الإنصاف عزيز

  • 240

غاب الإنصاف والعدل عنا في هذه الأيام، حتى عن كثير من أهل العلم، في الحكم على الأشياء، والأشخاص، والواقع، وتعميم الأحكام، بدون تدقيق، أو تثبيت، وكذلك الحكم على واقع بدون علم به، أو تصوره، فالحكم على شيء فرع من تصوره.

فالعدل أساس الملك، وعليه قامت السماوات والأرض، وللأسف تجد الفُجر، في الخصومة، أو عند الخلاف وهذا من صفات المنافقين " إذا خاصم فجر "، فالمؤمن يغفر الزلات، ويلتمس الأعذار، فينبغي على المرء أن يراجع نفسه ونيته، قبل أن يتكلم أو يفعل، هل هذا الفعل يرضى الله أم لا ؟ وهل أراد به وجه الله خالصًا، أم لحسد، أو لهوى، أو لحقد، أو ضغينة، أو سوء ظن، أو مطامع ومصالح دنيوية، قال تعالى: { وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8]، لا يحملكم بغض قوم على عدم العدل معهم.

 وقال تعالى: { كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ (أي العدل ) شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [النساء: 135]، حتى وإن كان ينتمي إلى فكري، وجماعتي، وفصيلي، وأخطأ فلا أدافع بالباطل، وإن كان خصمي على الحق، أو أصاب في مسالة،  فينبغي الإقرار والاعتراف بذلك.

فتجد اليوم من يختلف مع الدعوة السلفية، وحزب النور في موقف سياسي من 30/6، وما تلاها، أو من المشاركة في لجنة الخمسين، أو من الموافقة على الدستور المعدل 2013، ترى الاتهامات بالخيانة، والعمالة، والنفاق، والطعن، والتجريح، والسب لرموز الدعوة، أو شخصنة الأمر في صورة د. ياسر برهامي.

أين قول الشافعي: " قولي صواب يحتمل الخطأ، وقول غيرى خطأ يحتمل الصواب "، وقوله: "إن اختلفنا في مسألة، ألا يصلح أن نكون أخوانًا "، انظر إلى مشايخنا: د. ياسر برهامي، و د. يونس مخيون، وكذلك إخواننا: د. شريف طه، ود. عبدالغفار طه بالرغم من الظلم، والافتراء، والشتيمة، والبهتان، الذي يتعرضون له من شباب جماعه الإخوان، سواء على النت، أو في المؤتمرات، نجد الأنصاف عندما يسئ مذيع، أو إعلامي، أو يعمم الحكم، أو يتهم الإخوان بأنهم عملاء لأمريكا، أو جماعه إرهابية أو ...... الخ تجد الدفاع عنهم، والكلام على عدم إقصائهم، ويتكلمون على ما يتعرضون له من ظلم اعتقالات عشوائية، أو تجريف إعلامي، أو أحكام جائرة، فينبغي للعبد ألا ينتقم، أو يثأر لنفسه، فالنبي صلى الله عليه وسلم، لم يكن يغضب لنفسه.

ولكن إذا انتهكت محارم الله، فلابد من ضبط النفس، والحكمة، والالتزام بأدب الخلاف، والإنصاف، وإحسان الظن، واعمال قواعد الشرع؛ من التثبت من الأخبار، وعدم نقل الشائعات أو تصديقها، واجتناب سوء الظن، وعدم الطعن في الاتهامات في النوايا، ولابد من حفظ اللسان، ومراعاة حرمة أهل العلم خصوصًا، والمسلمين عمومًا.