توضيح وبيان

  • 207

طالعت البيان الذي صدر من بعض العلماء في السعودية، وقد ذهلت من كم المغالطات التي تضمنها البيان نتيجة عدم الإلمام بالواقع المصري جيدا، والاعتماد علي المعلومات التي تروجها الآلة الدعائية لجماعة الإخوان، وعدم الاستماع لجميع الأطراف للوقوف علي المشهد من كل جوانبه ، وقد ظننت أن البيان سيضم أدلة قاطعة واضحة، لكن للأسف لم يأت بجديد، بل كرر الكلام الإنشائي الذي لا يقدم بديلا ولا حلا للأزمة؛ وهو ما يعدُّ انحيازا واضحا لجماعة الإخوان .

تضمن البيان أغاليط واضحة من قبيل إغلاق القنوات الإسلامية؛ وهو ما لم يقع، بل ما أُغلق هو القنوات التابعة لجماعة الإخوان، والتي كانت تنشر محتوى سياسيا تحريضيا، بينما تُركت القنوات التي ابتعدت عن الصراع السياسي، ( مع العلم أننا استنكرنا إغلاق القنوات دون حكم قضائي، لكني أصحح المعلومة التي تستهدف تصوير الأمر علي أنه صراع بين الإسلام والكفر).

ونفس الأمر في الجمعيات، فما تم التحفظ عليه هو الجمعيات الداعمة والتابعة لجماعة الإخوان في ظل الصراع السياسي الحالي ، وقد حل الإشكال المتعلق بـ"الجمعية الشرعية"، وجاري نفس الأمر مع "أنصار السنة"، ( وهذا أيضا أذكره ليس إقرارا، لكن لبيان حقيقة الصراع وأنه ليس كما تصوره جماعة الإخوان) .

وأما الغريب فعلا، فهو نقل اتفاق علماء المسلمين علي رؤية جماعة الإخوان! وهذا فعل مستغرب! فكيف لأحد أن يدعي الإجماع في مثل هذا الزمان ويتحقق منه؟! وكيف تجرأ كاتبو البيان علي نقل هذا وعامة العلماء الكبار ساكتون؟!

وقد أفتي الشيخ الفوزان بأن ما يحدث في مصر فتنة وأمر بالسكوت فيها، فكيف يدعي أحد إجماعا؟! وأين ذهبت فتاوي علماء مصر، وعلماء الأزهر والدعوة السلفية وأنصار السنة، الذين توافقت رؤاهم مع رؤية حزب النور؟! اللهم إذا كان المقصود علماء تيار معين!!

وأما فيما يتعلق بالدستور، فنحن لا نري فارقا بين الدستور الحالي والذي قبله، ونحن لا نقيم الأمور بمعيار مصلحة جماعة الإخوان، بل بمصلحة الوطن عامة، ونحن نري لزوم أن تتنازل الجماعات الخاصة عن مصلحتها إذا تعارضت مع مصلحة الوطن العليا ، والعجيب هو حالة الصمت المطبق تجاه دستور تونس الذي ليس فيه أي ذكر للشريعة إلا النص علي أن تونس دينها الإسلام! فأين هذا مما هو موجود في دستور مصر؟!

والحقيقة أن الصمت بسبب أن الموافقة علي الدستور هناك تصب في صالح جماعة الإخوان، بخلاف الواقع في مصر؛ وهذا ما نفترق فيه في الرؤية كما أشرت آنفا !

وفي النهاية، ندعو جميع العلماء في الخارج ألا يتورطوا في الكلام في الشأن المصري دون الإحاطة بالمشهد من جميع جوانبه، ومن كافة الأطراف؛ حتي لا يتورطوا في الدفع بشباب المسلمين في أُتون صراع ومواجهة لو علموا حقيقتها وموازين القوي فيها لما أفتى عاقل بالدخول فيها