نداء للشباب قبل 25 يناير!!

  • 186

كنت كتبت علي صفحتي الشخصية نداء مشفقاً أرجو أن يكون صادقاً لشبابنا وفتياتنا لما رأيت تسجيلاً لاعتراف بعض الشباب ممن ينتمي لتنظيم أنصار بيت المقدس بمسئوليتهم عن تفجير مديرية أمن الدقهلية أقول فيه: يا شباب. . . يا فتيات. . .

نصيحة من أخ لكم بل والد خبرته التجارب ورأي بعينه أحداثاً مماثلة لما يمر بمصر الآن في أوائل التسعينيات. لقد كانت الجماعة الإسلامية أكثر عدداً من الإخوان ، وصاروا بعد سنين معدودة أثرأً بعد عين. قُتل من قُتل، وسُجن من سُجن. ثم كانت منهم مراجعات بعد عشرين سنة في السجون ثم خرجوا ورجعوا إلي ما كانت الدعوة السلفية تبينه لهم من ضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وجزاهم الله خيراً فالحق قديم ورحم الله من

رجع إليه.

وأرجوهم الآن أن يرجعوا إليه أيضاً، ولا يسلكوا بشبابهم طريقا ذاقوا مره من قبل ورجعوا عنه.

فيا شباب:

اللهَ. . اللهَ في دينكم. في شبابكم. في بلادكم. في والديكم.

الزموا غرز العلماء وارفعوا قناع التعصب عن أعينكم ستروا الحقيقة بينة. لا تقعوا فريسة لمن يأخذكم إلي سكة الندامة حين لا ينفع الندم.
 

قولوا لهم :لن نحرق بلادنا بأيدينا. لن ندمر حياتنا. إن كنتم تريدون الكرسي فعليكم بالانتخابات مرة أخري كما كنتم تفعلون من قبل. فمن شارك سياسياً فهو يريد التغيير بطريقة واحدة لا مثنوية فيها :إنها التغيير السلمي".

إذا ما كتبته نصيحة لشبابنا وفتياتنا إلا أني وجدت سيلاً من التعليقات من تيارات مختلفة اجتمعت علي أمر واحد وهو المواجهة!تعليقات بأقذع الشتائم غرضها صرف الشباب عن الاستماع للنصيحة !، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

ثم قرأت هذه الأيام كما قرأ غيري التكفير للشرطة والجيش واستباحة دمائهم وأموالهم ، بل وإعلان خطط للمواجهة وكيفية تصنيع المولتوف وغيره، بل وأُخبرت أن هناك من الشباب والفتيات من كتب وصيته وعزم علي عدم الرجوع إلا شهيداً !.
فقلت:عامل الله من كان سبباً في مبدأ هذه الفتنة بعدله إلا أن يتوب ويصحح المفاهيم ويأمر هؤلاء الشباب بالرجوع حقناً للدماء ومنع سفكها بغير حق وحفظاً لأمن المجتمع واستقراره!. ثم أعاود النصح فأقول:
         يا شباب: 

 

المقدمات عنوان النتائج ، وما ذكرته من مقدمات التكفير نتائجه استباحة الدم والمال والعرض ، كما أنه فكر الخوارج الذين يكفرون المسلمين بالعموم ولا يُراعون قواعد أهل السنة في هذا الباب ثم يستبيحونهم . 

يقول الشيخ محمد إسماعيل:" ولعل النزعة الخارجية التي تُطل برأسها من وقت إلى آخر لتبعث الحياة في فكر الخوارج الأولين وسلوكهم هي المسئولة عن كثير من التعديات على الحرمات، فقد قال صلى الله عليه وسلم في شأن الخوارج : "يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان"، وهذه العلامة هي التي جعلت أحد العلماء، وقد وقع مرة في يد بعض الخوارج، فسألوه عن هُويته، فقال : "مشرك مستجير، يريد أن يسمع كلام الله"، وهنا قالوا له : "حق علينا أن نجيرك، ونُبلغك مأمنك"، وتلوا قول الله تعالى : "وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ"، بهذه الكلمات نجا "مشرك مستجير"، ولو قال لهم : "مسلم" لقطعوا رأسه . "

وتكفير المسلم مفتاح استباحة دمه:

فقد اتُهم القاضي عياض – رجمه الله تعالى – بأنه "يهودي"، لأنه كان يلزم بيته للتأليف نهار السبت .
وهذا الشيخ علاء الدين العطار تلميذ الإمام النووي – رحمهما الله – مع أنه كان شيخ زمانه – كان يمشي متأبطا وثيقة من أحد القضاة بصحة إيمانه، وبراءته من كل ما يكفره، مخافة أن يصادفه أفاك في مجلس" بصائر في الفتن /88.
يا شباب:

 

من الذنوب العظيمة: رمي المسلم بكفر أو فسق أو لعنة أو نفاق دون استيفاء لشروط ذلك أو انتفائها عنه ، قال تعالى:-"يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمنّ الله عليه فتبينوا إن الله كان بما تعلمون خبيرا"

وقال صلى الله عليه وسلم "لا يرمي رجل رجلا بالفسوق ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه وان لم يكن صاحبه كذلك " رواه البخاري ومسلم
قال ابن الوزير:" وقد عُوقبَت الخوارجُ أشدَّ العقوبةِ وذُمَّت أقبحَ الذمّ على تكفيرهم لعصاةِ المسلمين مع تعظيمهم في ذلك لمعاصِي الله وتعظيمهم لله تعالى بتكفير عاصيه، فلا يأمَن المكفِّر أن يقعَ في مثلِ ذنبِهم، وهذا خطرٌ في الدين جليل، فينبغي شدّةُ الاحتِراز فيه من كلّ حليم نبيل"ا. ه"إيثار الحق علي الخلق 447" 

ويقول الشّوكانيّ رحمه الله: "اعلَم أنّ الحكمَ على الرجل المسلم بخروجه من دين الإسلام ودخوله في الكفر لا ينبغي لمسلمٍ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدِم عليه إلاّ ببرهانٍ أوضحَ من الشّمس"ا. ه "السيل الجرار4/578"
 يا شباب:

إنَّ أول ما يُقضَى يوم القيامة بين العباد في الدماء كما قال رسول صلى الله عليه وسلم : (( أولُ ما يُحاسَبُ به العبدُ الصلاةُ، وأولُ ما يُقضَى بينَ الناسِ الدماءُ )) .

رواه البخاري. فهل أنتم مستعدون لهذا؟ما حجتكم –والسؤال للجميع-إذا سئلتم عن دم محرم أمام الله تعالي؟

 وكل الذنوب يُرجَى معها العفو والصفح إلاّ الشرك، ومظالم العباد. ومن أعظمها سفك الدم الحرام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ": ليس من عبد يلقَى اللهَ لا يشرك به شيئاً، ولم يتند بدم حرام إلاّ دخل من أي أبواب الجنة شاء ". رواه أحمد. قوله : ولم يتند : أي لم يصب منه شيئاً .

والدنيا –يا أخي- بما فيها لا تساوي شيئاً بالنسبة لدم المسلم كما قال صلي الله عليه وسلم-:
( لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلمٍ ) رواه الترمذي.
         يا شباب:

 لقد حذرنا رسولنا –صلي الله عليه وسلم –من فتن ، قال عنها : قال :"ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي من تشرف لها تستشرفه فمن وجد منها ملجأ أو معاذا فليعذ به. "رواه البخاري. 

وقال:" إِنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ لَهَرْجًا، قَالَوا: مَا الْهَرْجُ؟ قَالَ الْقَتْلُ ، إنه لَيْسَ بِقَتْلِكم الْمُشْرِكِينَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا حَتَّى يَقْتُلَ الرَّجُلُ جَارَهُ وَابْنَ عَمِّهِ وَذَا قَرَابَتِهِ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَعَنَا عُقُولُنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا، تُنْزَعُ عُقُولُ أَكْثَرِ ذَلِكَ الزَّمَانِ وَيَخْلُفُ لَهُ هَبَاءٌ مِنْ النَّاسِ لَا عُقُولَ لَهُمْ، يحسب أكثرهم علي شئ وليسوا علي شئ " ثُمَّ قَالَ أبو موسي الْأَشْعَرِيُّ :"وَأيْمُ اللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّهَا مُدْرِكَتِي وَإِيَّاكُمْ وَأيْمُ اللَّهِ مَا لِي وَلَكُمْ مِنْهَا مَخْرَجٌ إِنْ أَدْرَكَتْنَا فِيمَا عَهِدَ إِلَيْنَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أَنْ نَخْرُجَ منها كَمَا دَخَلْنَا فِيهَا ، ولم نصب منه دماً ولا مالاً"رواه أحمد.

وقد اعتزل فريق من الصحابة رضي الله عنهم الفتنة لما وقعت لهذه الأحاديث ولعدم تبين لهم وجه الصواب فيها منهم أبو موسي الأشعري وابن عمر وابن عباس وأسامة بن زيد-رضي الله عنهم- . قال الْحَسَنَ : لَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْفِتْنَةِ، أَتَوْا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَقَالُوا : أَنْتَ سَيِّدُ النَّاسِ، وَابْنُ سَيِّدِهُمْ، وَالنَّاسُ بِكَ رَاضُونَ، اخْرُجْ نُبَايعْكَ، فَقَالَ : لا وَاللَّهِ، لا يُهَرَاقُ فِيَّ مِحْجَمَةٍ مِنْ دَمٍ، وَلا فِي سَبَبِي مَا كَانَ فِيَّ الرُّوحُ، قَالَ : ثُمَّ أُتِيَ فَخُوِّفَ، فَقِيلَ لَهُ : لَتَخْرُجَنَّ أَوْ لَتُقْتَلَنَّ عَلَى فِرَاشِكَ، فَقَالَ مِثْلَ قَوْلِهِ الأَوَّلِ،.

قَالَ الْحَسَنُ : فَوَاللَّهِ مَا اسْتَقَلُّوا مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ تَعَالَى " .

وعَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ أَتَاهُ رَجُلَانِ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَا: إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَنَعُوا مَا تَرَى، وَأَنْتَ ابْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَخْرُجَ؟ قَالَ: " يَمْنَعُنِي أَنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَيَّ دَمَ أَخِي الْمُسْلِمِ، قَالَ: أَوَ لَمْ يَقُلِ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: 39]؟ قَالَ: فَقَدْ قَاتَلْنَا حَتَّى لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ وَكَانَ الدِّينُ لِلَّهِ، وَأَنْتُمْ تُرِيدُونَ أَنْ نُقَاتِلَ حَتَّى تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِغَيْرِ اللهِ " . رواه البخاري .

 ومقصوده أن من خرج علي الإمام فقتاله من أجل الدنيا كما قال القسطلاني. 

 

ومحمد ابن الحنفية –رحمه الله- لما خرج أهل المدينة علي يزيد جاءه دعاة الخروج فقالوا: إن يزيد يشرب الخمر و يترك الصلاة و يتعدى حكم الكتاب، فقال محمد: ما رأيت منه ما تذكرون، قد حضرته و أقمت عنده فرأيته مواظباً على الصلاة متحرياً للخير يسأل عن الفقه ملازماً للسنة، قالوا : ذلك كان منه تصنعاً لك.

قال : و ما الذي خاف مني أو رجا حتى يظهر إليّ الخشوع ؟ ثم أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر، فلئن كان أطلعكم على ذلك فإنكم لشركاؤه، و إن لم يكن أطلعكم فما يحل لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا، قالوا : إنه عندنا لحق و إن لم نكن رأيناه، فقال لهم : أبى الله ذلك على أهل الشهادة فقال:"إلا من شهد بالحق وهم يعلمون"، و لست من أمركم في شيء .

قالوا:فلعلك تكره أن يتولي الأمر غيرك، فتحت نوليك أمرنا.

قال:ما أستحل القتال علي ما تريدونني عليه لا تابعاً ولا متبوعاً. قالوا:قد قاتلت مع أبيك.

قال:جيئوني بمثل أبي أقاتل علي مثل ما قاتل عليه. قالوا فمر ابنيك أبا القاسم والقاسم بالقتال معنا.

قال:لو أمرتهما قاتلت. قالوا فقم معنا مقاماً تحض الناس فيه علي القتال. قال سبحان الله ، آمر الناس بما لا أفعله ولا أرضاه؟إذن ما نصحت لعباد الله. قالوا نكرهك.

قال:إذن آمر الناس بتقوى الله وألا يرضوا المخلوق بسخط الخالق. وخرج إلي مكة . "البداية و النهاية8/233 "

 
و علي-رضي الله عنه-وهو الإمام الراشد يقول: "لله در مقام قامه سعد بن مالك وعبد الله بن عمر إن كان براً إن أجره لعظيم ، وإن كان إثماً إن خطأه ليسير".

ولما كانت وقعة الحرة لجأ أبو سعيد الخدري-رضي الله عنه- إلي غار في جبل فتبعه رجل من أهل الشام يريد قتله؛ فانتضى سيفه-أي:أبو سعيد-،
ثم وضعه في غمده ثم قال:"إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين" فلما رأي ذلك قال: من أنت؟قال: أبو سعيد الخدري. قال:صاحب رسول الله صلي الله عليه وسلم-؟قال:نعم. قال:فمضي وتركني. "البداية والنهاية".

وجاء التابعون من بعدهم وساروا علي هذا النهج، فهذا مروان بن الحكم يدعو أيمن بن خريم إلي الخروج في قتال فتنة ابن الزبير؛فقال له:إن أبي وعمي شهدا بدراً، وإنهما عهدا إلي ألا أقاتل أحداً يقول:"لا إله إلا الله"، فإن أنت جئتني ببراءة من النار قاتلت معك!ثم أنشأ يقول:

ولست بقاتل رجلا يصلي علي سلطان آخر من قريش

له سلطانه وعلي إثمي معاذ الله من جهل وطيش ..... أأقتل مسلماً في غير جرم فليس بنافعي ما عشت.

يا شبابنا :لكم في سلفكم الصالح خير قدوة في التعامل مع الفتن التي يسفك فيها الدم الحرام فهل تقتدون بهم؟!.
يا ليتكم يا شبابنا تدركون أن ما يحدث الآن ، ويراد لكم ليس جهاداً لإعلاء كلمة الله ؛إنما هو قتال علي دنيا كما صرح به الكثير !!، ثم سؤال لأهل العقل والتأني:

ألم تقع في 25 يناير دماء ثم تمت المطالبة بمحاكمة القتلة ، ثم سعي الإخوان في خارطة الطريق حتي حصلوا علي الرئاسة ، و قتل المتظاهرين في محمد محمود والعباسية ومعلوم من الآمر بالقتل ولم نجدهم يطالبون بدمهم ، ولما تولي الرئيس محمد مرسي ما حاكمهم بل كرمهم، وكانت المطالب الشعبية تطالب بالمحاكمة، وكان الإخوان يقولون عن المتظاهرين وقتئذ:بلطجية!!. فلمَ الكيل بمكيالين؟ولمَ الزج بالشباب الطاهر إلي هذه المحرقة التي ستحرق البلاد والعباد ؟.

الجواب :من أجل دنياكم!!. هذا منطقكم دائماً وتاريخكم يقول ذلك ، ويا ليتكم تقرأون أحداث 48 لأخذ العبرة وإحداث مراجعات . لكنكم لا تقرأون التاريخ كما قال علي عشماوي.

ويا شبابنا : من ستقاتلون وتواجهون ؟إنهم إخوانكم من المسلمين ممن دمهم حرام عليكم . إنهم إخوانكم وأقاربكم ممن في الجيش والشرطة !!، وما حدث من دماء فالله يحكم فيها يوم القيامة بعلمه-وسيكون تفصيل في ذلك إن شاء الله نبينه فيما بعد-! وما في هذه المواجهة المحرمة إلا مزيداً من الدماء والاعتقالات ، وضياع أمن البلاد والعباد وتعرض البلاد للأخطار الخارجية. 

وتمعنوا قول الإمام أحمد -رحمه الله- لما جاءه أبو الحارث الصائغ يسأله عن الخروج علي الخليفة؛ فقال:سبحان الله!الدماء الدماء، لا أري ذلك، ولا آمر به، الصبر علي ما نحن فيه خير من الفتنة يسفك فيها الدماء، ويستباح فيها الأموال، وينتهك فيها المحارم، أما علمت ما كان الناس فيه-يعني أيام الفتنة-؟قلت:والناس اليوم أليس هم في فتنة يا أبا عبد الله؟قال:"وإن كان، فإنما هي فتنة خاصة-لعله يقصد فتنة القول بخلق القرآن-، فإذا وقع السيف عمت الفتنة، وانقطعت السبل ، الصبر علي هذا ويسلم لك دينك خير لك"السنة للخلال.

ويا من تغرون الناس بالأكاذيب والأراجيف ودفع الحقائق: اتقوا الله فإن عليكم إثم من يصاب بقتل أو جرح أو سجن.
ويا أيها الشاب الطاهر النفس: احذر أن يغرك أحد بجهل، قال مطرف-رحمه الله-:"لأن آخذ بالثقة في القعود أحب إلي من أن ألتمس فضل الجهاد بالتغرير". "حلية الأولياء".

وإن جاءك أحد وقال اخرج مع الناس، وذكروا لك كلاماً مشتبهاً كنصرة المظلوم وجهاد الظالم؛فقل لهم:لا أسوة في الشر كما قال ابن مسعود-رضي الله عنه-:"إذا وقع الناس في الفتنة، فقالوا :اخرج!لك في الناس أسوة، فقل لا أسوة في الشر".

ونصرة المظلوم لا تكون بما ذكرتموه من التكفير والاستباحة، وقولنا لكم بالرجوع من أعظم النصرة لو أنكم كنتم تعلمون!. وأما مقاومة الظلم فلا تكون بأظلم منه أو أنكر ، قيل للحسن:إن خارجياً خرج بالخريبة قال:مسكين رأي منكراً فأنكره بأنكر منه"الشريعة.

 نسأل الله أن يسلم البلاد والعباد، وأن يرزقنا البصيرة في الأمر كله، وأن يجعل بلادنا آمنة مطمئنة وسائر بلاد المسلمين. آمين