راحة البال وحشتني

  • 474

كنت مع أخ لي في الله، أركب معه سيارته الملاكي، فرأيت إمامنا سيارة من سيارات نقل الركاب الصغيرة .. مكتوب عليها هذه العبارة، { راحة البال وحشتني }...قرأت العبارة مرة ثانية لأتأكد من صحة قراءتي لها أول مرة ... وتأكدت من صحة قراءتي لها ... فقلت لأخي: صاحب السيارة .. السيارة التي أمامنا مكتوب عليها، راحة البال وحشتني، فقال: قرأت هذه العبارة على سيارة أخرى أيضا.

لقد شغلتني هذه العبارة، وتعلقت بذاكرتي فلم أنسها ... بل وجدت نفسي أفكر فيها، وفي صاحب السيارة... ما معنى هذه العبارة؟ وما مغزاها؟ وما مدلولها؟ ... ولماذا  كتب صاحب السيارة هذه العبارة ؟ .. وقلت لصاحبي : فعلا راحة البال وحشتنا منذ سنوات، والبال مشغول باستمرار وتعبان ... لا يرتاح ولا يهدأ، لأسباب كالخاطر.

لفة، ومتنوعة، ومتتالية، ومتتابعة ..... نعيش في حدث يعكر البال، ويكدر الخاطر...ويشوش النفسية، ويستمر طويلا .....وقبل أن يرتاح البال....يأتي حدث أخر يتعب البال، ويعكر البعد ثورة يشوش النفسية ....وقبل أن ننساه، يأتي حدث آخر، يتعب البال، وهكذا ....فالبال فعلا لا يرتاح منذ مدة، ولا يهدأ، ولقد قال لي صاحبي: إن هذه العبارة رآها مكتوبة على سيارة أخرى، قلت: واضح أن راحة البال مفقودة على نطاق واسع .....

بل لا أبالغ إذا قلت: إن الجميع قد فقد راحة البال ....لأسباب عامة، لا تتعلق ببلدنا فقط، بل بكل البلاد الإسلامية والعربية ....ولأسباب خاصة بكل إنسان، فصاحب السيارة، ربما يكون فقد راحة البال لأسباب تتعلق بالسيارة، مثل: الأقساط الشهرية التي يجب عليه أن يدفعها ويسددها ..... ومصاريف البيت، ومخالفات الطريق والمرور، وحوادث السيارات وقطع الغيار، و الإصلاحات المستمرة في السيارة، ومعاملات السائقين، بل ومعاملات الجمهور، وربما يكون قد فقد راحة البال منذ أن اشترى السيارة،  وأصبح مشغولاً باستمرار، غاضبا باستمرار، متوترا باستمرار، قلقا باستمرار، ولكن من المؤكد أيضا مشغول بحالة البلد، وحالة الناس ... فنحن جميعاً في مجتمع واحد، همومنا واحدة، ومشاكلنا العامة واحدة، ووجدت نفسي مشغولا بهذه العبارة: راحة البال وحشتني، وسألت نفسي: هل كنت أعيش في راحة البال ؟ قلت: نعم، لسنوات طويلة، كان بالى مرتاحاً ....

سألت نفسى : متى فقدت راحة البال ؟ قلت لا أدري تحديدًا، ولكن يغلب على ظني أنني فقدت راحة البال بعد  ثورة 25يناير 2011 إلي يومنا هذا، سألت نفسي: هل أتوقع عودة راحة البال إلى نفسي وإلى الناس قريبا؟ قلت: لا، للأسف الشديد....فالمؤشرات والدلالات، والأمارات، تقول : إن راحة البال ستغيب لسنوات، وستشتد معاناة البال، ومتاعب النفس أكثر. هذا ما يظهر والله أعلم بالغيب....

تذكرت دعوة كانت أمي رحمه الله تعالى عليها، تدعو لي بهعظيمة.ً..... مع دعوات أخرى .... كانت تقول : إلهي يريح بالك ..... وفعلاَ تمتعت براحة البال لسنوات طويلة ..... إنها نعمة لم أكن أعرف قدرها، ووزنها، راحة البال نعمة عظيمة .... فقدناها علي المستوالبال.عي، راحة البال أمنية غالية ....راحة البال وحشتني .... المسئوليات  زادت ..... والأعباء زادت والمشاكل زادت، والمطالب زادت، والنوعيات ساءت ....

وراحة البال وحشتني، يا رب ارزقنا راحة البال.... وأعد إلينا جميعا راحة البال .....راحة البال في أوقات قليله، نخلو فيها بربنا .. نغيب عن الواقع، ونعيش مع الله .. هذه أوقات راحة البال .. ولكن تقطعها الخلطة بالناس، والعودة إلى الواجبات.

أيها القارئ : وحشتك راحة البال ؟ أم أنت مرتاح البال أصلا؟ أظن أن كل واحد من المصريين يريد أن يقول راحة البال وحشتني.