذا المشروع، ولابد لهم أن يسمعوا ممن شهد وحضر مناقشات "لجنة الخمسين"، وليس أن يقرأ لهم بعض تلامذتهم فقرات في الدستور أُطلقت في موضع أوهمتَ بعضهم أنها تتضمن الكفر، وهي مقيدة في موضع آخر من الدستور بما يمنع من ذلك.
فالإفتاء بناءً على قراءة مجتزأة أو بناءً على ما يُنشر في بعض القنوات بالكذب من أن الدستور يتضمن إباحة زواج الشواذ، ومساواة الذكر بالأنثى في الميراث، وإباحة زواج المسلمة من غير المسلم، ونحوه... ! - فهذا اتباع للظن الذي هو أكذب الحديث.
وأنا أطلب من جميع الشيوخ أن يجلسوا مع مَن شهد المناقشات ووضع التعديلات، ونحن مستعدون لذلك؛ ليعلموا حقيقة الأمر قبل الإفتاء، فمعرفة الشرع لابد معها من معرفة الواقع، ومعرفة مآلات الفتوى، وما يترتب عليها.