الظنون والأوهام والموازين الجديدة

  • 182

استمعت إلى عدد من معارضي الدعوة السلفية، وحزب النور خصوصاً في المواقف السياسية، ووجدت عندهم لبس، بل التباسات كثيرة، عندهم نقص في المعلومات بدرجة رهيبة، وأحياناً عندهم رغبة في الفهم السليم الصحيح لموقف الدعوة والحزب، وأحيانا عندهم رغبة في عدم الفهم. عندهم رغبة في إدانة الدعوة واتهامها وتلويثها، وعندهم تجنٍ على طريقة الدعوة والحزب.
 
 وكبر عليهم أن تخرج الدعوة والحزب من الفتنة الحالية بأقل قدر من الخسائر والحمد لله.  لذا فهم يحاولون تخسيرها وإفشالها، وتشويهها، وتلويثها بطرق خسيسة، ويغالطون أنفسهم، ويغالطون غيرهم، ولا يريدون أن يصدقوا أي خبر جيد عن الدعوة السلفية، أو حزب النور، ولا يريدون أن يسمعوا أصلا عن خبر طيب لأحد من الدعوة السلفية.
 
 أحدهم يخرج التليفون المحمول يعبث به عندما يجئ ذكر الدعوة السلفية أو حزب النور حتى لا يسمع. يشغل نفسه بهذه الطريقة حتى لا يسمع، مسكين !!

وأحدهم قال لي: لماذا ذهب الشيخ ياسر برهامي إلى أحمد شفيق قبل إعلان نتيجة انتخابات الرئاسة؟ قلت له ذهب يوصيه خيراً بالإخوان، حتى لا ينكل بهم إذا تولى الرئاسة، ويوصيه بألا يحذف شيئاً من الآيات القرآنية من مقررات التربية والتعليم، ويوصيه بتطبيق الشريعة الإسلامية وعدم إقصائها. سألني ألم يتفق معه على قدر معين من الوزارات؟ قلت له لا، لم يحدث. ثم سألته: كيف عرفت أن الشيخ ياسر برهامي اتفق مع أحمد شفيق على قدر معين من الوزارات؟ قال: عرفت ذلك بالعقل والاستنتاج، هذا أمر بديهي، الزيارة معناها صفقة في السر !!! قلت له: تتهم الشيخ ياسر والدعوة السلفية كلها بإبرام الصفقات، بالاستنتاج فقط، ولأن هذا أمر بديهي عندك أن الزيارة معناها صفقات سرية.

هذا نموذج ممن عندهم نقص في المعلومات، ثم سألته ألم تعرف أن الشيخ ياسر ذهب إلى محمد مرسى أيضاً، وليس إلى أحمد شفيق وحده، ليوصيه بوصايا ... قبيل إعلان النتيجة؟ قال: لا .... لا أعلم هذا. قلت له ذهب الشيخ ياسر إلى الاثنين ... ليوصيهما. قال هذه معلومة لا أعرفها.

هذا نموذج ممن يعادون، ويهاجمون الدعوة السلفية وحزب النور. أحدهم قال: أنا معترض على الدستور، ومخالف للدعوة السلفية وحزب النور، وسأقول لا. سألته لماذا؟ قال لأن ليلى علوي كانت في كتابة الدستور. قلت له: تقصد كانت في لجنة الخمسين؟ قال نعم. قلت له: ولكنها لم تكن في لجنة الخمسين. قال: أنا رأيتها بنفسي، وسمعتها بنفسي في لجنة الخمسين. قلت له: هذه كانت جلسة استماع لمجموعه من الفنانين، من خارج لجنة الخمسين. حضروا جلسة استماع، وانصرفوا، ولكن لم تشارك هي في كتابة الدستور. قال: لا أنا متأكد أنها كانت في لجنة الخمسين، وأنها كتبت الدستور، ولذلك سأقول لا للدستور.

انتقد حزب النور؛ لأنه جلس مع ليلي علوي وكتب معها الدستور !!! قلت مسكين. وهناك مساكين غيره، عندهم نفس التفكير.

أحدهم قال: الشيخ ياسر برهامي يميل إلى العسكر بشدة، وتوجد هناك صفقات سرية واتفاقات. قلت له: هل عندك معلومات عن اجتماعات، ولقاءات بين الشيخ ياسر والعسكر؟ قال: لا. ولكن الأمور واضحة وظاهرة، أكيد توجد لقاءات سرية لا نعرفها وصفقات.

قلت: مسكين. هذا ليس عنده إلا اتباع الظن، والاستنتاجات، والاستنباطات والتخمينات، والاحتمالات، وهذا مثله كثير ويوجد من شكله كثير.
قال أحد المنتقدين أيضا: أنا غاضب من الدعوة السلفية؛ لأنها فصلت الشيخ سعيد عبد العظيم من عضويتها. قلت: هذا غير صحيح بالمرة، ولم يحدث، وإنما فضيلة الشيخ سعيد عبد العظيم انقطع عن حضور اجتماعات مجلس إدارة الدعوة بإرادته.

قال المنتقد المهاجم: أنا غاضب من الدعوة السلفية؛ لأنها لم تحاول استرجاع الشيخ سعيد عبد العظيم، ولم تبذل محاولات لإعادته واسترضائه. قلت له: معلوماتك خاطئة وغير صحيحة، بل الدعوة بذلت محاولات؛ لإعادة الشيخ واسترضائه، ولكن المحاولات للأسف لم تنجح.

فقلت في نفسي: معلوماته عن الدعوة ناقصة، وغير صحيحة، ومبنية على ظنون وأوهام، ليس فيها معلومة صحيحة ولا مؤكدة.

ولقد أخبرني أن كثيرين عندهم نفس فكرته، وتصوره أن الدعوة استغنت عن فضيلة الشيخ، وفصلته، ولم تحاول استعادته، وبالتالي فيحق لهذا المهاجم وغيره أن يغضبوا من الدعوة، ويقاطعوها بل، وينفصلوا عنها ....كثيرون للأسف يتصرفون بهذه الطريقة دون تثبت، ولا تبين، ولا تأكد، وهذا خلل شديد عند الأفراد، ولقد تبين لي من الأحاديث، والحوارات، والنقاشات أن هؤلاء المعادين للدعوة السلفية وحزب النور، عندهم معيار عجيب، وميزان غريب، يزنون به الدعوة وحزب النور، هذا المعيار والميزان هو الصدام مع الدولة، فطالما أن الدعوة السلفية وحزب النور لم يصطدموا بالدولة، فهم على خطأ مهما كانت المواقف، وبالتالي فهم يستحقون الهجوم والعداء والإدانة، فإذا دخلوا في الصدام مع الدولة، عندها فقط سيرضى عنهم المعادون والمهاجمون، وسيتحول ذمهم إلى مدح وسخطهم إلى رضا، ونقدهم إلى الثناء ...

فالمعادون للدعوة السلفية وحزب النور، يريدون من الدعوة والحزب الهجوم المستمر على الدولة، ومعارضتها عمال على بطال، والعداء معها على طول الخط، والصدام بأي صورة، وبأي شكل ...فإذا فعلت الدعوة والحزب هذا، قالوا في حقها خيرا، ومدحوها، وأثنوا عليها خيرا، ووصفوها بالصفات الجميلة ...وإذا لم تقم الدعوة والحزب بهذه الأمور السابق ذكرها، ذموها، وانتقدوها، وهاجموها، وعادوها، وشتموها، وسبوها، ولعنوها. فأصبحت علامة الحق والصواب هي معاداة الدولة، والصدام معها، وعلامة العمالة والخيانة والخطأ، هي تجنب الصدام.

وأقول إن الدعوة السلفية وحزب النور  لا يجاملان الدولة، ولا يجملانها على حساب الحق، ولا يتكتمان، ولا يتستران على أخطاء وممارسات خاطئة، بل يقدمان النصيحة، ويعترضان على الأخطاء ويتبرآن من كل الممارسات الخاطئة، ويحملون كل مخطئ مسؤوليته، ولا يقبلون الظلم، ولا يرضون به، ويقولون عن الظلم أنه ظلم، ويصفون التجاوز بأنه تجاوز، ولكن إخواننا يريدون ما هو أبعد من ذلك، يريدون الصدام ولا شيء إلا الصدام، بأي صورة وبأي درجة، وبغض النظر عن أي شيء، وبصرف النظر عن أي اعتبارات، هذا هو الميزان الجديد، والضابط الجديد، الذي تقاس به الدعوة السلفية وحزب النور، لا توزن المواقف بالأدلة، ولا بالعلم، ولا بالعمل، ولا بالشرع، ولا بالدين، إنما توزن فقط بالصدام أوعدمه، المخالفون للدعوة السلفية وحزب النور قرروا الصدام مع الدولة على طول الخط، وإلى آخر الطريق، ويريدون من الدعوة والحزب موافقتهم في هذا الصدام، والانضمام إليهم، وإلا رُميت الدعوة والحزب بالخيانة والعمالة، فهل توزن الأمور والدعوات بهذا الميزان السطحي العاطفي؟ أم هناك قواعد أخرى للميزان والقياس؟  

أخي: نصيحة، لا تبني قراراتك على ظنون وأوهام غير أكيدة، ولا تزن الأخرين بميزان من عندك.