آثار المادتين 4 و 219من دستور 2012 على قضاء الدستورية العليا

  • 172

نشرت مجلة الدستورية، بعددها الثالث والعشرين – إبريل 2013- مقالاً للدكتور سامي جمال الدين، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية، صفحة 34 : 39، بعنوان الشريعة الإسلامية، ومدى التزام سلطة التشريع باتباع مبادئها، على ضوء نصوص دستور 2012 .
وقبل أن نخوض غمار المناقشة، نؤكد ما يلي :

- نشر المقال بمجلة المحكمة الدستورية العليا ليس قطعي الدلالة علي أن المحكمة تتبنى رأيه، رغم أنه يُرسل إشارات ظنية، لا تُخطئها عين خبير.

- أن المحكمة لم تُصدر أية أحكام بصدد تفسير مبادئ الشريعة، على ضوء نصوص دستور 2012، من تاريخ سريانه اعتباراً من 25 ديسمبر 2012، وحتى تعطيله في 3 يوليه 2013.

ولنبدأ بذكر النصوص الدستورية المُشار إليها:

مادة 4: [ الأزهر الشريف هيئة إسلامية مستقلة جامعة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شئونه، ويتولى نشر الدعوة الإسلامية وعلوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم. ويؤخذ رأي هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف في الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية. وتكفل الدولة الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه. وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، يحدد القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء. وكل ذلك على النحو الذي ينظمه القانون ].

مادة 219: [ مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة، في مذاهب أهل السنة والجماعة].
أولاً- نتائج وآثار المادة الرابعة :

- الأزهر الشريف هيئة دينية، ولكنه ليس من السلطات العامة في الدولة   "التشريعية - التنفيذية – القضائية".

- استقلال الأزهر بشؤنه يعني حرمان السلطات العامة من التدخل في هذه الشؤن، التي يختص بها دون غيره، إلا أنه لا يملك التدخل في شؤن غيره، ومن ثَم لا يملك اتخاذ أعمال قانونية مُلزمة للغير.

- يؤخذ رأي هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف في الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية ، وليس برأيها ، أي أن الرأي غير مُلزم.

- لا تحتكر الهيئة الاختصاص بإبداء الرأي في هذا الصدد دون غيرها ، إذ يُمكن لسلطة التشريع أخذ رأي جهات غيرها، مثل: دار الإفتاء، أو مجمع البحوث الإسلامية، أو المجلس الأعلى للشؤن الإسلامية، أو قسم الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، أو أية هيئة أخرى لها صلة بموضوع التشريع ، بل وأي فرد، أو أفراد بعينهم من الفقهاء، أو شراح الشريعة الإسلامية من المعنيين بموضوع التشريع.

- السلطة التشريعية مُلزمة بأخذ رأي هيئة كبار العلماء، فيما يتصل بالشريعة الإسلامية.

- السلطة التنفيذية مُلزمة بأخذ رأي هيئة كبار العلماء، عند إبرام معاهدة، أو اتفاقية دولية ذات طابع تشريعي، وعند وضع لوائح إدارية مستقلة في موضوعات الضبط الإداري، أو المرافق العامة.

- للسلطة التشريعية الحرية في تقدير ما إذا كانت مبادئ الشريعة الإسلامية ذات صلة بموضوع التشريع أم لا.

- لابد أن يحدد المشرع مدة زمنية معقولة تلتزم الهيئة خلالها بتقديم رأيها، وإلا عاد الأمر للسلطة التشريعية، استناداً إلى الفقرة الأخيرة من نص المادة: "وكل ذلك على النحو الذي ينظمه القانون ".

- السلطة القضائية ليست بمشرع، ومن ثَم فإن نص المادة الرابعة لا يخاطبها ، وبالتالي لا تلتزم بعرض أحكامها على هيئة كبار العلماء؛ لأخذ رأيها فيها.

- للمحكمة أن تطلب رأي هيئة كبار العلماء قبل إصدار حكمها، في حالة إذا لم تلتزم سلطة التشريع بأخذ رأي الهيئة، بدعوى عدم اتصال موضوع التشريع بمبادئ الشريعة الإسلامية، وثار النزاع عند تطبيق هذا التشريع، وقامت خصومة قضائية بشأنه.
ثانياً- نتائج وآثار المادة 219 :

- هذه المادة تخاطب أساساً هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ولا تخاطب السلطة القضائية؛ ومنها المحكمة الدستورية العليا.

- يقتصر دور المحكمة الدستورية العليا على فحص مدى التزام المشرع بأخذ رأي هيئة كبار العلماء – وليس الأخذ به – قبل إقرار القانون، أو اللائحة، أو المعاهدة الدولية، وهو مطعن شكلي إجرائي على دستورية العمل القانوني.

- يحق للمحكمة أن تتمسك بقضائها السابق على صدور دستور 2012، بضرورة التزام سلطة التشريع بالمبادئ والأحكام القطعية ثبوتاً ودلالة في الشريعة الإسلامية، تأسيساً على أن هذا الدستور لم يأتِ بجديد من الناحية الموضوعية، وكل ما ورد في المواد (2) ، و (4) ، و (219) منه يتصل قانوناً بالجانب الإجرائي في التشريع.

واختم مقالي بتوجيه رسالة إلى المزايدين على حزب النور:
أليس مجموع أحكام المحكمة الدستورية العليا المنصوص عليها بمضابط جلسة التصويت، أفضل من المادة 219 على هذا التفسير ؟!